---

"إذاً، أليس والبقية لم يعودوا بعد؟"

سأل سوتا بهدوء.

"ليس بعد، فقط إيزابيلا عادت منذ يومين."

أجاب جراجاس، ثم نظر إلى وجه سوتا قبل أن يُضيف:

"بالنسبة إلى إيليش، أعتقد أنه ينبغي عليك زيارتها. لقد حبست نفسها في غرفتها لأسبوعٍ كامل، ثم انتقلت إلى ساحة التدريب وأغلقت على نفسها هناك."

"هممم...؟"

رفع سوتا حاجبيه باهتمام.

"أظن أن شيئًا ما حدث لها أثناء قتالها لقبائل غابة الأرض."

قال جراجاس بنبرة قلقة.

"حسنًا..."

أومأ سوتا برأسه. ثم مال بجسده إلى الوراء مسترخيًا على الأريكة وسأل:

"ما رأيك؟ ما الذي سيحدث بعد ذلك، يا جراجاس؟"

"لا أعلم... أنا دائمًا منشغل في الحدادة، لذلك لا أملك تصورًا واسعًا عن الوضع ككل."

ردّ جراجاس بصراحة.

"ما زلت كما أنت..."

ضحك سوتا ضحكة خفيفة، وهز رأسه، ثم قال:

"تابع عملك فقط، وسأزودك ببعض المواد النادرة لاحقًا."

ثم خطر في باله شيء، فالتفت إلى جراجاس وسأله:

"ماذا عن قسمك؟ هل درّبت أحدًا على مهاراتك؟"

"آه، هذا..."

حكّ جراجاس خده بإصبعه وقال:

"الكثير منهم لا يمتلكون موهبة في الحدادة. لكنني لم أطرد أحدًا، علمتهم الأساسيات، ومن كان مجتهدًا سيتعلم تدريجيًا."

"فهمت..."

أومأ سوتا بهدوء.

"ليسوا جميعًا بلا موهبة... بعضهم يظهر عليه إمكانيات واعدة."

قالها جراجاس بابتسامة خبيثة، وهو يفرك كفيه وكأنه يخطط لأمر ما. ثم فتح فمه ببطء وقال:

"القائد، أريد أن أسألك شيئًا بخصوص دورانجان."

"آه، تريد مني إقناعه بإعطائك المزيد من الحراشف، أليس كذلك؟"

رفع سوتا حاجبيه وضحك في سره.

"نعم! أريد حراشفه. حراشف التنين من المرحلة الرابعة ستمنحنا دروعًا أفضل. إذا وافق على ذلك، أعدك أنني سأصنع دروع تنين لجيشنا."

قال جراجاس محاولًا إقناعه.

هز سوتا رأسه:

"لا يمكنني مساعدتك في هذا. إنه بالفعل يمنحك بعض الحراشف، وإذا أردت المزيد، فعليك أن تتحدث معه بنفسك."

"بعض؟ حراشفة واحدة في الأسبوع؟! هذا قليل جدًا! القائد، ألا يمكنك فعل شيء؟! دورانجان سيشوي جسدي إذا طلبت منه!"

ضمّ جراجاس كفّيه وتوسّل:

"أرجوك يا قائد! أنت أملي الوحيد! اجعله فقط ثلاث حراشف أسبوعيًا!"

تنهد سوتا وابتسم بابتسامة ساخرة:

"أخشى أنني لا أستطيع مساعدتك."

"قائد...!!"

سقط جراجاس على الأرض يائسًا. لم يتمكن من إقناع سوتا، ولا يجرؤ على طلب ذلك من دورانجان مباشرة، لأن حياته ستكون على المحك.

"لندع الأمر الآن، سأذهب لزيارة إيزابيلا أولًا."

وقف سوتا وربّت على كتف جراجاس، ثم حمل سيف الفاجرا وغادر الغرفة.

---

كانت سايا لا تزال نائمة منذ المعركة الأخيرة. لقد أنفقت طاقتها بالكامل في مساعدته على السيطرة على جسده وطاقة الشكل الأصلي (Archetype). من دونها، لما استطاع هزيمة الحاكم عديم الإله.

تلك المعركة كانت عبئًا ثقيلًا على جسده. حتى الملكة الطفيلية داخله لا تزال منهكة حتى الآن، وكان يشعر بذلك بوضوح. كما أن باقي الطفيليات اختفوا، ما جعله غير قادر على زيادة عدد الجنود الطفيليين في الوقت الراهن.

الثمن الذي دفعه مقابل النصر كان باهظًا... خصوصًا وأنه ضحّى بواحدة من أعز تلاميذه، يينكسا.

---

وصل سوتا إلى باب المختبر. رفع يده وطرق الباب. وبعد لحظات، ركز نظره عبر الجدران، ليجد أن إيزابيلا مشغولة في تجاربها.

تنهد، ثم دخل المختبر بهدوء. راقبها بصمت، وبدأ يلاحظ تغيرات في هالتها... لقد أصبحت أقوى منذ أن كان في غيبوبته.

لقد مرّ شهر وأسبوع منذ انهياره. وقد أوكل إليهم مهمة محفوفة بالمخاطر لتقوية أنفسهم. يبدو أن التدريب لم يكن بلا فائدة.

"لقد عادت، لكن أليس والباقين لا يزالون هناك. على ما يبدو، أخذوا الجزء الأصعب من المهمة، وهو خارج قدرات إيزابيلا، لذا عادت."

قال سوتا في نفسه.

كانت إيزابيلا قد بلغت ذروة مملكة التصلّب (Solidifying Realm). لقد قامت بواجبها ببراعة. المهمة في الأصل كانت مخصصة لأصحاب عالم القيود (Shackled Realm)، حتى أن من في القيود الأولى سيجد صعوبة بالغة في تنفيذها.

"إذا كانت المهمة خطيرة لهذا الحد... فمن الطبيعي أن تعود إيزابيلا، لأن بقاءها هناك سيكون انتحارًا."

طالما أنهم ينجون، فسيصبحون أقوى.

كان كل ما فعله هو أن أخبر أليس عن بعض الدهاليز الخطرة المخفية في قارة الحكام. أراد منهم أن يجتازوها ليكتسبوا الخبرة ويصقلوا مهاراتهم القتالية.

المعركة في سهول الهول منذ شهر رفعت مستواهم، لكنها لم تكن كافية. أراد منهم أن يصلوا إلى مستوى يستطيعون فيه الاعتماد على أنفسهم، لا أن يظل هو الحامي الوحيد لهم.

استدار سوتا نحو النافذة، وضمّ ذراعيه أمام صدره. شعر أنه يجب أن يُنهي بعض الأمور قبل أن يتطوع في مسرح سونليس.

لا يزال هناك وقتٌ قصير... قبل أن ينهار كل شيء.

وبالإضافة إلى ذلك، كان بحاجة لعودة قوة كيسا الكاملة، لأنها ستكون جزءًا مهمًا من خطته المستقبلية.

"هاه..."

تنهد سوتا وهو يتذكر يينكسا. كانت جزءًا من خطته، لكن حدثًا غير متوقّع قلب كل شيء رأسًا على عقب في سهول الهول.

رفع يده ليدلّك صدغيه في محاولة لتهدئة نفسه. كلما تذكّر ما حدث ليينكسا، تضطرب طاقته بشدة.

عضّ لسانه ليشعر بألمٍ جسدي حاد، محاولًا السيطرة على مشاعره... لكنها كانت تنفجر داخله.

"اللعنة..."

تمتم لنفسه.

"سوتا؟!"

استدار سوتا بسرعة، فوجد إيزابيلا تنظر إليه بدهشة.

"أعتذر لإزعاجك."

قال بهدوء.

ربما لاحظت هالته المتغيرة حينما استغرق في أفكاره حول يينكسا.

"لا، لا شيء."

لوّحت إيزابيلا بيديها، وسألت بخجل:

"كم من الوقت كنت تنتظر؟ أنا آسفة، كنت منشغلة جدًا ولم أشعر بوجودك."

"لا بأس، وصلت للتو."

ابتسم سوتا وهزّ رأسه.

"على كل حال، أردت فقط معرفة تقدمك في بحثك."

تقدم سوتا وهو ينظر حول المختبر بفضول.

"حققت تقدمًا بسيطًا، لكن لم أتمكن من اكتشاف طريقة لاستخلاص جوهر الحياة. لم أستطع إعادة تصنيع الحبة التي أعطيتني إياها."

توقفت لوهلة، ثم أضافت:

"إلا إذا استخدمها أحدهم وراقبت تأثيرها بنفسي. لكنها حبة واحدة فقط، وإذا استُخدمت..."

فهم سوتا مقصدها. الحبة الوحيدة التي معها هي العينة الوحيدة، ولا وصفة لها. تحاول أن تحللها مكونًا تلو الآخر دون أدنى فكرة عن تركيبتها.

كان ذلك صعبًا جدًا عليها.

"جنودنا ألقوا القبض على بعض المجرمين... يمكنك استخدامهم كفئران تجارب، لن يعترض أحد."

قالها، لكنه كان يعلم جيدًا أن إيزابيلا طيبة القلب وقد تتردد في فعل شيء كهذا.

صمتت إيزابيلا وخفضت رأسها.

"لا بأس، لا أريد استعجالك."

هز سوتا رأسه وغيّر الموضوع.

"بالمناسبة، ماذا عن مهمة أليس؟"

"هم ذهبوا إلى دهليز قرب حدود أسغارد. مخفي داخل بحيرة، ويحتوي على العشرات من الوحوش في المرحلة الرابعة، بالإضافة إلى حراس طين أقوياء بمستوى قيود ثلاثية. كانت المهمة خطيرة جدًا، لذا طلبت مني أليس العودة."

قالت إيزابيلا ببطء.

كانت إيزابيلا تعلم أنها لن تكون قادرة على النجاة هناك. حتى أليس لم تستطع ضمان حمايتها، لذا أعادوها إلى مدينة إيكاتوي.

"ما اسم تلك البحيرة؟"

سأل سوتا.

كان يعلم أن مغادرة أليس والبقية كانت سرية، ولم يعلم بها العامة. كما أن الطفيليات ساعدتهم على تغيير مظهرهم، لذا لا أحد سيكتشفهم بسهولة.

"بحيرة الدوامة الغارقة."

أجابت إيزابيلا.

فرك سوتا ذقنه وهو يتأمل:

"إذا اختارت أليس هذه البحيرة... فهذا يعني أنها حقًا قررت فتحها. إنها بالفعل خارج مستوى أي شخص من عالم التصلّب."

ثم نظر إلى إصبعه حيث كانت توجد الخاتم... خاتم الختم الناري [Burning Ring Seal]، لقد أعطاه لأليس.

"إن كانت قد استخدمت الخاتم لفتحه... إذًا أنا بانتظار عودتهم بشوق."

ذلك إن...

"إن وجدوه حقًا..."

____________________________

ترجمة=الفارس الملعون

2025/06/26 · 17 مشاهدة · 1079 كلمة
نادي الروايات - 2025