📖 {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} (الأنعام: 59)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت الهاوية السوداء، المغلّفة بالضباب الرمادي، قد غطتها الغيوم السوداء بالكامل تقريبًا، حتى بات من المستحيل رؤية اليد أمام الوجه
هبّت ريح عاتية فجأة، تحمل الرمال والحجارة
حتى سفينة طائفة الرعد السماوي الطائرة، التي كانت راسية في الجو للتباهي، بدأت تهتز بعنف وبشكل خطير
جاء صراخ غاضب من داخل السفينة: "فعّلوا التشكيل! ثبّتوا السفينة!"
فأسرع تلاميذ الطائفة بتفعيل التشكيل الدفاعي، وانطلقت خطوط باهتة ذهبية على سطح السفينة الخارجية
وفي الظلام، بدت تلك السفينة المضيئة ملفتة للغاية
كانت الرمال والحجارة المتطايرة تصطدم بالتشكيل الدفاعي، فتحدث تموجات متتالية
ومع استمرار طائفة الرعد السماوي في إلقاء التشكيلات، استقرت السفينة التي كانت على وشك الانقلاب بفعل العاصفة شيئًا فشيئًا
ولعلهم أرادوا الحفاظ على طاقتهم الروحية، فلم يجرؤوا على الاستعراض بعد ذلك، بل أنزلوا السفينة ببطء نحو الأرض
وعند رؤية طائفة الرعد السماوي في هذا الموقف المثير للشفقة، لم يعد تلاميذ الطوائف الأخرى يهتمون بالسخرية منهم، فكل واحد كان منشغلًا بسلامته
"آه... أنقذوني!"
"سأسقط!"
ترددت عدة صرخات مرعوبة، ثم تلاشت تدريجيًا في البعيد
فقد كان كثير من المزارعين الضعفاء عاجزين عن مقاومة العاصفة المفاجئة، فحملتهم الرياح وألقت بهم في الهاوية السوداء
والهاوية السوداء لا قرار لها، مملوءة بالغازات السامة، وخطرة إلى أقصى حد
أما أولئك المزارعون من مرحلة تأسيس الأساس ومرحلة تنقية الطاقة الروحية الذين ينتمون إلى الطوائف الصغيرة، فكان سقوطهم يعني موتًا محتمًا
أما لي شانغيان، فكان قويًا لدرجة أن هذه الرياح لم تهزّه أدنى هزّة
وفجأة، جاء صوت دهشة من يمينه
وبعدها مباشرة، جرفته الرياح شخصًا نحو الهاوية السوداء
وكان ذلك الشخص قريبًا منه، فما كان من لي شانغيان إلا أن أطلق تيارًا من طاقته الروحية، جاذبًا جسده نحوه
وحين اتضح له، رأى أنه تاو مينغ من جناح الحبوب الروحية في طائفة شيوان يوان
ذلك الذي كان ودودًا معه في السابق
قال لي شانغيان محذرًا: "كن حذرًا! لا تتهاون"
وبينما كان تاو مينغ لا يزال مذهولًا، قال مرات عدة بامتنان: "شكرًا لك أيها الأخ الأكبر لي"
وبعد مرور خمس عشرة دقيقة كاملة، بدأت العاصفة بالانحسار تدريجيًا، لكن المكان كان قد غرق في ظلام دامس
وفجأة!
اخترق شعاع ساطع الغيوم السوداء، ليعيد النور مؤقتًا إلى السماء فوق الهاوية السوداء
وترافق مع ذلك دوي الرعد العنيف
"انظروا، ذاك..." صاح أحدهم وهو يشير إلى اتجاه الهاوية السوداء
فأسرع الجميع بالنظر هناك
فرأوا شقًا هائلًا يتفتح ببطء في الغيوم السوداء فوق الهاوية
وكان الضوء الذهبي يتلألأ داخله، تعمّه هالة قديمة غامضة
"هل ذاك هو مدخل العالم السري؟"
"العالم السري الغربي هنا بالفعل"
"إلى الأمام! الكنوز بالداخل"
لكن رغم صيحات البعض، لم يتقدم أحد منهم، فليس هناك مغفل يقتحم مدخلًا أشبه بوحش هاوية عظيم
ومع ظهور العالم السري الغربي، تلاشت الغيوم السوداء تدريجيًا، وعاد الضوء للمكان
وعندها فقط تفقّد الجميع محيطهم؛ فقد كان عدد المزارعين هنا في الأصل يتجاوز الألف، لكن الباقين لم يتجاوزوا الخمسمئة الآن
وكان أغلبهم من الطوائف الأقوى
أما الأضعف فقد إما ابتلعتهم العاصفة أو فرّوا وسط الفوضى
فالفرص عظيمة، لكن لا قيمة لها إن لم تبقَ على قيد الحياة
أما الطائفة المهيبة — طائفة الرعد السماوي — فمع قوتها وجبروتها، لم يستطع المزارعون المتجولون الهرب سابقًا
لكن حين وقع الطارئ، انشغلت الطائفة بنفسها، فكيف لها أن تهتم بالنمل؟
وبعد أن هدأت الأحوال، بدأت الطوائف الكبرى مثل طائفة شيوان يوان وطائفة تشينغيون وغيرها تتجمع عند مدخل العالم السري
كما هبط تلاميذ طائفة الرعد السماوي من السفينة، إذ إن القواعد الخاصة بالعالم السري الغربي تمنع دخول من تجاوز مرحلة روح الوليد
أما خبير مرحلة تحول الروح من طائفة الرعد السماوي فظل في السفينة، دون أن يظهر
وقد أولت الطائفة هذه المرة اهتمامًا بالغًا بالعالم السري الغربي، فأرسلت عشرة من مرحلة روح الوليد، وخمسة وثلاثين من مرحلة النواة الذهبية دفعة واحدة
إنها بحق قوة متسلطة ذات إرث عميق؛ فهذه الأعداد تكاد تضاهي طائفة شيوان يوان
وعندما رأى لين ييفنغ الشيخ الذي يتقدم طائفة الرعد السماوي، عقد حاجبيه وقال بجدية: "إنه هو من جاء من طائفة الرعد السماوي"
أما يي تسييوان فلم تعرفه، لكنها أولت اهتمامًا كبيرًا بتلاميذ الطائفة، فسألت بسرعة: "يا شيخ لين، من يكون هذا الرجل؟"
كان شيخًا ذا شعر أبيض، يرتدي رداءً ذهبيًا داكنًا منقوشًا برموز برق لا حصر لها، وهيبته تملأ المكان
فقال لين ييفنغ: "هذا الرجل يُدعى ليي فنغ الرعد، وهو أحد الشيوخ الكبار في طائفة الرعد السماوي"
"قبل أكثر من عشر سنوات، كان قد بلغ بالفعل مرحلة روح الوليد في قمتها"
"ويُشاع أنه ظل في عزلة طوال هذه السنوات، يستعد لاختراق مرحلة تحول الروح"
"لم أتوقع أن يخرج حتى هو هذه المرة، يبدو أن طائفة الرعد السماوي عازمة تمامًا على الاستحواذ على العالم السري الغربي"
وعند سماع مقدمة عنه، راقب لي شانغيان ويي تسييوان الشيخ باهتمام
وكأن الرجل شعر بشيء، فالتفت ناظرًا إليهما
فشعر لي شانغيان على الفور بنظرة حادة، كأنها برق يخترق جسده، فأربك روحه قليلًا
"هذا الشيخ ليي فنغ أمره غير عادي؛ قوة روحه مميزة للغاية" فكّر لي شانغيان بدهشة
كانت نظرته تبدو عادية، لكنها في الواقع تضمنت سرًا لقتل الروح
ولو كان المقصود مجرد مزارع من مرحلة النواة الذهبية، لوقع ضحية سرّه دون أن يشعر
لكن لي شانغيان لم يكن شخصًا عاديًا، فلم يتأثر بمثل هذه الحيل الرخيصة
وحين رأى أن الاثنين لم يتضررا، لمعت الدهشة في عيني الشيخ ليي فنغ، متفاجئًا أنه أخطأ
فما كان منه إلا أن نظر إلى لي شانغيان ويي تسييوان مرات أخرى، قبل أن يلمع في عينيه بريق غريب
وعندها شعر لي شانغيان أن هذا الرجل تعرّف على يي تسييوان
ألم يقلوا إنه كان في عزلة طوال الوقت؟
كيف عرف يي تسييوان إذن؟
هل يمكن أن...؟
خاطر لي شانغيان بتخمين غامض في قلبه
ثم أدار رأسه قليلًا نحو تشاو لي أمامه
لكن لسوء حظه، كان تشاو لي يدير ظهره له، فلم يستطع رؤية ملامحه
ولم يكن بوسعه أن يستخدم حيله عليه مباشرة، وإلا لانكشف أمره
ورغم أن العالم السري الغربي بدا مرعبًا للغاية، إلا أن الجميع كانوا يدركون أن ظهوره لن يستمر طويلًا — أيامًا قليلة على الأكثر، أو نصف يوم على الأقل — فلا وقت للتأخير
لوّح ليي تشنتيان بإصبعه نحو مزارع من مرحلة النواة الذهبية من طائفة صغيرة وصاح: "أنت، ادخل أولًا"
أُصيب الرجل بصدمة في البداية، لكنه، ورؤية النظرة الصارمة التي تعني "ارفض وسأقتلك"، لم يجد بدًا من الارتجاف والتوجه نحو الشق فوق الهاوية
وتعلّقت عيون الجميع به، خائفين أن يفوتهم أي تفصيل
وراقبوه حتى مرّ من الشق واختفى عن أنظارهم، دون أن يُسمع أي صراخ
فبدا أن المدخل يخلو من الفخاخ أو الآليات، فانخفض توتر القلوب قليلًا
قال ليي تشنتيان بفتور: "يبدو أنه لا خطر هناك، أنتم جميعًا ادخلوا أولًا" وأشار إلى مجموعة أخرى من الطوائف الصغيرة
ومع دخول المزيد، ظل المدخل بلا أي تغيّر
فلم يعد تلاميذ طائفة الرعد السماوي ينتظرون، بل تقدموا جميعًا بقيادة الشيخ ليي فنغ وليي تشنتيان، ودخل الستون منهم
تلتهم طائفة شيوان يوان وطائفة تشينغيون وسائر الطوائف
وقبل أن يدخل لي شانغيان، رأى تشاو لي يلتفت قليلًا نحوه، وفي عينيه تومض نية قتل لا تخفى
لكن لي شانغيان نظر إليه وإلى العشرة من قاعة العقوبات ببرود، وقلبه يغلي بعزم قاتل
من سيكون الصياد حقًا؟ هذا ما ستكشفه الأيام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ