📖 ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (طه: 114)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد ثلاثة أيام

قاد لي شانغيان سيارته إلى جامعة الفنون القتالية بصحبة تشين رونغيوان

وعند الحديث عن ذلك، فإن اختيار موقع الجامعة في بدايته أثار نقاشًا واسعًا

الجميع كان يعلم أنّ جامعة الفنون القتالية تملك إمكانات غير محدودة، وكل منطقة كانت تأمل في استقطابها إلى نطاقها

لأن وجودها سيمنح التنمية المحلية دفعة كبيرة

ولهذا أظهر المسؤولون المحليون قدراتهم العظمى، فمنهم من استعرض شبكة علاقاته، ومنهم من كشف قوته الاقتصادية، وآخرون أبرزوا ميزتهم الجغرافية

بل إن بعضهم لعب على وتر التعاطف زاعمًا أنّ منطقته فقيرة جدًا وتحتاج الجامعة لتحريك التنمية

وكانت المنافسة الأشد بين بكين وشنغهاي وشنتشن وهانغتشو

فهذه أول جامعة للفنون القتالية، والجميع عزم على الفوز بها

وفي النهاية وصل الأمر حتى إلى كبار مسؤولي الصين

لكن خلافًا لتوقع الجميع، وقع الاختيار على مدينة وو

والسبب ببساطة أنّ لي شانغيان يقيم فيها

ابتهج مسؤول إقليم إي جين يونغ، والمسؤول الجديد لمدينة وو شو ليانغ

عرفت مدينة وو هذا العام نموًا سريعًا للغاية بفضل مجموعة شوانشيان، إذ واصلت تجاوز مدن كبرى في الجنوب وأصبحت في المرتبة الثانية بعد بكين وشنغهاي

وقد تصبح صاحبة أكبر حجم اقتصادي في السنة المقبلة

ومع ذلك فإن أساسها ما زال أضعف نسبيًا

ومع وجود تلك المدن الكبرى في المنافسة، ظن الجميع أنّ فرصة مدينة وو ضعيفة في نيل الجامعة

لكن المفاجأة هبطت على رؤوسهم كغنيمة لم يتوقعوها

تقع جامعة الفنون القتالية في الجزء الجنوبي من مدينة وو، وتبعد نحو ساعة بالسيارة عن قصر لي شانغيان

أما الطيران إليها فلا يستغرق سوى دقائق، غير أنّ الاثنين نادرًا ما يستمتعان بوقتهما الخاص ولا يريدان لفت الأنظار كثيرًا، فاختارا القيادة

ولمّا دخلت سيارة لي شانغيان ببطء إلى الجنوب الفسيح من مدينة وو، بان لهما مجمّع معماري مهيب يمزج الطراز الحديث بالكلاسيكي

إنها جامعة الصين للفنون القتالية التي ينتظرها الجميع

مع أنّ بناءها استغرق بضعة أشهر فقط، فإن تصميمها دمج عناصر الفنون القتالية بالمفاهيم العلمية والتقنية الحديثة بذكاء، فظهر جمال فريد

على جانبي الطريق الرئيسي أشجار خضراء ظليلة وزهور متفتحة، وفي نهاية الطريق ينتصب بوّابـة مدرسة مهيبة

فوق البوابة علّقت لوحة ضخمة كُتبت عليها بقوة عبارة «جامعة الصين للفنون القتالية»

كانت الأحرف تتلألأ بذهب وتبث هالة قوية، وقد خطّها بيده جيانغ يونغبينغ

بعد أن أوقف لي شانغيان وتشين رونغيوان سيارتهما، دخلا البوابة وهما متشابكا الأيدي، فإذا بالمشهد داخل الحرم أكثر إدهاشًا

أول ما وقعت عليه أعينهما صفّ من المنحوتات الحجرية المُفرَّغة

أشرقت عينا تشين رونغيوان وقالت بحماس: انظُر، أليست تلك هي الشعار الذي كتبته

نُقشت على الحجر ستة عشر حرفًا تقول: «بالفنون القتالية نُهذّب النفس، وبالنهج نُقيم الخُلُق؛ نتعلم على اتساع ونُمارس بجد، والتقدم بلا نهاية»

وهذا هو شعار جامعة الصين للفنون القتالية

حين كانت الجامعة في طور الإعداد، كانت هناك نية لدعوة لي شانغيان لتولّي الرئاسة، لكنه لم يرغب في استنزاف جهده

وفي النهاية شغل منصب الرئيس الشرفي، أمّا الرئيس الفعلي فهو تانغ جينغيو نائب وزير وزارة الفنون القتالية

وقد رغب تانغ جينغيو أن يشجّع لي شانغيان طلاب الجامعة، فطلب منه أن يخطّ الشعار

لم يستطع لي الرفض، فكتب هذه الحروف الستة عشر

بعد التأمل في الشعار واصلا التقدّم

يشقّ شارع مركزي عريض ومستقيم الحرم إلى قسمين، وعلى الجانبين مبانٍ مصطفّة على نظام

إلى جانب المباني الدراسية القياسية والسكن والمطاعم، هناك منطقتان رئيسيتان لتعلّم الطلاب هما مبنى وينيوان ومبنى جيانغوو

ومع أنّ هذه الجامعة تُدرّس الفنون القتالية أساسًا، فإنها لم تُهمل التعليم الثقافي، بل تُوليه أهمية أكبر

كبار مسؤولي الصين، وكذلك لي شانغيان، يضعون خُلق مقاتل الفنون القتالية في منزلة عالية

فالفارس المتجول قادر على خرق القيود

ومن دون تهذيب وتوجيه صحيحين، سيسبب مقاتلو الفنون القتالية فوضى كبيرة لا محالة

تغطي جامعة الفنون القتالية مساحة 100000 مو، ونظرًا لقوة المقاتلين فكل مبنى شُيّد ضخمًا ومتـينًا

وعلى جانبي الشارع أيضًا مناظر حدائق مصممة بعناية، وجسور صغيرة فوق مياه جارية، وأجنحة وأبراج، في مشهد بالغ السكينة

ليستريح الطلاب بعد الزراعة الروحية

يمر الشارع المركزي بساحة واسعة للغاية تكفي لمئات الآلاف من الناس

وخلف الساحة مبنى هائل يجمع ملامح العتيق والحديث

إنه قاعة الفنون القتالية

تُستخدم أساسًا ليُمارس مقاتلو الفنون القتالية الزراعة الروحية ويتنافسوا

أمام القاعة ينتصب تمثال عملاق بارتفاع 10 أمتار

إنه تمثال لشاب وسيم للغاية

حاجباه كسيفين، وعيناه كنجمتين، قامته منتصبة، يمسك كتابًا بيده اليسرى وسيفًا بيمناه، ورأسه مرفوع قليلًا إلى الأمام كأنه يتطلع إلى مستقبل بعيد

شعر لي شانغيان للحظة بحرج خفيف عندما رأى ملامح التمثال

إذ كان التمثال له

تفحّصت تشين رونغيوان التمثال مليًا ثم قالت: همم... ما يزال لا يضاهي الوسيم الحقيقي، على النحات أن يُحسّن صنعته، فلم يلتقط هالة خطيبي كاملة

قال لي شانغيان بثقة: بالطبع، كيف تُقلَّد قدرتي العظمى بواسطة إنسان عادي

بدت الجملة كدعابة، لكنها في الحقيقة صادقة

فقد بات يحمل لمحة من سِمة ذوي العمر الطويل التي يصعب على الناس العاديين إدراكها

قال: هيا، اقترب الوقت، علينا حضور المراسم

أجابت: حسنًا

كانا قد أنهيا جولتهما تقريبًا، ومع أنّ الجامعة كبيرة فإن كثيرًا من المناطق، خاصة أجزاء المناظر، لم تُستكمل بعد

أُقيم حفل الافتتاح في الساحة الهائلة، وقد حضر كثيرون بالفعل

الدفعة الأولى التي تتجاوز 50000 من المعلمين والطلاب، يرتدون زيًّا موحّدًا للفنون القتالية، جلسوا في مقاعدهم بوقار وصمت في انتظار البداية

ولأنها أول جامعة للفنون القتالية، والأنظار على امتداد النجم الأزرق تراقب، فلا أحد يرغب في لفت الانتباه

في الصفوف الأمامية حضر عدد كبير من مسؤولي وزارة الفنون القتالية والجيش من الدرجات المتوسطة والعليا، بل وعدة مسؤولين رفيعي المستوى من الصين

وما إن دخل لي شانغيان وتشين رونغيوان بخطى واثقة كثنائي متكامل حتى نهض كثيرون لتحيّتهما فورًا

قال بعضهم: وزير لي، أخيرًا وصلت

وقال آخر: وزير لي كالتنين، يُرى رأسه ولا يُرى ذيله، لقاؤك صعب حقًا

وقال ثالث ضاحكًا: وزير لي والرئيسة التنفيذية تشين ثنائي مقدّر، يستمتعان بوقتهما الخاص، فما حاجتهما للجلوس مع شيوخ مثلنا

وقال غيره: صحيح، إنهما ثنائي مثالي، متى تتزوجان

ولا تنسيا أن تُخبراَنا حين يتم الزواج

واصل الجميع الترحيب بلي شانغيان، ومن يعرفونه مازحوه بطرافة

وبمجرد ظهورهما صارا محور الأنظار

أما أكثر من 50000 من المعلمين والطلاب الذين كانوا ينتظرون بصمت فشرعوا يتهامسون

هل ذاك الوزير لي؟ إنه وسيم

يُقال إن قوته لا تُقاس، وهو الأقوى في العالم

يصعب تخيّل أن الوزير لي أكبر منّا بسنوات قليلة فقط ومع ذلك بهذه القوة

من تلك الفاتنة كالحورية

هل ما زالت قريتكم بلا إنترنت؟ ألا تعرفون الرئيسة التنفيذية تشين

الرئيسة التنفيذية تشين

إنها الرئيسة التنفيذية لمجموعة شوانشيان، ويُقال إنها صديقة الوزير لي

نعم، تشين ليست جميلة فحسب، بل قوية جدًا أيضًا، لقد واجهت وحدها عدة محاربي جينات

سحب تانغ جينغيو لي شانغيان وقال: وزير لي، أنت الرئيس الشرفي، فلتتفضل بكلمة تشجيع للمعلمين والطلاب في الافتتاح بعد قليل

قال لي شانغيان: لن أتحدث، اليوم جئت شاهدًا فقط، يجب أن يكون الحفل محوره أنتم

قال تانغ جينغيو بخيبة طفيفة: حسنًا

أُقيم حفل افتتاح جامعة الفنون القتالية بوقار كبير وجذب أنظار العالم

هذه الجامعة أُنشئت بدعمه الكامل، وهو يحمل لقب الرئيس الشرفي، لكنه لا يريد الانخراط المفرط في الإدارة اليومية

لقد أشعل شرارة الزراعة الروحية في النجم الأزرق، أما الطريق بعدها فعليهم أن يستكشفوه بأنفسهم

نظر لي شانغيان إلى كل ذلك بطمأنينة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 49 مشاهدة · 1174 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025