الفصل الخامس عشر: درع في وجه العاصفة

كان هدير الأرض لا ينقطع، وكل خطوة من عملاق إيرين تُحدث رجفة في الهواء، وكأنها تُعلن عن زحف النهاية… أو بدايتها.

وفي مقدمة الجنود، وقف رين، شفراته تتدلّى بجانبه، وعيناه مسلطتان على ذلك الجسد الهائل الذي يسير نحو الفتحة.

لكن رين لم يكن ينظر فقط… بل كان يراقب.

"الحرارة... البخار… توزيع العضلات… حتى طريقة المشي."

تمتم في سره وهو يضيّق عينيه.

"ليس مجرد وحش… هذا الجسد مُصمم. مُبني. وهذا... يطابق نظريات قرأتها في عالمي القديم."

ومع تدفق الخواطر، رن صوت النظام في داخله:

[تحليل بيولوجي نشط]

[تقدم قالب العملاق المتفرد: 20% → 28%]

لكن لم يكن هناك وقت للتفكر.

صرخة من أحد جنود الحامية أيقظت الجميع:

"عمالقة قادمون من الجهة الغربية!"

وبالفعل، أربعة منهم يركضون كالمجانين، والجنود تشتتوا للحظة. لكن رين لم ينتظر.

ثبت قدميه على السطح المهدم، واستعد:

"تنفس الصخر: الشكل الأول – ثقل الجلمود."

ارتجت الأرض تحته مع انطلاقه، وكأن وزنه تضاعف لحظة الهجوم. دفع نفسه كصخرة ساقطة من جبل، واخترق الهواء نحو أول عملاق.

ضربه من الأمام، واندفع كاملًا مع الشفرة، حتى انغرس النصل في مؤخرة العنق بوزن لا يُقاوم.

"واحد."

تمتم وهو يدور على عقبيه نحو التالي.

العملاق الثاني مد يده نحوه، لكن رين خفف وزنه فجأة وقفز جانبًا، ثم انعطف خلفه.

"تنفس الصخر: الشكل الثاني – انشطار الغرانيت."

ضربه بزاوية مائلة مزدوجة، كسّر بها النسيج العضلي، وفتح عنقه في انقسام نظيف.

"اثنان."

الثالث كان أسرع، حاول رين تفاديه لكنه اضطر للاشتباك المباشر.

اندفع أسفل ذراعه، واستدار خلفه.

"تنفس الصخر: الشكل الرابع – نصل العمق."

ضربة رأسية عمودية من الأعلى، اخترقت العنق بأكمله، دفعت بها حتى عظم الفقرة.

"ثلاثة."

أما الأخير… فكان مختلفًا.

جلده بدا أثخن، عضلاته أكثر كثافة، وضرباته أثقل.

حين ضربه رين أول مرة، ارتدت الشفرة.

"درع عضلي؟"

ضاق عينيه، ثم انطلق للأعلى، وبكامل غضبه، ركز قوة ساقيه.

"تنفس الصخر: الشكل الخامس – كسر النواة!"

ضربة من أعلى، بكل طاقته، اخترقت نقطة دقيقة خلف العنق، تفجّرت معها العضلات، ومال العملاق ببطء.

[تقدم قالب العملاق المتفرد: 28% → 35%]

لكن رين لم يتحرك.

كان يراقب الأجساد العملاقة التي بدأت تتحلل.

"التكوين غير ثابت… هناك أنواع… هناك من يتطور… ومن يشبهني."

رنّ صوت النظام مجددًا:

[تم التعرف على نمط دفاع متقدم – فئة "مُدرع جزئي"]

[تحليل البيانات النسيجية]

[تقدم قالب العملاق المتفرد: 35% → 40%]

أغمض عينيه للحظة.

"كل شيء يتغير… لكنني سأواكب التغيير."

**

في تلك الأثناء، اقترب عملاق إيرين من الفتحة. جسده يترنح، لكن خطواته لم تتوقف.

والجنود… تشتتوا.

الخوف بدأ ينتشر.

فجأة، عمّت الفوضى.

بعض الجنود صاحوا بالانسحاب. آخرون بدأوا يهربون فعلاً.

لكن بيكيس، من على الجدار، صرخ:

"هدوء!"

ثم نظر إلى رين، وأشار له.

فهم رين الرسالة.

خطى إلى الأمام، واستنشق ببطء.

"نظام، فعّل مهارة: التعزيز الصوتي."

[تم التفعيل – الصوت مُضاعف بمعدل 3x]

ثم قال بصوت هادئ… لكنه اخترق الميدان بأكمله:

"هل هذا كل ما لديكم؟ هل هذا هو فيلق الحامية الذي يُفترض أن يحمي البشرية؟"

توقف الجميع.

"أنتم تهربون… بينما طفل يتحول إلى عملاق ليحمل صخرة.

أنتم تبكون… وأنا، الذي لا أملك عائلة هنا، لا صديق، لا أرض… أقاتل حتى الموت."

سكت لبرهة، ثم بصوت أهدأ، قال:

"أنتم تملكون عائلات… أطفال… آباء… أمهات.

إن سقط سور روز، فسينتهي أمرهم.

وأنتم من سيحمل الذنب."

همسات ارتفعت، ثم خفتت.

الجنود حدقوا فيه، والدماء تتدفق في عروقهم من جديد.

أكمل رين:

"أنا أقاتل… من أجل انتقامٍ لا أعرف سببه… ومن أجل بشرٍ لا يعرفونني.

فما بالكم أنتم؟"

صمتٌ مطبق.

ثم صرخ أحد الجنود:

"أنا باقٍ!"

تبعه آخر… ثم ثالث… ثم الجنود بأكملهم بدأوا يعودون إلى أماكنهم.

في الأعلى، نظر بيكيس إلى رين.

"الآن فهمت… أنت لا تقاتل لأجل شخص… بل لأجل مبدأ."

وأردف في ذهنه: "الانتقام والحماية… تلك عيناه."

**

في الأسفل، كان إيرين قد اقترب من الفتحة، لكنه بدأ يهتز فجأة.

هديرٌ، ثم فقدان توازن.

"إنه يجنّ مجددًا!" صاحت ميكاسا.

لكن رين قفز نحوه.

"إيرين!!"

كان العملاق يزمجر، يهتز بقوة، وبدأت أنفاسه تتحول إلى هدرٍ غاضب.

فقفز رين إلى رأسه، وثبّت قدمه عليه، وهمس:

"إيرين… أنا لا أنوي قتلك، لأنك صديقي…

لكن لا تنسَ هدفنا… نحمي البشرية… وندمر الأعداء."

سكت كل شيء.

لحظة صمت مطلقة.

ثم… سكن جسد العملاق.

وعيناه، تلك النارية، خف بريقها، وعاد إليها الوعي.

**

إيرين بدأ يتحرك مجددًا. أمسك الصخرة، وسار نحو الفتحة.

وصوت النظام يرنّ في عقل رين:

[تقدم قالب العملاق المتفرد: 40% → 45%]

[مستوى الفهم – السيطرة على العملاق: مكتسب]

**

نهاية الفصل الخامس عشر.

2025/04/16 · 53 مشاهدة · 697 كلمة
نادي الروايات - 2025