حكاية زوجة الأب - الفصل 23
كان الأطفال محط أنظار الحسد أينما ذهبوا منذ صغرهم. ولو رأى الناس حقيقتهم خلف تلك الوجوه الجميلة، لربما صُدموا.
حين كان زوجي لا يزال على قيد الحياة، قبل أن يمرض، كنا نخرج معًا لتناول الطعام في مطعم شهير كهذا. والآن وأنا أفكر بالأمر، كانت المرة الأخيرة التي فعلنا فيها ذلك قبل عام.
أمسك ليون ورايتشل بيديّ بقوة، وأعينهما الزمردية متسعة من الدهشة، ربما لأنهما لم يخرجا منذ فترة طويلة. كان من اللطيف أن أراهما ينظران للمباني بدهشة.
أما الابن الأكبر والثاني، فكانا يتصرفان بملل.
قال أحدهما:
"آه، هذا المكان ممل. هل يوجد متجر أسلحة هنا؟"
"جيريمي، إلياس، إن أردتما الذهاب إلى متجر الأسلحة، اذهبا مع الحرس. سنكون هناك في المبنى ذي السقف الأحمر."
كان من الأفضل لصاحب متجر الملابس، ولسلامتنا نحن أيضًا، أن نبتعد عن هذين الاثنين اللذين يخططان على الأرجح لمضايقتي أنا والتوأمين.
ولحسن الحظ، أطاعني جيريمي وإلياس، ودخلت مع التوأمين إلى متجر السيدة ميليسا، وهي واحدة من أشهر المصممات الرائدات حاليًا في العاصمة.
كنت قد حجزت موعدًا مسبقًا.
"إذًا، هو... يا إلهي."
"سيدتي، انظري هناك."
"يا إلهي."
"أليست تلك زوجة المركيز؟"
"بلى. وهؤلاء الأطفال... يا إلهي."
"لقد أحضرت الأطفال معها. كيف..."
كان متجر السيدة ميليسا معروفًا بريادته في أزياء الصبيان والبنات، وكذلك السيدات.
داخل غرفة الاستقبال، حيث تقف تماثيل الجص مرتدية مشدات الحوت وقبعات ضيقة الحواف، وتتوزع القفازات الكبيرة والصغيرة، بدأت همسات القيل والقال تنتشر بين السيدات الجالسات قرب النوافذ وهن يحتسين الشاي.
كان مشهدًا مألوفًا جدًا بالنسبة لي.
"أهلًا بكِ، سيدة نويفنشتاين، شكرًا لحضورك في الموعد المحدد."
خرجت السيدة ميليسا من الداخل بابتسامة مشرقة، وعيناها البنيتان الدافئتان جعلتاني أشعر بشيء من الارتياح.
كانت السيدة ميليسا، بطبيعة الحال، مجبرة على اللطف، فربط علاقة دائمة مع عائلتنا أمر نافع لها.
وكانت هذه إحدى ميزاتي كعضو في عائلة نويفنشتاين. المال والنفوذ.
"تشرفت بلقائك. شكرًا لتخصيص وقت في جدولك المزدحم."
"لا تذكري ذلك، إنه لشرف لي. هل السيدة تنوي تفصيل ملابس للتوأمين؟"
"نعم، وسيلحق بنا الآخران لاحقًا. لا أعلم إن كنت سأجد لهما ما يناسبهما."
"لنأخذ المقاسات أولًا. هل لديكِ تصميم معين في ذهنك؟"
بعد أن أخذ الموظفون مقاساتي، كنت على وشك الخروج لإلقاء نظرة على الكتالوج، حين صاحت رايتشل من الغرفة المجاورة التي تؤخذ فيها مقاساتها، وكأنها تعلن ملكيتها للمكان!
قفزت السيدة ميليسا من مقعدها، وعمّت الفوضى بين الموظفين، حتى أن بعض السيدات أسقطن الشاي على أنفسهن.
أما ليون، الذي كان يتفحص التمثال بعين فاحصة ويأكل البسكويت الذي قدمه له الموظفون، فقد صرخ وركل التمثال.
"ما الذي يحدث بحق السماء..."
"أمي، أخرجيني من هذا المكان البغيض! أكره الوقوف وحدي في هذا الجحر!"
هل البقاء في مكان واحد لفترة قصيرة أمر صعب إلى هذا الحد؟ لهذا كان عليّ البقاء بجانبهم حتى انتهوا أخيرًا من قياس رايتشل. تجاهلت ابتسامة السيدة ميليسا الغريبة (تنهيدة).
في تلك الأثناء، استمر دخول الزبائن. هل هو مجرد وهم، أم أن عدد الأشخاص الذين يراقبوننا من خلف النافذة الكبيرة ويتهامسون يزداد؟
ظهر جيريمي وإلياس عندما انتهينا من اختيار أزيائنا أنا والتوأمان للحفل التذكاري، بعد أخذ جميع المقاسات.
تقدم الشبلان نحوي مباشرة، متجاهلين تحيات من حولهم.
لكن، لماذا يبدو جيريمي غاضبًا؟
"جيريمي؟ ما الأمر؟"
"آه، شخص ما أزعجني!"
"لماذا؟ ماذا حصل؟"
بدأ إلياس يشرح بدلًا من جيريمي الذي بدا عليه الغضب الشديد حتى أنه لم يستطع التحدث.
قال إلياس بنبرة متسلية:
"أحد الحثالة خطف سيفًا أعجب جيريمي أولًا وهرب. لهذا هو غاضب."
"أغلق فمك! لو رأيت ذلك الوغد مجددًا، سأكسر ساقيه فورًا!"
كان الموظفون والزبائن ينظرون إلينا الآن بحيرة. أما جيريمي، الذي لم يدرك أنه في مكان عام، فالتفت إليّ.
"هل انتهيتِ من التسوق؟"
"...جيريمي، اذهب مع إلياس لأخذ المقاسات."
"آه، لماذا؟ أعرف مقاسي!"
"قد تكون نمت، ويجب أخذ مقاسات جديدة. هذا الحفل من أجل والدكم، ويجب أن تبدوا بمظهر لائق."
"لست متأكدًا، لكن أظن أني لم أزد طولًا. على أي حال، هل مظهرنا أمام الآخرين بهذا القدر من الأهمية؟"
"نعم! إنه مهم جدًا، جدًا!"
عندما فقدت صبري أخيرًا ورددت بانفعال، تبادل جيريمي وإلياس النظرات بوجوه خاوية، ثم حكّا رأسيهما بخجل وتبعا الموظف بهدوء.
ما المشكلة في الاستماع لي عندما أتكلم بلين؟
قالت رايتشل، وهي تضع يديها على خصرها بتنهيدة درامية:
"حياتي مرهقة بسبب إخوتي، لا يستمعون أبدًا!"
كان مشهدًا رائعًا بحق.
تنحنحت السيدة ميليسا، التي كانت تراقبني بابتسامة ساخرة:
"سيدة نويفنشتاين، متى تحتاجين الملابس؟"
"كم المدة التي تستغرقها عادة؟"
"أنتم خمسة، لذا... بين 10 إلى 15 يومًا. وإذا أردتها قبل ذلك..."
"إذا أرسلتِها خلال 7 أيام، سأدفع ثلاث أضعاف السعر. بل وسأمنح الموظفين مكافأة إ
ضافية."
وافقت السيدة ميليسا فورًا دون حتى أن تنظر إلى جدول مواعيدها. ولا حاجة لقول إن وجوه الموظفين المرهقين أشرقت فرحًا.
اللهم صل على محمد وال محمد