الفصل 36: بزوغ نيران الحرب – الجزء الثاني
السماء بلونها الرمادي تمطر رمادًا خفيفًا فوق أرض خضراء تمزقها الحفر، والهواء يتكهرب بصمت يسبق العاصفة. وسط هذا الهدوء المشوّه، تسقط أني من السماء كشهاب، جسدها يلمع بين العشب الملطخ بالدم، وعيونها الزرقاء تتوهج بعزمٍ لا يُكسر.
زيك، في جسده القردي الضخم، يقف وسط ساحة القتال كتمثال من الظلام، ينبض بالغضب والدهاء. أني تهبط عليه من الأعلى، تصرخ بصوت يُمزق صدرها:
"زيك!!"
يهمّ لصدّها بذراعه، لكن ركلتها ترتطم بوجهه مباشرة، تدفع رأسه إلى الوراء مع انفجار صوتي يهز الأرض، ويشق الهواء بشرر مشتعل.
يتراجع زيك مترنحًا، يطلق زمجرة مدوّية، ثم يهجم، ذراعه العملاقة تندفع لتسحقها، لكنها تنزلق من تحته برشاقة، تدور وتلكم ساقه الداخلية، فيفقد توازنه للحظة.
"أنــي!" زمجر بصوته المزدوج.
لكنها لا تتوقف. خطواتها تقطع الأرض، كل ضربة من قبضتها تترك شقًا، وكل ركلة تصرخ بالعنف. لم تكن تقاتله كحليفة سابقة، بل كعدوّ كُسر فيه شيء لا يُصلح.
زيك من جهته، يستخدم الحجارة التي التقطها من الأرض، يحولها إلى قذائف قاتلة ويرميها بكل قواه. تندفع الصخور كالنجوم المتفجرة، لكن أني تتفاداها بدقة، تقترب أكثر، وتحاول خرق دفاعاته عند الكتف.
عظام تُطحن، وأطراف تُفتح، وزئير يغمر السماء.
على الجانب الآخر من الميدان، كان رين يحلق بين أعمدة الدخان، سيفاه يتوهجان بلون الدم المحترق. كل خطوة، كل اندفاعة، كل انحناءة من جسده تقطع الهواء وتترك خلفها طنينًا من الموت.
"واحد..." همس لنفسه، وهو يشق عنق عملاقٍ متجهم، ينهار كجبل منهار.
"اثنان..." قطع رقبة آخر قبل أن يلتفت إليه.
أمامهم، كانت بيك قد أطلقت جسد العربة بكامل سرعته، تتحرك بخفة مذهلة رغم حجمها، عيناها تراقبان بحذر محاولة زيك الهجوم من جديد، لكن نظراتها انتقلت سريعًا نحو… ليفاي.
كأنه شبح انبعث من الدخان، ظهر بجانب جسدها، وسيفاه يتحركان بسرعة لم تلحقها العين. دفع بأحدهما إلى المدرع المعدني المثبت على الكتف، فشقّه كالماء، وأشعل نارًا في أنظمة التوازن.
لكن بيك كانت أسرع مما ظن.
انحنت إلى الجانب، وقلبت جسدها العملاق، مما أسقط ليفاي أرضًا، ثم دارت لتهاجمه مجددًا.
رين كان هناك، يهبط بجانبه، يمسكه بذراعه ويقذفه إلى الأعلى، حيث عاد ليفاي للمناورة في السماء.
"كنت أظن أنك لا تحتاج دعمًا." قالها رين بصوت متعب، وابتسامة باهتة.
"احتفظ بسخريتك للعمالقة، ليس لي." ردّ ليفاي وهو ينطلق من جديد.
العربة بدأت تنسحب لتأمين زيك، لكنها وجدت نفسها أمام سيفين... وخمسة جنود من فرقة ليفاي مزودين بالبراغي المتفجرة.
"لن تذهبوا بعيدًا!" صاح رين.
انفجارات تتتالى، أجساد العمالقة الهمج تتطاير، صرخاتهم تعلو ثم تختفي فجأة. أحدهم حاول الانقضاض على رين من الخلف، لكنه دار بسرعة، غرس نصليه في فمه المفتوح، وتمزق رأس العملاق حتى انطفأ.
فجأة، أحد جنود ليفاي يسقط، التهمه عملاق لم يُلاحظ خلف التل. الدم يرشّ السماء، وصرخة تقطع قلوبهم. رين يركض، يطير، ينغمس في الهواء، يقفز فوق رأس العملاق، ويغرز نصله في مؤخرة عنقه بشراسة شيطانية.
قلبه ينبض كطبول الحرب.
أني من بعيد تصرخ بألم، زيك أمسك قدمها وضربها بالأرض مرة، مرتين، ثلاثًا.
لكنها فجأة تستخدم يدها الأخرى لتكسر ذراعه، وتندفع مجددًا كأنها لا تعرف الألم.
رين يهمس وهو ينظر إليها:
"لا أحد هنا يعرف التراجع... لا أنا، لا هي، لا ليفاي..."
ثم يركض نحو خط النار، في عينيه حقد قديم، وإرادة لا تنكسر.
---
بينما يتصاعد اللهب حول ميدان المعركة، وقبل لحظات من سقوطه المروع، أخذ زيك نفسًا عميقًا وهو يضغط بأسنانه على الألم الذي ينهش جسده.
أشار لبيك بصوت خافت:
"اسحبي نفسك بعيدًا... سأتكفّل بالضربة القادمة."
وعلى الجانب الآخر من جسده، برميلٌ ثقيل كان موصولًا بحبل سميك لذراع عملاقه، يتحرك كأنه لا يخص هذا العالم. دُوّن على جانبه بخط أسود: "BDT" – الشفرة المعروفة داخل صفوفهم: بيرتولت ديكومبو، العملاق الضخم.
زيك رفع البرميل بصعوبة بذراعه السليمة، يداه ترتجفان، ثم نظر للأفق حيث تُرسم ملامح مقاطعة شينغانشينا التي لا تزال صامدة.
"حان الوقت لإشعال الأرض من جديد..."
ومع زئير مرير، أطلق زيك البرميل كقذيفة ملتهبة، شقت السماء وسارت في خط مستقيم نحو قلب المنطقة.
ثم التفت نحو ليفاي الذي اقترب ببطء، وأدرك أن تلك كانت آخر لحظاته الواعية.
---
لحظة السكون
في السماء… شيء يسقط.
ليس طائرًا. ليس شهابًا.
شيء ضخم، خانق، كأنه يحمل الموت في داخله.
بيرتولت.
وجه رين يرتفع ببطء، وعيناه تتسعان وهو يراقب البرميل يقترب من الأرض، والهواء يتجمد حوله.
[تنبيه من النظام]
تم رصد تهديد كاسح قد يؤدي إلى تغير جذري في مسار القصة.
تم فتح الخيارات الطارئة، اختر واحدًا:
1. استخدام جرعة التجديد: استعادة الصحة الكاملة والطاقة، دون تأثيرات جانبية.
2. التحول المؤقت إلى العملاق المتفرد: تفعيل قالب العملاق المتفرد لمدة محدودة – طاقة هائلة، لكن الجسد سيتحطم بعدها مؤقتًا.
3. تحليل الرياح: مراقبة اتجاه الرياح لتقدير موقع السقوط بدقة – لا يساعد فعليًا في إيقاف الكارثة.
4. الصراخ داخليًا: خيار لا معنى له... لكنك ستشعر بشيء من الارتياح، ربما.
---
وقف رين في مكانه، نظراته تتنقل بين البرميل وبين حلفائه المرهقين، بين الأرض التي بدأت ترتجف، والسماء التي شُقّت بنذير الخراب.
لم يكن هناك وقت... لكن النظام ينتظر.
توقف كل شيء.
حتى قتال ليفاي، حتى صراخ أني، حتى رماد السماء.
كأن الكون نفسه يتنفس بصمت، في انتظار القرار.
ماذا سيختار؟
---
نهاية الفصل 36
أراك في الفصل القادم... حيث لا أحد يخرج كما كان.
---
نهاية الفصل 36 اعدكم الارك هذا كله حماس ان شاء الله.