حاولت فتح عينيّ، إذ شعرت وكأنني أسقط من على حافة جرف. ما خطر في ذهني حينها كان ضحكات أولئك اللصوص الغريبة، وهم يلوّحون بسكاكينهم.

هززت رأسي محاوِلةً أن أستفيق من تلك الهلوسة الثقيلة. كانت رؤيتي، التي طالما كانت ضبابية، تبدأ بالتضحّي شيئًا فشيئًا.

ومع استقرار وعيي، بدأت أتبين ملامح المكان المحيط بي، وأدركت أخيرًا أين أنا.

...إنه منزلي. غرفة فخمة، كانت قد استُخدمت سابقًا من قِبل زوجة الماركيز الراحلة، وأصبحت ملكًا لي منذ أن وطأت قدماي هذا القصر. كيف عدتُ إلى هنا؟ أذكر أنني تعرضت لهجوم من قِبل قطاع طرق في طريقي إلى هايدلبرغ.

هل تم إنقاذي وأُعيدت بي إلى هنا؟ لكن إن لم تخني ذاكرتي، فإن كل من كانوا يرافقونني قد قُتلوا... فمن الذي أنقذ حياتي؟

وفيما كنت أضغط على صدغيّ بأطراف أصابعي شبه المرتجفة، لفت انتباهي شيء غريب.

ما شدّ نظري بالتحديد كان منضدة التزيين الذهبية الأنيقة، قرب النافذة ذات الستائر بلون الفراولة.

ما الذي تفعله تلك المنضدة هنا بحق الجحيم؟

قد تتساءل: ما المشكلة؟ في الظاهر، لا يبدو أن هناك خطبًا بها. المشكلة هي أن هذه المنضدة بالتحديد لا يُفترض أن تكون هنا.

ففي الأصل، كانت تشغل هذا المكان بهدوء، حتى جاء إلياس قبل نحو خمس سنوات، ودخل في مشادة كلامية معي، ثم حطّم المرآة صارخًا بشيء يتعلق بـ"متعلقات والدته". هيه...

لكن، كيف عادت إلى مكانها؟ هل هي مجرد منضدة مشابهة؟ وإن كان الأمر كذلك، فمن الذي استبدلها حينها بمنضدة من خشب الورد؟ ومن الذي أزال تلك المنضدة فيما بعد؟

وقد تملكني شعور بالريبة والضياع، فنهضت من السرير واقتربت من المنضدة.

وحين نظرت في المرآة الدائرية المصقولة، انعكس وجهي... وسرعان ما اجتاحتني مشاعر غريبة لا يمكن تفسيرها.

إنها أنا. الشعر الوردي الساطع المنسدل حتى الخصر، والعيون الخضراء الفاتحة... لكن هناك أمر غير مألوف. ما الذي تغيّر؟

كأنني منومة، رفعت يدي ببطء ولمست وجهي بأطراف أصابعي.

هناك أمر مختلف دون شك، لكنني لا أستطيع تحديده بدقة. وجهي يبدو أنعم، خدودي ممتلئة قليلًا، وعيناي أكثر استدارة...

باختصار، أبدو أصغر عمرًا مما أنا عليه. ما الذي يحدث هنا؟ هل عدتُ فجأة إلى سنّ أصغر؟

وفي تلك اللحظة، سُمِع طرق خفيف على الباب.

— "سيدتي؟"

— "آه، غوين! ادخلي..."

لكنني تجمّدت قبل أن أكمل عبارتي.

من الواضح أنها غوين من فتحت الباب ودخلت بهدوء، لكن...

— "غوين، هل فقدتِ وزنًا؟"

— "ماذا؟"

نظرت إليّ غوين بنظرة غريبة، وقد بدت مختلفة للغاية عن المعتاد.

غوين التي كانت تكتسب وزنًا بسبب حبّها للحلوى، تبدو الآن أنحف، تمامًا كما كانت في شبابها.

حتى ملامحها أضحت أصغر سنًّا. هل عدنا جميعًا في الزمن؟

— "لا أفهم ما تعنينه، لكن لا وقت لدينا، سيدتي."

رمشتُ بدهشة. ما كان غريبًا أكثر من شكل غوين، هو نبرتها. تلك النبرة الجافة الباردة.

غوين، وصيفتي المخلصة، كانت من القلائل الذين فهموني حقًا في هذا القصر العظيم، قصر نويفنشتاين، وشهدت كم تعبت من أجل الأطفال.

لكن... لماذا تنظر إليّ الآن بنظرة رسمية كهذه؟ لمَ هذا البرود؟

هل تأذّت مني حين غادرت، أو حين أُصبت أثناء رحلتي إلى هايدلبرغ؟

— "غوين، ما الذي حدث لي..."

— "تبقى ساعتان على موعد الجنازة. عليكِ أن تتهيّئي بسرعة."

...ماذا؟

— "ماذا قلتِ للتو؟ جنازة؟ انتظري، هل حدث مكروه لأحد الأطفال؟!"

يا إلهي، بالكاد نجوت من الموت على يد اللصوص، والآن، هل حدثت فاجعة أخرى أثناء حفل الزفاف؟

صرخت في حالة من الذعر، فتراجعت غوين خطوة بتردد. رمقتني بنظرة غريبة، ثم قالت بنبرة أهدأ:

— "سيدتي... أعلم أن الصدمة كبيرة، لكن عليكِ أن تتقبّلي الحقيقة وتمضي قدمًا. الماركيز كان ليُريد ذلك."

— "...ماذا؟"

كنت على وشك أن أسألها عما تعنيه، لكن شيئًا ما علق في حلقي.

مهلًا... كأنني رأيت هذا المشهد من قبل.

أين؟ متى؟

منضدة الزينة عادت إلى مكانها. الغرفة مألوفة، لكن بغرابة ما غير مألوفة. مظهري شاب، غوين أصغر، والستائر، و...

الملابس السوداء التي ترتديها...

وبعد لحظة من التردد الطويل، التقطت أنفاسي عندما أدركت مصدر ذلك الشعور المشؤوم الذي كان يعتصرني.

أجل… الآن فهمت. ليس هناك ما يدعو للدهشة. المشهد الذي أراه أمامي الآن، يشبه تمامًا جنازة زوجي... قبل سبع سنوات.

عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري فقط، أُقيمت جنازة ماركيز نويفنشتاين، زوجي، في يوم خريفي مشمس.

أنا... ربما المرأة الوحيدة التي حضرت جنازة زوجها مرتين.

... يا إلهي، ما هذه الظاهرة؟

> "الماركيز..."

"إنها هي..."

"أشفق على الأطفال، يا لَهم من أطفال رائعين..."

"هي زوجة الماركيز؟ تلك الفتاة الصغيرة؟"

"من المؤكد أن الماركيز لم يكن في كامل وعيه قبل وفاته. ما هذه الوصية السخيفة؟"

"لا أدري. نادرًا ما يقع الناس في شرك كهذا..."

"مستحيل! لا بد أن الماركيز كان أحمقًا."

"كيف يمكن لرجل مثله أن يُفتن بامرأة مثلها..."

حتى همسات العزاء، المتدفقة كموجٍ أسود، كانت مألوفة.

الكنيسة الكبرى التي تقام فيها الجنازة، الحاضرون بملابس الحداد، رنين الجرس الحزين، وفوق كل شيء...

> "ذلك الطفل هو الابن الأكبر. كيف لم تدمع عينه؟"

أطفالي الشرعيون.

التوأمان، رايان ورايتشل، البالغان من العمر عشرة أعوام، انفجرا في البكاء. إلياس، ذو الثلاثة عشر عامًا، حاول أن يبدو ناضجًا، لكنه لم يستطع كتم دموعه. أما جيريمي، في الرابعة عشرة، فوقف صامتًا إلى جوار النعش بوجه خالٍ من التعابير.

لم أكن أظن أنني سأراهم بهذا الشكل مرة أخرى.

---

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد

2025/07/30 · 7 مشاهدة · 807 كلمة
روبي
نادي الروايات - 2025