الفصل 45 – أصدقاء تحت الأنقاض

كانت الأرض تحت قدميه تهتز بخفة. خطواته كانت ثقيلة، كأن الأرض نفسها تتردد في حمله. ومع كل خطوة، كانت الجدران الحجرية الباردة تُعيد صدى أنفاسه كأنها تراقب دخوله بصمت مريب. الدهليز المؤدي إلى الزنزانة السرية لم يكن طويلًا، لكنه بدا له كرحلة عبر تاريخه كله... عبر كوابيسه، وانتصاراته، وندوبه التي لم تلتئم أبدًا.

عندما فُتح الباب الحديدي بصوتٍ صرير، نظر الجميع نحوه.

"رين؟!"

جاء الصوت أولًا من ماركو، الذي انطلق نحوه كأنهما لم يفترقا يومًا.

"اللعنة... أنت حي! حي فعلًا!"

فتح رين ذراعيه دون كلمة. لم يكن يعرف ما يقول، ولم يحتج. ماركو كان أكثر من صديق، كان شقيقًا، وجزءًا من روحه التي حاول نسيانها سنين. العناق كان صامتًا، لكن فيه ما يكفي من الكلمات التي لم تُقال منذ الحرب الأولى.

"مرحبًا بك في قبو الأحلام الميتة." قالها بيرتولت بضحكة خفيفة، وهو يجلس القرفصاء قرب الجدار، يقشّر برتقالة وكأن الأمر طبيعي.

"أوه، انظروا من استيقظ أخيرًا!" بيك رفعت حاجبها وهي تتكئ على الحائط، شعرها الفوضوي يغطي عينيها بنصف فتور ونصف سخرية.

"لقد كنا نراهن كم يومًا ستحتاج قبل أن تكتشف أن الحياة هنا... مملة جدًا." أضافت يومير، وهي تلوّح برزمة أوراق لعب نحو آني، التي تجاهلتها كعادتها وجلست تقرأ كتابًا قديمًا.

رين تنفس بعمق، ثم قال بهدوء:

"اشتقت لهذا... العبث الساخر وسط القتامة."

"قلتُ لكم إنه سيتغيّر." قال راينر، وهو يقترب واضعًا يده على كتف رين بثقلٍ يحمل مزيجًا من الاعتذار والطمأنينة. "أنت... مختلف."

"أوه، لقد صار فيلسوفًا الآن." علّق زيك وهو يشرب قهوته المرة من كوب معدني صدئ. "كنتُ أظن أنك ستمزقنا حين تستيقظ."

"ربما... لكنني تعبت من تمزيق الآخرين كي أكتشف أنني أنا من كان ممزقًا."

سادت لحظة صمت.

ثم انطلقت ضحكة مفاجئة من إيرين، الجالس في الزاوية يراقب كل شيء. نهض من مكانه واقترب من رين، عينيه تختبران ما إذا كان هذا الشخص هو نفسه الصبي الذي عرفه... أم شبحًا جديدًا نجا من اللهب.

"أخيرًا... تفوقت عليّ يا رين." قالها بابتسامة نصف حزينة. "أنت من تبقّى، بينما أنا... مجرد ظل."

ردّ عليه رين بابتسامة صغيرة:

"لا أحد منّا تبقّى بالكامل. نحن مجرد أجزاء... نحاول أن نصير شيئًا يشبه الإنسان."

قبل أن يُكمل أحدهم، فُتح الباب مجددًا.

ميكاسا وآرمين دخلا، نظراتهما تتأرجح بين الدهشة والراحة.

"رين؟" قالت ميكاسا، ثم سألته بصوت خافت:

"أين ذهبت كل تلك الكراهية؟"

نظر إليها رين بابتسامة هادئة، كأنه أفاق من كابوس طويل.

"دفنتها في الرماد. لم أعد أريد الانتقام، ولا البطولة، ولا حتى النجاة. أريد فقط... أن أعيش بشيء يشبه المعنى."

"معنى؟" تساءل آرمين وهو يقترب. "وهل وجدته هنا؟ بيننا؟"

"ربما لا بعد... لكني وجدت بدايته."

اقترب القائد إروين ببطء، عينيه تشعّان بالهدوء والإعجاب الصامت.

"أتعلم، رين؟ لقد كنتَ قائدًا دون أن تدري. ربما كنتَ الأمل الحقيقي الذي أردنا أن نكونه جميعًا."

وقف رين في منتصف الغرفة، محاطًا بأصدقاء كانوا أعداء، وأعداء صاروا رفاقًا. وجوه متعبة، قلوب مثقلة، لكن هناك خيط رفيع من الأمل يشق طريقه في الهواء.

ضحك أخيرًا، بصوتٍ حقيقي لم يصدر منه منذ سنين.

"اللعنة... أهذا ما يسمونه العائلة؟"

---

**الفصل 45 – أصدقاء تحت الأنقاض**

**(الجزء الثاني: النهاية)**

---

### **بعد ثلاثة أيام...**

كان الفجر يلفُّ سماء باراديس بلون رمادي مُثقَل بالغيوم، كأن السماء نفسها تتردد في إضاءة اليوم الجديد. رين يقف على حافة السور الخارجي للقلعة، يراقب الضباب الذي يزحف فوق الغابات مثل يد خفية تُحاول إخفاء العالم. خلفه، خطوات خفيفة تُقترب دون صخب.

"هل تعتقد أنهم سيُصدقون أنك ذاهب لـ'نزهة'؟"

ليفاي توقف بجانبه، يداه في جيوب معطفه الأسود، وعيناه تُحدقان في الأفق البعيد كما لو أنه يرى ما وراء الضباب.

"لا يهم ما يصدقونه... المهم أن تنفذ الخطة."

"الخطة؟" ضحك ليفاي ضحكة قصيرة مكتومة. "هل تُسمي هذا هراءً خطة؟ دخول مارلي وحدك، بدون دعم، لاختطاف عملاق المطرقة؟ حتى المجانين لديهم حدود."

التفت رين نحوه ببطء، عيناه الزجاجيتان تعكسان ضوء الفجر الخافت. "أتعرف لماذا نجوتُ من اللهب؟ لأنني تعلمت أن الموت لا يخاف منه المجنون... بل يخاف منه العقلانيون."

اقترب إروين من خلفهما، صوته الهادئ يقطع الجليد بينهما:

"حتى المجانين يحتاجون إلى سبب للعيش... ما سببك الآن يا رين؟"

صمت رين لبرهة، ثم أجاب:

"لقد رأيتُ شيئًا خلال الأربع سنوات... رأيتُ أننا جميعًا حبيسون في حلقة. العمالقة، الحروب، الكراهية... لن ينتهي هذا إلا إذا كسرنا المرآة."

"مرآة؟"

"المرآة التي نرى فيها العدو دائمًا... حتى عندما ننظر لأنفسنا."

رفع إروين حاجبيه بإعجاب، ثم قال:

"إذا اضطررت... فابتلع صاحبة المطرقة. أنت تملك قوة العملاق المتفرد، يمكنك امتلاكها."

تجمّد رين. كلمات إروين اخترقت صدره كسهم جليدي. حتى ليفاي التفت نحوهما بوجهٍ مُكفهرّ.

"لا..." همس رين. "لن أفعل ذلك."

"ولماذا؟" سأل ليفاي بحدّة. "هل تخشى أن تصبح وحشًا؟ أم أنك تخشى أن تكتشف أنك لست أفضل ممن قاتلتهم؟"

"أخشى أن أعتاد على القوة..." رد رين وهو يرفع يده أمام عينيه، يتأمل الخطوط السوداء التي تلمع تحت جلده كأسلاك شائكة. "خلال الأربع سنوات، كنتُ أستطيع التحكم بالعملاق المتفرد بشكل كامل... لكني اخترت ألا أفعل."

"لماذا؟"

"لأن القوة المطلقة... تُفسد حتى النوايا الطاهرة."

---

### **المغادرة**

حزم رين حقيبة صغيرة: خريطة، قنينة ماء، سكين مطوي. لا شيء أكثر. عند البوابة الخلفية للقلعة، وجد إيرين واقفًا في الظل، عيناه الحمراوان تُشعان كجمرتين في عتمة الفجر.

"ستفعلها لوحدك؟"

"العالم كله ضدنا... لا أريد جرّ أحد إلى جحيمي."

"أناني كالعادة." ابتسم إيرين بتعقيد. "لكن هذه المرة... ربما هذا ما نحتاجه."

قبل أن ينصرف، أمسك إيرين بذراعه:

"إذا قابلتِها... لورينا تايبور... أخبرها أنني آسف."

"آسف؟"

"آسف لأننا وُلدنا في عالمٍ يجبرنا على أكل قلوب بعضنا كي نعيش."

---

### **الذكريات في الضباب**

بينما كان رين يسير عبر الغابة المُحيطة بباراديس، عادت إليه ذكريات السنوات الأربع التي قضاها في الغيبوبة.

في ذلك العالم الرمادي، حيث كان يتجادل مع "لوكس" و"أمبرا"، اكتشف شيئًا مُفزعًا:

قوة العملاق المتفرد لم تكن مجرد تحكم في العمالقة... بل كانت بوابة لرؤية **الأقدار**.

خلال نومه، رأى خيوط الزمن تتشابك:

- **لورينا تايبور** تموت بيده.

- **إيرين** يُدمّر العالم في نوبة غضب.

- **ليفاي** يُضحّي بنفسه لإنقاذ طفل مجهول.

- **باراديس** تتحول إلى رماد، سواء انتصرت أو هُزمت.

لكن هناك خيط واحد مُختلف...

خيطٌ فيه يختفي العملاق المتفرد من العالم، كأنه لم يُخلق أصلًا.

---

المغادرة..(مكسل اكتب انتقال افضل بين المشاهد)

وقبل أن يختفي وراء الأشجار، التفت رين ليرى ليفاي وإروين واقفين عند البوابة.

"إذا لم تعد..." قال إروين بصوته القائدِي الواضح، "سنصنع من قصتك أسطورة."

رد رين بابتسامة حقيقية، نادرة، كتلك التي كان يملكها قبل أن تُسرق منه الطفولة:

"أفضل أن أكون مجرد ذكرى... على أن أكون كابيسًا."

---

في الطريق إلى مارلي

مرت الأيام الأولى بصمتٍ ثقيل. رين يسير نهارًا، يختبئ ليلًا، يتأمل النجوم التي تُشبه عيون أصدقائه الراحلين. في الليلة الثالثة، بينما كان يشعل نارًا صغيرة، ظهرا مجددًا:

**لوكس** (بتوهج ذهبي): "أنت تعلم أنك قد تُضحي بكل شيء... حتى نفسك."

**أمبرا** (بظل يبتلع النار): "وهل لديك خيار آخر؟ العالم لن يرحمك."

رد عليهما رين بينما يُراقب اللهب:

"لستُ خائفًا من الموت... بل من أن أعيش دون أن أفهم لماذا وُلدت."

صمت الثلاثة. حتى الأطياف بدت عاجزة عن ردّ شيء.

---

### **اللقاء المصيري**

عند حدود مارلي، وقف رين على تلة تُطل على العاصمة. المدينة كانت تعج بالحراس، بالمدافع، بالكراهية. تنفّس بعمق، ثم همس لنفسه:

"حان الوقت لكسر المرآة."

[**نظام القدرة المتفردة يُنشط...**]

[**إمكانية الوصول إلى قوة المطرقة: 0.1%**]

[**التهديد: 99.9%**]

لكن هذه المرة... ابتسم.

---

**نهاية الفصل 45**

---

وصلت للنهاية؟ رهيب!

اكتب تعليق بسيط أو حتى "متابع معك" وخلني أعرف رأيك!

إذا وصلنا 10 تعليقات، أنزل فصل إضافي هدية لكم!

تفاعلكم هو وقودي!

2025/04/21 · 8 مشاهدة · 1167 كلمة
نادي الروايات - 2025