الفصل الخامس ــ التمثيل الناجح
( اليوم التالي الساعه 5:00 مساء )
كانت الشمس تميل نحو الغروب، تلطّخ السماء بظلال برتقالية وبنفسجية دراماتيكية، وكأنها تحاول بطريقتها الخاصة أن تخلق أجواءً مناسبة لظهور بطل – أو شرير – القصة.
(البيدو) باستخدام (جيت راي) كان يطير في الهواء فوق مدينه.
كان يقطع السحاب بصوت صفير حاد، تاركًا وراءه ذيلًا من الطاقة يشبه خطّ طفلٍ عبث بقلم تلوين على لوحة السماء الزرقاء.
حتى وصل اخيرا الى المكان الذي كان يقصده.
نزل بسرعه جنونيه.
كان هبوطًا يشبه صاروخًا فقد السيطرة، أو كرة طائشة، هبط بضجة مدوّية وغمغة غبار اختنق بها لبرهة.
وبعد ذلك عاد الى طبيعته.
اختفى شكل الفضائي.
وحل هو مكانه امامه مباشره.
وقف (البيدو) في هيئته البشرية، متناثرًا بغبار الطريق، ومتسائلاً في سرّه إن كان هبوطه المُفاجئ قد كسر بعض الأزهار البريئة في الجوار.
امامه مباشره كان هناك ثلاثه اشخاص ينظرون اليه بحده.
نظراتهم كانت حادة كالسكاكين، تكاد تقطعه إربًا.
ما عدا انه لاحظ ان (بن) كان ينظر اليه بنظره مرتبكه.
نظرة (بن) كانت أقل حدة، وأكثر حيرة، كمن يحاول تذكّر إن كان قد أطفأ الفرن قبل الخروج من المنزل.
ابتسم (البيدو) وقال:
"حسنا يبدو انكم جميعا هنا.."
صوته مفعم بالثقة المفتعلة، كأنه مضيف حفلة يتأكد من اكتمال عدد المدعويين.
"اذا هل انت موافق على العرض الذي عرضته "
تصرف بطريقه العاديه وهو يسال (كيفين).
كان يتصرف وكأنه يسأل عن تقييمه لفيلم شاهدوه معًا، وليس عن صفقة مصيرية.
سخر (كيفين) ببرود وهو يقترب الى الامام.
"نعم صحيح ستحاول الانقضاض علينا واخذ الساعه اليس كذلك"
صوت (كيفين) بارد كالثلج، لكن عيونه تتوهج بشرارة تتحدى (البيدو) على الفعل.
ضحك (البيدو) على كلامه.
"بصراحه سافعل ذلك"
قالها بصراحة مزعجة، كمن يعترف بأنه أكل آخر قطعة كعك دون أن يخبر أحدًا.
لم يكن (كيفين) متفاجئ فقط.
بل اثنين الذين كانوا خلفه.
(جوين) صرخت وهي تستدعي اقراصا بنفسجيه.
"كما هو متوقع منك سوف ارسلك الى السجن فقط"
الأقراص البنفسجية تدور حولها بطنين غاضب، مستعدة لتنفيذ التهديد.
لكن لمفاجاتهم ضحك (البيدو) بسخريه فائقه.
كان ضحكًا عاليًا، هستيريًا بعض الشيء، يملأ المكان ويصم الآذان.
بينما كانت دموعا حقيقيه تتساقط من وجهه.
مشهدٌ مثيرٌ للشفقة والإرباك في آنٍ واحد؛ رجل يضحك كالمجنون ويبكي كطفل!
ثم قال وهو مستمتع:
"انظروا الى هذه الوجوه كنتم على وشك ان تطلقوا قراءه الماء باتجاهي.."
صوته يرتجف من شدة الضحك والدمع.
امسك ببطنه الذي كانت ترتجف من الضحك.
كأنه يحاول منعها من الانفصال عن جسده.
ارتعشت وجوه الثلاثه.
كانت وجوههم تعبر عن صورة مثالية للذهول والارتباك.
(كيفين) لمس الارض.
تحول جسد وبالاضافه الى ملابسه الى اسمنت صلب.
كان التحول مصحوبًا بصوت "طقطقة" حجريّة مخيفة.
بينما كان على وشك هجوم.
دخل (بن) وقف امامه.
وقال:
"انتظر اريد ان اسمع ما الذي سوف يقوله .."
كان وقوفه كحاجزٍ بين نيزك من الإسمنت وكوميديّ باكي.
اشاره (بن) الى (البيدو) ان يتكلم.
بدون ان يغير موقفه انحنى (البيدو) ببطء.
انحناءة دراماتيكية، كأنه على مسرح وأضواء المسلطة عليه.
واعتذر بصدق:
"انا اسف ولكن يبدو انني منذ دخلت الى هذا الجسد احب السخريه بشكل كبير"
صوته يحمل نبرة اعتذار حقيقية، لكن محتوى الكلام غريب.
"وكانه هناك في جسدي شيء يمنعني ان اكون جادا بشكل مبالغ فيه"
كأنه يلقي اللوم على "جينات" الكوميديا الموجودة فيه!
صدم الاثنان من هذا الانحناء.
كانت مفاجأة كبرى؛ شريرٌ سابق ينحني ويعتذر!
مع ذلك كان (بن) مرتبكا ايضا.
ليس بقدر الاثنان خصوصا بعد الليله الماضيه.
مع ذلك كان ايضا مصدوما من هذا الامر.
"نعم صحيح.. وانا سوف اضرب مؤخرتي"
قال (كيفين) وهو يقطر السخريه.
صوته يحمل سخريةً لا تُخفى، كأنه يشكك في كل كلمة قالها (البيدو).
لكن (جوين) قالت بصوت منطقي:
"ربما يكون محقا.. بما انه قد تحول الى (بن) قد يكون قد اكتسب عاداته ايضا"
منطقها كان صارمًا، لكن الفكرة مضحكة؛ أن يكتسب (البيدو) عادة المزاح من (بن)!
الاجابه جعلته يصمت ولا يستطيع ان يقول اي شيء.
سكت (كيفين) كأن فمه أُغلق بغطاء.
بالعوده الى (البيدو) كان وجهه هادئا.
لكن في داخله كان يرغب بالضحك بشكل مبالغ فيه.
في داخله، كان يصرخ من الضحك على هذه الكوميديا السوداء التي يعيشها.
يا لها من صفقه كبيره حقا.
كان يفكر في سرّه أن هذه الصفقة أفضل مما توقع.
كما هو متوقع منهم لن يكون من الصعب ان اعمل معهم طالما اقوم باشياء جيده.
وبالطبع انا لست مجرما مثل اعداء الاخرين.
كان يبرر لنفسه بفخرٍ مزيف.
الذين يمثلون لكسب الثقه.
".. لقد ارتكبت جرائما كبيره يا (البيدو) لا يمكنك الهروب من السجن"
بينما صمت الرجلان تحدثت الفتاه من عرق الانودايت.
صوتها حازم، لكن (البيدو) كان مستعدًا لها.
"حقا هذا صحيح بشكل كبير "
تفاجات من هذا الاعتراف.
اعترافه الصريح فاجأهم كالصاعقة.
"لكن لا فائده من البقاء بالسجن لكي اكفر عن افعالي"
كان يتكلم بلغة المنطق والعقل، وكأنه خبير إصلاح اجتماعي!
"انا اريد ان افعل اشياء تخدم الحياه لكي اكفر عن الاخطاء التي فعلتها"
هذه المره كانت هي الصامته.
سكتت (جوين)، محاولةً فهم هذا التحول المفاجئ في الخطاب.
لكن (كيفين) كان قد تقدم مره اخرى.
ولكن هذه المره قد الغى تحوله الى اسمنت.
عاد إلى هيئته البشرية بصوت "فَرقعة" خفيفة.
"نعم لماذا مثل هذه الاكاذيب السهله هل تحاول ان تاخذ الساعه "
اتهمه مباشرة، وعيناه تحدقان فيه بتحدّ.
"هل تظنني انني لا استطيع رؤيه التلاعباتك"
صوته يشي بغضبٍ متحفّز.
"انت فقط تريد هذه الساعه.. العوده الى شكلك الطبيعي انا اعرف هذا الشعور"
ضحك (البيدو) على هذا الكلام.
كان ضحكةً مكتومةً ساخرة.
هذا الغبي لا يدرك شيئا.
كان يسخر من (كيفين) في داخله.
انا اتحول الى ذلك الكائن القصير محال.
لربما لو كان (البيدو) الحقيقي كان سوف يرغب بان يتحول الى ذلك الكائن.
لكن بالنسبه الي انا راضي عن شكل الانسان.
كان يفكر بامتناعٍ غريب عن شكله البشري!
اللي يضحك الان تفاجا (البيدو) نفسه من هذه الضحكه المنخفضه.
"انا اعرف انك تدرك شعوري جيدا في النهايه لقد تاثرت ايضا من الساعه اليس كذلك"
كان يحاول استغلال نقطة ضعف (كيفين).
"كيف اعرف عن هذا"
ارتبك (كيفين) لهذه المعلومة.
"يبدو انك تدرك بعض الاشياء عني هل قمت بقراءه ملفاتي الخاصه بالبلمر"
صفق (البيدو).
صفقته كانت مدوية في المكان الهادئ.
بصراحه لقد قال هذه الكلمات بالخطا.
حتى انه ارتجف قليلا.
كان يرتجف كورقة شجر في مهب الريح.
لانه ظن انه كشف معلومه سخيفه في هذا الوقت.
لا يجب ان يكون (البيدو) يعرف هذه المعلومات عن (كيفين).
لكن بما انه قادم من عالم اخر وشاهد القصه بكاملها كان يعرف بالطبع.
كان يعرف ما فعله (كيفين) اثناء كونه صغيرا.
وكيف تصرف ضد عائله (تنسون).
لكن كلمات (كيفين) التاليه جعلته يجد طريقه لتمويه كلماته.
بما انه يعتقد انني عثرت على هذه المعلومات من شبكه البلمر فمن انا لكي اكذب هذه المعلومات.
كان يشكر حظه العاثر – أو الجيد – في داخله.
"الذي يضحكك يا هذا"
قلت (كيفين) بسخريه.
"لا شيء انا فقط اعتقد انني انا وانت متشابهان كلان نرغب بالعوده الى اشكالنا الحقيقيه"
كان يحاول كسب تعاطفه.
"لكنني احتاج الى فرصه لكي اثبت نفسي هل يمكن ان تعطيني هذه الفرصه"
الارتباك على وجه (كيفين) انه يفكر.
كان وجه (كيفين) يعبر عن صراع داخلي بين الشك والفرصة.
الثلاثه انهم يفكرون بالامر.
لقد قلت له بعد ذلك:
"الخطا يبقى خطا مهما حاولت انا ادرك ذلك جيدا"
كان يتكلم بحكمةٍ مفاجئة.
"لذلك انا مستعد للتحمل العواقب"
"لكن اذهبوا الى السجن لا يسمح لي بحق التكفير.."
"انا ارغب فقط ان اساعد بحمايه الاشخاص الذين حاولت اذاهم هذا قد يكفر عن جرائم"
هل يكذب حقا.
هذه المره فكر الثلاثه في نفس الوقت.
نظراتهم المليئة بالشك كانت تتقاطع في الهواء.
(بن) وفريقه المؤلف من الاثنين الاخران تجمع معا.
وبداوا بالحديث.
"هل اعطيه فرصه"
(بن) سال فريقه.
في هذه اللحظه كان محتارا.
من جهه هو يفضل دائما اعطاء الفرصه للاشخاص لكي يعودوا الى الطريق الصحيح.
وبنفس الوقت اذا فكر بطريقه منطقيه ما فعله (البيدو) كان شيئا منطقيا.
فبالنهايه اراد فقط ان يستعيد الساعه لانه ظن انه لا يستحقها.
لكنه عقب بالتحول الى كائن اخر والعيش في جسد ليس جسده.
بالنسبه الى (كيفين) لم يعرف ما الذي يقوله شعره.
كانت تسريحته الغريبة تبدو وكأنها تعبر عن ارتباكه الداخلي!
وكانه يشارك (البيدو) بنفس القصه الماساويه حيث تحول الى وحش.
صحيح على (البيدو) لم يتحول الى وحش بل تحول الى انسان.
مع ذلك فهو ليس جسده الحقيقي لذلك كان يمتلك تعاطفا.
ولم يستطع ان يقول اي شيء.
(العبقريه جوين) كانت هي من يبدو عليها الثقه.
قالت بصوت حازم:
"سوف نراقب"
"سوف نجعله ينضم الينا لكن سوف يكون تحت عيوننا"
"بالاضافه الى ذلك سوف اتصل بجدي سوف يعرف ما هو التصرف المناسب هل سوف نجعله ينضم معنا في فريق ام لا"
بما انهما لا يمتلكان فكره صحيحه.
وافق الاثنان.
وقال نعم.
كانت موافقتهما وكأنهما يقولان: "نعم، لنحاول، فماذا لدينا لنخسره غير كوكب الأرض؟"
يعود المشهد الى (البيدو) الذي كان يمسك بالساعه الخاصه به ويلعب بها.
كان يديرها بين أصابعه ببراعة، كأنه يلعب بيو-يو ثمين.
طريقه جيده لجعل افكاره تدور بمكان الصحيح.
لقد كان يحاول تعديل هذه الساعه منذ وقت طويل.
السبب بتاخره لم يكن فقط لانه لم يمتلك المعلومات.
بل لان عبقريه (البيدو) ضخمه جدا.
ومن المستحيل عليه ان يهضمها في فتره قصيره من الزمن.
يحتاج على الاقل للكثير من التدريب.
قبل ان يتمكن من اداء المهمات الذي كان يقوم بها (جالفان) الذي تمكن من تصميم هذه الساعه.
حتى لو كانت رديئه ونسخه رخيصه من الاومتريكس.
تظل هذه الساعه من اهم الساعات في السلسله بالكامل.
"حسنا نحن موافقون على الامر"
يبدو انهم فكروا بالامر اليس كذلك هذا جيد.
"اذا لا مشكله بالعمل معكم اليس كذلك"
"لا مشكله"
قالت (جوين).
لكن بعد ذلك:
"سوف نتصل بجدي ونخبره عنك.."
"اذا وافق ايضا فسوف تعمل معنا"
"لكن اذا لم يوافق فسوف نرميك بالسجن "
سيعترف ان هذه الكلمات فاجأته.
في النهايه لم يرد ان يدخل (البلامر) بالامر.
ولكن من جهه اخرى فما (ماكس تينيسون) صانع السلام لن يكون غبيا.
لرفض جهود (جالفان) خصوصا ان ذلك قد يدعم الجانب الفني للارض.
خصوصا مع وجود (بلوكيتش) و(دريبه).
قد يحتاجه الى مساعده.
وقد اكون قادرا على اعطاء هذه المساعده.
لذلك لا يوجد مشكله.
"حسنا انا موافق على ذلك اتمنى ان يعطيني فرصه"
ابتسم الثلاثه.
يبدو انهم توقعوا ان يقولوا شيئا نافيا او ينزعج.
لكنه لم يفعل ذلك.
"ما الذي يجب ان افعله من اجلكم"
كان هذا السؤال الذي يؤرقه.
ما الذي سوف يطلبونه منه ان يقوم به لكي يتظاهر بالتكفير امامهم.
لكن الثلاثه بداوا محتارين.
اخيرا قالت (جوين):
"لماذا لا تحاول الامساك بالمجرمين"
"يمكنك ان تستخدم هذه الطريقه في البدايه"
"بالاضافه الى ذلك ربما يمكن لجدي بعد ان يوافق ان يعطيك مهمات خاصه"
انحنيت (البيدو) وشكرها.
"شكرا يا انستي "
تفاجات الفتاه من هذا الشكر.
لان ذلك الصوت كان يشبه صوت ابني عمها.
"لا داعي لشكري هذا فقط بواجبي"
"صحيح انت تفعلين ذلك"
"لا استطيع سوى ان اشكرك انت والساده المحترمين"
انحنى (البيدو) للمره الاخيره بشكل محترم.
وكما يقول المثل الاعتذار لا يكسر ظهر احد.
اخيرا احداث اليوم قد انتهت.
بعد ان انتهى كل شيء استدار (البيدو) واختار الفضائي المناسب.
لكن قبل ان يغادر:
"(تنسون) ساكون سعيدا بالعمل معك"
ارتبك (بن) من هذا الكلام.
لم يعرف ماذا يقول.
لكنه تنهد وقال:
" انا اعطيك فرصه واحده يا (البيدو) لا تضيعها"
ثم ابتسم وقال بسخريه:
"وكما تعرف ان المزاح الذي في جيناتي هو ما يعطيك هذا الحس الرائع يجب ان تشكرني"
ضحك (البيدو) على هذا الكلام الساخر.
"نعم انا اشكرك على هذه الجينات الرائعه .."
"قد اعطتني الكثير من العداله"
"منقذ الكون"
في النهايه غادر (البيدو) المكان.
وتبقى الثلاثه بين الذي كان ينظر الى الطائر الفضائي الذي يطير.
"منقذ الكون صحيح"
تمتم ( بن) بهذه الكلمات.
قبل ان يختار الفضائيه الخاصه به.
لكن بجانبه (جوين) وضعت يدها على كتفه.
"سوف نراقب.. تذكر ذلك يا (بن)"
***
[ نهايه الفصل الخامس ]
***
إلى قرائي الأعزاء،
هل أعجبكم الفصل؟ هل ضحكتم على مواقف (البيدو) المضحكة والمربكة؟ أرغب حقًا في معرفة آرائكم! اكتبوا لي تعليقًا جميلاً عن رأيكم في الأحداث، وفي الشخصيات، وفي الأسلوب الساخر. رأيكم يعني لي الكثير وسيساعدني في تطوير القصة. شكرًا لكم على قراءتكم، وأتمنى أن أكون قد أسعدتكم!