"يينكسا..."
كان سوتا راكعًا أمام جسد يينكسا الخالي من الحياة. كان سيف حاد مغروسًا في صدرها، قد أنهى حياتها.
"آآآه...!!"
صرّ سوتا على أسنانه بغضبٍ جنوني، وانهمرت خطان من الدماء من عينيه.
خرجت مشاعره عن السيطرة. وفي حالته تلك، كان سيسحق أي شخص يقف في طريقه. كان يفقد صوابه تدريجيًا.
"هاهاهاها!!"
رفع سوتا رأسه نحو السماء، وأطلق ضحكة مجنونة.
"أنت تعرف مسبقًا أن ليس الجميع سيتمكن من مواصلة المسير معك حتى النهاية."
صدر صوت من خلفه، فتوقف سوتا فجأة. كان لا يزال غاضبًا، لكن كلماته أعادته إلى وعيه. كان الأمر صادمًا بالنسبة له.
استدار فورًا... لكن لم يكن هناك أحد. كان وحده تمامًا في ذلك المكان المقفر.
ومع ذلك...
كان الصوت مألوفًا جدًا.
"أنت تعلم أن هذا العالم قاسٍ. أي شخص يمكن أن يموت في أي لحظة، حتى أولئك الحكّام."
عاد الصوت يتردد، ولكن هذه المرة لم يصدر من جهة معينة، بل بدا وكأنه يتردد مباشرة في عقله.
"يينكسا ماتت. كانت مستعدة للموت منذ اللحظة التي قررت فيها اتباعك. لقد عاشت حياتها كما أرادت. أعلم ما تشعر به... الغضب، الحزن، والندم."
ضيّق سوتا عينيه وهو يصغي لتلك الكلمات التي ملأت ذهنه. ثم لاحظ أن النجوم في السماء قد اختفت، وغرق كل شيء في سوادٍ تام.
---
فجأة...
انتشر تموّج في الأفق، وتغير المشهد بالكامل.
أصبح في مبنى مهجور تابع لإحدى المدارس. وهناك، كان شاب يقاتل خمسة آخرين يرتدون نفس الزي المدرسي. سحقهم جميعًا بوحشية. تناثرت الدماء، وصدحت صرخات الألم في المكان.
"أنت معتاد على الموت. لطالما كان رفيقك الدائم."
تعرّف سوتا فورًا على ذلك الشاب...
كان هو نفسه، حينما كان على الأرض. شعر بأن هذا المشهد حدث فعلًا، لكنه لم يستطع تذكره بدقة.
---
مرة أخرى، تغيّر المشهد.
هذه المرة، كان الظلام يغمر كل شيء.
كان سوتا واقفًا وسط الفراغ، وعندما سمع صوت خطوات خلفه، أدرك أخيرًا سبب مألوفية ذلك الصوت.
استدار ببطء، وحدّق في الشخص الذي أمامه.
كان نسخة منه... لكن شعره أبيض، ويرتدي معطفًا طويلاً ناصع البياض، وتظهر عروق حمراء تحت جلده، تضخ طاقة في جسده بأكمله.
لم يتحدث سوتا، بل اكتفى بالنظر إليه بعينين باردتين تخفيان رغبة قاتلة.
"الأمر لا يتغير... من المستحيل أن يظل جميع من بجانبك أحياء حتى النهاية. الموت يحيط بك، وقد تقبلت هذا منذ زمن."
بدأت عين سوتا تتوهّج، وظهر سيف في يده. قبض عليه بقوة، مستعدًا للقتال.
"لديك القوة لتخضع الضعفاء. لا تعتمد على الدعم الذي يقدمه لك الإمبيريوم. إنه مؤقت وسينتهي حينما تكبر."
ركّز سوتا طاقته وانطلق بسرعة نحو خصمه، رافعًا سيفه بضربة ساحقة.
"من يملك القوة... هو من يحكم! واقتل كل من يتمرد!"
صرخ الخصم قبل أن ينقض بدوره.
اصطدما بقوة هائلة. كل ضربة كانت تحمل طاقة قاتلة، تُمزق الهواء وتبعثر كل ما في المكان.
بانغ! بانغ! بانغ!
خلال ثوانٍ، دُفع سوتا إلى الخلف. وقبل أن يدرك ما حدث، ظهر خصمه خلفه...
وفي تلك اللحظة القصيرة، فقد سوتا يديه.
حدق في الرجل أمامه بذات النظرة الجليدية.
فتح الرجل شفتيه وقال:
"القوة هي أنت... لقد بنيتها بأساسٍ عظيم. لا تنسَ اسمي... أنا ——"
"فششش!"
قطع الرجل رأس سوتا بسرعة مذهلة.
---
"آه!!"
فتح سوتا عينيه بسرعة، ليجد نفسه في غرفته، يحدّق في السقف المألوف.
"لقد عدت... ما الذي كان ذلك؟"
تحسس عنقه، وكان مبللاً بالعرق. المشهد كان واقعيًا للغاية... وكأنه فقد رأسه بالفعل.
"آه..." شعر بألم في رأسه، وبدأ يتذكّر ما حدث قبل أن يفقد وعيه.
تذكّر أنه بعد مقتل يينكسا، أعطى أليس بعض التعليمات، ثم انهار.
كان يعلم أن قوة مجموعته كافية لتنفيذ أوامره. أليس كانت قد وصلت إلى عالم القيود الثاني، لذا لم يكن هناك ما يقلقه. بل كان الأمر فرصة تدريب حقيقية لهم.
"يينكسا..."
قبل أن ينهض، انقض عليه كائن ضخم ووقع فوقه فجأة.
"بانغ!"
انهار السرير، وارتطم الاثنان بالأرض بقوة.
"آه!"
فتح سوتا عينيه قليلًا، ليجد فراءً ناعمًا يغطي وجهه. هذا الإحساس... وهذه الطاقة... كانت مألوفة.
إنها يوكو.
"سيديييييي!!" قالت يوكو بسعادة بالغة.
ابتسم سوتا وهو يعانق جسد يوكو الضخم، ثم شعر بشيء يتسلل حول ذراعه. نظر فوجد أفعى صغيرة عليها نقوش غريبة على قشورها.
كانت كيسا.
"أ... أ... أنا سعيدة... لأنك... استيقظت..." قالت بصوت خافت وضعيف.
سأل سوتا: "كم مضى على المعركة؟"
أجابت يوكو ببساطة: "لا أعلم."
وهزّت كيسا رأسها. كانت لا تزال تتعافى من آثار الختم الذي استُخدم فيه طاقة التضحية بالدم.
ابتسم سوتا بسخرية، لم يكن يتوقع إجابة دقيقة منهما. لكنه لاحظ أن يوكو قد تعافت، بينما عادت طاقة كيسا إلى المستوى العادي للمرحلة الخامسة. لم تتعافَ كليًا، لكنها لم تعد ضعيفة.
"ربما مضى شهر."
فتح وأغلق كفيه، شعر بقوته وقد عادت... بل تحسن مستواه. المشكلة الوحيدة أنه لا يستطيع استخدام شكله الأصلي (Archetype) مجددًا. لم يتضرر جسده، لكن هناك تشققات في وعيه الداخلي، وإن تحطم هذا الوعي، فسيتدمر عقله وروحه.
لا يزال هناك عيوب في Archetype يجب إصلاحها قبل استخدامه مرة أخرى، لكن ما رآه في قتال غيركزوس جعله يدرك تلك الثغرات.
ربما لن يستغرق وقتًا طويلًا قبل أن يُكمل تعديله.
تحدث سوتا مع يوكو وكيسا لدقائق، ثم وقف ليمدد جسده. عضلاته كانت متيبسة، لذا حرّك طاقته ليحرّك كل ألياف عضلاته.
"أتساءل ماذا حدث..."
سرعان ما انتشرت أنباء استيقاظ سوتا بين قادة أستروس. زاره جراجاس وأجابه عن تساؤلاته.
لقد مضى شهر وأسبوع منذ معركة المنطقة الوسطى.
علم أن سهول الهول أصبحت تحت إشراف أستروس ومجلس التنين. لقد أصبحا أقوى قوتين في هذه الأرض.
وبدا أن أليس قد أنجزت المهمة كما أمرها.
كما أنهم سيعودون قريبًا بعد مرور هذا الشهر. كان يتوق لعودتهم، لأن ما طلبه منهم لم يكن مجرد مهمة بل تدريب لمستقبل مليء بالمعارك.
لم يعد بوسعه القتال بمفرده. وعاء الحاكم الذي واجهه كان سيقتله لو قاتله وحيدًا.
أراد لقوته أن تصبح جدار حماية لمن حوله... حتى لا يتكرر ما حدث ليينكسا.
شدّ قبضته بقوة.
كان قويًا، لكن حكام العالم لن يتمالكوا أنفسهم قريبًا. إنهم كالقنابل النووية في حروب المنظمات الكبرى. إذا دخل أحدهم ساحة القتال، سيتدخل الآخر مباشرة. ووسط كل هذا، آلاف الأبرياء سيموتون.
حتى سوتا نفسه لا يضمن نجاته لو اندلع قتال بين حاكمين على أرض الهول.
في النهاية...
قال وهو يحدّق في البعيد:
"الأشياء التي أكرهها... ستحدث قريبًا."
____________________________
ترجمة=الفارس الملعون