الفصل 40 – "سقوط الوحش"
وقف رين بهدوء… لا، بل بسكونٍ مخيف، كأن الزمن ذاته توقف أمام عينيه.
كانت عيناه القرمزيتان موجهتين نحو الوحش الجاثم أمامه.
العملاق الوحش… زيك.
ذلك الكائن الذي طالما تلاعب بالموت، هاهو الآن ينكمش في داخل جسده العملاق، كأن حضوره قد تضاءل أمام ظلّ رين المشتعل.
داخل الجمجمة العظمية، كان زيك يلهث.
العرق يقطر من جبهته، أنفاسه ثقيلة، نظراته هائمة، يحدّق بذلك الشبح الفضي الذي يبتسم له بتلك البرودة القاتلة.
"هذا ليس بشريًا…"
"أنا وبيك… والعمالقة بلا عقل… حتى راينر… لم نستطع لمسه حتى…"
"هل… هل هذا حقًا شيطان؟"
ارتجف فكه. حاول أن يتحدث، أن يأمر، أن يتصرف… لكن شيءًا بداخله تحطم.
"ربما يجب أن أنسحب…"
"أنا آسف يا بيك…"
"راينر، بيرتولت، آني، حتى العملاق الفك…"
"لو واجهوا هذا الوحش… سيُسحقون."
تحركت عينه المرتعشة نحو بيك، جسدها الصغير ملقى كدمية بالية، ملطخ بالدماء.
"سأنتهي… سيتم ابتلاعي… وسيورثون الوحش لغيري."
"اللعنة… ماذا أفعل؟!"
لكن قبل أن يجد إجابة، تلاشت ابتسامة رين فجأة.
تغيّر الهواء.
خطا خطوة واحدة فقط…
بووووم.
الأرض اهتزت. اختفى من مكانه كأنّه لم يكن هناك أصلًا.
زيك شهق، حدقتا العملاق توسعتا، وقبل أن يفهم ماذا يحدث، كان رين يقف عند قدمه اليسرى.
"تنفّس الصخر – الشكل الثاني: رنين الهاوية."
ضربات سريعة، كأنها عاصفة من شفرات متوحشة.
راح رين يدور حول العملاق كدوامة قاتلة، سيفاه يضربان جسده في كل زاوية، كل مفصل، كل بوصة يُمكن أن تُصيب الألم.
كان المشهد كأن عاصفة خُبّأت داخل جسد إنسان… وانفجرت.
زيك لم يستطع التحرك.
لا أوامر.
لا مقاومة.
فقط محاولة يائسة لفهم ما يحدث… لكنها فشلت.
رنّت الشفرات على لحم العملاق، قطعت الجلد، نزفت الطاقة، واستنزفت قدرة التجديد تدريجيًا.
ثم…
قفز رين.
قفز للأعلى، إلى الرأس مباشرة، وعيناه تلمعان بلون قرمزي جليدي.
طعن بعيني العملاق.
صرخة.
من الداخل، صرخ زيك، صرخة لم تُسمع من قبل، صوت نقيّ من الألم الحقيقي.
"عينيّ…! سحقًا له… سحقًا له!!"
دفع رين بجسده للأعلى، استخدم رأس العملاق كمنصة، وانطلق نحو السماء.
زيك لم يعد يرى.
راح يضرب بذراعيه في الهواء بعشوائية، يبحث عن رين كما يبحث الغريق عن الضوء.
لكن رين كان هناك، في الأعلى… فوق كل شيء.
نظر إليه من علٍ، ووجنتاه تسيلان بدم بيك، وسيفاه يشعّان بوميض النهاية.
همس:
"انتهى الأمر."
"تنفّس الصخر – الشكل الأول: ثقل الجلمود."
---
يتبع…
امزح
----
كان سقوطه كنيزكٍ من السماء… لا صوت يعلو فوق هدير الريح وهي تشق صدر الهواء من حوله، ولا شيء يُرى إلا وهج العينين القرمزيتين يتقد في وجهٍ بارد كالموت.
رين… سيفاه مشتعلة بطيف الدم، يهوي من عليائه كقدرٍ أُرسل ليهدم وحشًا تجرأ على التنفّس.
وفي الأسفل، كان زيك.
العملاق الوحش… الكيان الذي طالما أرعب الجبهات، الآن يقف كالطفل الضائع، يضرب الهواء يائسًا، يبحث عن حظٍّ ينقذه من السقوط.
لكن الحظ لا يُولد تحت سيوف رين.
"تنفّس الصخر: الشكل الأول – ثقل الجلمود"
نزل على رأس العملاق كالعاصفة.
بوووم!!
الانفجار هزّ الأرض.
تفجرت الجمجمة، وتطايرت العظام كالغبار، سقط الجسد العملاق كجبلٍ منهار، وزلزلت الأرض من تحت قدميه.
عبر الغبار… خرج رين.
بصمتٍ تام، أنفاسه متقطعة، جسده مثقل بالإرهاق، لكنه واقف.
عيناه لا تزالان جامدتين، والدم يتساقط من ذراعيه كأنه طلاء معركة.
على الأرض، خلفه، كانت بيك ملقاة بلا حراك.
اقترب منها، انحنى قليلًا، رفعها على كتفه بثباتٍ حازم، وكأنها لا تزن شيئًا.
ثم استدار.
نظره وقع على زيك، الملقى وسط الدمار، يتلوى من الألم، عاجزًا عن الحركة.
لم يكن بحاجة للقتل… بل للإذلال.
فتح رين مخزن النظام، أخرج حبلًا أسود شديد المتانة، ومضى نحو زيك.
ركع بجانبه، لفّ الحبل بإحكام حول ذراعيه وقدميه، شدّه كما تُشدّ القيود حول وحشٍ مسموم.
ثم سحب قطعة قماش داكنة، ودسّها في فمه، يُسكت بها ما تبقّى من صوته.
أخيرًا… رفعه على ظهره، مقيدًا كالأسير، جسده يتدلّى كخرقة بالية.
زيك… الكائن الذي سُمي مرةً "الوحش"، أصبح الآن مجرد عبء.
وقف رين، يثبّت بيك على كتفه، وزيك على ظهره.
رفع عينيه نحو الأفق… حيث الدخان يتصاعد من جدران شينغاشينا، حيث رفاقه يقاتلون وربما يسقطون.
تنفّس بصمت، ثم تمتم:
"تمّت المهمة هنا… والآن، عليّ اللحاق بالباقين."
واندفع…
والظلال ابتلعت أثره.
---
وصلت للنهاية؟ رهيب!
اكتب تعليق بسيط أو حتى "متابع معك" وخلني أعرف رأيك!
إذا وصلنا 10 تعليقات، أنزل فصل إضافي هدية لكم!
تفاعلكم هو وقودي!