كانت هذه أول مرة يشرع فيها لي شانغيان في الزراعة الروحية
وكما هو الحال في بعض التجارب الأولى، قبل أن يفعلها المرء، يكون مليئًا بالفضول
لكن بمجرد أن تبدأ في ممارستها
تكتشف أن العملية مرهقة جدًا
ولكنها مُرضية للغاية
خصوصًا لحظة الاختراق، التي تشبه فيضان نهر مندفع
مرضية إلى أقصى حد
همم، أنا أتحدث عن اختراق المستوى
هكذا كان شعور لي شانغيان في تلك اللحظة
بينما كان يشعر بالتيار الدافئ داخل دنتيان يزداد قوة إلى الضعف، وقع في تفكير عميق
"ألم يقولوا إن من يملكون كمال العناصر الخمسة يزرعون ببطء شديد؟"
"لماذا أشعر أنني اخترقت مرة أخرى؟"
وبينما كان ينظر إلى القلادة الصغيرة في يده، التي تحولت بالفعل إلى مسحوق، بدا وكأنه بدأ يفهم
كانت قطعة اليشم صغيرة جدًا، لا تتجاوز نصف حجم الظفر، لكن جودتها كانت عالية للغاية
على الأقل وصلت إلى مستوى حجر روحي متوسط الدرجة، أو حتى حجر روحي عالي الدرجة
وبينما كان ينظر إلى السماء في الخارج، كان الصباح قد أشرق بالفعل
تذكر لي شانغيان تعليمات وانغ يوان بالأمس؛ كان عليه أن يذهب اليوم إلى الحديقة الأرجوانية
فبعد أن رتّب نفسه، اتجه نحو منتصف الجبل
كان تلميذًا من تلاميذ القسم الخارجي، لا يحق له سوى السكن في أسفل قمة زييانغ
ومع أنه قد خطا الآن في طريق الزراعة الروحية، إلا أنه لم يتعلم أي تقنيات بعد
ولم يكن أمامه سوى الاعتماد على ساقيه للمشي
ولحسن الحظ، كانت الطاقة الروحية في جسده وفيرة إلى حد كبير؛ فتسلق ثلاثة آلاف متر لم يجعله يتعرق كثيرًا
ظل يسأل عن الطريق حتى وجد مكان الحديقة الأرجوانية
وكان يتذكر أن الإخوة الكبار الذين سألهم عن الاتجاهات في الطريق أظهروا جميعًا تعابير غريبة على وجوههم عندما سمعوا أنه ذاهب إلى الحديقة الأرجوانية
مما جعله يشعر ببعض القلق
"يي زييوان، اسمها جميل، لكن أتراها تملك ثلاثة رؤوس وستة أذرع؟ لماذا يخافها الجميع؟"
وبينما كان يفكر، كان قد وصل بالفعل إلى الحديقة الأرجوانية
كانت فناءً صغيرًا مستقلًا، يبدو عاديًا جدًا من الخارج
غير أن الباب والجدار كانا مغموسين بلمسة أرجوانية
لم يكن بإمكانه أن يرى بوضوح ما بداخل الجدار
طرق الباب، لكن لم يتلق جوابًا
وكان الباب مواربًا، فدفعه ودخل
ولكن
في اللحظة التي كاد يخطو فيها لي شانغيان داخل المكان، كان الأمر وكأنه لُسع بماء مغلي، فسحب قدمه بسرعة
لأنه رأى أن خلف الباب كان هناك هاوية بالفعل!
وكان على وشك أن يخطو نحو الهاوية!
في تلك اللحظة، خفق قلبه بشدة، وغمره إحساس بأنه نجا من كارثة
"اللعنة! أي مجنون يبني بابًا على حافة هاوية…"
لم يستطع منع نفسه من الشتم
وفجأة تذكّر بحدة أنه مع أن هذا المكان على منتصف الجبل، إلا أن المنطقة المحيطة كانت مسطحة نسبيًا
وكانت الأشجار تحيط به من كل جانب، فكيف تظهر فجأة هاوية داخل فناء صغير؟
بعد تفكير، أمسك بإطار الباب، ومدّ قدمه اليمنى بحذر
جرّب لمس الأرض بقدمه، فاكتشف أنه يطأ سطحًا صلبًا!
"هل هذا وهم؟"
كان ينظر إلى الهاوية أمامه، لكنه كان يقف بثبات عليها
كان هذا الإحساس أشبه بالركوب فوق الغيوم
وبما أنه وثق أن طائفة شوان يوان لن تؤذيه، تابع السير بحذر
وبعد دقيقة من المشي، تغيّر المشهد أمامه فجأة
فوجد نفسه في غابة من الخيزران الأرجواني
في تلك الغابة، كانت أشعة الشمس تتخلل أوراق الخيزران الكثيفة، مرسلة ظلالًا متكسرة تضفي على المكان مسحة من الغموض والحلم
وكان الهواء مشبعًا بعطر خفيف من الخيزران وبهالة من الطاقة الروحية لا توصف، جعلت لي شانغيان يأخذ نفسًا عميقًا، شاعرا بصفاء ذهنه
وأثناء تجواله، لمح جناحًا رقيقًا يختفي بين أعماق الغابة
كان الجناح مبنيًا على قاعدة من اليشم الأرجواني، وسقفه من القرميد المزجج، يلمع تحت الضوء الأرجواني كأنه قصر في عالم سماوي
هبت نسمة لطيفة، فاهتزت أوراق الخيزران
"هل هذه هي الحديقة الأرجوانية؟ إنها حقًا استثنائية"
أبهره المشهد في داخله، فأسرع بخطاه نحو الجناح
وكلما اقترب أكثر، شعر بتقلبات أكثر كثافة في الطاقة الروحية
وعندما وصل أمام الجناح، عدّل ملابسه وطرق الباب برفق
وهذه المرة، جاءه صوت صافٍ عذب من الداخل بسرعة: "ادخل"
دفع الباب، فانفجرت نحوه موجة أشد كثافة من الطاقة الروحية، كادت أن تخنقه
لكنها في الوقت نفسه كانت مريحة للغاية، كأن كل مسام جسده تمتص بشراهة هذه الطاقة النقية
كان الداخل مزينًا ببساطة وأناقة، تتدلى على الجدران الأربع عدة لوحات للمناظر والزهور والطيور، تحمل كل لمسة فرشاة معنى غير عادي
وفي الوسط، كانت هناك طاولة من خشب الصندل الأرجواني، وبجوارها تجلس امرأة بثياب أرجوانية
كانت تخفض رأسها لترشف الشاي، جلستها أنيقة، كأنها جنية معزولة عن العالم
وكانت المرأة تجلس جانبيًا، فلم يرَ لي شانغيان وجهها بوضوح بعد
لكن ما خطف نظره مباشرة هو نهداها الممتلئان المستديران اللذان لا يمكن الإمساك بهما
ومع أنها كانت ترتدي رداءً أرجوانيًا فضفاضًا، إلا أنه كان من الممكن تمييز خصرها النحيل كالغصن
وبدت أن لمسة لطيفة قد تكفي للشعور بليونة قوامها
وتحت ذلك، كان هناك جسد متماسك، مثل خوخة ناضجة، يفيض بإغراء وانسيابية
"أنت بالتأكيد لي شانغيان الذي ذكره الشيخ وانغ؟"
رفعت المرأة رأسها، وعيناها الصافيتان كالماء تحدقان فيه، وصوتها لطيف وعذب
بشرتها الناعمة كالمرمر ووجهها المثالي جعلا قلب لي شانغيان يتوقف للحظة
ولمعت كلمة واحدة في ذهنه
جمال لا نظير له
وأمام تلك العيون، استعاد وعيه فجأة
فأسرع وانحنى: "أنا التلميذ لي شانغيان، أحييكِ يا كبيرة يي…"
وفي داخله لعن نفسه لضعفه!
لقد شاهد عددًا لا يحصى من الجميلات على تيك توك، ومع ذلك لم يستطع مقاومة هذا الجمال المذهل أمامه
وفي الوقت نفسه، اشتعل فضوله أكثر
لماذا يخشى الشيخ وانغ وإخوته الكبار هذه الكبيرة يي؟
وبينما كان يخفق قلبه في البداية، سرعان ما هدأ تدريجيًا، غير أن الدهشة في عينيه لم تختفِ كليًا
كان يعلم أنه قد بدا في موقف محرج، فسارع لاستعادة وقاره، منتظرًا بجدية
رأت ذلك يي زييوان، فانحنت شفتاها قليلًا، غير مبالية بردة فعله، بل وجدت في الأمر بعض الطرافة
"اجلس"
أشارت يي زييوان إلى كرسي آخر بجانب الطاولة، وكان صوتها مزيجًا بين سلطة لا تقاوم ولطف خفي
جلس لي شانغيان كما أمرت، محاولًا إظهار أكبر قدر من الاحترام والجدية
"الشيخ وانغ أرسلك لتجدني، لأي غرض؟"
وضعت يي زييوان كوب الشاي، ونظرتها تحمل لمحة من الاستفسار
أخذ لي شانغيان نفسًا عميقًا، وروى تعليمات سيد الطائفة وانغ يوان بالأمس، بما في ذلك كيف تم ترشيحه للحديقة الأرجوانية
"أوه؟ كمال العناصر الخمسة؟" ومض بريق أرجواني في عينيها "مع أنه أمر مثير قليلًا، إلا أنني لا أملك الوقت لتعليمك!"
وعندما سمع ذلك، رسم ابتسامة مُرة
فقد شعر من كلمات سيد الطائفة بالأمس أن هذا التتلمذ لن يكون سهلًا
لكن أن تُرفض مباشرة من وجه امرأة فاتنة، كان لا يزال يسبب له بعض الخيبة
وهذا يعني أن طريقه المستقبلي في الزراعة الروحية عليه أن يستكشفه بنفسه
ولو سنحت له فرصة للزراعة الروحية إلى جانب مثل هذه الجميلة، لكان ذلك أمرًا ممتعًا للغاية
وإن حدث أن تكررت قصة مثل "غوؤر وعمته"، لكان ذلك مرغوبًا أكثر
وحين رأى أنه رُفض، لم يكن أمامه خيار سوى أن ينهض ويستعد للمغادرة
غير أن المرأة بثيابها الأرجوانية تكلمت فجأة، وصوتها بدا يحمل شيئًا من الضيق: "مع ذلك، بما أن سيد الطائفة، عمي الكبير، قد قال كلمته، فلن يكون من اللائق أن أرفض مباشرة"
"ما رأيك بهذا، سأعطيك اختبارًا، إن اجتزته فسأقبلك مضطرة لفترة"
وعندما سمع أن هناك فرصة، سارع لي شانغيان ليسأل: "هل لي أن أعرف ما هو الاختبار؟"
لكن المرأة بالثياب الأرجوانية قالت: "تعال غدًا مرة أخرى، إن تمكنت من البقاء في الحديقة الأرجوانية ليوم كامل، حينها تكون قد نجحت!"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ