📖 ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (طه 114)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان شيخًا عجوزًا يرتدي ثياب كِتان وينتعل نعالًا من القش، وملامحه عاديّة
لكن في اللحظة التي رأوه فيها لمعت في أذهان الجميع كلمة واحدة: العودة إلى الأصل!
توقفت الفرق المتقاتلة مرة أخرى، ومع ظهور هذا الشيخ بثياب الكِتان ارتجفت ساقا سيد طائفة يو ياو تشنغ تيانهوا قليلًا
لاي هوافِنج!
عبقري خرج من طائفة الرعد السماوي قبل ألف وثلاثمئة سنة، فغطّى وهجه سائر الطوائف في نطاق يمتد لمليون ميل
وهو المؤسس الذي دفع طائفة الرعد السماوي من طائفة من الدرجة الأولى إلى قوة مهيمنة في ذلك الزمن
في ذلك الحين لم تكن العلاقة بين طائفة يو ياو وطائفة الرعد السماوي متوترة كما هي الآن، لكنه هو من بدأ يستهدف طائفة يو ياو
ولذلك كان كره طائفة يو ياو ونقمتها على لاي هوافِنج أشد من غيرهم، كما أن معرفتهم به فاقت الجميع
لكن مع اعتزال لاي هوافِنج تدريجيًا ظن تشنغ تيانهوا أنه قد توفي
لم يتوقع أبدًا أنه اخترق إلى هذا المقام
مرحلة اتحاد الجسد!
لو كان عند مرحلة صقل الفراغ فقط لما خافت طائفة يو ياو، لأن لديهم هم أيضًا مزارعًا روحيًا بهذه القوة كركيزة
أما الآن وقد أخرجت طائفة الرعد السماوي مزارعًا في مرحلة اتحاد الجسد، فكيف يمكن مجاراتهم؟
لا تستطيع طائفة الرعد السماوي تحمل الخسارة، لذا قلبت الطاولة
لكن هذا فعلًا هو مصدر ثقة الخصم
شعر تشنغ تيانهوا بلحظة ارتباك في قلبه
لكن سرعان ما حسم أمره
كل شيء سيتوقف على طائفة شُوان يوان نفسها؛ وإن ساء الموقف فسيفرّ فورًا
كان الشيخ بثياب الكِتان يخطو خطوة بعد خطوة كأنه يأتي من عالم الفراغ، وهالته تتّسع وتقوى بسرعة
ومع أنه ليس سوى شيخ بطول سبعة أقدام، شعر الجميع كأنهم يواجهون جبلًا لا يُجتاز!
الإحساس الساحق المرعب وتلك الهالة المهيبة جعلا كل مَن يحدّق فيه من المزارعين الروحيين يرتجف في داخله
«مرحلة اتحاد الجسد…» نظر لي شانغيان إلى لاي هوافِنج الذي يقترب ببطء، ولم يظهر في عينيه خوف بل ازداد بريقهما، «أهذا ورقتكم الرابحة في طائفة الرعد السماوي؟»
رمق الشيخ بثياب الكِتان رجال طائفة شُوان يوان بنظرة هادئة وتنهد بخفوت قائلًا: «طائفة شُوان يوان؟ ما ظننت أن طائفة صغيرة غير مصنفة آنذاك ستنمو إلى هذا الحد اليوم»
«ولا أدري أأنتم أقوياء جدًا، أم إن رجال طائفتي ركنوا إلى الراحة»
تأسست طائفة شُوان يوان قبل أكثر قليلًا من ألف سنة، وحين لمع اسم لاي هوافِنج كانت شُوان يوان فعلًا طائفة صغيرة
وما إن سمع هذا حتى طأطأ لاي غوانغيوان ولاي غوانغمينغ وغيرهما رؤوسهم خجلًا
وقال لاي ووتيان بحرج: «إزعاجنا لزراعة السلف الأكبر هوافِنج فعلٌ غير بَرّ منا»
لوّح لاي هوافِنج بيده وقال: «اليوم سيتكفّل هذا العجوز بحل هذه المشكلة لكم، لكن عليكم أن تستحوا ثم تكونوا أشد بأسًا»
«لا تتوقعوا دائمًا أن يتحرك هذا العجوز في المستقبل؛ فقد بلغتُ في فهم الطاو لحظة حرجة»
أشرق وجه لاي ووتيان فرحًا وسارع يهنئ: «مبارك يا سلفنا الأكبر، مبارك يا سلفنا الأكبر، الارتقاء إلى مقام ذوي العمر الطويل بات قريبًا!»
وابتهج لاي غوانغيوان والآخرون كذلك، وانتعشت وجوههم، وراحوا يقدّمون التهاني مرارًا
ضحك لي شانغيان وقال: «هيه، أيها الشيخ… إن كنتَ تريد سماع المديح فلمَ لا تؤجّله إلى أن تتمكن من العودة وتسمعه هناك؟»
وما إن سمع تلاميذ طائفة الرعد السماوي الذين كانوا يبالغون في المديح حتى تجمّدوا في أماكنهم
ماذا يعني هذا؟
يتمكن من العودة؟
أي أنهم اليوم لن يعودوا؟
حدّق لاي ووتيان والآخرون في لي شانغيان كأنه أحمق، لا يدرون كيف يجيبون
الشخص أمامهم في مرحلة اتحاد الجسد!
كيف يجرؤ مَن هو في مرحلة تحوّل الروح على مخاطبة عظيم في مرحلة اتحاد الجسد بمثل هذه الفظاظة؟ أهوُ غُرور أم حماقة؟
التفت الشيخ بثياب الكِتان إلى لي شانغيان، وفي اللحظة نفسها جعلت نظرته العميقة فروة رأس لي شانغيان تقشعرّ وشعره يقف
لم يكن ذلك خوفًا، بل ردّ فعل جسدي فطري
كانت نظرة لاي هوافِنج البسيطة في ظاهرها تقمع لي شانغيان بوساطة روحه السماوية
لكن ما هي إلا نفس واحد حتى عاد لي شانغيان إلى حاله
فلروحه السماوية قوة مماثلة
كيف يُقمع بنظرة واحدة فقط؟
تفاجأ الشيخ بثياب الكِتان قليلًا؛ فروحه السماوية في مرحلة اتحاد الجسد عجزت عن قمع مَن في مرحلة تحوّل الروح
قال لاي هوافِنج بعمق: «غِبتُ خمسمئة عام، وما إن خرجت حتى رأيتُ تنينًا حقيقيًا»
«لكن هذا العجوز سحق بأيديه أكثر من تنين حقيقي، وستكون واحدًا منهم»
وبطبيعة الحال لم يتقبل لي شانغيان تهديده فقال ساخرًا: «أوه؟ أيها الشيخ، لِمَ لا تبقى في كهفك بدل أن تزحف للخارج لتثير المتاعب؟ ألستَ خائفًا ألا يجد أحد من يلمّ جثتك؟»
كانت كلمات لي شانغيان لاذعة حد القسوة، يتهكّم بها على لاي هوافِنج كأنه جثة ينبغي أن تبقى حبيسة سرّ الطائفة، وأن خروجه ليس إلا طلبًا للهلاك
«سافل! أتطلب الموت فتجرؤ على لعن سلفنا الأكبر»
«أتعرف أنك ستموت وتريد التعجيل بذلك؟»
«سيدي السلف الأكبر، أجهِز على هذا الجاهل من فضلك»
أما لاي هوافِنج، وصِقلُه في الطاو يمتد لألف عام، فلم تستفزه كلمات لي شانغيان القليلة
بل ضحك بخفة وقال: «لسانك حاد! لقد طال صمتي، فضيّعتُ من الكلام على نملةٍ مثلك الكثير»
وبينما يتكلم رفع يده برفق، فتجسدت فوق رأس لي شانغيان كفّ عملاقة غير مرئية، وأطبقت عليه في لحظة بثقل هائل كأن جبلًا ينهال عليه
تلك كانت قوة السماء والأرض
وما أطلقه كان، بلا ريب، أقوى بما لا يُقاس من قوة لاي ووتيان
ضغط لاي هوافِنج بخفّة، فهوت الكفّ غير المرئية فورًا، وسحقت لي شانغيان إلى الأرض، تاركة طبعة كف عظيمة في موضعه
وقبل أن يصرخ المتفرجون كان قد اندفع من باطن الأرض شخص، وتحول في لحظة إلى نصل طويل مروّع شطر طريقه نحو الشيخ بثياب الكِتان
طنين!
صدّ الشيخ الضربة القادمة من لي شانغيان بيديه العاريتين بسهولة، ثم قرص بإبهامه ووسطاه، ورشقه بلمحة إصبع، فطار لي شانغيان مع نصل شهاب النار بعيدًا
ورغم أن لي شانغيان لم يُخرج كامل قوته، فقد أظهر القوة نفسها التي استعملها أمام لاي ووتيان، ومع ذلك لم يتوقع أن يهزمه لاي هوافِنج بهذه السهولة
مرحلة اتحاد الجسد مروّعة حقًا!
ظل الشيخ بثياب الكِتان واقفًا لا يبرح مكانه، يوجّه بيد واحدة قوة السماء والأرض، تارة تتجسد كفًا، وتارة قبضة، وتارة نصلًا، يهاجم بها لي شانغيان بلا انقطاع حتى ضاق ذرعًا بالمجاراة
فعند هذا المقام لم يعد مقيدًا بعُنصر واحد، بل صار يُطلق التعويذات بحرية واسعة
بل الأصح أن التعويذات التي يُطلقها تجاوزت تدريجيًا نطاق «الفن» وبدأت تخطو إلى نطاق «الطاو»
وليس الفرق بين الفن والطاو فرق قوة أو عدد فحسب، بل هو اختلاف في الجوهر
فهَمُ الطاو هو فهم جوهر السماء والأرض
ولا يبلغ المرء مقام ذوي العمر الطويل إلا بنيل الطاو
كان لاي هوافِنج أصلًا في مرحلة اتحاد الجسد، ويتقدم نحو مرحلة الصعود العظيم
وعند هذا المقام تكون الطاقة الروحية مهمة، لكن الأهم هو فهم الطاو
والآن وهو يتعامل مع لي شانغيان لم يكن يستعمل إلا جزءًا يسيرًا من الطاو
ومع أن ما أطلقه لم يكن سوى قَدر صغير، فقد جعل لي شانغيان في غاية الضيق
تومض جسد لي شانغيان في الهواء مرارًا، وكانت كل مصادمة لهجمات لاي هوافِنج تقلب طاقته ودمه وتُشحب وجهه
وبمجرّد خاطرةٍ منه انفتحت تقنيات العناصر الخمسة، فدارت حوله عناصر المعدن والخشب والماء والنار والتراب، وصنعت درعًا ملوّنًا يحاول به صدّ هجمات لاي هوافِنج الهادرة
«تعاقب العناصر الخمسة، احمِني!»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ