📖 {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (سورة الفرقان، الآية 63)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت مسابقة الطائفة حدثاً عظيماً لطائفة شوان يوان، لكنها جاءت ورحلت بسرعة
بعد يومين، ورغم أنّ الأحاديث عن المسابقة وأداء لي شانغيان الفريد ما زالت تتردّد أحياناً بين أبناء الطائفة، إلا أن الحماس قد خفّت حدّته تدريجياً
فالمزارعون الروحيون غالباً ما تكون لديهم مهام كثيرة، فيتجه انتباههم بسرعة نحو أمور أخرى
ظل لي شانغيان يقيم في فنائه الصغير، ولم ينتقل إلى العالم السري للطائفة لممارسة الزراعة الروحية
فبالنسبة له، على الرغم من أنّ الطاقة الروحية في العالم السري أكثر كثافة من باقي أرجاء الطائفة، إلا أنّها لم تكن بمستوى فنائه الصغير
ثم إنّ الذهاب إلى العالم السري يعني أن يقع تحت مراقبة الآخرين من الأفراد الأقوياء في الطائفة، وهذا بعيد كل البعد عن راحة العيش في فناءه الخاص
بعد انتهاء المسابقة، أطلق لي شانغيان زفرة طويلة وهو يفكّر: "التمثيل مرهق حقاً"
مع أنّ فنّ تشاو كون المحرّم كان قوياً، إلا أنّ مستواه الأصلي كان متدنياً جداً، لذا لم يشعر لي شانغيان بأي ضغط في مواجهته
ولكن حفاظاً على أوراقه المخفيّة، اضطر إلى القتال بمستوى "مرحلة تأسيس الأساس، الطبقة السادسة" وأخيراً "فاز بالكاد"
وقد اختبرت هذه المواجهة مهاراته في التمثيل اختباراً كبيراً
وبجانب مكافآت الطائفة، كان أكثر ما أسعد لي شانغيان أنه حصل على جزء من قوة الروح العظمى النقية الخاصة بتشاو كون
ورغم أنّ روحه العظمى قد احترقت كثيراً، إلا أنّ امتصاصه لها سمح له بتقوية روحه العظمى بنسبة عشرة في المئة تقريباً
كما ازداد اتساع مجال دماغه الداخلي
ومع تحسّن مستواه خلال هذه الفترة، صارت روحه العظمى أقوى بكثير، ووصل مجال دماغه الداخلي بشكل مفاجئ إلى أكثر من عشرين ألف متر مربع
وقد استغلّ إحدى مناطقه بالفعل لزراعة دواء روحي من الدرجة الرابعة
ولكي ينضج الدواء الروحي من الدرجة الرابعة، لا يكفيه وفرة من السائل الروحي فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى عقود عديدة أو حتى قرون
لكن بما أنّ لي شانغيان يمتلك مهارة "تسريع الزمن"، فقد تمكن من تقليص مدة نمو هذه الأدوية، ومع ذلك فهي تحتاج إلى عدة أشهر
وعندما يرتفع مستواه أكثر في المستقبل ويستخدم هذه المهارة مجدداً، قد يستغرق الأمر بضعة أيام فقط
كان لي شانغيان يعلم أنّه قد أساء بشدّة إلى فصيل تشاو ليه، لذا تعمّد التزام التواضع خلال الأيام الماضية، محاولاً ألّا يظهر أمام الآخرين
كما لم يستغل مكانته كـ"تلميذ أساسي" لإثارة المشاكل هنا وهناك
وكان ينوي أصلاً أن ينغلق على نفسه في الطائفة فترة أطول، لكن في عالم المدن، كان المسؤولون في بلاد هوا قد وافقوا بالفعل على تزويد "طائفة شوان يوان" التي تقف خلف لي شانغيان بالأسلحة النارية
وبعد بعض التفكير، قرر لي شانغيان القيام برحلة إلى أسرة تانغ الشرقية في عالم البشر
فهو يريد أن ينقل هذه الأسلحة إلى أسرة تانغ الشرقية بأسرع وقت ممكن، ويُدرّب الجنود على استخدام الأسلحة النارية
وبذلك، حتى لو كانت جيوش أسرة سونغ الجنوبية قوية وعديدة، فطالما لم يظهر مزارعون روحيون يتجاوزون مرحلة النواة الذهبية،
فإن أي عدد منهم سيُرسل مباشرة إلى حتفهم
ذهب لي شانغيان بهدوء إلى سيد الطائفة
وبعد أن تشاورا قليلاً، غادر لي شانغيان طائفة شوان يوان بهدوء
لكن ما لم يكن يعلمه أنّه بعد خروجه بفترة قصيرة، وصل الخبر إلى تشاو ليه
فقال بنظرة مظلمة: "بما أنّه يبحث عن الموت، فلنرسله إليه"
"أخبروهم… فقط قولوا إنّ القبض على لي يينغ مرتبط بلي شانغيان، ودعوهم يتولون الأمر"
تردّد المقرّب منه قليلاً ثم قال: "ألن نرسل أحداً؟"
أجاب تشاو ليه بنظرة عميقة: "لا، إلا إذا تحركتُ بنفسي لا أستطيع أن أضمن، لكنني حالياً تحت مراقبة ذلك الثعلب العجوز"
"لكن الوقت قد حان تقريباً، وأنا على وشك النجاح، وحينها ستكون طائفة شوان يوان لنا"
ابتهج المقرّب عند سماع ذلك وقال: "تهانينا أيها السيد القاعة… لا، بل تهانينا أيها سيد الطائفة"
وعند سماع هذه الكلمات، لمعت ابتسامة خفيفة على وجه تشاو ليه الكئيب
....................
كان لي شانغيان يحلّق على سيفه، وقد جلس على كتفه وحش ياو ناري أحمر، متجهاً بسرعة نحو أسرة تانغ الشرقية
ولأنه اضطر للحفاظ على التواضع، لم يكن يسرع كثيراً
وبعد ساعات عدة، وصل أخيراً إلى مدينة لو، عاصمة أسرة تانغ الشرقية
ولم يتوجه مباشرة إلى القصر الإمبراطوري، بل دخل ببساطة من البوابة الشرقية للمدينة، كأنه شاب من عامة الناس
وبعد أكثر من شهرين من التعافي، بدا أنّ آثار التمرد والمذبحة السابقة قد اختفت تماماً
أما الإمبراطور الحالي لأسرة تانغ، لي يو، فقد كان يمسك بزمام السلطة العليا، وبحسب الخطة الإدارية التي ناقشها سابقاً مع لي شانغيان، فقد أجرى إصلاحات كبيرة
لقد استعادت أسرة تانغ الشرقية قدراً كبيراً من طاقتها الأصلية، واستعادت مدينة لو ازدهارها السابق، بل وتجاوزته
وعند رؤية شوارع المدينة المزدحمة، ورغم أنّ عامة الناس أظهروا أحياناً علامات التعب، إلا أنّ حالتهم النفسية كانت أفضل بكثير مما مضى
أومأ لي شانغيان سراً برأسه مفكّراً أنّ "والده الإمبراطوري" كان حاكماً حكيماً بالفعل، يعرف كيف يُصغي للنصيحة ولا يتصرّف بتهوّر
وبعد أن أنهى جولته السرية، لم يضيّع الوقت وتوجّه مباشرة إلى القصر الإمبراطوري
داخل قاعة "تشنغ خه"، جلس لي يو على العرش التنيني عالياً، وإلى جانبيه وقف العديد من الوزراء، كما وقف شابان يرتديان حللاً منقوشة برموز الثعابين الخماسية المخالب
هذان الاثنان كانا شقيقي لي شانغيان الأكبرين، لي شانغ ون ولي شانغ وو
وكان الوزير الأكبر وانغ يانغ يرفع تقريراً بحماس قائلاً: "مولاي، لقد رتّب خادمك المطيع، وفقاً لمرسومكم، تحقيقاً شاملاً في كامل أسرة دا تانغ"
"حالياً، يوجد أكثر من سبعمئة وستين مليوناً من عامة الشعب، وحوالي مليار مو من الأراضي المزروعة"
"وبالإضافة إلى ذلك، ما زالت هناك مساحات كبيرة من الأراضي غير المستغلة داخل أسرة دا تانغ، خاصة في مناطق الحدود الجنوبية"
"وبسبب قربها من أسرة سونغ الجنوبية، فهي كثيراً ما تتعرض للمضايقات، مما أدى إلى قلة السكان وجدب الأراضي"
"ويقترح خادمك أن نقوم بتجنيد المشردين لاستصلاح الأراضي القاحلة، وهذا من شأنه أن يحل مشكلة الزيادة السكانية ويزيد من إنتاج الغذاء، وبذلك يستقرّ أساس قوة الأمة"
غير أنّ لي شانغ ون قال بقلق: "مع أنّ هذه الطريقة جيدة، إلا أنّ أسرة سونغ الجنوبية لطالما طمعت في دولتنا. فإذا بدأنا استصلاح الأراضي، ألن يذهب كل الجهد سدى إذا عادوا لمضايقتنا؟"
فقال أحد الجنرالات المدرعين: "مولاي، إنّ عبدك المتواضع مستعد لقيادة الجنود لحماية الحدود الجنوبية والدفاع ضد أوباش أسرة سونغ"
كما تقدّم لي شانغ وو قائلاً: "مولاي والدي، ابنك أيضاً مستعد لقيادة الجنود جنوباً"
تأمّل لي يو قليلاً لكنه هز رأسه قائلاً: "جيشنا ما زال في طور التدريب والدمج، وقوته القتالية ليست قوية"
لكن لي شانغ وو قال: "مولاي والدي، كلما واجهنا العدو مباشرة، كلما استطعنا تدريب جيش قوي"
كان شقيقا لي شانغيان الأكبران مختلفين في الميول، فالأكبر لي شانغ ون أحبّ الشؤون السياسية، بينما الثاني لي شانغ وو أحبّ الشؤون العسكرية
وكان تقسيم العمل واضحاً بينهما، وحتى الآن لم تحدث نزاعات كبيرة
ومع ذلك، فإنّ الحدود الجنوبية لأسرة تانغ الشرقية، المواجهة مباشرة لأسرة سونغ الجنوبية، كانت دائماً مهدّدة
ورغم أنّ أسرة تانغ الشرقية قد نشرت معظم قواتها هناك، إلا أنّ الفارق في القوة العسكرية كان كبيراً
ولطالما تعرضت هذه الحدود للمضايقات وظلّت مرهقة
لكن الجميع كانوا يعلمون أنّ أسرة سونغ كانت تطمع دوماً في أراضي تانغ الشرقية، وأن الحدود الجنوبية لم تكن سوى منطقة عازلة بين الأسرتين
غير أنّ مساحة الأراضي التي تسيطر عليها تانغ الشرقية في الجنوب كانت تتقلص شيئاً فشيئاً
وأخذ الجميع في القاعة يبدون آراءهم، لكن لم يتوصلوا إلى اتفاق موحّد
وفجأة!
انطلقت صيحة عالية من خارج القاعة: "من هناك؟ كيف تجرؤ على اقتحام القصر الإمبراطوري؟!"
قاتل؟
تفاجأ الجميع في القاعة، فهل هناك من تجرأ على اقتحام القصر مباشرة؟
لكن سرعان ما تلا ذلك صوت مبهج من الخارج: "توقفوا، إنه سمو الأمير الثالث، لقد عاد!"
"السلام على الأمير الثالث!"
الأمير الثالث عاد؟
نهض لي يو من على العرش التنيني على عجل، وسار بسرعة نحو خارج القاعة
ولحق به الجميع على الفور
لقد عاد ذلك الرجل الأسطوري!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ