---

الفصل 30: حين تسير الظلال مع الضوء

هدوء الليل لم يكن سلامًا.

بل كان الهدوء الذي يسبق عاصفة من الدماء.

تحرك الجيش تحت جنح الظلام، صوت حوافر الخيول على التراب المبلل بالكاد يُسمع، والأنفاس كانت محتبسة في صدور الجميع.

النجوم تتلألأ في السماء، لكن لا أحد رفع بصره إليها. كل الأعين كانت إلى الأمام... إلى جدار ماريا.

وقف رين في مؤخرة التشكيل، شعره الفضي يتمايل مع الرياح الباردة، وعيناه الحادتان تشعّان في الظلام.

بجانبه كان ليفاي، لا يتحدث كعادته، يحدّق إلى الأمام بصمت قاتل.

أما إروين، فقد كان يراجع آخر تفصيلات الخطة في رأسه، بنظرات لا تعرف الخوف.

قال ليفاي بهدوء دون أن يلتفت:

"هل تظن أننا سنخرج من هذا أحياء؟"

أجابه رين بصوت منخفض يشبه النسيم:

"سنخرج… لكن ليس جميعنا."

تبادل الثلاثة نظرات قصيرة، كأنهم يعرفون أن هذا الليل ليس ككل ليل.

تحدث إروين أخيرًا:

"الخطة تعتمد على عنصر المفاجأة. لو هاجمونا فورًا، فهذا يعني أن راينر وبيرتولت ورفاقهم لم يعودوا يثقون بوقت النهار. وإن لم يفعلوا… فهذا يعني أنهم يخبئون شيئًا أسوأ."

أجاب رين ببرود:

"كلا الحالتين تؤديان إلى الدم."

---

مع انبلاج الفجر، لم يكن هناك صوت للطيور… فقط صرخة عملاق تقطع السكون.

"عمالقة من الجهة الغربية!" صرخ أحد الجنود.

ثلاثة، خمسة، سبعة… ثم أصبحوا أكثر من اثني عشر.

وهاجت الأرض.

قفز رين من على حصانه، واستل سيفيه:

"لا تشتتوا الصفوف! ليفاي، معي. ميكاسا، احمي أرمين والمؤخرة!"

قال ليفاي وهو يبتسم ابتسامة بالكاد تُرى:

"لا تأمرني يا فضي الشعر… لكن حسنًا، لنرَ من يقتل أكثر."

وفي لحظة، اندفعت الأجساد.

ميكاسا كانت كالشبح بين رؤوس العمالقة، تقطعهم بمهارة متناهية، لكنها كانت تحمي أرمين أكثر مما تهاجم.

أما إيرين، فقد صرخ بكل قوته وتحول إلى عملاقه، جسده يهتز ويتشقق، ليظهر من الدخان عملاق الغضب.

لكن أني… كانت واقفة، ساكنة، تراقب.

تذكرت كلمات رين، يوم أخبرها:

"لا تتحولي… حتى آمرك. في ساحة الحرب، أحتاجك كالسيف الأخير، لا كأول رمية."

كانت نظراتها جامدة، لكنها احترمت ذلك الوعد.

---

رين، وسط ساحة المعركة، لم يكن كالباقين.

فتح نافذة النظام داخله وهمس:

"تنفس الصخر – الشكل السابع: التعزيز."

جسده بدأ يتوهّج بطاقة رمادية فضية، عروقه انتفخت قليلًا، وعيونه اشتعلت بوميض حاد.

كل ضربة من سيفه أصبحت كتحطيم صخرة.

سقط عملاق تلو الآخر… اثنان، ثلاثة، أربعة.

لكن القوة لم تكن بلا ثمن.

كل نبضة قلب كانت تثقل على جسده، كل خطوة تُرهقه أكثر، لكنه استمر.

في أحد الزوايا، ميكاسا كانت تترنح، تعبة بعد قتل ثلاثة عمالقة كانت تهدد أرمين، الذي كاد يُسحق.

اقترب أحد العمالقة منها، لكن قبضة عملاق إيرين ضربته بشراسة، وأنقذها.

ثم حدث ما لم يتوقعه أحد.

عملاقة ذات وجه مقيت، ملامح لا تُنسى، اقتربت من إيرين.

توقفت الدنيا لحظة…

تلك العملاقة… هي نفسها التي التهمت والدته.

شهق إيرين، وتجمّدت عروقه، بينما ميكاسا همست باسمه من الخلف.

ركضت نحوه رغم تعبها، لكن الجسد لم يعد يطاوعها، فسقطت.

اقتربت العملاقة أكثر، مدّت يدها نحو ميكاسا…

وفي لحظة خاطفة، لكزها إيرين بيده بكل غضبه… بكل الحزن الذي حمله لسنوات.

صرخة حيوانية انطلقت من أعماقه، وهدأ كل شيء…

جثا العملاق أرضًا، وانسحبت باقي الوحوش.

---

جلس رين على صخرة، يلهث، بينما الدم ينزف من فمه.

ثمانية عمالقة قتَلهم، لكن الجسد بدأ ينهار.

بجانبه وقف ليفاي، يلوّح بسيفه المغطى بالدماء، ثم قال دون فخر:

"أحد عشر. سبقتك اليوم."

ضحك كوني من بعيد:

"بطل البشرية؟ لا، بل أبطال الدماء."

ساشا كانت تمضغ خبزًا جافًا، وتقول بفم ممتلئ:

"أظنه شيطانًا… أو ملاكًا، لا أقرر بعد."

بينما الآخرون يرمقون رين بدهشة.

حتى هانجي التي كانت توثق القتال، أوقفت الكتابة لتتأمل وجهه المرهق… الفضّي، الصلب، الذي بدا كأن لا شيء يهزّه.

---

في آخر المشهد، كان إيرين يركب حصانه، وميكاسا تمشي بجانبه، لا أحد منهما يتكلم.

سأل ليفاي وهو يحدّق بهما:

"هل هذا… ما كنت تعنيه، رين؟"

لكن رين لم يرد.

اكتفى بابتسامة خفيفة…

ثم أغلق عينيه للحظة.

النهاية.

---

الفصل القادم هي سيكون اخر فصل ارك نحو جدار ماريا ، بعدها يبدأ ارك الحماس والاكشن

2025/04/17 · 24 مشاهدة · 617 كلمة
نادي الروايات - 2025