الفصل 39 – "عند أقدام الوحش"

وقف رين.

جسده النحيل متماسكٌ فوق هيكل "العملاق العربة"، وسيفاه يتدليان من جانبيه كجناحين من جليد، لا يلمعان إلا ليرسمان خط النهاية.

شعره الفضي يتطاير مع الريح المتخثرة، وعيناه الحمراوان… خاليتان من الرحمة.

كأنّه خُلق من سكونٍ لا يعرف الحنين، لا يحمل بين ضلوعه سوى برد الماضي، وقسوة الحاضر.

تحت قدميه، تحركت بيك بصعوبة، تحمل زيك فوق ظهرها، والعرق يغطي وجهها من الداخل، شعورها بالخطر لم يعد داخليًا فقط، بل بات حقيقيًا… يكاد يلمسها.

كانت تعرف أنهم لن يهربوا.

وزيك… لم يقل شيئًا. أنفاسه ثقيلة، وصدره يعلو ويهبط كأن كل شهيق هو معركة أخيرة.

لكنه شعر.

أكثر من أي وقت مضى، شعر بأن النهاية تقترب.

رين لم ينطق في البداية.

لكن عينيه قالت كل شيء.

تلك النظرات لا تصدر عن بشر.

بل عن شيء جاء بعد أن تموت المشاعر، بعد أن تُدفن الرحمة، وتُنسى العدالة.

ثم… قالها.

بصوت منخفض، لا يحتاج أن يُرفع حتى يُسمَع:

"سأنهي ما كان يجب إنهاؤه منذ زمن."

صوت الريح خفت، وكأن العالم نفسه أمال رأسه ليصغي.

في تلك اللحظة… تكلم الشيطان.

داخل رين، ارتفعت الهمسة السوداء، مألوفة كجراح قديمة:

“أحسنت، رين… هذا أنت، هذا ما وُجدت لأجله.”

لكنه لم يرد.

لم يكن بحاجة للرد.

بيك تحركت فجأة، محاولة قلب الموازين. ضغطت بجسد عملاقها لتجبر رين على التراجع، ارتجّ العملاق أسفل قدميه، لكنّه… لم يترنح.

بل قفز.

قفز بخفة قاتل، ودوران خفيف في الهواء، ثم اندفع مباشرة نحو زيك.

السيف انطلق كأن الريح نفسها تدفعه، مزّق الهواء بصافرة الموت، وغاص في صدر زيك.

لكن رين لم يخطئ القلب.

تعمد ألا يفعل.

النصل اخترق الجانب الأيسر من صدر زيك، بين الضلوع، مائلًا تحت القلب بقليل، طعنة عميقة، موجعة، لكن غير قاتلة… بعد.

ارتجف جسد زيك بقوة، وتشنجت عضلاته من الألم المفاجئ. عيناه اتسعتا، وصدره أصدر صوتًا أقرب إلى الاختناق، ثم سقط من على ظهر العملاق، بقوة، على الأرض الجرداء، يئن، يتلوى، والدماء تنزف بغزارة من الجرح.

رين نزل خلفه.

هبط بثبات بجوار جسده المنهار، سيفه لا يزال يقطر، والهدوء على وجهه لم يتغير.

لم ينظر إليه سوى لمحة. لم يكن بحاجة.

زيك، في تلك اللحظة، لم يكن خصمًا… بل قرارًا تم اتخاذه.

ثم… رفع رين رأسه.

نظر نحو "العملاق العربة"، نحو بيك.

داخل الهيكل، كانت بيك تتنفس بسرعة، قلبها يضرب ضلوعها كطبول حرب خاسرة.

الهواء في أنفها بات سميكًا، والدم يندفع في أذنيها بصوت أشبه بالعاصفة.

“لا أمل.”

“إنه ليس إنسانًا.”

“إنه لا يتعب… لا يتردد… ولا يتوقف.”

شعرت بالخوف.

الخوف الحقيقي.

الخوف الذي يُجمد الدم في العروق، ويجعل الوقت أبطأ، والنظر أثقل.

ومن خلال الفتحة الصغيرة في هيكل العملاق، التقت عيناها بعينيه.

كانت نظرات رين صامتة.

لكن خلف الصمت… كان الوعيد.

---

رائع، الآن بعد أن اكتملت رؤيتك للمشهد، سأكتب لك الدفعة الثانية من الفصل 39 بأسلوب أدبي، مظلم، وبتسلسل درامي قوي، مع المحافظة على كل النقاط التي ذكرتها. إليك النص:

---

الفصل 39 – "عند أقدام الوحش" (تابع)

صرخةٌ انفجرت من فم العملاق.

زئير هادر، خرج من صدر "العملاق العربة" فهزّ الأرض تحت أقدام رين، وتردد صداه في الأفق، كأن الصحراء نفسها شهقت. صوت الريح تغيّر، تحوّل إلى إعصارٍ عنيف انطلق من فم بيك، محمّلًا بنية البقاء، بهلعٍ لا يُقال.

لكن رين لم يرمش.

شعره الفضي تموّج مع العاصفة، وعيناه القرمزيتان اشتعلتا بلون الدم، لامعتين كجمرتين في قاع جليدي.

ثم… تقدّم.

خطوة.

خطوتان.

ثم بدأ يجري.

وبلحظة، اختفت قدماه عن الأرض، كأنّه قذف نفسه في قلب الإعصار.

العملاق تحرك، وبيك في الداخل تصرخ وتدفع جسدها نحو القتال. المخاطر واضحة، لكن الفرار لم يعُد خيارًا.

اصطدما.

رين انطلق حولها مثل ظلٍّ مسعور، يلوح بسيفيه في دوامات قاتلة.

"تنفّس الصخر – الشكل الثاني: رنين الهاوية."

الضربات كانت سريعة… أسرع من أن تُرصد.

لم تكن كل ضربة لتخترق جسد العملاق، لكنها كانت تضرب الأعصاب، تضرب المناطق التي تُجدد، تستهلك طاقة التحمل الكامنة في بيك.

صرخ العملاق، تراجع خطوة.

ثم ضرب.

الذراع الحديديّ الهائل اندفع من العربة وضرب رين بجسده… لكنّه لم يُسحق.

رفرف كريشة في الهواء، استدار، وضع قدمه على يد العملاق، وقفز منها للخلف، كأن الضربة كانت مجرد منصة إطلاق.

صوت لهاث صدر من داخل العملاق.

بيك ظهرت من الفتحة، وجهها شاحب، يقطر عرقًا، والدم يلون جبهتها.

"زيك… هذه فرصتي."

"سآخذك ونرحل… هذا الكائن ليس بشرًا… لا يمكن أن يُهزم."

اندفعت نحو زيك، بقلبٍ ينبض بالذعر، وظهرها يصرخ من ألم التجديد المستمر.

لكن رين ابتسم.

ابتسامة باهتة.

خالية من كل إحساس.

مجرد علامة… على أن اللعبة انتهت.

“خطاف.”

اندفع الحبل، وثُبّت في جسد "العملاق العربة"، وفي لحظةٍ تفجّر الغاز خلفه، كأن الرياح انفجرت من باطن الأرض.

"تنفّس الصخر – الشكل السادس: انفجار الهاوية."

بوم.

تشقّق الهواء، تصدع الهيكل، وتطايرت الدماء والحديد مع التراب المحترق.

انهار "العملاق العربة" كجسد بلا عظام، وتدحرجت العربة إلى الجانب.

هدأ المكان.

الصمت كأنّه نسيان مفاجئ.

ثم ظهر رين… يحمل جسد بيك، فاقدة الوعي، ملطخة بالدماء، تتنفس بصعوبة.

كان يحملها كأنها لا تزن شيئًا.

اقترب من زيك.

خطوة، فخطوة… كأن الموت نفسه يتقدم.

نظر إليه ببرود، ثم بصوت خافت، أشبه بالهمس في غرفة مليئة بالجثث، قال:

"ظننتك فقدت الوعي... لكن يبدو أن قائد الوحوش لم يسمح لنفسه بالاستسلام."

"كم هو مضحك… أن من يفترض به قيادة الوحوش، يرتجف بهذا الشكل."

زيك شهق، والخوف على وجهه تفجّر كدمعة طفل.

صرخ فجأة، وهو يرفع يده المرتجفة، وصاعقة ذهبية ضربت السماء، تشقّقت معها سحب المعركة.

لكن رين… لم يتحرك.

كان يقف هناك، ثابتًا، أمام العملاق الوحش.

وجهه خالٍ من أي قلق، من أي انفعال.

ثم ابتسم.

ابتسامة باهتة، هادئة، لا تنتمي لهذا العالم.

وقال:

"تعال، يا قائد الوحوش…"

"أرني أن ما تبقّى منك… يستحق أن يُخاف منه."

---

نهاية الفصل 39.

ثلاثة فصول اليوم

بس اذا وصل الفصل 5 تعليقات بنزل دفعة اضافية.

2025/04/18 · 24 مشاهدة · 893 كلمة
نادي الروايات - 2025