الفصل 297

في مشهد لن تنساه جدران داخل وزارة السحر، وقفت أركان القاعة تراقب بذهول صامت ما لم يكن يتوقعه أحد: الساحر الشاب آلبرت بلاك، الذي بدأ اسمه يتردد كالرعد في عالم السحر، يواجه سيد الظلام اللورد فولدمورت نفسه وجهًا لوجه.

لكن المفاجأة لم تكن مجرد المواجهة، بل ما كان يشعر به آلبرت في قلبه في تلك اللحظة المروعة.

توتر ساحق... لكن ليس من فولدمورت

لم يظهر آلبرت اي ذرة خوف من مواجهة فولدمورت. بل كانت عينيه تحترقان بشيء آخر تمامًا: القلق. التوتر. الذعر... لكن ليس على نفسه. بل على أصدقائه. هيرميون غرينجر، هاري بوتر، رون ويزلي... وغيرهم من زملائه الذين علم آلبرت أن لوسيوس مالفوي ربما يكون قد وصل إليهم أو بات على وشك، وقد يجلب معه أكلة الموت.

صرخ آلبرت في نفسه قائلاً:

• إذا لم أصل إليهم في الوقت المناسب... قد لا يتبقى أحد لإنقاذه ! •

استغلت بيلاتريكس ليسترانج لحظة حضور فولدمورت لتتراجع بسرعة نحو دولوهوف الجريح، وقد بدا أنها تعتزم الهروب من المكان وترك ساحة المعركة لسيدها.

لكن... آلبرت لم يكن ليدعها تفلت هكذا.

في لحظة صاعقة، وبينما تتقدم بيلاتريكس بخفة، رفع يده اليسرى الخالية من العصا، وأطلق منها تعويذة قوية... تعويذة بدون عصانحو فولدمورت

في الوقت ذاته، ومن يده اليمنى التي تمسك بالعصا، أطلق تعويذة أخرى في اتجاهها.

استطاع فولدمورت بطبيعة الحال ان يتصدى لتعويذة التي انطلقت من يد آلبرت اليسرى، لكنه فوجئ بالامر !

بيلاتريكس طارت في الهواء، مدفوعة بتعويذة آلبرت، وابتعدت عن دولوهوف أكثر من عشرة أمتار.

ما لم يكن أحد يتوقعه... أن وجه فولدمورت نفسه تجمد لثوانٍ. عينيه الحمراوين تقلصتا، وصوته نطق بعبارة لم يسمعها أحد من فمه من قبل:

" كيف استطعت استعمال سحر بدون عصا؟! هل أنت مثلي أيضًا ؟!"

إنها كلمات تحمل ما هو أكثر من الدهشة... إنها اعتراف ضمني بالخطر.

لمن لا يعلم، استخدام السحر بدون عصا هو موهبة نادرة جدًا ان يملكها ساحر ،اي ظهور هذه الموهبة كانت تظهر فقط مرة كل قرن

اي يتقنها أقل من 0.5٪ من السحرة عبر التاريخ، وغالبًا ما ترتبط بموهبة فطرية عميقة جدًا... أو سلالة استثنائية.

لكن فولدمورت لم يتوقف عند هذا الحد من التفكير. بدأ صمت في عينيه يتحول إلى شيء أعظم: الرعب من احتمال أن يكون آلبرت بلاك هو فتى النبوءة الحقيقي

لطالما آمن فولدمورت أن الفتى هو هاري بوتر... لكن الآن، شيء ما تغيّر.

بعدما استوعب فولدمورت خطورة آلبرت عليه و على خطته ، عصاه بعنف، و صرح بزمجرة مرعبة وأطلق أقوى تعويذة قاتلة عرفها التاريخ:

" أفادا كادافرا !!"

شعاع أخضر زلزل أرجاء القاعة، موجهًا مباشرة نحو آلبرت.

لكن آلبرت، بحركة خاطفة، انتقل آنياً إلى زاوية أخرى من القاعة، تاركًا مكانه يتفجر بحطام الحجارة المتناثر والنور الأخضر القاتل .

رمشت بيلاتريكس بسرعة، نظراتها تنزف قلقًا، وجسدها بالكاد يحملها. رأت بعينيها أن آلبرت قد اختفى مرة أخرى بانتقال آني، مبتعدًا عن مواجهتها... لكنه لم يرحل.

كان ما يزال في الساحة، لكن تركيزه... تركيزه صار بالكامل على سيدها، على اللورد فولدمورت.

ذلك وحده كان كافيًا ليهز بيلاتريكس من الداخل.

"لم يعد يراني تهديدًا... !" فكّرت بمرارة بينما الدم يقطر من زاوية شفتيها، وعظامها تصرخ تحت جلدها من الكسور والرضوض.

كل ما بقي لديها هو أن تزحف. زحفت بسرعة على الأرض الحجرية، زحف المقاتل الجريح، نحو جسد أنطونين دولوهوف الذي كان ممددًا بعيدًا عنها. أنينه كان خافتًا، لا يتحرك، لكنه ما يزال يتنفس.

وضعت يدها على كتفه المشقوق، وبدون أي تردد، وبقوة يائسة ... انتقلوا آنيًا.

---

ظهر دخان مظلم كالدخان المنبعث من تعاويذ الظلام السوداء على جانب آخر في مكان اخر داخل وزارة السحر، يلف الفضاء الرحب للفناء الكبير في وزارة السحر.

المكان كان يبعد ما لا يقل عن مئة متر عن موقع المعركة داخل قسم الألغاز، لكن السكون هنا كان خانقًا. لا أصوات. لا حراس. لا شهود. مجرد ظلال وأرضٍ باردة.

وبين هذا السكون، خرج جسدان منهكان من الدخان. سقطا على الأرض مثل دمى مكسورة.

كانت بيلاتريكس في حالة لا توصف، جراح مفتوحة، ووجه مشوه من أثر نيران تعاويذ آلبرت، كان هذا لا يهمها لانه بعد ان تقوم بتعاويد شفاء على نفسها سيزول هذه تشوهات ، أما المشكلة الأكبر هي الكسور ظاهرة في ضلوعها وساقها اليسرى.

أكثر ما كان يهددها كان الكسر في عمودها الفقري السفلي... لولا أنها بصعوبة، قبل دقائق، ألقت على نفسها واحدة من أقوى تعاويذ الشفاء التي تحفظها، لكانت الآن جثة هامدة بسبب آلبرت

أما دولوهوف، فكان أشبه بكائن نصف ميت ، يده اليمنى قد بُترت، و إحدى أذنيه قد قطعت و يئن بصوت خافت، غير قادر على التحدث إلا همسًا.

لكن فجأة، بدأ يتحرك. استيقظ، انفجرت عيناه وهو يتنفس بقوة. نظر إلى جانبه فرآها... ثم سأل بضعف:

"أين نحن؟"

بيلاتريكس بصوت متعب، بالكاد تسمع:

"داخل الوزارة... ما زلنا هنا."

تسارع تنفسه، نظر حوله بسرعة، ثم وقف، رغم الألم، وهو يمسك بكتفه النازف.

ثم قال بصوت متهدج، مملوء بالعزم والغضب:

"يجب أن... نذهب إلى قسم الألغاز."

بيلاتريكس رمشت في صدمة، ثم صرخت بعنف وهي تتكئ على الجدار لتستعيد توازنها:

"ماذا ؟! هل جننت ؟! اللورد أمر أن يتعقبه واحد منا فقط... واحد ! إذا عدنا كلنا، سنكون قد خالفنا أمره... وسيقتلنا دون تردد !!"

لكن دولوهوف لم يكن يستمع. لقد كان صوته يحمل شيئًا آخر. شيئًا أشبه بالخوف.

خوف ليس من فولدمورت فقط بل ما حدث له سلفا. من ما حدث له عندما فشل سابقًا هو و لوسيوس مالفوي في حصول على. حجر الفيلسوف .

" أنت لا تفهمين..." قال بصوت كأنه خرج من جحيم، "أنتِ دائمًا كنتِ المفضلة لديه. لن يُعذبك كما يُعذبنا. لكن أنا... لو عدت الآن وأنا فشلت مرة أخرى... فلن أخرج من هذا المكان حيًا."

التفت نحوها، عيناه شاحبتان، متوترتان. لكن دون أن ينتظر ردها، أدار ظهره وبدأ يخطو نحو الممر المؤدي لقسم الألغاز من الجهة الخلفية، يجرّ قدميه، لكن بخطى ثابتة.

بيلاتريكس تجمدت.

كان هناك شيء في كلماته قد جعلها تصمت فجأة. شيء جعل عيناها ترتجفان. لوهلة، كانت تريد أن تصرخ عليه، أن تأمره بالتوقف... لكنها لم تفعل.

كان الخوف من غضب اللورد شيئًا تعرفه جيدًا. ورغم مكانتها، لم تكن مغفورة تمامًا من بطشه إن أخطأت.

لكن... ألبرت... قوته...

إن تركوا ألبرت يتجه نحو أصدقاءه الآن، فقد تُدمر الخطة بالكامل. والأهم، اللورد لن ينسى من سمح له بذلك.

وفي لحظة عناد وتردد، وبينما بدأ دولوهوف يبتعد عنها...

صرخت بيلاتريكس، وهي تركض خلفه بعنف:

" انتظر ! انتظر !!... حسناً ! سأذهب معك !!"

لم يلتفت، لكنه توقف.

لحقته بخطوات متعثرة، متعبة، لكنها مصممة.

كانت في هذه اللحظات ، يواجه هاري و من معه صعوبة كبيرة أمام أكلة موت

انطلق شعاع أحمر من طرف عصا ليليا ، لكن مالفوي . شتته.. أصابت تعويذته تعويذتها وجعلتها تنحرف لتصيب رفا على مسافة قدم من هاري فتحطمت العديد من الكرات.

انبعث شكلان بلون أبيض لؤلؤ كالأشباح، وبملمس سائل دخاني الطابع من بين حطام الزجاج على الأرض، وبدأت كل منهما في الكلام، وأصواتهما تتداخل حتى إنهم لم يسمعوا سوى بعض الكلمات من بين صياح مالفوي و ليليا

صرخت ليليا بصوت غير متماسك: " لقد جرو جرو.. ذلك الهجين النجس، الـ... ".

صاح مالفوي: " انتظري حتى نحصل على النبوءة ".

قال شكل المرأة المتجسدة من الكرة الثانية " ... ولن يأتي بعده أحد... " .

ذاب الشكلان المتجسدان المنبعثان من الكرتين في الهواء. لم يبق منهما سوى بقايا الزجاج على الأرض. لكنهما أعطيا هاري فكرة المشكلة هي نقلها للآخرين.

قال سعيا لكسب الوقت: " لم تخبروني ما يهمكم في النبوءة التي تريدون منى أن أناولها لكم ". حرك قدميه ببطء إلى الجانبين بحثا عن أقدام غيره من رفاقه. قال مالفوی: " لا تلاعبنا يا بوتر ".

قال هاري ونصف عقله في الحوار والنصف الآخر على قدمه المتحركة " أنا لا ألعب ". ثم وجد أصابع أقدام أحدهم وضغط عليها. سمع شهقة من خلفه وتعرف فيها على هيرميون

همس : " ما الأمر؟ " .

قال مالفوي: " ألم يخبرك دمبلدور من قبل بأن سر ندبتك مخبأ في أعماق مصلحة الألغاز والغوامض؟ "

قال هاري: " آ.. ماذا؟ ". لحظتها نسى الخطة وقال: " ما علاقة ندبتي بالموضوع؟ " . همست هيرميون برجاء من خلفه: " ما الأمر؟ "

قال مالفوي بسرور وجذل كبيرين: " حقا؟ " . ضحك بعض أكلة الموت ثانية.. ومن تحت غطاء صوت ضحكهم، همس هاري لهيرميون محركا شفتيه بأقل قدر ممكن، قائلا: " حطمي بعض الرفوف..... "

ردد مالفوي قوله: " ألم يخبرك دمبلدور من قبل؟ هذا يفسر سبب تأخرك يا بوتر، تساءل سيد الظلام لماذا لم....... "

" عندما أقول لك الآن.. " .

" ... تأت متلهفا عندما أظهر لك المكان المخبأة به النبوءة في أحلامك، حسب أن فضولك الطبيعي سيجعلك ترغب في سماع منطوق النبوءة..... "

قال هاري " حقا؟ " . من خلفه، سمع هيرميون تمرر رسالته للآخرين فاسترسل في الكلام ليبعد أعين أكلة الموت عنها: " إذن، فقد أراد أن آتي وأخذها .. أليس كذلك؟ لماذا؟ " .

بدا مالفوي في ذروة سروره وهو يقول: " لماذا؟ لأن الشخص الوحيد المسموح له باستعادة نبوءته من مصلحة الألغاز والغوامض يا بوتر، هو من تعنيه النبوءة، كما اكتشف سيد الظلام عندما أمر الآخرين بأن يأخذوها له رغم ان هناك مشكلة عويصة في الامر " .

تابع هاري و قال " من هذه مشكلة ؟ ولماذا يريد سرقة نبوءتي؟ " .

" انه صديقك الاخر ... فهو يشكل خطر كبير ،رغم انه قد كان هنا .. لكننا لن نتركه يصل اليكم .. و ايضا نبوءتكما يا بوتر... ألم تتساءل لماذا حاول سيد الظلام قتلك وأنت طفل؟ "

بعدما سمعت هيرميون من لوسيوس ان آلبرت قد وصل إلى وزارة السحر ، بدأ بدالك الشعور المشؤوم يضرب قلبها و كأن العد التنازلي لنهاية قد بدأ.

حدق هاري في فتحتى القناع التي تظهر من خلفهما عينا مالفوي الرماديتان.

" هل النبوءة هي سبب موت والدي ؟ السبب في حملي لهذه الندبة على شكل لسان البرق ؟ هل الإجابة لكل تساؤلاتي بين يديي الآن؟ '"

قال بهدوء محدقا في لوسيوس مالفوى وأصابعه تتوتر من حول الكرة الزجاجية الدافئة في يده " هل تنبأ أحدهم بنبوءة عن فولدمورت وعنى؟ ". كانت الكرة أكبر من كرة السنيتش بقليل، وما زالت خشنة بسبب الغبار المتراكم فوقها... أضاف: " و قد جعلني أتى إلى هنا وأحضرها له؟ لماذا لم يأت بنفسه ليأخذها؟ " .

صرخت ليليا قائلة بصوت يعلو بالكاد فوق صوت ضحكاتها المجنونة: " يأتي بنفسه ليأخذها ؟! يدخل سيد الظلام بنفسه إلى وزارة السحر بعد أن كذبوا عودته؟ سيد الظلام يكشف نفسه لمقاتلي السحر الأسود، بينما هم في هذه اللحظة يضيعون وقتهم بحثا عن دالك العاهر المسمى بسيريوس ؟!" .

قال هاري: " إذن، فهو يجعلكم تقومون بالجزء القذر من العمل لأجله، أليس كذلك؟ مثلما حاول جعل ستورجيس يسرقها.. وبود أيضا؟ ".

قال مالفوي ببطء " رائع يا بوتر، رائع.. لكن سيد الظلام يعرف أنك لست غب..... " صاح هاري " الآن !!"

انبعثت خمس صيحات من خلفه في نفس واحد قائلة: " ريداكتو ". فانطلقت خمس تعاويذ من خمسة اتجاهات وسقطت الرفوف من حولهم مع إصابتها جميعا أهدافها..

تمايل صف الرفوف مع سقوط مائة كرة زجاجية وتحطمها على الأرض، انبعثت أشكال بيضاء لؤلؤية في الهواء وأخذت تتكلم، وأصواتها تدوى وتتداخل بين أصوات تحطم الزجاج والخشب الذي انهمر على الأرض.

صاح هاري "اجروا ! " . مع تمايل الرفوف بقوة وسقوط المزيد من الكرات أمسك بعباءة هيرميون وسحبها معه إلى الأمام، رافعا إحدى يديه فوق رأسه ليحمى نفسه ويحميها من الزجاج المنهمر من الرفوف.

تقدم أحد أكلة الموت إلى الأمام، فضربه هاري في وجهه بمرفقه بقوة، أخذوا جميعا يصيحون وسمعوا بعض صرخات الألم، وتحطم الزجاج والرفوف بصوت كالرعد والرفوف تترنح وتسقط مع أصوات النبوءات المتسربة من بين الجلبة الشديدة.

وجد هاري طريقا مفتوحا أمامه، ورأى رون و چینی و لونا يتقدمون أمامه، وأذرعهم فوق رؤوسهم، ضربه شيء ثقيل على جانب وجهه لكنه أحنى رأسه وانطلق يعدو إلى الأمام... أمسكته يد من كتفه، وسمع هيرميون تصيح: " ستوبيفاي " ، فتركته اليد على الفور.

وصلوا إلى نهاية الممر رقم سبعة وتسعين التفت هاري إلى اليمين وبدأ في الجرى بكل ما عنده من عزم، سمع وقع أقدام من خلفه وصوت هيرميون وهي تحث نيفيل على المضى.. أمامه مباشرة كان الباب الذي عبروا منه إلى الداخل مفتوحا على مصراعيه..

رأى هاري الأضواء المتراقصة المتلألئة والجرة الجرسية الشكل.. مر عبر الباب، والنبوءة ما زالت بين يديه في أمان... انتظر حتى مر الآخرون عبر الباب، قبل أن يغلقه من خلفهم.

شهقت هيرميون قائلة: " كولوبورتوس ". فأغلق الباب نفسه بتعويذتها بصوت مرتفع غريب.

شهق هاري قائلا: " أين... أين الآخرون؟"

ظن أن رون و لونا و چیني أمامهم، وأنهم بانتظاره في هذه الحجرة لكنه لم ير أحدا.

يتبع ...

2025/04/23 · 30 مشاهدة · 1970 كلمة
نادي الروايات - 2025