17 - لن تطأ أقدامكما هذا القصر

حكاية زوجة الأب

الفصل السابع عشر

— "ماذا…؟"

— "أنا أعرف كل شيء! أنتِ لستِ متزوجة من والدي لأنكِ تحبينه أصلاً! وحتى وجودكِ هنا ليس لأنكِ تريدين ذلك!"

— "ماذا؟"

— "أنتِ تمرضين طوال الوقت بسبـبـنا! لا تحبيننا، نحن عبء عليكِ! أعني... نحن ضعفاء، مدللون، ومزعجون، وإذا لم يتغير شيء، سترحلين مثلما فعل والديّ!"

صرخ إلياس ثم بدأ في البكاء. كنت أحدق في جيريمي بعينين خاليتين من التعبير أمام هذا المشهد المفزع الذي لم أتخيله حتى في أسوأ كوابيسي.

جيريمي، الذي كان يفرك ظهره، سعل وتجنّب النظر في عيني.

— "كان عليكِ الاستماع إليّ منذ البداية."

— "ماذا! أنت كنت مرتبكًا أنت أيضًا."

— "آه، هذا لأنك ظللتَ تقول لي ألا أخبرها، أيها الأحمق."

— "أوه… ولماذا أنا الأحمق؟ أوه، أوه…"

وأنا أراقب الجدال بينهما، شعرت وكأن مطرقة هوت على ظهري فجأة.

لماذا؟ لماذا بحق الجحيم…؟

لا، لم يتغير شيء. ربما كان الأمر هكذا منذ البداية.

ما لم أستطع فهمه وأنا شابة في الماضي، قد يكون ما أراه الآن.

هم فقط أطفال... فقدوا والدهم بعد والدتهم.

كنت صغيرة في ذلك الحين، ومن الطبيعي أنني لم أكن أفهم ما الذي يشعرون به.

امتزجت مشاعر الغضب والحزن والشفقة في قلبي، وأدركت أنني لم أكن أعرفهم جيدًا.

وفكّرت... كيف للقلق من المستقبل أن يفيد؟

كل ما يولّده هو ندبة لا تمحى.

هاه... لم أرد أبدًا أن يثبت لي أحد بهذا الشكل أن قراراتي في الماضي كانت صائبة...

لقد كنت مخطئة.

— "هل قال لك عمّك هذا الكلام؟"

سألت بهدوء، فارتجف إلياس الذي كان لا يزال يبكي ورفع كتفيه.

وفي ذات اللحظة، تصاعد غضبي.

— "ولكن لماذا لم تخبرني مباشرة؟"

— "…أنا، أنا..."

— "من أخبرك أنه يمكنك أن تفكر وتقرر وحدك؟"

بينما كان إلياس يشهق ببؤس، أخذ جيريمي يركل العشب بقدميه.

وكان ضوء الخريف اللامع ينعكس على شعريهما المتشابك فيجعلهما كخيوط باهتة.

— "اسمعا… قد أظن أنكما أنانيان، متعجرفان، ومستهتران، لكنني لم أعتبركما عبئًا، حسنًا؟ لا يهمني ما يقوله الآخرون. ولن أترككما. ربما يومًا ما في المستقبل البعيد، لكن ليس الآن."

كانت كلمات لم أفكر بها من قبل تتدفق من لساني.

أخذت نفسًا عميقًا وأنا أشعر بنظرات إلياس الخضراء الداكنة المليئة بالرجاء تلاحقني.

— "لا أفهم كيف صدّقت مثل هذه الترهات."

مسح إلياس دموعه بكم قميصه، وهو يصدر شهقات خافتة.

أما جيريمي، فحكّ رأسه وسعل، ثم نظر إليّ بعينين تحملان ابتسامة غريبة مطمئنة.

— "إذاً كانت مجرد إشاعة؟ أنتِ حقًا لا تنوين المغادرة، أليس كذلك؟"

يا إلهي… يا مريم العذراء!

هل هذا هو جيريمي؟

هل هذا الفتى الذي يبتسم لي الآن هو ذاته من تركني لاحقًا حين بلغ الحادية والعشرين؟

رغم أنني لا أستوعب ذلك، لكن لا يمكنني إنكار كم يبدو الأمر ساخرًا الآن.

أو ربما… هناك شيء لم أنتبه له من قبل؟

— "ماذا؟ هل تود أن ترحل زوجة أبيك الشريرة، يا ابني البكر؟"

هزّ كتفيه وضحك بصوت عالٍ.

— "هل هذا كل شيء؟"

— "هاه؟"

— "هل هذا كل ما كنتم تخفونه؟ ألا يوجد شيء آخر؟"

— "هذا كل ما أعرفه."

جاء رد جيريمي سريعًا، بينما كان إلياس يتلاعب بطرف قميصه ويميل برأسه للأسفل.

— "إلياس؟"

وضعت يديّ على صدري، وجيريمي الذي لاحظ شيئًا غير طبيعي، أدار عينيه نحو أخيه بانتباه.

رفع إلياس رأسه بغضب فجائي وصرخ:

— "رايتشل… أعني، تلك الساحرة العجوز التي جلبتها عمتي!"

---

على عكس غرفة الاستقبال في المبنى الرئيسي، كنت الآن أجلس أمام لوقريتسيا واللورد فالنتينو في غرفة مخصصة للزيارات الخاصة أو المقابلات الحميمة.

لوقريتسيا، التي كانت تلعب الغميضة مع التوأمين، واللورد فالنتينو، الذي جاء كعادته لمساعدة ابن أخيه في التدريبات، كانا يبتسمان فحسب.

— "من الآن فصاعدًا، لن تطأ أقدامكما هذا القصر مرة أخرى. سيكون من الأفضل لو أبلغتما إخوتكما بذلك أيضًا، حتى توفرا عليّ الكثير من العناء."

ساد الصمت للحظة.

لم يبدو أن

لوقريتسيا أو فالنتينو استوعبا ما قلته.

بل على العكس، بدا وكأنهما لا يصدقان أنني قلت ذلك حقًا.

اللهم صل على سيدنا محمد

---

2025/07/30 · 3 مشاهدة · 612 كلمة
روبي
نادي الروايات - 2025