حكاية زوجة الأب – الفصل الرابع والعشرون
"أوه، شوري، أحتاج إلى شراء بدلة صيد جديدة."
بعد أن اخترنا التصميم النهائي لملابس إلياس وجيريمي، جلسنا على الأريكة بعيدًا عن الطاولة حيث جلس الضيوف الآخرون، وأخذنا نفسًا عميقًا.
لكنني تجمدت في مكاني حين رأيت ظل شيء ما خارج النافذة الضخمة.
"شوري؟"
كان جيريمي يتحدث عن بدلة الصيد، ثم بدأ يسعل وهو يرمقني بنظرات غريبة. لم أكن قادرة حتى على الرد، فقد كنت أقاوم ذعري بصعوبة.
"شوري، ما بك؟ هل أنتِ منزعجة؟"
"فقط... لم أكن منتبهة."
...أنا ممتنة لأنك تلاحظ، لكن الأمر ليس كذلك. تبًا، أنا متأكدة أنني لم أكن أتوهم، لكن لماذا في وقت كهذا…؟ كدت أنسى…!
"إذا هربت من المنزل، فسيكون خطأ الأخ الأكبر!"
"الأخ الأكبر أحمق! هو دائمًا يضايق أمي! أنت في ورطة الآن!"
"هذا ما يجيده."
"شوري، هل أنتِ منزعجة حقًا؟"
استجمعت نفسي وأومأت برأسي ببطء. علي أن أهدأ أولًا. الأولاد هنا.
"جيريمي."
"هاه؟"
"هل يمكنك مراقبة إخوتك للحظة؟ سأعود حالًا."
"إلى أين تذهبين؟ سنذهب معكِ!"
"سأعود حالًا."
"إلى أين تذهبين؟"
حين ألحّ عليّ بالسؤال، ضغطت على قلبي بيدي، وقد بدأ ينبض بعنف.
علي أن أهدأ... جيريمي حاد الملاحظة بشكل مدهش. إن أظهرت أي انفعال، سيبدأ بالشك.
فأمسكت بمعصمه واقتربت وهمست بصوت خافت: "سأذهب لشراء مستلزمات نسائية... كفّ عن الأسئلة."
"آه..."
كان وجه جيريمي الذي احمرّ خجلًا مشهدًا يستحق المشاهدة، لكنني لم أكن أملك الوقت لذلك.
خرجت من متجر الملابس وسلكت الطريق الهادئ خلفه. توقفت برهة ونظرت حولي، لكن كما توقعت، يد انبثقت فجأة من العدم، أمسكت بكتفي وسحبتني إلى زقاق ضيق.
"مر وقت طويل، أيتها الأخت العزيزة. مرّ عامان تقريبًا، أليس كذلك؟"
بالنسبة لي، مرت ست سنوات تقريبًا. والآن، كنت أحدّق في وجه لوكاس فون إيغهوفر، وجه أخي الشبيه بالعرسوس، بعد ما يقارب الست سنوات.
ربما لأنني ظننت أنني لن أراه مجددًا، نسيت أنني حتمًا سأصادفه على الأقل مرة واحدة بعد عودتي إلى الماضي.
"لا تبدين سعيدة برؤيتي، هذا مخيب جدًا للآمال. أنا أخوكِ الوحيد..."
"لماذا أتيت إلى العاصمة؟" كان صوتي باردًا.
حدق بي لوكاس، ثم ضحك قائلًا: "جئت لرؤيتكِ، طبعًا."
"لماذا؟ هل أبي انهار؟ أم أن أمي مريضة؟ أعلم مسبقًا أن هذا كذب، لذا فقط ارحل. ليس لدي ما أقدمه."
ارتبك لوكاس وكأنه يحاول إخفاء مشاعره الحقيقية، ثم تراجع بضع خطوات.
وأنا… ضحكت بصوت مرتفع.
كان الأمر كما عهدته دائمًا. بعد وفاة زوجي، جاء والديّ وأخي وأقاربي إليّ طمعًا في المال.
وكان لوكاس تحديدًا أكثرهم إلحاحًا، ورغم طرده مرارًا، إلا أنه واصل طلب المال بشتى الطرق.
أتذكر أنني ساعدته في مرات قليلة. لكن في النهاية، مهما جاءني إلى القصر وتوسل، لم أعد أراه بعد ذلك.
"لماذا تغيّرتِ كل هذا التغير؟ الجميع يقول إن الناس يتغيرون حين يأتون إلى العاصمة، لكن لم أتوقع هذا."
"أوه، بالله عليك، استمع إلي. لم أتناول شيئًا منذ ثلاثة أيام. هل يُعقل ذلك؟ وأنتِ غنية لدرجة أن المال يفسد عندكِ من كثرته، لذا ساعديني. أو دعيني أبقى عندكِ قليلًا."
"هل تظنني مجنونة لقبول ذلك؟ ثلاثة أيام دون طعام؟ ارحل من هنا قبل أن أستدعي الفرسان. لا وقت لديّ لأضيعه معك. ولا تعد مجددًا، مفهوم؟"
لا أعلم كيف أصف ملامح وجه لوكاس في تلك اللحظة – غبية بامتياز. كان يجب أن أفعل هذا في الماضي، منذ البداية... كنت على وشك العودة إلى الأطفال، متجاهلة هذا الشكل البائس من أخي، لكنه فجأة أمسك بكتفي ودفعني بعنف إلى الحائط.
اصطدم ظهري بالجدار وشعرت بألم شديد يسري في ظهري.
"ما الذي تفعله..."
"لأنك أصبحتِ ماركيزة، أصبحتِ تتكبرين عليّ؟ هل تهددينني الآن؟ وتنظرين إليّ بتلك النظرة؟ هل تظنين أنك ستظلين في منصبك طويلًا؟ سترجعين حين يُطردوكِ على كل حال..."
"هيي!!!"
بوووم!!
حينها فقط، انقطعت كلمات لوكاس السامة.
بشكل دقيق، شخص ما اقتحم الزقاق الضيق الذي كنا فيه – أو كأنه طار نحونا – وركل لوكاس بعنف.
وفي اللحظة التالية، كان لوكاس يتدحرج على الأرض وهو يصرخ بصوت مؤلم للغاية.
"لم أرَ أبدًا وغدًا بهذا الوقاحة! أيها العرسوس الصغير على عجلات العربة، تلك السيدة لا تحبك!"
…كان صوته غريبًا، حادًا وناعمًا. وما ظهر أمام بصري المشوش نصفه كان صبي يحمل سيفًا يكاد يوازي طوله.
كان طويلًا، لكنه كان بالتأكيد لا يزال طفلًا، في عمر جيريمي تقريبًا؟
بدا مألوفًا بشكل غريب، لكنني لم أستطع تذكر أين رأيته من قبل. شعر أسود وعيون زرقاء باردة. أنا متأكدة أنني رأيته من قبل... لكن أين…؟
بينما كنت أحاول التذكر، تمتم الفتى وهو ينقر لسانه ويخدش رأسه، ثم تقدم دون تردد نحو لوكاس.
ثم أمسك بلوكاس من قفا عنقه بيد واحدة ورفع سيفه الذي بدا وكأنه اشتراه لتوه من متجر قريب.
"أيها العجوز."
"آآآآآآه!"
لوكاس، وقد استولى عليه الرعب، بدأ يصرخ كالأطفال. علماً أن لوكاس يبلغ 21 سنة. أليس هذا مثيرًا للسخرية؟
"تبًا، صوتك مزعج جدًا. اخرس! هي، اخرس! قبل أن أقطع لسانك."
"انظر إليّ. في عينيّ."
"هـه، هل تعرف من أنا؟!"
"حتى لو كنت ولي العهد، ستُلعن. تريدني أن أقتلع جميع أسنانك؟ أم أنزع لثتك أيضًا؟"
"...لماذا، لماذا تفعل هذا؟"
"لا تزعج هذه السيدة مجددًا. لا تلمسها، لا تصطدم بها في الشارع، لا تفكر بها، لا تراها في أحلامك. في الواقع، توقف عن التنفس كليًا."
---
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد