رغم كل قلقي، لم يبدأ إلياس حربه الكلامية المعتادة من نوع: "هي ليست أمي"، بل اكتفى بمواصلة معركته مع الجزر كأنها عدوه اللدود.
وليس من المبالغة أن أقول إنني نظرت إلى النافذة أتأكد إن كانت الشمس قد أشرقت من الغرب هذا الصباح.
ما خطب هذا الفتى المتغطرس؟ من المستحيل أن يغيّر طباعه فقط لأني مرضت.
آه، لا بد أن السبب هو وجود عمته هنا.
نظرت إلى التوأم الجالسين إلى جانب إلياس، بينما كانت الخادمات يقدّمن طبقي الخاص.
يبدو أنهما أنهيا الاستحمام للتو، فشعريهما لامعان.
وبينما كانا يتناولان سلطة التوت البري، بدا منظرهما لطيفًا جدًا.
...لكن بالطبع، أعرف جيدًا ألا أنخدع بمظهرهما الملائكي.
— "أين جيريمي؟"
— "أخي الكبير أكل بالفعل"، أجاب ليون.
وبينما كانت رايتشل تقلّب السلطة بيدها، وتنظر إليّ بعينيها الواسعتين الزمرديتين، وضعت الشوكة فجأة، وصاحت بنبرة حازمة:
— "لا أريد أكل هذا."
توقعت هذا. لم أعد أندهش من الأمر.
لا، ربما تتصرف بهذه الطريقة فقط أمامي.
— "أوه، رايتشل، كنتِ تأكلين جيدًا في الأيام الماضية. لا يمكنكِ الاعتراض على الأطباق الجانبية."
حسنًا، دعي العمة الحنونة تتولى الأمر. لا نية لديّ لخوض معركة الآن.
— "أيتها الأم المزيّفة، هل سمعتِ ما قلت؟"
— "رايتشل!"
أوه، هل هذه هي قوة العمة الجميلة؟ قوة الدم؟
المفاجأة أن رايتشل لم تقل شيئًا بعدها. فقط، ارتطمت شوكتها بالصحن بصوت حاد، لتفصح عن مشاعرها دون كلمات.
نظرت لوقريتسيا نحوي لسبب ما، ثم ابتسمت بفخر.
— "بما أنكِ أصبحتِ بخير، لماذا لا نخرج في فترة بعد الظهر؟ لقد وصلتني دعوة من صالون مدام لواف، وأظن أن الوقت قد حان لتبدئي في الخروج."
— "شكرًا لكِ، لكنني بخير."
— "بقاؤك في المنزل سيجعلك مرهقة نفسيًا. عليكِ مشاركة أحزانكِ مع الآخرين والتواصل معهم. أنتِ فتاة جميلة، وخط أزياء مدام لواف لهذا الشتاء نال مديحًا كبيرًا، وسيلائمكِ جدًا."
كلامها صحيح. يبدو كلامًا لطيفًا، لكن لماذا أشعر بالتردد؟
من أجل مستقبلي الذي أخطط له، من المفيد أن أبدأ ببناء مكانتي الاجتماعية إلى جانب لوقريتسيا.
— "ما زلت فقط حسّاسة قليلاً. سأرافقكِ في المرة القادمة."
— "حسنًا، سنذهب معًا في المرة القادمة."
ما إن انتهيت من تناول الطعام، غادرت غرفة الطعام وتوجهت إلى غرفة المكتب.
عليّ أن أسرع في إنهاء الوثائق المتراكمة منذ الأيام الثلاثة الماضية.
أحتاج لإنهاء عملي بسرعة حتى أشعر بالتحسن.
كم من الوقت مرّ بالفعل؟
قريبًا، سيكون عليّ حضور جلسة البرلمان.
لست قلقة أو خائفة بشكل خاص.
أعرف من بين الكرادلة والنبلاء من هو الأشد عداءً لي، ومن هو الأكثر دعمًا لي.
أولاً، دوق نوريمبيت، الذي كان الأقرب إليّ في الماضي...
لو أنني رأيته مجددًا…
ظهرت المشكلة عندما وصلت أفكاري إلى هذه النقطة.
بينما كنت أسير في الممرات بالقرب من السلالم، شعرت بنظرات تلاحقني من كل الاتجاهات.
ليست هذه المرة الأولى التي أكون فيها في هذا القصر الفخم، حيث ينتشر الموظفون والفرسان في كل مكان،
وقد تجولت هنا على مدى تسع سنوات…
فلماذا أشعر الآن بكل هذا التوتر؟
هل أنا فقط أصبحت حساسة؟ أم أن هناك ما يحدث فعلاً؟
ألم تكن الأجواء وكأن الجميع تمنى ألا أستفيق من مرضي…؟
...هل ح
قًا الأمر كذلك؟!
لا… يجب أن أتماسك. ربما فعلاً أنا فقط أصبحت حسّاسة بلا داعٍ.