الفصل 299

" إذن، فأي طريق تعتقد أن....؟ "

لكن وقبل أن يأخذ قرارًا بأى طريق يتخذ، انفتح باب إلى يمينهم وخرج منه ثلاثة أشخاص.

قال هاري بصوت أجش " رون چیني ... هل جميعكم بخــ...؟ " ، وكان يقترب منهما.

قال رون وهو يضحك بوهن ويتقدم للأمام قابضا على عباءة هاري ومحدقا في وجهه بعيون لا ترى: " هاري ... ها أنت ذا.. ها ها ها.. شكلك ظريف يا هاري .. ".

كان وجه رون شديد البياض، وثمة شيء داكن ينسال من ركن فمه. اللحظة التالية، انهارت ركبتاه وهو ما زال ممسكا بعباءة هاري، فأمسك به الأخير.

قال هاري بخوف: " چینی، ماذا جرى؟ "

لكن چیني هزت رأسها وانزلقت على الحائط لتجلس على الأرض وهي تلهث وتمسك بكاحلها.

همست لونا: " أعتقد أن كاحلها مكسور، سمعته يطقطق " مالت عليها، وكانت هي الوحيدة التي لم تجرح.. أضافت: " طاردنا أربعة منهم إلى حجرة مظلمة مليئة بالكواكب.. يا له من مكان غريب، أخذنا نسرى في الهواء وسط الظلام ونحن بتلك الحجرة......"

قال رون وهو ما زال يضحك بوهن " هاري، رأينا كوكب أورانوس عن قرب.. أتفهم يا هارى؟ لقد رأينا أورانوس.. ها ها ها..... "

تجمعت فقاعة دم فى ركن فم رون، ثم انفجرت

" ... المهم، أمسك أحدهم بقدم چینی، استعملت تعويذة التقليص عليه وفجرت كوكب بلوتو في وجهه، لكن...... "

أشارت لونا بيأس تجاه چيني التي كانت تتنفس بصعوبة، وعيناها مازالتا مغلقتين.

قال هاري بخوف و رون مستمر في الضحك وما زال قابضا على عباءته: " وماذا عن رون؟ "

قالت لونا بحزن: " لا أعرف، لكنه أصبح كثير الضحك هكذا، وصلت به إلى هنا بصعوبة "

قال رون وهو يجذب أذن هاري إلى فمه ويضحك: " هاري.. أتعرف هذه الفتاة يا هاري؟ إنها إنها لونا.. لونا المجنونة.. ها ها ها...... "

قال هاري بحزم: " علينا الخروج من هنا.. لونا، هلا ساعدت چینی؟ "

قالت لونا وهى تضع عصاها السحرية خلف أذنها لتحفظها: " أجل " ثم أحاطت خصر چیني بذراعها ورفعتها من على الأرض.

قالت چیني بصبر نافد: " إنه كاحلى، يمكنني القيام بنفسي.. " لكن ما إن حاولت القيام حتى سقطت ثانية وأمسكت بلونا. جذب هاري ذراع رون فوق كتفه كما فعل منذ شهور مضت مع ددلى.

نظر حوله.. كانت فرصتهم واحدًا إلى اثني عشر، في أن يجدوا المخرج الصحيح في المحاولة الأولى.

سار برون إلى أحد الأبواب.. كانوا على مسافة بضع أقدام منه عندما انفتح باب آخر ودخل ثلاثة من أكلة الموت تقودهم بيلا تريكس ليسترانج. صرخت: " ها أنتم ".

انطلقت تعاويذ التجميد لتملأ الحجرة.. سارع هاري بالوصول إلى الباب المواجه له، وألقى برون من فوق كتفه بلا اكتراث، ثم انحنى ليساعد نيفيل على حمل هيرميون ... وصلوا إلى المدخل في الوقت المناسب وأغلقوا الباب في وجه بيلاتريكس.

صاح هاري " کولوبورتوس " ، وسمع ثلاثة أجساد ترتطم بالباب من الجانب الآخر.

قال أحد السحرة بالخارج: " لا يهم... توجد وسائل أخرى.. حاصرناهم، إنهم هنا " .

التفت هاري خلفه.. وصلوا إلى حجرة العقول ثانية، ووجدوا أبوابا بطول جدران الحجرة.

سمع وقع خطوات أقدام في القاعة من خلفه مع انضمام المزيد من أكلة الموت للثلاثة الذين وصلوا في البداية.

" لونا.. نيفيل ساعدانی "

مر ثلاثتهم على جدران الحجرة بسرعة، وهم يغلقون الأبواب.. اصطدم هاري بمائدة وتعثر بها وسط انشغاله بالوصول إلى الباب التالي. " كولوبورتوس "

سمع وقع أقدام تسير من خلف الأبواب، ومن حين لآخر، يرتطم جسد ثقيل بأحدها، فتصر وتئن تحت ثقله.. سحرت لونا و نيفيل الأبواب على الجدار المقابل.. ثم و هاري يصل إلى نهاية الحجرة، سمع لونا تصيح " كولو.. آااااه "

التفت في الوقت المناسب ليراها تطير في الهواء.. دخل خمسة من أكلة الموت إلى الحجرة من الباب الذى لم تتمكن من إغلاقه في الوقت المناسب.

سقطت لونا على إحدى الموائد، ثم انزلقت على سطحها وإلى الأرض على الجانب الآخر، ورقدت بلا حراك، مثلها مثل هيرميون.

صاحت بيلاتريكس: " ةمسكوا ببوتر ". وهى تجرى نحوه تفاداها وجرى إلى الجانب الآخر من الحجرة.. إنه في أمان مادامت النبوءة معه...

قال رون الذي نهض على قدميه وأخذ يترنح متجها إلى هاري وهو يضحك: " هاري، هذه أدمغة، ها ها ها يا لغرابتها، هاري ؟! "

" رون.. ابتعد عن الطريق، نحن.. " .

لكن رون صوب عصاه السحرية إلى الوعاء.

" بصراحة يا هاري هل هذه أدمغة؟ أكيو برين " .

تجمد المشهد للحظة.. التفت كل من هاري و چیني و نيفيل وأكلة الموت بتعجب إلى قمة الوعاء والعقول تطير خارجة من السائل الأخضر كأسماك متقافزة.. وللحظة تعلقت في الهواء، ثم سرت ناحية رون بسرعة متزايدة، ومن خلفها شرائط رفيعة من الصور المتحركة.

قال رون وهو يراقبها تقترب منه: " ها ها ها.. انظر یا هاري هاري تعال والمسها، إنها غريبة "

" رون، لا " '

لم يعرف هاري ماذا سيجري إن لمس رون أهداب الأفكار التي تطير من خلف العقول، لكنه كان واثقا من أن ما سيجرى لن يكون خيرا. تقدم للأمام، لكن رون أمسك بالمخ في يده الممتدة.

لحظة لامست أصابعه الأهداب، بدأت في لف نفسها حول ذراعه وكأنها حبال. " هاري، انظر ماذا حدث.. لا .. لا .. لا أريدها.. لا .. أوقفها .. أوقفها ...... "

لكن الشرائط الرفيعة التفت حول صدر رون ... أخذ يمزقها ويبعدها عنه والمخ ينقبض حوله وكأنه أخطبوط.

صاح هاري محاولاً إبعاد الأهداب عن رون: " ديفيندو " . لكنها لم تبتعد. سقط رون وهو ما زال يحاول تمزيق قيوده

صرخت چیني التي شلها كاحلها المكسور من على الأرض: " هاري ستخنقه " ، ثم انطلق شعاع أحمر من إحدى عصى أكلة الموت السحرية وضربتها في وجهها، فمالت إلى جانبها وسقطت فاقدة الوعي.

صاح نيفيل وهو يدور ويلوح بعصا هيرميون السحرية تجاه أكلة الموت: " ستوبيفاي ستوبيفاي.. ستوبيفاي " .

لكن لم يحدث شيء.

أطلق أحد أكلة الموت تعويذة تجميد تجاه نيفيل، التي انحرفت عنه ببضع بوصات أصبح هاري و نيفيل الوحيدين الباقيين؛ ليقاتلا خمسة من أكلة الموت، الذين أطلق اثنان منهما دفقة من الضوء الفضى مثل السهام، فضربت الجدار من خلفهما

جرى هاري محاولاً النجاة و بيلاتريكس ليسترانج تجري خلفه.. أمسك بالنبوءة فوق رأسه، ثم عاد إلى الجانب الآخر من الحجرة وكل ما يقدر على التفكير فيه هو جذب أكلة الموت بعيدا عن الآخرين.

بدا كأن خدعته قد نجحت.. جروا خلفه، وهم يسقطون المقاعد والموائد، لكن لا يجرؤون على ضربه بالسحر خوفا من إصابة النبوءة.. انطلق إلى الباب المفتوح الذي دخل منه أكلة الموت.. متمنيا لو يبقى نيفيل مع رون ليجد طريقة لتحريره من التعويذة المصاب بها. جرى عدة أقدام إلى الحجرة الجديدة وشعر بالأرض تختفى من تحته...

سقط على درجات سلم واحدة تلو الأخرى، وهو يصطدم بكل درجة، حتى استقر أخيرًا على ظهره في قاع الحفرة الحجرية، فرأى القوس الحجرية فوقه أعلى المنبر دوت ضحكات أكلة الموت في الحجرة.. نظر إلى أعلى ورأى الخمسة الذين اقتحموا حجرة العقول وهم يقتربون منه، بينما عدد مماثل منهم قد ظهر من الجانب الآخر للحجرة وأخذوا يتقافزون على الدرجات تجاهه.

هب هاري واقفا وإن كانت ساقاه ترتجفان ولا تكادان تحملانه...

وفيما يشبه المعجزة لم تنكسر النبوءة التي استقرت في يده اليسرى، بينما يمناه مشغولة بعصاه السحرية ابتعد ناظرًا حوله محاولاً رؤية جميع أكلة الموت في نفس الوقت. ضرب بقدمه شيئًا صلبا .. وصل إلى المنبر، ومن فوقه القوس الحجرية.. تسلقه وظهره لدرجات السلم.

توقف كل أكلة الموت، وأخذوا ينظرون إليه، لاهثين بشدة مثله. كان أحدهم ينزف بغزارة.. دولوهوف الذي تحرر من التعويذة المقيدة للجسم أخذ ينظر إلى هاری شزراً وعصاه مصوبة إلى وجهه مباشرة.

قال لوسيوس مالفوى بصوت أجش " بوتر، انتهى السباق، والآن ناولني النبوءة وكن فتى طيبا " .

قال هاري بيأس: " دع.. دع الآخرين يخرجون، وسأعطيك النبوءة ". ضحك بعض أكلة الموت.

قال لوسيوس مالفوى ووجهه الشاحب متوهج من الجذل: " أنت لست في موقف يسمح بالمساومة يا بوتر.. نحن عشرة وأنت وحدك.. ألم يعلمك دمبلدور العدد والحساب؟ "

انبعث صوت من خلفه يقول: " إنه ليس وحده.. أنا معه "

انقبض صدر هاري.. وجد نيفيل يهرول نازلاً السلم تجاههم، وعصا هيرميون مرفوعة في يده المرتجفة.

" نيفيل.. لا .. عد إلى رون... "

صاح رون ثانية، مشيرًا بعصاه إلى كل من أكلة الموت: " ستوبيفاي ستوبيفاي ستوب "

أمسك أحد أكلة الموت ضخام الجثة بـنيفيل من الخلف، وأحاط خصره بذراعيه. أخذ نيفيل يقاوم ويركل، وضحك بعضهم.

قال لوسيوس مالفوى بسخرية: " إنه لونجبوتم... أليس كذلك؟ لقد اعتادت جدتك على فقدان أفراد عائلتها من أجل قضيتنا.. لن يصدمها موتك كثيرا ' .

رددت بیلاتريكس وابتسامة شريرة ترتسم على وجهها الهزيل " لونجبوتم؟ لقد استمتعت بمقابلة والديك يا فتى ".

قال نيفيل بصوت قوى: " أعرف أنك (فعنت) " وهو يصارع قبضة أسره بشدة، فصاح الأخير: " ليجمده أحدكم " .

قالت بیلاتریکس: " لا لا لا " وبدت في حالة غريبة، يملؤها حماس وإثارة غريبان وهى تنظر إلى هاري ثم إلى نيفيل.. أضافت: " لا، دعونا نرى ما سيتحمله لونجبوتم الصغير قبل أن ينهار مثل والديه.. إلا إن كان بوتر يريد إعطاءنا النبوءة "

صاح نيفيل بأعلى صوته: " لا تعطها (نهم) يا (آرى) " وقد أصبح في حالة غضب شديد مع اقتراب بيلاتريكس منه ومن أسره، رفعت عصاها وهو يقول: " لا تعطها (نهم) یا (آری) " .

رفعت بیلاتريكس عصاها السحرية.. " كروشيو " .

صرخ نيفيل، وارتفعت ساقاه إلى صدره حتى أن أكل الموت الممسك به ارتفع عن الأرض للحظة أسقطه وسقط على الأرض، وهو يتلوى ويصرخ من الألم.

قالت بيلاتريكس وهي ترفع عصاها حتى تتوقف صرخات نيفيل ويرقد باكيا عند قدميها: " هذا مجرد فاتح شهية... " التفتت ونظرت إلى هاري قائلة: " والآن يا بوتر، إما تعطينا النبوءة، أو تراقب صديقك الصغير وهو يموت متأثراً بالألم " .

لم يكن هاري بحاجة إلى التفكير.. لم يعد أمامه خيار. كانت النبوءة ساخنة تتوهج بالحرارة وهو يمدها أمامه.

قفز مالفوى إليه ليمسك بها. ثم ومن فوقهم انفتح بابان ودخل خمسة أشخاص إلى الحجرة: سيريوس و لوبين و مودي و تونکس و کنجسلي .

التفت إليهم مالفوى، رافعا عصاه السحرية، لكن تونكس كانت قد أطلقت بالفعل تعويذة تجميد تجاهه.

لم ينتظر هاري ليراها وهى تصيبه، بل هبط من فوق المنبر مبتعدا عن طريقها.

تشتت أكلة الموت مع وصول أعضاء الجماعة الذين أخذوا يمطرونهم بالتعاويذ وهم يتقافزون على الدرجات إلى الأسفل. ومن بين الأجساد الكارة والفارة وأشعة التعاويذ رأى هاري نيفيل وهو يزحف.

تفادى شعاعا أحمر آخر، ثم ألقى بنفسه على الأرض ليصل إلى صديقه. صاح: " هل أنت بخير؟ "، وتعويذة أخرى تمر فوق رأسيهما بعدة بوصات. قال نيفيل وهو يحاول النهوض: "أجل".

" و رون؟ "

" لا أظنه (بخين).. فهو (مازان) يقاوم (العقون) منذ تركناه...... "

تفجرت الأرض بينهما وتطايرت منها الشظايا عندما أصابتها تعويذة تاركة وراءها حفرة في الأرض، حيث كانت يد نيفيل منذ لحظات.. هرول كلاهما مبتعدين، ثم جاءت يد وقبضت على عنق هاري لترفعه، حتى فارقت أصابع قدميه الأرض.

قال الصوت الأجش في أذنه: " هاتها.. أعطني النبوءة ..... "

أخذ الرجل يضغط على حنجرة هاري حتى كاد أن ينخنق ومن بين أعين مغرورقة بدموع الحاجة للهواء، رأى سيريوس يقاتل أحد أكلة الموت على مسافة عشر أقدام.. و كنجسلي يقاتل اثنين منهم.. و تونكس على مسافة درجتين منه تطلق تعاويذ تجاه بيلاتريكس.. ولا أحد منهم يعرف أنه على وشك الموت.

أدار عصاه السحرية للخلف ناحية جانب الرجل، لكن لم يجد الهواء اللازم لنطق التعويذة، واقتربت يد الرجل الثانية من يد هاري الممسكة بالنبوءة...

" آااااه " .

اقترب نيفيل وهو غير قادر على نطق تعويذة، دب عصا هيرميون بقوة في قناع الرجل مكان العين.

ترك الساحر هارى على الفور وهو يعوى من الألم. دار هاري على عقبيه ليواجهه، وشهق

" ستوبيفاي " .

ترنح أكل الموت إلى الخلف وسقط قناعه عنه.. كان ماكنير الذي كان سيقتل باكبيك وإحدى عينيه منتفخة محتقنة الدماء.

قال هاري لنيفيل وهو يجذبه إلى الجانب مع اقتراب سيريوس ومن يقاتله من أكلة الموت منهما " أشكرك " ، كانا يتقاتلان بعنف حتى إن طرفي عصويهما أخذا يطلقان أشعة التعاويذ بسرعة رهيبة، ثم ضربت قدم هاری شيئًا مستديرا وجامدا، وانزلق للحظة، حسب أنه قد أسقط النبوءة، ثم رأى عين مودي السحرية تدور على الأرض.

كان مالكها راقدًا على جانبه ينزف من رأسه ومهاجمه يقترب من هاري و نيفيل .. دولوهوف بوجهه الشاحب المرتسم عليه الجذل.

صاح: " تارانتاليجرا " مصوبا عصاه نحو نيفيل الذي أخذت قدماه ترقصان رقصة محمومة، وهو غير قادر على التحكم فيهما، فسقط على الأرض ثانية، وقال الرجل: " والآن يا بوتر... " .

قام بنفس الحركة بعصاه السحرية التي سبق أن أصاب بها هيرميونمع صرخة هاري : " بروتيجو "

شعر هاري بشيء يضرب جانب وجهه مثل سكين غير حاد.. ألقته الضربة جانبا، فسقط فوق قدمی نيفيل المتراقصتين، لكن تعويذة الصد التي أطلقها أبعدت عنه أسوأ ما في التعويذة التي أصابته.

رفع دولوهوف عصاه ثانية وقال: " أكيو بروف...... "

اقترب سيريوس منهم، وضرب دولوهوف بكتفه، فطار مبتعدا عن الطريق. فقد هاري ثانية تحكمه في النبوءة بعد أن وصلت إلى أطراف أصابعه، لكنه استعاد السيطرة عليها.

أخذ سيريوس و دولوهوف يتقاتلان، وعصواهما تلمعان كالسيوف، والشرر يتطاير من طرفيهما.

كان المكان خارج قسم الألغاز قد تحول إلى ساحة من الدمار التام.

الجدران المهشمة، الأرض المحفورة، الهواء المثقل بالدخان والرماد، وكل ما تبقى هو صوت اللهاثات المتقطعة وانفجارات التعاويذ المتلاحقة.

آلبرت كان واقفًا ، قطرات من الدم تسيل ببطء من جرح غائر في جبهته، تسقط على عينه اليمنى وتحجب رؤيته قليلًا، فيمسحها بذراعه وهو يحدق مباشرة في عدوه الأزلي: اللورد فولدمورت.

الهدوء الذي أعقب انفجارًا هائلًا لم يكن راحة، بل مجرد استراحة بين جولات من جحيم.

كان فولدمورت يقف على بعد أمتار فقط، صدره العاري ظاهر من رداءه الأسود الممزق الذي كان يومًا ما رمزًا للرهبة.

عيناه الحمراوان تتوهجان، وفمه يلهث بشدة.

لم يكن أيٌّ منهما قد فاز.

لم يكن هناك منتصر. بعد.

فجأة، وبدون كلمة، انفجر الاثنان في حركة متزامنة.

لوّح آلبرت بعصاه في قوس ناري وهو يصرخ:

" فولغوريس ماجنا !"

خرج من عصاه شعاع صاعق ضخم، يلتف كالأفعى الزرقاء، يخترق الهواء بعنف متجهًا نحو صدر فولدمورت.

لكن اللورد لم يكن ليدع ذلك يصيبه. لوّح بعصاه في لحظة سريعة وصاح:

" برونتوس !"

درع فضي، كثيف ولامع، انبثق أمامه، لكن التأثير لم يكن كاملًا. اصطدم الشعاع بالدرع، وتمزق جزء منه، ودُفِع فولدمورت بخفة نحو عدة أقدام إلى الوراء

أطلق آلبرت زفيرًا حادًا، ثم اختفى فجأة.

ظهر خلف فولدمورت مباشرة، ورفع عصاه اليمنى، بينما كانت يده اليسرى المضرجة بالدم ترتجف.

قال بهدوء يكاد يكون همسًا قاتلًا:

"كراسيس نيكروتا."

تعويذة مظلمة، غامضة، تقذف رمحًا من اللهب الأسود، ينطلق بسرعة مميتة نحو ظهر فولدمورت.

لكن الأخير اختفى أيضًا في اللحظة ذاتها، كما لو كان يقرأ أفكار آلبرت، ليظهر على يمينه ويصرخ:

" أفادا كادافرا !!!"

الشعاع الأخضر القاتل انفجر نحو رأس آلبرت، لكن هذا الأخير اختفى في اللحظة ذاتها مجددًا، يظهر في الأعلى هذه المرة، يسقط كنيزك مشتعل ويصرخ:

" فلامينتا أغروتا ! "

انفجرت الأرض تحت فولدمورت بلُهيب نارٍ متفجرة، أجبرته على الطيران بانتقال آني مجددًا وهو يئن من الألم.

لم يكن أحدهما يحتفظ بطاقة كافية لتحديد النصر.

كل ضربة كانت بآخر ما يملكان من السحر.

تقدم آلبرت ببطء. خطواته ثقيلة، يجرّ قدمه اليمنى التي نزف من كاحلها. نظراته لا تزال مشتعلة بالغضب، لا باليأس.

أما فولدمورت، فوقف بعد لحظات، ينظر إليه كما لو كان ينظر إلى مرآة مشوهة من الماضي.

شخص لا يعرف الخوف.

شخص يعرف الألم، لكنه يتحداه.

شخص... لا يجب أن يوجد.

"أنت... من انت بحق الجحيم !! " تمتم فولدمورت بصوت منخفض، نصفه إعجاب، ونصفه خوف.

لكن آلبرت لم يرد.

بل رفع يده اليسرى، دون عصا، وسحب من الهواء شيئًا لا يُرى، لكن فولدمورت أحسّ به.

"لا تقلق،" قال ألبرت بصوتٍ حاد، مبحوح من شدة اللهاث، "لن تصبح مثلي. لن أترك لك هذا العالم."

انفجرت جولة أخرى.

ألبرت أطلق تعويذتين متتاليتين.

فولدمورت أطلق ثلاثة.

الهواء امتلأ بالشرر، بالصواعق، بالضوء الأحمر والأخضر والأسود.

ساحة القتال اهتزّت كما لو كانت تنهار.

والسحر... بلغ حدّه الأقصى.

يتبع ....

2025/04/25 · 37 مشاهدة · 2495 كلمة
نادي الروايات - 2025