📖 {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} (النحل: 127)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يي جيان تشينغ؟"
بصفته شيخًا من طائفة شوان يوان، كان لين ييفنغ يكبر يي جيان تشينغ وتشـو بايداو بعدة عقود
ولذلك فقد كان على دراية كبيرة بجيان تشينغ، أحد نجمي الطائفة المزدوجين في الماضي، وكان يأسف بشدة على موته
لكنه لم يتوقع أبدًا أن يي جيان تشينغ ما زال حيًا
لا، بل لم يكن من الدقيق القول إنه ما زال حيًا
فالرجل الذي أمامهم قد فقد تمامًا حيويته وروحه السابقة
وأصبح قاسيًا، متعطشًا للدماء، ووحشيًا
لقد صار شخصًا آخر تمامًا
"أبي… أبي!"
بعد خمسة عشر عامًا من البحث المضني والانتظار المليء بالأمل، رأت يي زييوان والدها أخيرًا
لم تستطع كبح مشاعرها، فانهمرت دموعها الساخنة من عينيها
كان الخيط الأول الذي دلها على أن يي جيان تشينغ ربما دخل سرداب الغروب قد جاءها من جاو ليه عمدًا، وكان أول دليل وجدته خلال خمسة عشر عامًا
كانت يي زييوان تعلم أنه فخ، لكنها مع ذلك جاءت دون تردد
فهدفها كان العثور على المزيد من الأدلة عن والدها
حتى لو وجدت جثته، لكان ذلك كافيًا لتعلم على الأقل أين هو
وها هي الآن، قد وجدته أخيرًا!
"أبي! لقد وجدتك أخيرًا"
نادته مرات متتالية، ثم اندفعت نحو الرجل ذي الرداء القرمزي
لكنها ما إن خطت بضع خطوات حتى شدها لي شانغيان إلى الوراء
صرخت: "اتركني!" وهي تتلوى محاولة الإفلات من قبضته
إلا أن لي شانغيان أمسكها بقوة، بل واحتضنها ليمنعها من الاندفاع
وقال بصوت منخفض: "سيدتي، اهدئي. المعلم الأكبر… هناك خطب ما به"
"خطأ ما؟" حينها استفاقت يي زييوان، ورأت بوضوح مظهر والدها الحالي
كانت عيناه قرمزيتين، مليئتين بهالة قاتلة باردة، ينظر إلى الجميع كما لو كانوا فرائس
أين ذهبت تلك الملامح الرقيقة والوسامة التي تذكرتها؟
"أبي… أبي، ماذا حدث لك بالضبط؟"
توقفت عن المقاومة، وظلت تحدق بذهول في والدها المتغير كليًا، تناديه بعجز
أما لي شانغيان، فلم يسبق أن رأى معلمه بهذا الشكل من قبل، وبدأ ذهنه يفكر بسرعة في حل
كان قد نوى من قبل أن يقاتل الرجل القرمزي ويستخدم أوراقه الرابحة كلها لقتله
لكنه لم يتوقع أن يكون الرجل القرمزي معلمه الأكبر، فلم يعد بإمكانه قتله، بل لم يعد أمامه سوى محاولة أسره حيًا، ثم إيجاد وسيلة لإيقاظ يي جيان تشينغ
غير أن هذا جعل الأمر أكثر صعوبة بكثير، ووجده مرهقًا للغاية
قال لين ييفنغ متخمين: "أيمكن أن يكون سيد الشمس الملتهبة قد استولى على جسد جيان تشينغ وجعله هكذا؟"
فارتجف قلب لي شانغيان ووافقه الرأي
لكنه لم يكن يعرف إن كانت روح يي جيان تشينغ ما زالت حية، فإن كانت قد ماتت بالفعل، فالأمر سيكون صعبًا جدًا
"استيلاء؟" ما إن سمعت يي زييوان الكلمة حتى اشتعلت عيناها بهالة قاتلة
"سيد الشمس الملتهبة، سأقتلك! كيف تجرؤ أن تحتل جسد والدي؟ اخرج منه!"
ترددت صيحاتها في أرجاء نطاق مصفوفة طائر العنقاء
وكان في صوتها قوة بدت وكأنها تخترق كل الحواجز، لتصل إلى أعماق قلب يي جيان تشينغ الغارق في الظلام والقرمزي
وبطريقة عجيبة، لمعت في عينيه المليئتين بالدماء بارقة واهنة من الصفاء
كانت ضعيفة، لكنها كأشعة شمس شتوية تخترق الغيوم الكثيفة، جالبة بصيص أمل للي شانغيان ويي زييوان
"هل هذا يجدي؟" نظر كل من لي شانغيان ولين ييفنغ بفرح
فقال لين ييفنغ على عجل: "تابعي، يبدو أن جيان تشينغ قد استعاد بعض وعيه"
ارتجف جسد يي جيان تشينغ قليلًا، وكأنه يصارع قوة ما في داخله
"أبي! أبي، هل تسمعني؟ أنا زييوان، ابنتك!"
وانهمرت دموعها كحبات لؤلؤ متناثرة، لكنها كانت تنظر إليه بعزيمة راسخة، مؤمنة بأن نداءاتها ستوقظ وعي والدها النائم
كان وجه يي جيان تشينغ متنازعًا بشدة، وجسده يرتجف باستمرار
وأخيرًا!
"زي…يوان… ابنتي…"
خرج صوته ضعيفًا ومرتعشًا، كأنه يأتي من شاطئ بعيد
وفي تلك اللحظة، بدا وكأنه تحرر قليلًا من قيود سيد الشمس الملتهبة، مستجيبًا لنداء الدم في أعماقه
سألت يي زييوان بصوت مرتجف وقد غلبها التأثر: "أبي، كيف حالك؟ كيف نساعدك؟"
"زي…يوان…"
لكن الصوت الضعيف انقطع فجأة!
وفجأة، غطت القرمزية عيني يي جيان تشينغ مجددًا
وانطلق صوت بارد مغاير تمامًا لذلك الصوت الرقيق: "همف، مجرد بشر تجرؤون على مواجهة هذا السيد؟ اسحقوهم!"
لقد أثارت مقاومة يي جيان تشينغ غضب روح سيد الشمس الملتهبة الكامنة في داخله
فمنذ أن استولى على جسده، وهو يخوض معه صراعًا استمر خمسة عشر عامًا
ولم يتمكن من قمعه إلا بعد أن اجتذب كل هؤلاء الزُرّاع وامتص كميات هائلة من دمائهم الجوهرية
فإن لم يغتنم هذه الفرصة ليمحو روحه تمامًا، فسيفشل مخطط ولادته من جديد
زأر سيد الشمس الملتهبة، فانفجر من جسده ضباب دموي أكثف وأشد ظلمة من قبل، كبحر هائج اجتاح بصيص الوعي الذي لاح على وجه يي جيان تشينغ
ثم اندفع كالطوفان العاتي، حاملاً معه هالة موت مرعبة، وكأنه قادر على ابتلاع كل حياة
أما لي تينغفنغ ولي تشنتيان ولي دا من طائفة الرعد السماوي، الذين كانوا قد سيطر عليهم بالفعل، فلم يستطيعوا احتمال هذه الطاقة الجارفة، فتمزقت أجسادهم واحدًا تلو الآخر
ثم تحولت إلى خيوط من الدم الجوهري، امتصها سيد الشمس الملتهبة بلا رحمة، ليعزز قوته أكثر
غطى الضباب الدموي وجه يي جيان تشينغ مرة أخرى، وعادت عيناه قرمزيتين باردتين
وكأن كل المشاعر والذكريات قد مُحيت، ولم يبقَ سوى نظرات سيد الشمس الملتهبة الدموية القاسية، يحدق بالجميع كفرائس
"ستموتون جميعًا!" جاء صوته البارد من فم يي جيان تشينغ
صرخت يي زييوان: "لا! أبي!"
وصرخ لي شانغيان بغضب: "اللعنة عليك… إلى الجحيم!"
كان وجه يي زييوان قد تحطم حزناً، وقلبها ينزف ألمًا، والدموع تنهمر بلا توقف
لم تستطع تقبل أن والدها، الذي عثرت عليه بعد معاناة لا توصف، قد أصبح تحت سيطرة ذلك الوغد
أما لين ييفنغ، فوقف عاجزًا، فرغم أنه صانع حبوب، إلا أنه لم يعرف أي دواء يمكن أن ينقذ يي جيان تشينغ
وحده لي شانغيان ظل متماسكًا، فقد شعر بوضوح أن روح يي جيان تشينغ ما زالت تقاوم بإصرار
ورغم ضعفها، إلا أنها أثبتت أن وعيه لم يتلاشى تمامًا
فارتجف قلبه، وولدت في ذهنه خطة جريئة
أمسك بكتفي يي زييوان بقوة وثبات، ونظر إلى عينيها المليئتين بالذعر واليأس
وقال بصوت خافت: "سيدتي، الاندفاع لن ينقذ المعلم الأكبر. اطمئني، لدي طريقة!"
فكلماته تلك جعلت قلب يي زييوان القَلِق يجد سندًا، وبدأت مشاعرها تهدأ تدريجيًا
ثم استعادت رباطة جأشها وقالت بحزم: "لي شانغيان، معك حق! لا يمكننا الاستسلام!"
"أبي يعاني، ولا بد أن أخرجه من محنته. هل لديك فكرة؟"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ