الفصل 13
— "سيدتي؟"
— "شكرًا لكِ يا غوين، يمكنك الذهاب للنوم الآن."
— "حسنًا، سيدتي..."
— "نعم؟"
وحين التفت برأسي الجانبي، ووجهي مدفون في وسادة الإوزّ الناعمة، رأيت غوين واقفة عند الباب، وبدا عليها ذات التردد الذي شعرت به سابقًا مع روبرت.
— "ما الأمر؟"
— "هل... هل كل شيء على ما يرام؟"
— "ماذا تعنين؟"
— "...لا شيء، أتمنى لكِ ليلة هانئة..."
ودّعتني غوين بأدب وغادرت، وبقيت أنا وحدي في الغرفة الدافئة، أحدّق في السقف بشرود.
غريب… الجميع يتصرفون بغرابة. لماذا يتناوبون على طرح تلك الأسئلة الغريبة؟
في هذه المرحلة، لم يعد يهم إن كنت بخير أم لا.
---
— "آتشي!"
تبًا… أعتقد أنني أصبت بالزكام.
رغم كثرة الملابس التي ارتديتها، لم أتمكن من كبح القشعريرة التي تسري في جسدي، وهي علامة أكيدة على البرد.
تحسست غوين جبيني ومؤخرة عنقي وأصرت على إحضار الطبيب.
— "لقد أصبتِ بالزكام. تناولي الطعام وارتاحي جيدًا لبضعة أيام."
كما قال الطبيب، لم يكن أمامي سوى البقاء في السرير.
خلال تلك الأيام، زارتني لوقريتسيا عدة مرات لتتمنى لي الشفاء. كما جاء اللورد فالنتينو وغادر.
في البداية ظننت أن الأمر لا يتعدى السعال والبرد، لكن لاحقًا أصبت بالحمى.
وأصبحت الحدود بين الحلم والواقع ضبابية تمامًا وسط نومٍ طويل لا ينتهي.
حين أفتح عيني، هل سأبقى في الماضي؟ أم سأعود إلى المستقبل الذي أعرفه؟
— "هل تتظاهر أمّنا المزيّفة بالمرض مجددًا؟"
من هذا الصوت؟ لقد سمعته من قبل...
آه، إنه ليون الصغير. يا فتى، ما الذي تقوله؟
لا، ولماذا هو هنا أصلاً؟
— "...وين، غوين...!"
— "سيدتي؟ أوه، سيدي الصغير، لا يمكنك أن تكون هنا!"
— "لماذا؟ لن أفعل شيئًا."
— "لا يمكنك البقاء هنا، عد إلى غرفتك حالًا."
لحسن الحظ، خرج ليون مطيعًا بدلًا من افتعال نوبة غضب كالعادة.
وبينما كنت أغفو مرارًا، فقدت في النهاية القدرة على التفاعل مع الأصوات من حولي.
— "إنها تبدو ميّتة."
— "شش، اخفض صوتك."
— "أخي، هل ستموت أمّنا المزيّفة أيضًا؟ مثل والدنا وتُدفن؟"
— "من سيموت؟ تِش، على أي حال..."
…تظاهرت بأنني لم أسمع كلمات إلياس ورايتشل.
لم يكن لدي حتى طاقة لاستدعاء الخادمة.
آه، هل هذه حقًا الكلمات التي تُقال بجانب مريضة؟
— "إنها تبدو متعبة جدًا. هل هو مجرد زكام حقًا؟"
— "ستتحسن عندما تنخفض حرارتها. لا تقلق كثيرًا، سيدي الصغير."
خلال أيام الحمى والكوابيس، اختلطت الأحلام بالواقع، بالماضي، وبالمستقبل.
استغرقت حرارتي ستة أيام كاملة حتى انخفضت أخيرًا.
— "الآن، لقد انخفضت حرارتكِ. أنا سعيدة جدًا لأنكِ أصبحتِ بخير."
— "حسنًا… كيف تسير الأمور؟"
ماذا يمكن أن يحدث في ستة أيام فقط؟
توقّفت غوين للحظة وهي تجهز ملابسي حين سألتها دون تفكير.
— "غوين؟"
— "آه، نعم، نعم. لا بد أنكِ جائعة. سأحضر لكِ الطعام فورًا."
ما هذا الشعور المفاجئ بعدم الارتياح؟
عينيّ لا تخدعانني. لقد عرفت غوين منذ زمن، وبدت وكأنها مترددة فعلًا، لا كمن يحاول إخفاء شيء.
…أم أنني فقط أصبحت حساسة بسبب المرض؟
— "سيدتي...؟"
بينما كنت شاردة ومليئة بالشك، أفقت فجأة وغادرت غرفتي متجهة إلى غرفة الطعام.
لا أعلم كيف وصلت إلى هناك. ما الذي دفعني؟
— "أنا سعيدة لأني تحسنت."
حاولت أن أصفّي ذهني وأنا أتمايل في خطواتي.
بدت الدرجات الملوّنة والتماثيل الرخامية المزينة بقطع اللبلاب وكأنها غريبة عني.
وفي وسط هذا الشرود، لمحت الفرسان واقفين عند المدخل كعادتهم.
مررت من الباب بهدوء، ثم التفتّ للخلف.
كان الفرسان يحدّقون في رأسي بنظرات غامضة، لكنهم سرعان ما صرفوا أنظارهم.
ما بهم؟ ما هذه الأجواء الغريبة؟
يصعب تحديد موضع الغرابة بدقة، لكن لا شك أن هناك شيئًا غير مألوف في الجو...
توتر؟ قلق؟ اضطراب خفي؟
شعور غير مريح، حتى بالنسبة لي التي عشت في هذا القصر لما يقارب العقد.
حتى بعد وفاة زوجي، لم يكن الأمر هكذا…
لا، لا بد أنني فقط أصبحت حساسة.
وحين دخلت غرفة الطعام، قفزت لوقريتسيا من مقعدها حيث كانت تتناول الطعام مع الأطفال، ورحبت بي بحرارة:
— "أوه، سيدتي، أنا سعيدة جدًا لأنكِ تحسّنتِ!"
— "شكرًا لكِ. هل كل شيء على ما يُرام؟"
— "بالطبع، ما الذي يمكن أن يحدث؟ تفضلي، اجلسي."
وما إن جلست، مبتسمة للوقريتسيا التي ربّتت بلطف على ظهر يدي، حتى نظر إلياس إلى جانبه، وتمتم وهو يصارع الجزر المحمّص في طبقه:
— "لقد عدتِ إلى الحياة بعد كل ذلك الأنين وكأنكِ تحتضرين."
— "إلياس، كيف تكلّم والدتك بهذه الطر
يقة؟"
أغمضت عيني بقوة حين سمعت صوت لوقريتسيا الرقيق يوبخه.
آه! يا كونتيسة الأناقة، كان من الأفضل ألا تقولي شيئًا، حفاظًا على سلام هذا الصباح!
اللهم صل على سيدنا محمد