📖 "قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" [التوبة: 105]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرّ الوقت كلمح البصر
وفي طرفة عين مضت سنتان
كل من عالم النجم الأزرق وطائفة شوان يوان في عالم الزراعة الروحية شهدا تغيرات هائلة
في جانب النجم الأزرق، ومنذ أن روّج لي شانغيان للفنون القتالية بقوة، دخل العالم البشري رسميًا عصر طريق القتال
ازدهرت الفنون القتالية في بلاد هوا ازدهارًا كبيرًا واندغمت تمامًا في كل جانب من حياة أهل هوا
أولًا، تحسنت اللياقة البدنية للمواطنين بدرجة ملحوظة؛ ووفقًا لإحصاءات إدارة الفنون القتالية في بلاد هوا، يوجد بالفعل أكثر من 130 مليون مقاتل مسجل، وما زال العدد يزداد بسرعة كل يوم
الغالبية الساحقة من المقاتلين المسجلين من أهل بلاد هوا، مع نسبة صغيرة جدًا من أفراد من الخارج تعترف بهم الإدارة
وهؤلاء القادمون من الخارج هم في الأساس ممن يزرعون مهاراتهم في جامعة الفنون القتالية ببلاد هوا
وكل المقاتلين المسجلين ملزمون بالالتزام بـ «ميثاق المقاتل» الذي صاغته إدارة الفنون القتالية في بلاد هوا
الحقوق والواجبات الممنوحة للمقاتلين في «ميثاق المقاتل» متبادلة
فالميثاق يقيّد المقاتلين من استخدام القوة بما يضر بمصالح البلاد أو الشعب؛ ومن يخالف يعاقَب على المخالفة اليسيرة، أما الجسيمة فجزاؤها إلغاء فنونه القتالية أو حتى عقوبة الإعدام
وفي المقابل تُمنح لهم حقوق ملازمة، مثل تمكين المقاتل المسجل من التقدم إلى الإدارة لاستبدال مهارات قتالية أكثر تقدمًا أو موارد للزراعة الروحية وغيرها
وفوق ذلك، يوجد نحو 5 ملايين مقاتل غير مسجل في الخارج
لكن هؤلاء المقاتلين غير معترف بهم رسميًا من بلاد هوا؛ وقد حصلوا على فنون قتالية أساسية عبر قنوات شتى فأصبحوا مقاتلين
أما تقنيات زراعتهم الروحية فبدائية للغاية، فضلًا عن أملهم الضعيف في الحصول على حبة تعزيز الطاقة الروحية أو حبة صقل الجسد وسائر الحبوب الدوائية المعينة على الزراعة
حتى العائلات الثرية ذات النفوذ في الخارج لا تنال إلا كميات محدودة للغاية من الحبوب الدوائية، وأقل مما يناله المواطن العادي في بلاد هوا
فعلى سبيل المثال، حدّدت إدارة الفنون القتالية في بلاد هوا أسعار الحبوب الدوائية بوضوح: حبة تعزيز الطاقة الروحية بـ 10,000، وحبة صقل الجسد بـ 1,000,000
الأسعار متدنية للغاية، لكن الكميات محدودة
والمقاتل المسجل، حتى وإن كان من أضعفهم، له حصة شهرية يتقدم بها لاستبدال حبة دوائية واحدة من الإدارة
أما غير المسجلين فليس لهم هذا الحق، ولهذا لا يحصل مقاتلو الخارج عليها إلا في أسواق سوداء بعينها حيث تكون الأسعار أعلى بعشرات المرات
وبعض الحبوب الدوائية ذات التأثيرات الخاصة أغلى حتى بمئات المرات
وقد أدى ذلك إلى احتجاج دول شتى على النجم الأزرق باستمرار ضد بلاد هوا، واتهموا الرسميين فيها بالتمييز والاحتكار
لكن بلاد هوا تجاهلتهم ببساطة؛ بل إن متحدثًا باسمها قال: «نعتذر، حبوب مجموعة شوانشيان الدوائية لم تجتز مراجعة هيئتكم التنظيمية، ولا يمكن إدراجها للبيع في بلدكم»
فما إن سمع الناس في تلك البلدان هذا التصريح حتى صبوا غضبهم على الساسة الأغبياء، وانهالوا عليهم بالسب
وإنما كان سبب ما حدث راجعًا إلى نزاعات سابقة
فحين بدأت بلاد هوا في الترويج الواسع للفنون القتالية والحبوب الدوائية، لم تكن قد شددت رقابة خروج الحبوب إلى الخارج
غير أنه لما ظهرت الآثار المرعبة لحبوب مجموعة شوانشيان، ولا سيما تلك القادرة على علاج الأمراض التي لا تُرجى، كان ذلك ضربة قاصمة خفضت مستوى المنافسة لشركات الأدوية القائمة على النجم الأزرق
فتكبدت بعض عمالقة الأدوية خسائر هائلة، وانهارت مبيعاتهم
فراحوا يضغطون على الساسة، زاعمين أن مكونات حبوب بلاد هوا غير واضحة، وطالبوا بنشر صيغ الحبوب كي تراجعها هيئاتهم التنظيمية
وغرضهم بَيّن لا يحتاج إلى تفسير: أرادوا الحصول مجانًا على صيغ مجموعة شوانشيان
ومع أنه حتى لو مُنِحوا تلك الصيغ فلن يقدروا على صقلها
إلا أن وقاحتهم بلغت حدًا لا يُطاق، وبلاد هوا لم تعد كما كانت، ولن تقبل مثل هذا الهراء قطعًا
ومع كثرة حبوب مجموعة شوانشيان فإنها لا تكفي حتى للسوق المحلي
وبيع هذه الحبوب الشافية لكل داء لهم إنما كان تعاطفًا بوصفهم بشرًا مثلنا، لا تفضّلًا أو تذللًا لهم
لذلك وبعد مشاورات بين بلاد هوا ولي شانغيان، صدر أمر يقضي — إلا في الحالات الخاصة — بمنع خروج الحبوب الدوائية من البلاد منعًا باتًا
وبعض الدول التي حاولت أن تسرق الدجاجة ففقدت الأرز — كتحالف عين السماء السابق — توحدت من جديد، وحاولت لي ذراع بلاد هوا بالقوة
وهذه المرة أخرج تحالف عين السماء كل أوراقه الرابحة، فجمع 2000 من أصحاب القدرات الخارقة، ومعهم أسلحة ثقيلة لا تُحصى، مستعدين للمقامرة بكل شيء
لكن قبل أن يطؤوا أرض بلاد هوا، وفي بقعة من بحر الصين الجنوبي، اصطدموا بعشرة سادة قتاليين من بلاد هوا
فخرجت بلاد هوا من معركة 10 ضد 2000 سالمة تمامًا، بعد أن أبادت أكثر من 2000 من أصحاب القدرات الخارقة
وأبان هذا القتال الحقيقة لتحالف عين السماء، بل ولكل أهل النجم الأزرق
وسرعان ما تبرأ ساسة دول عدة، مدعين أن أولئك الذين يزيدون على 2000 ظهروا من العدم، وأنهم قطعًا ليسوا من بلادهم
وقد أدركوا تمامًا الآن قوة هؤلاء المقاتلين؛ فإن أغضبوا بلاد هوا ثانية ربما قُطِعت رؤوسهم على أيدي مقاتليها وهم نيام
وبسبب ذلك اشتد شوقهم إلى فنون بلاد هوا وحبوبها الدوائية
فإن لم تنجح الشدة جرّبوا اللين
وبدأت دول كثيرة تتقمص دور الضحية وتحتج، لكن بلا أي أثر
ولما لم ينجح هذا ولا ذاك، غيّر كثيرون طريقة التفكير
فإن لم يقدروا على هزيمتهم، فالالتحاق بهم هو الحل
ومن ثم بدأ عدد لا يُحصى من الأثرياء في دول شتى يبحثون عن كل سبيل للانضمام إلى بلاد هوا ليصيروا أهل هوا بفخر
غير أن بطاقة هوية بلاد هوا — التي لطالما عُرفت بأنها الأصعب نيلًا — أصبحت أصعب من ذي قبل
ذلك أن الفنون القتالية جعلت بلاد هوا المركز الحقيقي للعالم
لقد ازدهرت الفنون القتالية في بلاد هوا، وصارت تطبق في الحياة اليومية
فعلى سبيل المثال، في أعمال البناء المرتفعة لا يحتاج المقاتلون إلى وسائل السلامة؛ فبقَفَزات معدودة يقفزون إلى الأعلى
والسائقات اللواتي يعجزن عن الركن الجانبي لا يحتجن إلا إلى دفعة خفيفة بالقوة ليدخلن السيارة في المكان بسهولة
وعند ازدحام الطريق في الذهاب إلى العمل، يركض المقاتلون بأقصى سرعة أسرع من الدراجات النارية
وبالطبع دمّرت الفنون القتالية صناعة كاملة: منافسات الرياضة
فلم تعد بلاد هوا تركز على كرة القدم وكرة السلة وما شابههما، ولم يعد أحد يشارك في المسابقات الدولية في مجال الرياضة
فمجرد جمع المقاتلين على منصة واحدة مع البشر العاديين من بلدان أخرى يُعد تنمرًا
الأمر أشبه ببالغ يتنافس مع طفل رضيع؛ والانتصار لا مجد فيه، وأما الهزيمة فمستحيلة
وبدون المسابقات التقليدية، كان لبلاد هوا منافسات جديدة
إنه «بطولة الفنون القتالية»
فمنذ أكثر من سنتين نظّم لي شانغيان أول بطولة كبرى للفنون القتالية في بلاد هوا
ثم صارت عادة سنوية؛ وأقيمت الثانية والثالثة أيضًا مع قيد للقوة دون مرتبة السيد القتالي
وتلقى أصحاب المراكز الثلاثة الأولى في كل بطولة مكافآت سخية من الإدارة، فتقدمت قوتهم قفزات واسعة
فعلى سبيل المثال، بطل البطولة الأولى وانغ ييبو كان آنذاك مجرد مقاتل في المستوى الفطري، لكنه أصبح الآن خبيرًا في مرتبة السيد القتالي
ويقال إنه على وشك دخول مرتبة أعجب وأغور
وبالطبع لم يكن وانغ ييبو قويًا فحسب، بل كان حظه وافرًا كذلك
فأثناء البطولة الأولى تعرّض لهجوم من رجال تحالف عين السماء؛ فرفع وانغ ييبو السيف الطويل — أداة سحرية كان قد فاز بها لتوه جائزةً للقب — وقتل ثلاثة مهاجمين بوحشية، فحاز ثناء كبار مسؤولي الإدارة
ثم حصل على دعم ضخم من الموارد، فازداد عوده قوة بسرعة
وكان أبطال البطولتين اللاحقتين بارزين كذلك، وقد بلغت قوى كل منهم الآن ما فوق مرتبة السيد القتالي
وإلى جانب البطولة الوطنية، أقامت الأقاليم والمدن بطولات للفنون القتالية هي الأخرى
وبحس تجاري رفيع استلهم أهل بلاد هوا أنظمة المسابقات الرياضية، وأنشأوا أندية وبدؤوا اللعب في دوريات
وجذبت المنافسات المشتعلة المتوترة المثيرة أنظار جماهير لا تُحصى في الداخل والخارج
ولم يحظر الرسميون في بلاد هوا ولا مجموعة شوانشيان ذلك، بل شجعوه
وبالنهاية حلّت بطولة بلاد هوا للفنون القتالية محل أحداث تقليدية ككأس العالم والألعاب الأولمبية، وصارت أكثر المنافسات مشاهدة عالميًا
لقد صنعت سنتان ازدهارًا هائلًا للفنون القتالية في بلاد هوا، وأنجبت عددًا لا يُحصى من الخبراء
وأضحت بلاد هوا المركز الحقيقي للعالم الذي تتطلع إليه أنظار الكثيرين
غير أن مجموعة شوانشيان، ومعها لي شانغيان الذي كان خلف هذه النهضة كلها، باتا شديدَي التواضع والخفاء بدلًا من ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ