345 - ماذا يعني أن تكون الأفضل؟ [2]

بوووم!

على عكس المرة الأولى، كانت سرعة جوليان مرئية للعين المجردة. لم يستخدم الكرة الخضراء كما فعل في البداية.

كان الضغط على ساقيه أكبر مما يمكن تحمله.

لم يكن بإمكانه استخدام تلك المهارة سوى مرتين إضافيتين على الأكثر قبل أن تنهار ساقاه. كان عليه أن يكون حذرًا في استخدامها.

ربما في المستقبل، سيتمكن من استخدام الكرتين، الخضراء والحمراء، بشكل كامل، لكن في الوقت الحالي، لم يكن بإمكانه سوى استخدامها في دفعات قصيرة وسريعة لتخفيف الضغط الذي يتكبده جسده.

هذا هو الثمن الذي يدفعه مقابل محاولة تحسين جسده وهو مجرد مستخدم للطاقة السحرية...

بوووم!

تحطم الأرض تحت قدميه مع كل خطوة يخطوها، وانطلق نحو كايوس، الذي كان يمسح الدم المتساقط من جانب ذقنه الأيمن.

كيف يكون هذا ممكنًا...؟

كان عقل كايوس في حالة ارتباك.

لم يكن مرتبكًا من أن جوليان قد أصابه.

فهذا لم يكن كافيًا لزعزعته. لكنه كان حائرًا بشأن الطريقة التي تسببت له بالنزيف.

متذكرًا الألم الذي شعر به في جذعه، والمشاعر التي تدفقت في عقله لحظة أن ضغط جوليان بأصابعه، كانت الإجابة واضحة أمام عينيه.

جاء الإدراك كصاعقة، تضرب عقله بعنف، لتجعله مذهولًا لثوانٍ.

"تلك كانت... وسمًا عاطفيًا."

...المرحلة الرابعة من السحر العاطفي.

خرجت أنفاسه من رئتيه واشتد جسده.

"ك-كيف يكون هذا ممكنًا...؟"

جعلته الفكرة يتجمد.

أليس جوليان في نفس عمره...؟ كيف يمكن أن يكون قادرًا على استخدام مهارة كهذه؟

لم يكن لهذا أي معنى.

خصوصًا وأنه لا يزال بعيدًا عن الوصول إلى تلك المرحلة بنفسه.

هل هذا يعني أنه أضعف منه...؟

لا، هذا غير منطقي...

بعد كل ما مر به للحصول على هذه القوة، كيف يمكن لشخص أن يتفوق عليه؟ لم يكن لذلك أي تفسير.

رفض تصديق الأمر.

لا أحد يمكنه النجاة مما نجا منه هو...!

رفع رأسه، وحدث تغيير في عينيه.

بدأت حدقتاه الصفراوان بالتموج، وأخذتا تدوران بنمط غريب ومُبهر، كأنهما تعكسان شمسًا في أوج سطوعها، متوهجتين بضوء غريب لا يُفسَّر.

"آه..."

تحت تأثير تلك العيون، بدأ جوليان يتباطأ وشعر بوعيه يُسحب منها.

بدأ العالم حوله يهتز، وتشوهت صورة كايوس أمام عينيه. أصبح عقله مشوشًا، وكذلك حركاته.

بدأ التغيير يظهر على المشاهدين، الذين نظروا بفضول بين الاثنين، دون أن يفهموا ما يجري.

"!"

لحسن الحظ، كان جوليان سريعًا في إدراك التغيرات الذهنية التي طرأت عليه.

أدرك بسرعة أنه يتعرض لهجوم عقلي. أخذ نفسًا عميقًا باردًا، وحمى ذهنه، صائحًا داخل عقله ومضربًا بقدمه على الأرض.

بوووم!

انجلى ذهنه، لكنه لم يكن سريعًا كفاية.

فحين استعاد سيطرته على وعيه، لم يكن كايوس موجودًا في مكانه.

"هاه؟"

أين ذهب...؟

أخذ جوليان ينظر حوله، وعيناه تتسعان وأذناه تتحركان بحثًا عن أي تغير في الهواء من حوله.

سادت منصة القتال سكون مميت، فلا المتفرجون ولا جوليان أخرجوا نفسًا.

كل الأعين كانت موجهة نحو المنصة.

لا، بل نحو جوليان تحديدًا، وكأنهم ينتظرون حدوث شيء ما.

وقف جوليان في وسط الصمت، وجهه بلا تعبير. كان الصمت خانقًا، وجسده بأكمله في حالة توتر.

أين هو؟ أين ذهب...؟

اختفاء كايوس جعله على حافة الجنون.

على حد علمه، لم يكن لدى كايوس مهارة تجعل خصمه غير مرئي. لكن في الوقت ذاته، لم يكن جوليان يعرف الكثير عن طريقة قتال كايوس.

فلم تتح له الفرصة لاستعراض أوراقه...

وششش!

"..."

تموج الهواء خلف جوليان، فتغيرت ملامحه. لم يضيع لحظة واحدة، فلوى جذعه، وبدأت عضلات ذراعه بالانتفاخ والتشقق، حتى ضاق قميصه عليه.

بحركة واحدة سلسة، وجه لكمة نحو اتجاه كايوس.

وششش!

التوى الهواء وصفّر مع حركته، مكونًا نفقًا رفيعًا حول ذراعه. كانت حركته سريعة جدًا لدرجة أن القليل فقط استطاع متابعتها.

بوووم!

تحطم الهواء لحظة أن وجه اللكمة.

لكن هناك مشكلة.

||

||

لقد أخطأ.

طَك.

صوت خطوة خفيفة تردد خلف جوليان، وقبل أن يتمكن من الالتفاف لتوجيه ضربة، لوّح كايوس بيده، جمدًا إياه في مكانه. دون تردد، تبعها بصفعة سريعة وقاسية.

وششش!

صفعة... لكنها أخطأت أيضًا، إذ تلاشت صورة جوليان فجأة.

خدعة بصرية...؟

استدار كايوس ليرى هيئة تتجسد خلفه مباشرة. كانت قبضة جوليان مرفوعة، وظهره مقوس استعدادًا لتوجيه ضربة كالسهم الموجه نحو هدفه.

...سهم انقض على وجهه فور أن سنحت له الفرصة.

وششش!

وجه جوليان لكمته بكل قوته، وملامحه مشدودة من شدة التركيز.

أمام القبضة القادمة، بقي كايوس هادئًا.

هادئًا بشكل غير طبيعي.

أغلق عينيه، ووجد نفسه واقفًا وسط البركة في عقله. من تحته، رأى النسخ الستة من نفسه.

كانوا جميعًا ينظرون إليه، وتعابيرهم تتحول ببطء إلى لا مبالاة قبل أن يجثوا أمامه على ركبهم.

أومأ كايوس برأسه، وظهرت القبضة مجددًا في رؤيته.

رفع يده، وتمتم:

"توقفي."

توقفت القبضة على بعد إنش واحد من وجهه.

"أوكه...!"

رأى جوليان قبضته تتوقف، واحمر وجهه وهو يحاول بذل مزيد من القوة، ولكن دون جدوى.

رفع كايوس يده، وصفع القبضة إلى الجانب.

"...!"

غير قادر على المقاومة، لم يكن أمام جوليان سوى أن يشاهد نفسه يُلقى جانبًا، تاركًا فجوة استغلها كايوس فورًا.

فتح كايوس كفه، ومدها نحو صدر جوليان المكشوف.

كانت نفس الحركة السابقة.

لكن...

وششش!

ظهرت يد أرجوانية خلف رأس كايوس، تحاول الوصول إلى عنقه المكشوف.

كانت هذه خدعة خطط لها جوليان مسبقًا بعناية.

فهو يعرف تمامًا مدى براعة كايوس في التحكم العقلي، ويعلم أن القتال القريب ضده انتحار.

ولهذا السبب، كان عليه الاعتماد على لعنته وسحره العاطفي.

"...!"

قفز الكثير من الجمهور من مقاعدهم لحظة رؤيتهم ما فعله جوليان، محتبسين أنفاسهم، منتظرين ردة فعل كايوس.

هل سيتمكن جوليان من أخذ زمام المبادرة؟

هل سـ...

"توقّف."

تردّد صوت كايوس مجددًا. لكن هذه المرة، كان مختلفًا بعض الشيء، إذ انتشر بلطف في أرجاء الكولوسيوم بأكمله.

كان صوته هادئًا، ومع ذلك، دوّى بقوة داخل عقول كل من كان حاضرًا.

...وتجمّد الجميع.

لم يتحرك أحد منذ أن سقطت كلماته.

لا، ليس الأمر أنهم لم يتحركوا، بل بدا وكأنهم لا يستطيعون الحركة أصلًا. كما لو أن كلماته أصبحت قانونًا، بدأ الأضعف بينهم يشعرون بصعوبة في التحرك.

لكن الأهم من ذلك... اليد الأرجوانية التي كانت تمتد خلف كايوس...

توقّفت هي أيضًا في الهواء.

"...."

اهتزت حدقتا جوليان عند رؤية ذلك.

استعد لضرب الأرض بقدمه ليبتعد عن كايوس، لكنه سرعان ما أصيب بالرعب حين لاحظ أنه غير قادر على الحركة كذلك.

"ما الذي...!"

غاص قلب جوليان في صدره.

رفع رأسه، لتقع عيناه على كايوس، الذي بدا هادئًا تمامًا.

"هاه."

أطلق تنهيدة خفيفة، خافضًا يديه وهو يبتسم ابتسامة لطيفة.

"...بصراحة، لم أكن أريد فعل هذا."

ربّت كايوس على وجنتيه، التي شحب لونهما قليلًا. وبينما شعر بنظرات الجمهور موجهة نحوه، والدهشة الظاهرة على وجوه البعض، تنهد باستسلام.

حقًا، لم يكن يريد فعل ذلك.

عندما بدأت المنافسة، لم يتوقع أبدًا أن يُجبر على استخدام "مفهومه"، لكنه ها هو، مضطر لاستخدام الشيء ذاته الذي ظنّ أنه لن يحتاجه.

مفهومه: "السلطة".

"اركع."

تومب!

انهارت ساقا جوليان وركع على الأرض.

ارتجفت عيناه وهو يرفع رأسه ناظرًا إلى كايوس بصدمة، والذي ردّ على نظرته بنظرة هادئة.

"كلمتي... قانوني."

هكذا كان مفهوم "السلطة".

كل ما يقوله يصبح قانونًا. لا أحد يستطيع معارضته.

"يا للأسف، لكن سأنهي المباراة هنا."

في البداية، كان كايوس ينوي خوض المعركة ضد جوليان باستخدام سحر المشاعر، لكن منذ اللحظة التي استخدم فيها جوليان "العلامة"، أدرك كايوس أنه لا يستطيع الاستمرار في القتال بهذا الشكل.

لو سمح للأمر أن يستمر، لكانت النتائج غير مضمونة.

رغم أنه لا يزال يعتقد أنه سيفوز، إلا أنه كان حذرًا.

هو مغرور، لكن لم يكن ليجعل من غروره سببًا لسقوطه.

إن أراد الفوز... فعليه أن يفوز.

تحت أنظار الجميع المذهولين، رفع كايوس يده ثم أنزلها.

كانت حركة سريعة وحاسمة، لم تترك مجالًا لجوليان ليستغلها.

كان يخطط لإنهاء المعركة في تلك اللحظة.

ضيّق الكثيرون أعينهم، إذ بدا أن نتيجة القتال قد حُسمت، لكن في اللحظة التي ظنّ فيها الجميع أن المعركة انتهت...

غامت عينا جوليان تدريجيًا، وتحولتا إلى اللون الأرجواني.

أرجواني؟

تغيرت ملامح كايوس.

لم يرَ عينا جوليان تتحولان إلى اللون الأرجواني من قبل.

وفورًا، غاص قلبه... لكنه تأخر كثيرًا.

يد كايوس شقّت طريقها نزولًا، لتخترق جسد جوليان مباشرة.

"ما هذا...!"

اتسعت عينا كايوس من الصدمة.

لكن قبل أن يتمكن حتى من استيعاب ما حدث، قفز جسد جوليان والتفّ حوله.

كان يطفو في الهواء، وشكله بدا مشوشًا، شبه ضبابي، كما لو كان يتلاشى بين العالم المادي والروحي.

وقف بعض الأشخاص من أماكنهم، وهم يحدقون في المشهد بأعين متسعة.

وكان ذلك أيضًا حال كارل، الذي أشار إلى البثّ المباشر بصدمة.

"أليس هذا...!؟"

"نعم."

أومأت جوانا، وتحوّل تعبيرها إلى الجديّة.

"...نفس المهارة التي استخدمتها أنجيلا، الخصم السابق لجوليان."

تاب!

ظهر جوليان خلف كايوس مباشرة، وبدأ جسده يعود إلى حالته المادية.

استفاق كايوس من صدمته، وهزّ رأسه، وفتح فمه ليستعد لإطلاق أمر جديد، لكن...

في اللحظة التي فُتح فيها فمه، تحولت عينا جوليان إلى اللون الأخضر. وتباطأ العالم من حوله بشكل حاد، وانسحب الزمن أمام ناظريه.

أدار رأسه ونظر حوله، ثم خفّض جسده وانطلق نحو مقدمة كايوس.

تحطّمت الأرضية مع كل خطوة، وعندما وصل أمام كايوس، لفّ جذعه للخلف، وسحب قبضته، وظهره مشدود، وعيناه تحوّلتا من الأخضر إلى الأحمر.

...وفي تلك اللحظة، عاد العالم إلى سرعته الطبيعية، وسقطت قبضة جوليان على كايوس الذي كان على وشك إطلاق أمره.

"تـ..."

بوووم!!

كما لو أن قنبلة انفجرت، تحطمت المنصة تحتهما تحت وطأة الضربة التي هبطت على كايوس، الذي بالكاد تمكن من رفع ذراعيه لصدها.

ومع ذلك، فقد أصابته الضربة.

سمع جوليان صوت تشقق خفيف يصدر من ذراعي كايوس، وبدأ الأخير يتراجع عدة خطوات وهو يتزلّق على الأرض.

"أوخ...!"

بوجه شاحب، بالكاد تمكّن كايوس من استعادة توازنه، ثم رفع رأسه ونظر إلى جوليان.

وكانت تلك اللحظة التي رأى فيها...

"هاه... هاه..."

نظرة إنهاك واضحة.

2025/04/09 · 26 مشاهدة · 1460 كلمة
mhm OT
نادي الروايات - 2025