📖 ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: 105)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع أنّه طُلب من تشنغ تيانهوا البقاء، فإن لي شانغيان لم يجد وقتًا للقائه إلا بعد ظهر اليوم الثاني
لم يُبدِ تشنغ تيانهوا أي تذمّر، بل اندهش لأن لي شانغيان رآه بهذه السرعة
كان يفهم أن لي شانغيان مشغول في هذه الأيام، وقد أعدّ نفسه للانتظار عدة أيام، ليستغل ذلك في التفكير بهدوء في علاقته مع طائفة شوان يوان
لكن بصراحة، لم يكن يملك حلًا مناسبًا وشعر بقليل من القلق، فقوة طائفة شوان يوان كانت تبعث في نفسه شيئًا من الخوف
رأى لي شانغيان شرود تشنغ تيانهوا فابتسم قائلًا: يا زعيم الطائفة تشنغ، لقد قصّرت قليلًا في الأيام الماضية
سارع تشنغ تيانهوا بالاعتذار: يا زعيم الطائفة لي، أنا آسف حقًا، بدر منّي شيء من عدم اللياقة قبل قليل
ضحك لي شانغيان وقال: هل يشغل بالك أمر ما يا زعيم الطائفة تشنغ
كان يعرف أن من يسمّيهم الناس في طائفة يو ياو بـ"المهووسين بالبحث" يزيدهم الدوران حول الموضوع سوءًا في التواصل
لذلك قرر أن يكون مباشرًا
وكما توقّع، كان تشنغ تيانهوا صريحًا هو الآخر، فقال بابتسامة مُرة: يا زعيم الطائفة لي، انتصار طائفة شوان يوان أسعد طائفتنا يو ياو وأثار حماسنا، لكنه في الوقت نفسه بثّ فينا خوفًا كبيرًا، نخشى أن تصيروا الطائفة المهيمنة التالية مثل طائفة الرعد السماوي
أعجب لي شانغيان بصراحته وقال بإخلاص: يا زعيم الطائفة تشنغ، حتى أكون صريحًا معك، عالم الزراعة الروحية فسيح، وفيه متسع لنا ولكم
عند سماع ذلك، تنفّس تشنغ تيانهوا الصعداء
تابع لي شانغيان: من خلال تعاوننا السابق أظنك فهمتنا جيدًا، فطائفة شوان يوان لا تطمح لهيمنة عالم الزراعة الروحية، كل ما نريده أن يعيش الجميع حياة أفضل
هزّ تشنغ تيانهوا رأسه متفهمًا، وكانت أفعال طائفة شوان يوان بالفعل موافقة لِما تحبه طائفة يو ياو، وخصوصًا تصرفات لي شانغيان
لطالما نظر الناس إلى طائفة يو ياو على أنها طائفة غير تقليدية؛ بدل أن يزاولوا الزراعة الروحية ليصيروا ذوي عمر طويل، أصرّوا على دراسة وحوش ياو
لقد كان مسارًا غير تقليدي فعلًا
لكن لم يفهمهم سوى طائفة شوان يوان، بل بالأحرى لي شانغيان نفسه، إذ بحث معهم في أساليب زراعة وحوش ياو
وفوق ذلك، فإن ما قدّمه لي شانغيان تحت اسم التقنية الجينية فتح لهم بابًا إلى عالم جديد، وجعل طريق زراعة وحوش ياو الذي تعثر طويلًا ينطلق بسرعة
ولهذا بالذات، حين واجهت طائفة شوان يوان حصارًا، اختار تشنغ تيانهوا الوقوف إلى جانب لي شانغيان
وقد رأى لي شانغيان صدقهم، فرغب في تعاون أعمق معهم، وهذا ما قاد إلى اجتماع اليوم
بعد لحظة تفكير، سأل لي شانغيان: يا زعيم الطائفة تشنغ، كيف ترى عالم الزراعة الروحية حاليًا
تفاجأ تشنغ تيانهوا بالسؤال ولم يفهم مراد لي شانغيان تمامًا، وبعد برهة قال: أنرني يا زعيم الطائفة لي
ذكّره لي شانغيان: عصر انحسار التعاليم
ما إن سمع هذا المصطلح حتى تحوّل تشتت تشنغ تيانهوا إلى جدية تامة
فأشد ما يخشاه المزاولون هو غياب الطاقة الروحية بين السماء والأرض
فمن دون طاقة روحية لا توجد قوة، ولا فرصة لبلوغ طول العمر
وفي عالم الزراعة الروحية، لا أحد يدري متى بدأ الأمر، إذ صارت الطاقة الروحية بين السماء والأرض تتناقص
ولم تعد الطوائف الكبرى تلبّي حاجتها للزراعة إلا بإقامة مصفوفات جمع الروح داخل حدودها، تمتص بها بالقوة الطاقة الروحية ضمن نطاق الطائفة
وكان الثمن أن العالم البشري يكاد يخلو من الطاقة الروحية
وهذا هو السبب الجوهري للفصل بين ذوي العمر الطويل والبشر العاديين، وهو شكل من أشكال اللاعدالة
فطمعًا في زراعة تلاميذهم حرمت الطوائف أهل العالم البشري من فرصة الزراعة
وحين عاد لي شانغيان قبل مدة إلى أسرة تانغ الشرقية شعر بوضوح أنه على سعة العالم الدنيوي، فإن طاقته الروحية شحيحة للغاية، تكاد لا تُذكر
ولذلك صار المزاولون نادرًا ما يرغبون في الذهاب إلى العالم الدنيوي
ولو مرّ ألف أو ألفا سنة أخرى، يعتقد لي شانغيان أن الطاقة الروحية في عالم الزراعة الروحية ستغدو شبيهة بما على النجم الأزرق، ويصير كله عالمًا بشريًا
آنذاك لن يقدر المزاولون إلا على الاختباء ومزاولة الزراعة داخل عوالم صغيرة شتى، ولن يظهروا في العالم القائم كما يفعلون الآن
وقد دار النقاش حول عصر انحسار التعاليم طويلًا في عالم الزراعة الروحية
ولسوء الحظ، لم يملك أحد حلًا ناجعًا
وبعد طول تفكير لم يجدوا إلا المضي قدمًا على غشاوة، بعقلية دفن الرأس في الرمال، فهي مسألة مؤجلة لألف عام، وحين يأتي أوانها يتولّون شأنها
سأل تشنغ تيانهوا بدهشة: هل لدى زعيم الطائفة لي حل
هزّ لي شانغيان رأسه وقال: لقد رفعتني فوق قدري، فهذا اتجاه عام لعالم الزراعة الروحية، فكيف أملك القدرة على قلبه
فقال تشنغ تيانهوا: إذن ماذا تقصد
راح لي شانغيان يبسط فكرة طالما خبأها في صدره: يا زعيم الطائفة تشنغ، قبل آلاف السنين كان في عالم الزراعة الروحية ذوو عمر طويل حقًا
واليوم ربما لا يوجد أصحاب مرحلة عبور المحنة ومرحلة الصعود العظيم إلا في الأراضي المكرمة، أما أقوى القوى المهيمنة فحدّها ربما أصحاب مرحلة اتحاد الجسد
وربما بعد ألف عام أخرى سيغدو الجميع تدريجيًا من البشر العاديين، وسنحتاج إلى طريق جديد
خامر تشنغ تيانهوا حدس غامض، لكن غطّته سحابة من الضباب
وكان شعوره بأنه على شفا الفهم ثم لا يفهم مزعجًا له
عصر انحسار التعاليم، طريق جديد ظل يهمس بهذه العبارة لنفسه
وفجأة كأن شرارة برق لمعت في ذهنه، فنطق بكلمة واحدة: التقنية الجينية
ابتسم لي شانغيان وأومأ: نعم، التقنية الجينية، فمن خلال هذه الفترة من البحث أظن أنك لاحظت أيضًا أنه سواء أكان الأمر مع بني الإنسان أم مع عِرق ياو، فإن إمكانات الجسد عظيمة
ما إن نعثر على الأقفال الجينية الصحيحة، ونفتحها على الترتيب، حتى نحصل على قوة خارقة
ربما لا تبلغ هذه القوى بعد مستوى المزاولين، لكنها تكفي للبشر العاديين
وفوق ذلك أشعر دائمًا أننا لم نجرب بما يكفي في هذا الطريق، وربما يستطيع من يفتح الأقفال الجينية مستقبلًا امتلاك قوة تضاهي قوة ذوي العمر الطويل والحكام العظام
وطبعًا قد أكون مخطئًا، لكن إن لم نحاول فكيف سنعلم
غاص تشنغ تيانهوا في تفكير عميق، وقد حرّكه خصوصًا قول لي شانغيان: قوة تضاهي قوة ذوي العمر الطويل والحكام العظام
لقد بحثت طائفة يو ياو سابقًا في كيفية زراعة وحوش ياو، بل درست ضمّ الإنسان بوحوش ياو ليصير هيئة غريبة من بشر-ياو
غير أن هذه الهيئة التي توصّلوا إليها وإن منحتهم زيادة ما في القوة، فقد فتر اهتمام طائفة يو ياو بهذا المسار لاحقًا
لكن كلام لي شانغيان ألهمه كثيرًا؛ فاستعمال التقنية الجينية في زراعة وحوش ياو أثبت فاعليته، وعلى القياس نفسه يبدو معقولًا أن نستخدمه في بحث عِرق الإنسان
ثم إن الزراعة الروحية تحتاج موارد، وتعتمد كذلك على الموهبة
فمن الناس من يزاول حتى يصير ذا عمر طويل، ومنهم من يبقى في مرحلة تنقية الطاقة الروحية عمره كله
أما التقنية الجينية فيمكن أن تمنح هؤلاء البشر العاديين فرصة لتغيير المصير على نحو يتحدى المألوف
لقد فكّر لي شانغيان في هذه الفكرة زمنًا طويلًا جدًا
ونظرًا لقضايا الأخلاق والنظام الاجتماعي لم يشأ أن يجري بحثًا جامحًا كهذا على النجم الأزرق
لكن الأمر يختلف هنا في عالم الزراعة الروحية، فبوجود كائنات قوية مثل عِرق ياو والمزاولين لا يعد امتلاك البشر العاديين لقوة استثنائية أمرًا مرفوضًا
وفوق ذلك، ومع حضور المزاولين لا خوف من انفلات البشر المعدّلين جينيًا، ولا تنشأ إشكالات أخلاقية
عالم الزراعة الروحية عالم قاسٍ، وسكانه كُثر للغاية، يتجاوزون عشرات المليارات، فإذا أتيح لبعض الناس أن يغدوا أقوى فلن يترددوا في القبول
وبعد برهة طويلة سأل تشنغ تيانهوا: يا زعيم الطائفة لي، ماذا تنوي أن تفعل
ارتسمت ابتسامة خفيفة على طرف شفتي لي شانغيان: أرجو أن تقيم طائفتانا علاقة تعاون أعمق، سأزوّدكم بالتقنية الجينية وأرتّب من يعمل معكم في البحث، على أن نتشارك النتائج
وكان هذا في جوهره شبيهًا بتعاونهم السابق في زراعة وحوش ياو، فوافق تشنغ تيانهوا بلا تردد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ