لم يحدث شيء كهذا من قبل.
لا عندما انهار زوجي فجأة، ولا عندما مات، ولا عندما مرض أطفالي، ولا حتى عندما مرضتُ أنا…
ولا حتى حين جلبتُ عشيقًا بعقدٍ رسمي — لم تهتز أركان المنزل كما تهتز الآن.
— "سيدتي…"
— "ماذا؟"
تملّكني الذعر حين سمعت الصوت خلفي، لكن سرعان ما تنفست الصعداء حين أدركت أنه مجرد فارس من الحرس العائلي.
— "ما الأمر؟"
عادةً، لا يقترب الفرسان مني ولا يكلّمونني مباشرة.
مهمّتهم هي حماية المنزل وساكنيه، وتُرسل جميع التقارير والطلبات عن طريق قائد الفرسان.
وكانت هناك تقارير مكتوبة أحيانًا، لكنها لم تكن تصل مباشرة من الفرسان.
هل قام أحدهم بالتحقيق في فضيحةٍ لا أعلم عنها شيئًا؟
لكن لماذا يبدو هذا الفارس الشاب، الذي لا يبدو أنه تجاوز الثامنة عشرة، مترددًا بهذا الشكل؟
— "لقد أسقطتِ منديلكِ."
مدّ يده بحذر، وفيها منديل صغير أصفر اللون.
بدلًا من أن آخذه، حدّقت في عينيه مباشرة.
لأن ذلك المنديل… لم يكن لي.
هل هذه خدعة؟ ليُوهم الآخرين أنه على علاقةٍ بي؟!
لكن الفكرة التي خطرت لي في تلك اللحظة بدت وكأنها محض وهم.
— "شكرًا لك."
ابتسمت قليلًا، ومددتُ يدي لآخذ المنديل. لكن قبل أن أسحبه، همس قائلًا:
— "القائد يطلب مقابلتك."
ما الأمر؟ لماذا كل هذا الغموض؟!
لو أراد قائد الفرسان رؤيتي، فالأمر بسيط: يحجز موعدًا مع كبير الخدم، ثم يأتيني مباشرة.
فما جدوى هذه السرّية الزائدة والطريقة الحذرة التي لم أعهدها من قبل؟
ما الذي يحدث بحق السماء؟
قبل أن أدرك، بدأ قلبي يخفق بسرعة.
توجّهت مباشرة إلى غرفة المكتب.
— "روبرت!"
— "سيدتي، سعيد بأنكِ تعافيتِ."
— "استدعِ قائد الفرسان والخادمة فورًا، وارجع بهدوء قدر الإمكان."
روبرت كبير الخدم، وغوين الخادمة، كانا أكثر من أثق بهما.
وكذلك ألبرت، قائد الفرسان.
أحتاج منهم أن يشرحوا لي ما يجري تحت هذا الهدوء الظاهري.
روبرت نفّذ طلبي دون تردّد، وقد أدرك من نبرتي أن الأمر جدّي.
كم من الوقت مرّ وأنا أطرق على سطح المكتب بقلق؟
دخل الثلاثة إلى الغرفة، بوجوه مشدودة.
أشرت لهم بالجلوس، وأغلقت الباب.
تبادلت غوين وروبرت نظرات قلقة، بينما ألبرت ظلّ ينظر إليّ بصمت، في عينيه ضوء لامع وسط سكونٍ مريب.
في الماضي، كنت أرتعب من مظهره الصارم،
لكنني الآن أعرف جيدًا أنه فارسٌ يقدّر الشرف أكثر من أي شيء.
— "السيد ألبرت."
— "نعم، سيدتي."
— "من صاحب فكرة المنديل؟"
صمت، ولم يجب.
زفرتُ بصوت خافت، والتفت إلى الاثنين الآخرين.
— "غوين، روبرت، هل تعرفان شيئًا؟"
— "ماذا؟ سيدتي، عذرًا، أي منديل تقصدين؟…"
كانت نظراتهما المندهشة صادقة.
أما ألبرت، فكان يراقب تعابيرهما بعين مترددة.
— "سيدي ألبرت، أعلم جيدًا أنك رجل شرف. وإن كنت تشكّ في أحدهما، فثق بي وأخبرني مباشرة.
إن كانت القصة التي تخفيها تتعلق بالأطفال، فلا مجال للتأخير."
كبير الخدم والخادمة — المخلصان للعائلة طوال سنوات — صارا يبدوان غاية في الجدية، وحدّقا بألبرت.
وأخيرًا، نظر إليّ مباشرة، وفتح فمه:
— "ظننتُ أنكِ ربما تعلمين بالأمر."
— "ماذا؟"
— "الأمر ليس من شأني، لكنني كنت مترددًا لأنني لم أعتقد أنكِ ستغضّين الطرف عنه…"
— "عن ماذا؟! ما الذي يفترض بي أن أتغاضى عنه؟"
— "هل الأمر يتعلق بلورد فالنتينو؟ أم بالكونتيسة لوقريتسيا؟
لقد سمحتُ لهما بالدخول إلى حياتنا حتى يتكيّف الأطفال سريعًا.
لكن حسب ما أراه الآن… يبدو أن الأمور انحرفت.
ما الذي يحدث؟"
عمّ صمت غريب. تبادل الثلاثة النظرات، ثم واصل ألبرت بنبرة حذرة:
— "تلقيتُ تقارير من بعض الفرسان، سيدتي.
أنتِ تعرفين أن اللورد فالنتينو يزورنا كل مساء لتعليم إلياس فنون السيف."
طبعًا، أعرف.
لقد وافقتُ على ذلك بنفسي!
— "مع كامل الاحترام…
لكن تأديبه للسيد إلياس صار مفرطًا.
ورغم أنه ليس من شأننا التدخل كثيرًا…"
— "لكنه ابن أخيه، وبعد كل شيء، كقائد فرسان، من واجبي أن أُبدي قلقي."
— "أعتذر، سيدتي، ولكن يبدو أنه يتعرض للعقاب الشديد كل يوم.
وكما تعلمين… حتى الماركيز الراحل لم يكن يعامله هكذا في حياته."
بالنظر إلى فارق السن، لم يكن من السهل أن ألحق بخطوات إلياس الطويلة.
لكن يبدو أن الربّ أعانني، فقد تعثّر وسقط، فأمسكت به سريعًا.
— "آه! ما خطبك؟!"
— "ما خطبي أنا؟! أنا أيضًا أود أن أعرف!"
لا أعرف من أين جاءتني تلك القوة.
لو رآني زوجي الراحل في تلك اللحظة — وأنا أصرخ بينما أمسك بكتفي إلياس بيد، وأرفع ط
رف قميصه باليد الأخرى — لتفاجأ حقًا.
يا إلهي…
الدليل كان واضحًا هناك.
كدمات زرقاء داكنة على ظهر صبي في الثالثة عشرة من عمره.
---