الفصل 1 ـ ريو الكسول
كان المكان هادئًا للغاية، وكأنه فناء منزل جميل، يبعث على السكينة والطمأنينة. لكن هذا الهدوء سرعان ما تشوَّه عندما خرج بعض الأطفال من أحد الأبواب، يركضون ويلعبون بحيوية عالية. كان الجو يعج بالحركة، وكانت ضحكاتهم وأصواتهم تنتشر في كل مكان، مما جعل المكان ينبض بالحياة.
لكن وسط هذا الهرج، كان هناك فتى صغير يجلس وحده بجانب الحائط في هدوء تام. كان ينظر بانزعاج إلى الأطفال الآخرين الذين كانوا يعبثون، معكرين الهدوء الذي كان يستمتع به.
فكر الطفل في نفسه: "تبا، لماذا يجب على هؤلاء الأطفال أن يكونوا مزعجين لهذه الدرجة؟"
كان هذا الطفل يُدعى ريو، وهو جديد في هذا الجسد. قبل شهرين فقط انتقل إلى هذا العالم، وكان قد عاش حياة عادية في الأرض كطالب جامعي بسيط. لكن عندما وصل إلى هذا العالم الغريب، اكتشف أن هناك شيئًا آخر يُسمى "الفنون القتالية" هو الشيء الأهم هنا. في هذا العالم، يمكن للمحاربين أن يشقوا الجبال ويسحبوا مياه الأنهار. كان هذا عالمًا خياليًا وعجيبًا، لكن رغم ذلك، كان لدى ريو رأي آخر: "آه، تبا لهذا العالم. أريد العودة إلى هاتفي وسريرِي."
كان ريو منزعجًا من فكرة أنه سيضطر للمرور بمراحل الطفولة مرة أخرى، في هذا العالم الذي لا يشبه الأرض في شيء.
بينما كان ريو جالسًا يراقب الأطفال الصاخبين، ظهر رجل فجأة وقال: "هيا يا أطفال، حان وقت الدرس."
تجمع الأطفال حول المعلم، حتى ريو كان بينهم. جلسوا على العشب، وبدأ المعلم في حديثه، بينما كانوا جميعًا يستمعون باهتمام شديد.
قال المعلم: "درس اليوم سيكون عن وجهة نظر القوة من عيون الضعيف."
ثم تابع: "في هذا العالم الواسع، يوجد القوي والضعيف. في نظر القوي، الضعيف لا يعدو كونه حشرة، شخصًا بحاجة للهيمنة عليه ليثبت قوته. لكن ماذا عن الضعيف؟ في عيون الضعيف، القوي هو مصدر الإلهام، هو الشخص الذي يعطيه هدفًا، وفي سبيل ذلك يعمل جاهدًا ليصبح أقوى."
استمع الأطفال باهتمام، ثم بدأوا في طرح الأسئلة، والتي أجاب عليها المعلم بصبر شديد.
أما ريو، فقد كان جالسًا بهدوء، يفكر في سخافة وجهة نظر الضعيف. لماذا يريد أن يصبح أقوى ويبذل الجهد؟ أليست النهاية واحدة للجميع؟ مع مرور الزمن، سينسى الجميع، سواء كانوا أقوياء أم ضعفاء. ما الفرق بين القوي والضعيف إذا كان كلاهما سيُنسى في خط التاريخ الطويل؟ كانت شخصية ريو منطقية، يرى كل شيء من منظور باهت وعقلي رمادي، ولم يكن يرى شيئًا يستحق الجهد.
ثم نظر المعلم إلى ريو، فوجد أنه يحدق في الفراغ، فسأله: "ريو، ما رأيك في وجهة نظر الضعيف؟"
نظر ريو إلى المعلم، وحاول أن يبذل جهدًا للإجابة، لكنه قال أخيرًا: "آه... لا أعلم." وفي النهاية، اختار ريو عدم الإجابة، ليس لأنه لا يعرف، بل لأنه ببساطة لا يملك الطاقة للحديث.
عندما رأى المعلم هذا، تنهد في قلة حيلة. كان يعلم موهبة ريو وذكاءه، لكن كان عيبه الوحيد أنه كسول، كسول لدرجة أنه لا يملك الطاقة حتى للحديث.
بعد انتهاء الدرس، غادر الأطفال، وكانت هذه المدرسة تقع في قرية ريفية نائية، في مقاطعة "الكركي الأبيض" داخل الخط العظيم. وبينما كان ريو يستعد للمغادرة، أوقفه المعلم قائلاً: "ريو، انتظر."
نظر ريو حوله بتجهم، ثم جلس.
عندما غادر الجميع، جلس المعلم أمامه مع وجه عابس. فكر ريو في نفسه: "يبدو أن الأمر لن ينتهي بسهولة."
قال المعلم: "ريو، أنا أتحدث إليك الآن بصفتي أبًا لك. هل تعاني من أي تنمر؟"
فكر ريو: "يا إلهي..."
منذ أن انتقل ريو إلى هذا العالم قبل شهرين، كان دائمًا هادئًا، وعندما لاحظ المعلم هذا، بدا أنه بدأ يشك في تعرض ريو للتنمر، خصوصًا أن ريو كان يتيمًا.
حاول ريو الابتسام وقال: "لا تقلق، يا معلم، كل شيء على ما يرام. كل ما في الأمر أنني أفضل الهدوء."
أومأ المعلم بتفهم، وقال: "حسنًا، لكنني سأعطيك نصيحة: العزلة ليست شيئًا جيدًا، عليك الاختلاط بأصدقائك."
في الحقيقة، كان ريو ممتنًا لهذا المعلم ولتفهمه، ربما كان من القلائل الذين حاولوا مساعدته في هذا العالم الغريب والوحشي.
قال ريو: "حسنًا، يا معلم، سأفعل." ثم قبَض قبضته في تحية، وغادر.
بينما كان يبتعد، سمع صوت المعلم من بعيد يقول: "إذا حدث شيء، تعال وأخبرني. أنا هنا من أجلك."
ابتسم ريو في صمت، ثم غادر المدرسة واتجه إلى أفضل مكان له في هذا العالم الغريب. كان منزله هو المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالراحة، حيث كان الهدوء والجمال هما ما يجذبه.
لكن بينما كان ريو في طريقه إلى منزله، سمع صوتًا صاخبًا. كان صوتًا جذبه انتباه كل من في الشارع. كانت هناك فتاة شابة تصرخ، ويبدو أن شخصًا كان يحاول الاعتداء عليها.
سمع ريو بعض الناس يتحدثون:
"أليس هذا رجل من العصابة؟"
"إنهم نشطون في هذه الفترة، ويثيرون الكثير من الضجيج."
"ألم نُعطهم المال هذا الشهر؟"
للأسف، في هذا العالم، لم يكن هناك شيء مثل الشرطة للقبض على المجرمين. كانت هذه القرية تقع في مكان ناءٍ وسط الجبال داخل الخط العظيم. كان الخط العظيم سلسلة جبال ضخمة، وكان هناك أنهار تتدفق على ضفافها. أما هذه القرية، فكانت بلا اسم، وبدون أي نوع من النظام. حتى العمدة كان يعبث مع العصابات ويسرق الناس.
أقرب مدينة منظمة كانت "الكركي" ولكن المسافة كانت بعيدة جدًا، إذ كانت رحلة تستغرق سبعة أيام للوصول إليها.
تابع ريو طريقه، دون أن يهتم بما يحدث. لكن في عقله كانت هناك معضلة تؤرقه: إذا أراد أن يعيش حياة هادئة، فإنه بحاجة إلى الحق في ذلك.
هل هذا يعني أنه يجب عليه بذل الجهد؟
عندما فكر ريو في ذلك، رفض الفكرة. كان يفضل الهروب إذا وقع في موقف خطير، أو كان سيطلب الرحمة. لكن أن يبذل الجهد؟ هذا أمر مستحيل بالنسبة له.
ثم، بينما كان ريو يمشي، ظهرت أمامه شاشة غريبة. كانت شاشة شفافة، بلون أخضر.
[تم تفعيل نظام ملك النسخ]
عندما رأى ريو الكلمات المكتوبة على الشاشة، فكر: "تبا، هل لا يمكنني أن أعيش حياة طبيعية؟"