الفصل 339: القوة الغامضة للقلب الصالح!؟
________________
الفصيل الأرثوذكسي، قرية صغيرة بلا اسم.
القرية التي كانت مليئة بالحيوية أصبحت الآن صامتة تماما، حيث اختبأ الجميع داخل منازلهم، متجمعين معًا في خوف.
في الخارج، لم يكن هناك سوى مجموعة صغيرة من الشباب ورجل عجوز واحد يقفون حراسة، يرتدون دروعًا متهالكة، حيث دافعوا بحزم عن مدخل القرية.
ومن مسافة بعيدة، بدأت أصوات الاستهجان والهتافات الخافتة لمئات الرجال تتردد أقرب.
رفع الرجل العجوز رأسه ببطء. ورغم شيخوخته وهشاشته، إلا أن عينيه كانتا تلمعان بعزمٍ حازمٍ وقوي. صرخ: "احذر!"
كان الشباب خلفه يضربون الأرض في انسجام تام، ويسحبون أسلحتهم، التي لم يكن معظمها أكثر من سيوف وسيوف منجلية ومناجل رديئة الجودة.
سرعان ما اهتزت الأرض، وتردد صهيل الخيول في الهواء. وفي الأفق، تقدمت حشود من قطاع الطرق بسرعة عبر البلاد، وجوههم ملتوية بتعبيرات شرسة ونوايا قاتلة جامحة.
كانت أسلحتهم متفوقة في الجودة، وأعدادهم أكثر من عشرة أضعاف، وسلوكهم وحشي مثل الذئاب التي يقودها شهوة الدم.
ابتلع أحد الشباب ريقه بصعوبة، وتشنج حلقه بسبب حجم القوة المعادية الهائل.
"ابق متيقظًا وثق بالشيخ." وضع شاب آخر بجانبه يده بثبات على كتفه، متحدثًا بثقة راسخة. "مهما كان عددهم، سيعتني بنا الشيخ جميعًا."
وعندما اقترب قطاع الطرق منهم، توقف تشكيلهم بأكمله عند رفع يد رئيس قطاع الطرق، الذي نبح، "توقفوا!"
ابتسم الزعيم، وهو رجل يرتدي درعًا فضيًا، وهو يرفع يده مرة أخرى.
"ارسم الأقواس."
انقسم الخط الأمامي من قطاع الطرق، ليكشف عن رماة سهام على ظهور الخيل يحملون سهامًا مسننة، ويرفعون أقواسهم عالياً في السماء.
"أنت..." اتسعت عينا الرجل العجوز، وارتعشت نظراته وهو يركّز على الأقواس المرسومة. "تجرؤ على اللجوء إلى مثل هذه الحيل القذرة."
"هل كنت تعتقد حقًا أنه لمجرد أنك متدرب عسكري، لا يمكننا أن نفعل لك أي شيء، أيها الرجل العجوز؟" سخر اللص الرئيسي، مشيرًا بإصبعه مباشرة إليه.
"مرتخي!"
حفيف!
انطلقت عاصفة من السهام، مزقت الهواء وكأن نهاية العالم قد نزلت عليهم.
أدار الرجل العجوز رأسه، ناظراً إلى الشباب الذين لا حصر لهم خلفه، وكانت أرجلهم ترتجف من الذعر، ومع ذلك ما زالوا واقفين بثبات، وخلفهم كانت القرية التي سعوا بشدة إلى حمايتها.
"أهربوا أيها الحمقى!"
"لا! سنبقى ونساعد في حماية هذه القرية!" صرخ الشباب، وأصواتهم تذرف الدموع.
تنهد الرجل العجوز بتعب، وأحكم قبضته. ثم، بزئير مدوٍّ، لوّح بسيفه، مانعًا سهمًا تلو الآخر. لكن كان عددهم كبيرًا جدًا. ثقلت عليه السن، وسرعان ما أصابته واحدة تلو الأخرى، حتى امتلأ جسده بسهام لا تُحصى.
وفي لحظة مات الرجل العجوز، وكان الشباب خلفه إما قتلى أو عاجزين تماما.
ههه أيها الحمقى. كان بإمكان ذلك الرجل العجوز أن يهرب من هنا، لكنه بدلًا من ذلك أمهل الآخرين وقتًا قصيرًا للفرار، قال زعيم قطاع الطرق ساخرًا، يسيل لعابه من شدة الفرح. "يمكنكم الهرب، ولكن هل يمكنكم الاختباء؟ هيا نقتل الرجال ونأخذ نسائهم."
"اقتلوا الرجال، خذوا النساء!" ردد قطاع الطرق خلفه بصوت واحد، وهديرهم المدوي يهز الهواء.
كان القرويون يتدفقون بالفعل إلى الجانب الآخر من المستوطنة، حشود من الناس يفرون لإنقاذ حياتهم. كان معظمهم من الرجال المرضى والضعفاء وكبار السن، بينما كانت النساء والأطفال يركضون إلى جانبهم في ذعر.
ولسوء الحظ، وبعد أمتار قليلة فقط، تجمد القرويون في حالة من اليأس، حيث حاصر قطاع الطرق المنطقة بالكامل، ولم يتركوا لهم أي طريق للهروب.
"لن تذهب إلى أي مكان. لقد خططنا لهذا الأمر منذ ما يقرب من نصف عام، كيف لنا أن نتركك تفلت منا؟" سخر أحد اللصوص.
تقدم الغزاة خطوةً للأمام، وتراجع القرويون غريزيًا. شيئًا فشيئًا، حُشِروا، وأُجبروا على العودة إلى القرية التي حاولوا الفرار منها.
"هاهاها، الليلة سنحتفل، يا أولاد،" سخر زعيم قطاع الطرق، ونظرته الساخرة تجتاح النساء بين الحشد.
كان الناس مرعوبين، ووجوههم شاحبة كالورق. جلس كثيرون منهم منحنيين على الأرض، في حالة ضعف تام، والخوف يبتلع أرواحهم.
في تلك اللحظة، اقترب رجلٌ يرتدي ملابس رثة ببطء من مدخل القرية. وقعت عيناه على جثث الشيخ والشباب، ثم تنهد بهدوء. "للأسف، تأخرتُ كثيرًا."
وبعد أن تجاوز العتبة، ألقى نظرة هادئة على قطاع الطرق.
لقد كانوا منشغلين للغاية بفريستهم لدرجة أن أحداً منهم لم يلاحظ وصوله.
"ستواجهون جميعًا عقابكم." مدّ الرجل يده بهدوء، فانبعثت من جسده سحابة سوداء، تشكّلت على شكل سيف. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ انساب وميض من ضوء ذهبي عبر النصل وهو يوجّهه برفق نحو قطاع الطرق.
تردد صوت "كاه" الغريب، وكأن الواقع نفسه تمزق، وللحظة ساد الصمت العالم.
تجمد اللصوص في مكانهم، وكأن الزمن قد توقف. ثم، واحدًا تلو الآخر، انهارت أنصاف أجسادهم العلوية محدثةً دويًا مكتومًا، بينما بقي نصفهم السفلي ثابتًا في مكانه.
"نحن... نحن خلصنا."
هتف الجميع عند رؤيتهم، وكان الارتباك لا يزال يتلألأ في أعينهم، لكن كل هذا لم يكن مهمًا، فقد كانوا على قيد الحياة.
كان المسؤول عن كل هذا يقف بهدوء، وهو يراقب الأطفال وهم يعانقون أمهاتهم، وابتساماتهم تضيء المشهد.
"تنهد." نقر بيده، فاختفى سيف الهالة. في الوقت نفسه، تجمعت خيوط من النور الذهبي في يده، واندمجت بسلاسة مع جسده.
"هذا القلب الصالح... مثير للاهتمام."
أشار إليه أحد الأطفال، وعيناه مفتوحتان على مصراعيهما، وصاح: "إنه هو الذي أنقذنا! لقد رأيت ذلك بأم عيني!"
التفتت رؤوس الجميع نحو الرجل ذي الملابس الرثة، يتأملونه بصمت، وفي عيونهم لمحة من الحذر. لكن الأطفال لم يشعروا بمثل هذا الحذر.
ركض الصبي الذي أشار إليه بحماس. "سيدي، ما اسمك؟ كيف فعلت ذلك؟"
________________