الفصل 24 - نيران الحقيقة
هدأت الغرفة الكبيرة التي اجتمع فيها كبار القادة العسكريين، صوت الرياح فقط كان ينساب من النوافذ العالية. جلس رين على الكرسي في منتصف الغرفة، محاطًا بنظرات مشدودة من الجميع. إلى يساره جلس القائد إروين، وواقفًا بجانبه ليفاي بصمته المعتاد. على الطرف الآخر، كان القائد الأعلى داليس زاكاري يتوسط الطاولة، وإلى جانبه القائد نايل دوك من الشرطة العسكرية، والقائد بيكسيز ممثل الحامية.
تنفس رين ببطء. لم يبدُ عليه التوتر، فقط هدوءه البارد المعتاد. أومأ إروين له فبدأ الحديث:
"أولًا، سأعيد ما قلته باختصار... دولة مارلي تقع خارج هذه الجدران، وتسيطر على قوة العمالقة التسعة. أني، راينر، وبيرتولت، جنود من مارلي أُرسلوا للتسلل إلى هذه الأرض وإسقاط الأسوار."
صمت للحظة، ونظر لعيون نايل الواسعة بصدمة، ثم التفت إلى بيكسيز الذي تمتم: "إذا هناك عالم خارج هذه الجدران حقًا..."
أكمل رين بنبرة خافتة، لكنه كان يترك وقعًا ثقيلًا في كل كلمة:
"مارلي اختارت الأطفال المتفوقين من عرق الإلديان، درّبتهم، وغسلت أدمغتهم بأن شعب الجدران شياطين يستحقون الإبادة. تم منحهم قوة العمالقة بعد أن أُجبروا على أكل حامليها السابقين. أني حملت قوة العملاقة الأنثى، راينر حمل المدرع، بيرتولت حمل الكولوسي."
انتصب ظهر زاكاري، وعيناه تقيسان كل إيماءة من رين. قال بصوت خافت: "هذا يعني أنكم ثلاثة فقط؟"
هز رين رأسه: "لا، يوجد تسعة عمالقة: المؤسس، المهاجم، المدرع، الضخم، الأنثى، الوحش، العربة، الفك... والمطرقة الحربية."
رفع بيكسيز حاجبه وقال: "وهذا الأخير... المطرقة الحربية؟ لمن هو؟"
أجاب رين: "ظل لسنوات تحت سيطرة عائلة تايبر، النبلاء الذين حافظوا على هيبتهم السياسية بدعوى النأي عن القتال... لكنه في النهاية جزء من مارلي."
نظر الجميع إلى بعضهم البعض، وأخيرًا قال زاكاري: "قلت إن مارلي تسيطر على سبعة. فمن لا تسيطر عليه؟"
أجاب رين، وقد بدا على صوته بعض الحذر: "العملاق المؤسس، الذي يقال إنه بداخل هذه الجدران، والعملاق المهاجم... الذي ربما يكون الآن مع إيرين."
هنا ساد الصمت لثوانٍ. ثم انطلق نايل بصوت مرتفع: "وهذا العملاق الذي ظهر منك؟ أيٌّ منهم؟"
قال رين بجمود: "لا أعلم. لا أستطيع التحكم بتحولي، ولا أتحكم بمدته أو توقيته. أتحكم فقط بجسدي عندما أتحول، لكن متى وكيف... لا أملك الجواب."
ظهر الغضب على وجه نايل، ضرب الطاولة وقال: "إذن ما الفائدة منك؟ مجرد خطر متجول لا يعرف متى ينفجر!"
لكن بيكسيز قاطعه وهو يهمس بابتسامة خفيفة: "حتى دون هذا التحول... هذا الفتى هزم سبعة عمالقة بمفرده وهو مصابة وفي حالة ارهاق شديد، وتعادل مع ليفاي نفسه."
لم يقل ليفاي شيئًا، فقط نظر لزاكاري، الذي تمتم: "هناك تسعة عمالقة، ولكن لا أحد يعرف من أين جاء عملاق رين..."
أجاب رين بصوت منخفض: "ذكرياتي مشوشة. لا أتذكر اليوم الذي أصبحت فيه هكذا. فقط... نيران. دماء. وصرخات."
ساد الصمت مجددًا. ثم همس رين: "رأيت ذكريات شخص آخر، غير أني."
تقدم زاكاري قليلاً للأمام: "مَن؟"
أجاب رين: "لم أكن أرى إلا لمحات مبهمة طوال السنوات الثلاث الماضية، لكن بعد تحولي... ولمسي لرأس كريستا، رأيت كل شيء تقريبًا."
تبادل الحضور نظرات مذهولة، ثم قال إروين: "كريستا؟ المجندة بفيلق الريكون؟"
أومأ رين ببطء: "اسمها الحقيقي هيستوريا ريس. هي الابنة غير الشرعية للملك رود ريس... الملك الحقيقي، لا الملك المزيف الموجود حاليًا."
اندهش بيكسيز: "إذن العائلة المالكة كانت تُخفى عن الناس؟"
"بل أكثر من ذلك،" تابع رين، "الملك الحالي ليس من سلالة الملك المؤسس، بل مجرد دمية تحكم باسم السلام. والد هيستوريا أراد أن يعطيها قوة العملاق المؤسس بإطعامها والدتها، ثم لاحقًا إيرين."
"لكنها رفضت. ولهذا نحن هنا الآن."
(نظرية مؤمرة جيدة ربما ، اذا لم تفهم لا تفكر كثيرا)
خيم صمت ثقيل، الجميع يحاول استيعاب كمّ المعلومات التي صبّها رين فوق رؤوسهم.
ثم همس زاكاري: "وما اقتراحك؟"
نظر رين إلى الجميع، ثم وقف. لأول مرة ظهر في عينيه بريق يختلف عن جموده المعتاد.
قال بصوت واثق: "نُطيح بالحكومة. نكشف زيفها. ونجعل هيستوريا الملكة الجديدة... ونستعيد إرادتنا الحرة."
ساد الصمت.
ثم ارتجت الغرفة بموجة من الدهشة.
زاكاري أغمض عينيه، ثم فتحهما وقال: "... وأين دليلك؟"
أخرج رين دفترًا صغيرًا، وسلمه لإروين. كان يحتوي على أسماء، تواريخ، ومخططات.
نظر الجميع لإروين الذي بدأ يقلب الصفحات بعينين واسعتين.
قال بيكسيز مبتسمًا: "إن لم يكن ولاؤه لنا... فهو لا يقل عزمًا عن أي قائد هنا."
قال نايل بمرارة: "أو خطرًا مضاعفًا."
أغلق زاكاري عينيه لثوانٍ، ثم نظر إلى رين مطولًا، وتمتم:
"إذن، لنبدأ العد التنازلي لسقوط الملك."
****
نهاية الفصل 24.