---

الفصل الثاني: "الضربة الأولى"

لم يكن الصباح مختلفًا كثيرًا عن سابقيه.

السماء رمادية كما اعتادها رين، والضباب ينساب على الأرض ككفن يلتف حول الأجساد المتعبة. غير أن شيئًا في الهواء كان يحمل نذر اشتعالٍ وشيك.

اصطفّ المتدربون حول الساحة الرملية، حيث وقف المدرب كيس شاديس، شامخًا كظلٍ ثقيل، وصوته كالرعد يشق السكون:

"اليوم... تتعلمون كيف تسقطون خصمًا قبل أن يسقطكم. القتال بالأيدي، هو أساس البقاء إن تعطّلت سيوفكم، أو خانكم الحظ."

كان رين يقف في الخلف، ذراعيه معقودتان، عيناه لا تحويان شيئًا سوى صقيع ساكن.

"رين، إيرين... إلى الحلبة."

ارتفع همسٌ خافت بين المتدربين.

ماركو اقترب منه، صوته حذر:

"إيرين لا يعرف متى يتوقف، كن حذرًا... أو بالأحرى، كن رحيمًا."

لكن رين لم يرد. مشى بثبات نحو الساحة، كمن لا يأبه بما سيحدث.

---

إيرين دخل بحماسة، قبضته مشدودة، أنفاسه تتسارع.

"أياً تكن، لن أسمح لك بإسقاطي بسهولة."

لم يظهر على رين أي تأثر. لم ينبس بكلمة، واكتفى برفع قبضته بهدوء.

"ابدأوا!"

صرخ المدرب.

اندفع إيرين بقوة، لكن حركته كانت متهوّرة.

لم تمضِ ثوانٍ حتى تلقّى ضربةً في الصدر، أعقبها ركلٌ خلف الركبة، ثم لكمة في الفك أطاحت به أرضًا.

شهق من حوله، لكن رين لم يتراجع.

حين نهض إيرين ثانية، أعاده رين إلى الأرض بضربة أقسى.

"كفى!" صاح أحدهم، لكن إيرين لم يستسلم.

"لن أستسلم... لن أسمح لأحدٍ بإسقاطي مرّتين!"

اندفع مجددًا، لكن رين أمسكه من الكتف، وألقى به خارج الحلبة بقوة.

سكت الجميع.

ثم دوّى صوت المدرب كيس شاديس، غاضبًا:

"رين! هذا تدريب، لا ساحة معركة!"

لكن رين لم يتكلم. ولم يبدُ عليه أنه يندم.

---

في الطرف الآخر من الدائرة، تقدّمت فتاة ذات عيون باردة كالسيف.

ميكاسا.

"قاتلت إيرين كما لو كان عدواً. هل تظن أنك قوي؟ واجهني."

كان في صوتها غضب مكتوم، يوشك أن ينفجر.

تبادل رين النظر معها. عينيه جامدتان، لا تلمعان بالخوف ولا التحدي، بل بالفراغ.

لكن قبل أن تتحرك، ظهرت فتاة أخرى، صغيرة الجسد، ذات شعر أشقر ونظرة خجولة، لكنها وقفت بثبات بينهما.

هيستوريا.

قالت بهدوء:

"رجاءً... لا جدوى من قتالٍ كهذا. لسنا أعداءً."

الصمت خيّم، والعينان معلّقتان على رين.

لحظة… ثم ظهر أمامه الإشعار:

---

> [نظام المصير: لحظة اختيار]

> [الوضع الحالي: مواجهة مشحونة – تدخل غير متوقع]

> [الخيارات المتاحة:]

1. تجاهل هيستوريا، واستفز ميكاسا بكلمات جارحة.

(الحفاظ على البرود القاسي – تعزيز صورة "القاتل البارد")

2. شكر هيستوريا ببرود، دون ندم.

(إشارة أولى لتفاعل إنساني محدود)

3. تحديق صامت في هيستوريا، ثم الانسحاب دون قول شيء.

(رفض المشاعر – الانعزال مجددًا)

4. الاعتراف أن تدخّلها أوقف شيئًا كنت لا تعرف إن كنت تريده.

(اختراق واضح للبرود – مخاطرة كبيرة بالتغيير)

---

رين بقي صامتًا، كل من حوله ينتظر قراره.

عيناه انتقلت بين هيستوريا وميكاسا.

لحظة واحدة… كانت تكفي لتغيير كل شيء.

---

> [تم اختيار: شكر هيستوريا ببرود]

قال بنبرة خافتة، تكاد لا تُسمع، لكن واضحة:

"أشكرك."

ثم استدار بهدوء، وعاد إلى صفّه.

---

الدهشة تملكت الوجوه.

حتى ميكاسا، رغم جمودها، لم تُخفِ استغرابها.

ماركو همس:

"هل... هل قال شكرًا؟"

---

في تلك الليلة، جلس رين في سريره.

أصوات التنفس من حوله تملأ السكون، والريح الباردة تمرّ من نافذة المعسكر.

تأمل يده للحظة.

ثم نظر إلى السقف.

"شكرًا...؟"

كأن الكلمة ما زالت تتردّد في ذهنه.

---

> [تحديث النظام]

تم تسجيل التفاعل العاطفي الثاني

حالة الشخصية: ثابتة السلوك – مع انزياح طفيف

خطر "التغيّر" بنسبة 12%

> المهمة القادمة خلال 48 ساعة.

---

نهاية الفصل الثاني.

---

2025/04/15 · 61 مشاهدة · 539 كلمة
نادي الروايات - 2025