الفصل 41 - ما بعد الانفجار

كان الصمت يلف السماء الرمادية، لا يُسمع سوى صوت خطوات ثقيلة تهز الأرض ببطء، كأنها طبول النهاية تقترب. عشرة عمالقة أحاطوا بأنّي وليفاي من كل جانب، بينما لم يتبقَ في عدتهما سوى القليل… شفرات مشروخة، وغاز يكاد ينفد.

أنّي وقفت متصلبة، كتفها ينهكها الجهد، وجسدها تملأه الجروح والخدوش. تنظر إلى العمالقة بخوف هادئ، خوف تعلّمت أن تخبّئه جيداً خلف ملامح جامدة.

"غريب،" قالت بصوت منخفض وهي تتنفس بصعوبة، "كنت أظن أنني سأموت على يد أحد أقوى... لكن يبدو أنها ستكون نهاية صامتة."

لم يرد ليفاي مباشرة. كانت عيناه تتفحصان المجال، عدوه ليس فقط العمالقة، بل الوقت... والضعف.

تابعت أني، بصوت خافت أقرب للاعتراف:

"كنت... فقط أتمنى رؤية والدي مرة أخيرة. لا شيء آخر."

رمقها ليفاي بنظرة جانبية، ونفث زفرة طويلة. كان التعب واضحًا في عينيه، لكنه لم يكن منهزمًا، أبداً.

"ما زالوا هناك،" قال بصوت ثابت، ونظر إلى البعيد حيث فرقة الاستطلاع التي أرسلها قبلهما. "هربوا، بفضلك."

"وأنت؟" سألت أني بصوت أقرب للهمس.

أجاب ليفاي بعد لحظة صمت:

"... سأبقى هنا. سأحاول تأخيرهم."

ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجه أني. "كأنني لا أعرفك..."

"الباقي عليك، رين..." همس ليفاي وهو يوجه نظره إلى السماء.

وفي لحظة خاطفة...

صوت صفير الهواء وهو يتمزق.

ظلٌ يسقط من الأعلى، سريع، كثيف، كنيزك ناري.

جسد زيك يهوي من السماء كدمية مكسورة، يتحطم على الأرض بصوت مكتوم مرعب، وخلفه... رين.

---

سقط زيك كأنه حطام نيزك خذلته السماء، ارتطم جسده المشوّه بالأرض بقوة كافية لهز التربة، فتطاير الغبار في موجة دائرية عنيفة. جسده لم يتحرك بعدها، لا صوت، لا تأوّه، فقط الصمت... صمت ما قبل العاصفة.

فقد الوعي تماماً.

لحظة فقط فصلت بينه وبين بيك، التي كانت تهوي بجانبه بجسدها النحيل، فاقدة الوعي، تتجه مباشرة نحو صخور حادة في الأسفل... لكن أني اندفعت رغم إنهاكها، وأسندتها بذراعين مرتجفتين، سقطتا سويًا لكن ببطء أقل، بلا جروح قاتلة.

وفي نفس اللحظة، سقط رين خلفهم، ظهره مائل قليلًا، الغبار يلتف حوله كعباءة رمادية، ووجهه مغطى بدماء ليست له.

طنـن!

صوت معدني ظهر مع إشعار خافت في زاوية رؤيته:

[تم تجديد المعدات تلقائيًا من النظام]

لم يكن بحاجة لوقت. لم يكن بحاجة لأمر. لقد حان وقت الذبح.

انطلق. كعاصفة مفترسة، كريح جليدية تحطم كل ما أمامها.

العملاق الأول لم يعرف ماذا ضربه، حين مزقته ضربات "رنين الهاوية" إلى أشلاء في ثوانٍ.

الثاني سقط بـ"ثقل الجلمود"، نُسف وجهه وانحنى عنقه كعود يابس.

الثالث... الرابع... الخامس... جميعهم طاروا كدمى، أجسادهم تنفجر وتتفتت وسط ضجيج لا يسمعه إلا من عاش الجحيم.

رن لم يكن يقتل فقط... كان يمزق، يبعثر، ينهي وجودًا بكامله.

كل ضربة كانت صرخة انتقام... كل قفزة كانت وعد موت.

تطاير الغاز من عبوته بكميات مجنونة، والرؤية أصبحت مشوشة برائحة الدم المحترق.

التاسع سقط بخرق مباشر للقلب، أما الأخير... الأخير تلقى "انفجار الهاوية"، ضربة نهائية اخترقت جمجمته، تفجرت الدماء حول رين كنافورة قاتمة.

ثم... صمت.

كل العمالقة سقطوا.

رين وقف، أنفاسه متقطعة، كتفيه مثقلين، لكن عينيه... هادئتان، داميتان. جسده مغطى بالدماء، يتبخر بعضها عن جلده وكأن الوحش الذي كان يقاتل... قد اختفى الآن.

خطا بخطى بطيئة نحو ليفاي، ثم جلس بجانبه، ظهره يحتمي بكتف صديقه القديم.

نظر إليه بابتسامة باهتة... منهكة، وقال بصوت خافت:

"أخبرتك... لن أخسر."

ينتهي الفصل.

---

وصلت للنهاية؟ رهيب!

اكتب تعليق بسيط أو حتى "متابع معك" وخلني أعرف رأيك!

إذا وصلنا 10 تعليقات، أنزل فصل إضافي هدية لكم!

تفاعلكم هو وقودي!

2025/04/19 · 21 مشاهدة · 529 كلمة
نادي الروايات - 2025