---

الفصل 28 - الحديد واللحم

كانت الأرض مبللة بالعشب اليابس، ساحة قاحلة تفوح منها رائحة الرماد والعرق... وسطها، وقف شابان يتنفسان بثقل، ملابسهما ممزقة، وجسديهما منهكين حتى النخاع.

جلس رين عند ظل شجرة مهترئة، سيفه الخشبي على ركبتيه، وعيناه تراقبان ما يجري أمامه دون تعبير.

على بعد خطوات، كانت أني واقفة بصرامة، شعرها الأشقر مربوط خلف رأسها، ووجهها خالٍ من أي ملامح. بينما إيرين يحاول الوقوف مرة أخرى، ذراعيه ترتعشان، وقلبه ينبض بالحيرة أكثر من التعب.

لم يكن هذا تدريبًا عاديًا.

بل كان أمرًا من رين.

---

قبل عدة أيام فقط...

حين سُحق ريس تحت قبضة رين وتحول إلى كتلة لحم بالكاد تُعرف، تم تفتيش أطلال قصره، حيث وُجدت جرعتان نادرتان:

واحدة تُستخدم في "تحويل البشر إلى عمالقة".

والأخرى تُمنح لحاملي القوى لتمنحهم قدرة التصلب.

تم تسليم الجرعتين مباشرة إلى رين دون اعتراض من أحد.

فـ هيستوريا الملكة الجديدة كانت تثق به، والقائد الأعلى صمت احترامًا.

أما قادة الفيالق الثلاثة؟ فقد اكتفوا بالموافقة الصامتة.

---

اليوم…

أُعطي إيرين جرعة التصلب. ولم يكن هناك من هو أكفأ لتدريبه عليها…

سوى أني ليونهارت.

رن صوت رين داخله:

"ليست فقط خبيثة في القتال... بل تفهم قوى العمالقة أكثر من أي شخص آخر."

كان يعلم أن أني تفضل الابتعاد، كانت تتصرف ببرود، وحتى الآن، بقيت هويتها سِرًا مدفونًا. لكن بفضل اتفاق صامت بينه وبين هيستوريا، وبمعرفة إيرين وآرمين وميكاسا، ظلت تحت مراقبة مباشرة، يُسمح لها بالتحرك فقط بأوامر من رين.

وهكذا، وقفت اليوم في مواجهة إيرين.

---

ضربتها الأولى سقطت على كتف إيرين مثل صاعقة.

سقط على الأرض، يتلوى من الألم، ثم نهض مجددًا.

ضربتها الثانية جاءت على بطنه، أطاحته أرضًا.

"هيا، إن كنت تملك تلك القوة بداخلك، استخدمها."

قالتها ببرود قاتل.

إيرين شهق، ثم صرخ، لكن لا تحول، لا صلابة، لا شيء…

فقط فتى يُجرب فهم جسده، يجهل كيف يُخرج الوحش بداخله.

---

على الهامش،

همست هانجي وهي تمسك بكتف ميكاسا التي كانت تتحفز للانطلاق:

"اهدئي... هذا جزء من التدريب..."

لكن وجه ميكاسا لم يكن هادئًا، بل كان غاضبًا، عيناها على أني، وجسدها يهتز من كبح ردة الفعل.

"إن لم تتوقف تلك الـ..."

قطعت كلماتها وهي تتململ، لكن هانجي شدّت قبضتها أكثر.

أما ليفاي، فكان واقفًا بجانب رين، صامتًا كعادته.

"سيكون الأمر ناجحًا... أو كارثيًا."

قالها أخيرًا بصوت منخفض.

رد رين دون أن يحوّل عينيه:

"لن يُفشلها. ليس بعد ما رأى ما رأيتُه."

---

أغمض عينيه للحظة…

تدفقت في ذاكرته صورة… صورة يدٍ يلكم بها إيرين عملاقةً التهمت أمه…

ذاك الوميض… تلك القوة الغريبة التي جمّدت العمالقة من حوله…

وتلك الذكريات… لمحات مشوشة من والده، من زيك، من المأساة المتشابكة التي تقف خلف الستار.

---

رن صوت في داخله فجأة.

[مهمة فرعية مكتملة: تثبيت قدرة التصلب]

[تم منحك "نقطة نظام خفية"]

لم يُظهر رين أي تفاعل، فقط ابتسامة صغيرة… بالكاد مرّت على شفتيه.

---

وقفت أني فجأة، ثم مدت يدها لإيرين.

"كفى اليوم... لن تتعلمه هكذا."

لكن إيرين أمسك بيدها وقام، وقال:

"أنا لن أترك التدريب حتى أتمكن من استخدامها…"

ضحكت أني بسخرية:

"إذا أردت القتل، لا تطلب الإذن من خصمك."

---

في الخلف، كان رين ينهض ببطء.

التفت نحو ليفاي وقال بهدوء:

"علينا الحديث عن الخطة... مقاطعة شيغانشينا، والمكان الذي سنغلق فيه الفتحة…"

رد ليفاي:

"هل تعتقد أن إيرين سيكون جاهزًا؟"

نظر رين مجددًا نحو إيرين وأني…

كانا يستعدان للعودة إلى قتالٍ بالأيدي، دون استخدام قوى.

"جاهز؟ لا…

لكنه سيكون الجحيم بالنسبة لأعدائنا."

---

اقترب رين من إيرين، خطواته هادئة، لكن صوته اخترق الهدوء كالسيف.

"إيرين... هل تعرف لماذا تفشل؟"

رفع الأخير رأسه، يتنفس بصعوبة، يداه ترتجفان، وعيناه ممتلئتان بالحيرة.

"لأنك تنتظر إذنًا... تنتظر أن تخبرك قدرتك متى تتحرك. لكن قوة العملاق... لا تُعامل أصحابها بلطف."

ركع بجانبه، وحدّق في عينيه ببرود:

"لا يوجد شيء اسمه وقت مناسب. لا يوجد شيء اسمه 'جاهز'.

إما أن تتحكم... أو تُستهلك."

"رين..."

تمتم إيرين، لكنه لم يُكمل.

---

رنّ النظام في عقل رين مجددًا:

[نقطة نظام خفية مكتسبة]

[تحليل الجرعة المكتسبة: قدرة التصلب المخصصة للعملاق]

[تمت إضافة خاصية "درع الصخر" إلى قالب العملاق المتفرد]

أغمض عينيه للحظة. شعر بجسده يزداد صلابة من الداخل، كأن شيئًا ثقيلًا بدأ يتكون في صدره.

"هكذا إذن... لا تقدم دون أن أدفع الثمن."

لم يُخبر أحدًا عن ما منحه النظام. لم يعلموا أن التصلب قد زُرع الآن فيه هو الآخر، لكن بشكل مختلف... بشكل يُناسب شيئًا لم يوجد من قبل: قالب العملاق المتفرد.

---

فتح إيرين عينيه فجأة.

"سأحاول."

هز رين رأسه.

"لا... لا تحاول."

ثم وقف، وأدار ظهره.

"افعلها."

---

في لحظة خاطفة، دوى صوت ارتجاج في الأرض.

غيمة بخار تصاعدت، وصرخة تمزق السماء.

ثم انفجر جسد إيرين، وتحول إلى عملاقه المعروف، العضلات مكشوفة، العيون تلمع بالغضب المكبوت.

أني، دون كلمة، رفعت رأسها... ثم عضت يدها بهدوء.

وفي لحظة أخرى، كان عملاقها يقف في مواجهته.

اثنان من جبابرة العالم القديم… وجهًا لوجه.

---

راقب رين المشهد، ذراعيه متشابكتان، ووجهه جامد.

وميض من الذكريات مرّ في عينيه… ألم، دماء، وسماء مشققة.

أما ليفاي فوقف بجانبه، ينظر إلى العملاقين المتقابلين، ثم قال:

"هل كنت متأكدًا أنها لن تقتله؟"

"لو أرادت قتله، لكانت فعلت ذلك منذ زمن."

قالها رين بهدوء، دون أن يرفع صوته.

"وأنت؟"

أجابه بعد لحظة صمت:

"أنا أراقب فقط."

---

وسط هدير الهواء وصوت اللكمات التي تهز التربة، كان الجبابرة يتبادلون الضربات.

ثم، في لحظة، مدّ إيرين ذراعه، وظهرت أطراف حجرية على قبضته، تشكلت بسرعة، وارتفعت كالدرع.

توقّف الزمن لثانية.

ثم… اصطدمت قبضته بوجه عملاق أني.

صرخة اهتزاز اهتزّ لها المكان، وانبعث البخار من جبهتها… لكنها لم تتراجع.

بل… بادلت الضربة.

---

همس ليفاي وهو يراقب:

"إذن... نجح."

أومأ رين.

"بدأ يفهمها. التصلب ليس مجرد درع… بل طريقة لتحويل الغضب إلى شكل، والقوة إلى قرار."

---

صمت طويل مر بينهما… ثم قال ليفاي:

"عن خطتنا… هل ما زلت ترى أن شيغانشينا هي البداية؟"

رد رين:

"بل هي النهاية المؤقتة."

"توضح."

أشار رين بيده نحو ساحة التدريب، حيث يتقاتل الجبابرة.

"نغلق الفتحة باستخدام إيرين، نُقسم الهجوم من ثلاث جبهات.

أنا سأتسلل وحدي من ممر الغابة، وأني سترافقني لاحقًا لتوقع العملاق المدرع."

رفع ليفاي حاجبًا:

"وتظن أنهم لن يشكوا فيها؟"

"لن تكون معهم كأني… بل كظل."

نظر إلى بعيد، عينيه رماديتان:

"سيظنون أن رين تحرك أخيرًا… لكنهم لا يعلمون أنني بدأت التحرك منذ زمن."

---

صمت الاثنان، بينما ارتفعت صرخة عملاق في السماء، تبعتها أخرى.

ثم، في لحظة نادرة، ابتسم ليفاي ابتسامة خفيفة:

"أتمنى ألا تقتلنا خطتك الذكية."

رد رين دون أن يلتفت:

"لو متنا… فليس هذا ما سيقتلنا."

---

نهاية الفصل 28 الحماس يشتعل

بليز تفاعل

2025/04/17 · 24 مشاهدة · 1017 كلمة
نادي الروايات - 2025