📖 إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (سورة الشرح، الآية 6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حدّق الجميع في المشهد الماثل أمامهم وقلوبهم تغمرها الدهشة؛ لم يرَ أحدٌ من قبل طاقةً روحية بهذه الكثافة، ولم يخطر لهم قط أنّ داخل هذه الكرة النارية سرًّا مذهلًا كهذا مستورًا عن العيون
قال أحدهم وهمس آخرون مندهشين: أهو لهيب الروح ذي التجليات العديدة حقًّا؟ إنه يبرهن على سمعته
هذا الحيّز السري حقًّا يتغذّى من هذا اللهيب الفريد ويُستبقى به
طاف نظر لي شانغيان بالمكان وعيناه ممتلئتان بالذهول؛ فهذا الموضع أعجب بكثير من أي حيّز سري شهده من قبل
حتى قصر سيد النار يبهت أمام هيبته
وما إن وقعت الأنظار على ذلك اللهيب المتفرّد البعيد الجليل، الذي بدا كأنه إمبراطور يعتلي العرش، حتى دبّت في القلوب فكرة إخضاعه
هذا اللهيب الفريد مما تطمع فيه حتى الأراضي المكرمة، فمن الطبيعي ألا يرضى أحد بتفويت فرصة سماوية كهذه
قال لين ييفنغ وهو يغيّر ملامحه: سأحاول أولًا، ثم طار قبل الجميع نحو اللهيب القابع في المركز
كان قد نال إرث الكيمياء من ذو العمر الطويل شمس اللهيب، وصار خيميائيًا من المستوى السابع؛ فإن استطاع إخضاع لهيب فريد، فربما ينجح حتى في صَوغ حبات طبية من المستوى الثامن
قال يي جيان تشينغ على عجل: يا شيخ لين، كن في غاية الحذر ولا تغتر، فإن تعذّر الأمر فتراجع حالًا
أجاب لين ييفنغ: لا تقلقوا، فهذا الشيخ يعرف ما يفعل، ومضى يحلّق قُدُمًا صوب لهيب الروح ذي التجليات العديدة
غير أنه حين حاول الاقتراب، وقبل أن يمدّ طاقته الروحية ليتواصل مع اللهيب، بدا كأن اللهيب استشعر شيئًا، فانفجر فجأة بموجة حارقة من الطاقة دفعته خطوات إلى الوراء
ولحسن الحظ أن هذا اللهيب الفريد بدا ذا حسٍّ وإدراك فلم يهاجم لين ييفنغ، وإلا لكان قد تبخّر للحظة من فرط الحرارة
تراجع لين ييفنغ بسرعة وفي عينيه مسحةُ تهيّبٍ وخيطٌ من فزع باقٍ
تمتم: الأمر ليس هيّنًا
عندئذ عقد يي جيان تشينغ حاجبيه كسيفين، وتحول في ومضة إلى خيطٍ من ضوء السيف اندفع مباشرة نحو اللهيب
ولما رأى فشل لين ييفنغ، راوده هو الآخر أن يجرب
لكن ما إن كاد يلمس اللهيب حتى انصبّ عليه ضغطٌ لا يوصف كأنه هبط من العلو
تيبّس جسده من غير إرادة، وشحب وجهه في الحال
قال وهو يعيد سيفه إلى غمده بملامح متجهمة: هذا اللهيب قويٌّ للغاية، أخشى أننا عاجزون عن إخضاعه
وحين فشل لين ييفنغ ويي جيان تشينغ تباعًا، جرّب الملك الروحي الناري والأسد المكرم ذو اللهيب الذهبي، وهما وحشان روحيان، حظهما كذلك
لكن حين حاولا الاقتراب من لهيب الروح ذي التجليات العديدة، أخفقا كما كان متوقّعًا
فعلى الرغم من أن اللهيب بدا كأنه يستلطفهما، إلا أنه نفضهما برفقٍ إلى الحمم
ولأنهما منسوبان إلى عنصر النار، فقد ازدهرا في هذه الحمم المشبعة بالطاقة الروحية النارية، وأخذا يمرحان بها في ابتهاج
ولم يبقَ إلا لي شانغيان ويي زييوان لم يجرّبا بعد
قال لي شانغيان وعيناه تلمعان وهو يحدّق في اللهيب الفريد: سأجرّب أنا أيضًا
مع أنه يمتلك أصلًا لهيبًا فريدًا، إلا أن أحدًا لا يكره كثرة الأوراق الرابحة
غشّى لي شانغيان نفسه بطبقات من دروع الطاقة الروحية، ثم طفق يطير بحذر نحو المركز
كانت سلاسل نحاسية قرمزية لا تُحصى تمتدّ عبر عالم الخواء، منقوشةً عليها رقومٌ كثيفة
تأمل لي شانغيان هذه السلاسل مليًّا، فأدرك أنّها ليست مسبوكة من ذهبٍ روحي، بل هي تجلّيات لتعويذات تقييد
وما يبقي هذه التعويذات حيّة هو عينُه الطاقة الروحية المتسربة من تلك القدور البرونزية العملاقة
أما منشأ قوة تلك القدور البرونزية فآتٍ من اللهيب الفريد في القلب
لقد صدق ذو العمر الطويل شمس اللهيب إذ قال: إن لهيب الروح ذي التجليات العديدة هو نواة الحيّز السري بأسره
فمذ آلاف السنين وهو، عبر تشكيلة عجيبة، يحوّل قوته إلى طاقة روحية ليبقي حيّز الغروب السري عامرًا بالعامل، وفي الغاية ليكبح نسخة الشيطان الدموي
وذلك مسارٌ لا رجعة فيه
لقد أنفق ذو العمر الطويل شمس اللهيب آلاف السنين وهو يصوغ حباتٍ طبية لا تُعدّ ولا تُحصى، وكنوزًا روحية، وأدواتٍ سحرية، حتى ربّى لهيب الروح ذاك ليبلغ رتبة لهيب ذي العمر الطويل
ثم أفنى آلافًا أخرى وهو ينحدر من لهيب ذي العمر الطويل إلى لهيبٍ روحي
وأثناء تقدّم لي شانغيان، حاول أن يتواصل مع لهيب الروح ذي التجليات العديدة بوعيه السماوي
غير أنّ
اللهيب تجاهل لي شانغيان تمامًا، ومع اقترابه أحسّ لي شانغيان بمشاعر معقدة تشعّ منه
كان فيه بشارة وفرح، ومعهما نفرةٌ خفيّة
استغرب لي شانغيان، فذلك ما لم يكن في الحسبان
قال في نفسه: نفور
خُيّل إليه أن الأمر يشبه تنافر المتشابهين
المتشابهون
وخطر له ما في جسده من نار صقل الروح الشيطانية
أمعقول؟ أتتنافر الألهبة الفريدة فيما بينها
شعر بالعجز عن الوصف
ولكي يختبر حدسه، استدعى نفحةً يسيرة من هالة نار صقل الروح الشيطانية
وما إن ظهرت تلك النفحة حتى اجتاحه ضغطٌ هائل كالموج
هتف: يا للعجب
ولم يسعْ لي شانغيان إلا أن يتفوه بكلمة عامية صينية
ثم قذفته قوةٌ عاتية بعيدًا فارتطم بتلك السلاسل
بدت السلاسل النحاسية القرمزية كأنها مرنة؛ فكلّما صدم واحدةً قذفته بعيدًا
لا، لم تكن مرنة حقًّا
بل إن قوةً ما وراء الستار كانت تحرّك السلاسل لتقذفه
دوانغ ـ دوانغ ـ دوانغ
ظل لي شانغيان يتقاذف في الهواء
صاح الجميع: لي شانغيان
ذاك الذي جرت به المقادير سلسةً طيلة الوقت لم يعرف حالًا بئيسًا كهذا من قبل
عندئذٍ استأسد لي شانغيان، وفعل مهارة تسريع الزمن، وصار طيفُه يومض بلا انقطاع حتى أفلت أخيرًا من مطاردة السلاسل
عاد إلى جوار رفاقه، ونظر إلى اللهيب الفريد من بعيد بوجهٍ كاسفٍ لا يجد للكلام موضعًا
أما لهيب الروح ذي التجليات العديدة فبدت فيه لمحةُ شيطنةٍ وعبث
قال لين ييفنغ بمرارة لا تُخفى: أنقنع إذًا بأن تفلت من بين أيدينا هذه الفرصة السماوية
كان لي شانغيان أقواهم حيلةً وعتادًا، وهو الذي أخضع لهيبًا فريدًا من قبل، فحظوظه أوفر من سواه
غير أن فشله أوهن عزائم الباقين وأطبق عليهم حيرةً لا منفذ لها
ومع ذلك كان الجميع يدركون بأسَ لهيب الروح ذي التجليات العديدة، وأنّ الإكراه عليه ضربٌ من المحال
وحين حاولوا آنفًا، لم يضرب اللهيب بكل ثقله
بل إن ما بدا من حال لي شانغيان رغم بؤسه لم يكن فيه أذىً يُذكر
لكن لو أعادوا الكرّة قسرًا، فلعلّ الصورة لن تبقى على حالها
ومن فيض الطاقة الروحية المتراكمة هنا يُفهَم أنّ قوة هذا اللهيب الفريد تفوق ما يتصوره الخيال
التفت لي شانغيان إلى يي زييوان وقال: يا مُعلّمتي، أنتِ الوحيدة التي لم تجرّبي بعد
كانت يي زييوان مترددة في الأصل، فلا تظن بنفسها قدرةً على النجاح
لكنها ما إن رأت نظرة التشجيع في عيني لي شانغيان حتى هزّت رأسها وقالت: حسنًا، سأحاول
قال يي جيان تشينغ محذرًا: كوني بالغة الحذر، وإن ساورك أدنى سوءٍ فتراجعي من فورك
أومأت يي زييوان، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم طارت رويدًا نحو لهيب الروح ذي التجليات العديدة الذي يفور ضياءً
وبينما هي تقترب، هبطت سيفٌ طائر في يد يي جيان تشينغ، وغلب الجدّ على ملامح لي شانغيان وثبّت عينيه على يي زييوان، وكلاهما على أهبة الإنقاذ في أي لحظة
ولما دنت يي زييوان أكثر فأكثر، بدا اللهيب الفريد في المركز ساكنًا يفسح لها الطريق
عندها مدت إصبعًا رشيقة ولمست الهواء لمسةً خفيفة، فانبعث من جسدها تموجٌ رقيق من الطاقة الروحية، مضى ينساب ببطء نحو لهيب الروح ذي التجليات العديدة
وما إن خُيّل إلى الجميع أن هذه محاولةٌ خاسرة أخرى حتى وقع التحوّل
إذ انفجر لهيب الروح ذي التجليات العديدة بضوءٍ أخّاذ، وتحول إلى شعاعٍ ذهبي باهر اخترق قيود المكان واخترق جسد يي زييوان
صاحوا معًا: زييوان
وقال آخرون: يا مُعلّمة
فاضت القلوب روعًا وفزعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ