---
"إذا كان هذا ما تريده حقًا، فسننضم إليك"، قال الشيخ هانمي.
ظل يحدّق في ظهر سوتا. لم يكن يصدق أن الوحش الذي كان بالكاد يستطيع مجابهته في السابق، قد أصبح الآن شخصًا يهيمن على رقعة من أرض الإمبيريوم.
سوتا أصبح قادرًا على قتل من كسر أول قيد عظيم، بينما بقي هو في مستوى القيد الأول طوال هذا الوقت. ورغم اقترابه من كسر القيد الثاني، إلا أن سرعته لم تكن تقارن بالنمو الجنوني الذي حققه سوتا. حتى أليس، وفرانكلين، وآخرون من رفاقه قد تجاوزوه في القوة.
ربما، كان قرار سيدتي صائبًا بالفعل... تمتم هانمي في داخله، متذكرًا صديقه الراحل "الشيخ غوان" الذي دعم سوتا منذ البداية.
"حسنًا، سنتوجه إلى هناك حالًا." قال سوتا بثبات.
لكن ماذا لو كانت هناك قوة أعظم في هذا المكان؟ لا يمكنه القتال بتهور، لأن أفعاله الآن تُحسب على أنها أفعال "بطل أثينا". وهو يعلم جيدًا أن الفصائل الكبرى في القارة كلها تراقب تحركاته في الأراضي التي لا تنتمي إليهم.
أي تصرف خاطئ أو تجاوز سيُفسَّر كاجتياح عسكري من طرف الدول الكبرى القريبة. حتى الأراضي المقدسة الأخرى ستوجه أصابع الاتهام نحو أوليمبوس. والسبب الوحيد الذي سمح لهم بالتواجد في "سهول القاعة" هو أنهم منعوا إيقاظ "إمبراطور اللا حاكم".
فلو تمكّن إمبراطور اللا حاكم من الخروج من ختمه، لما سمحت تلك القوى العظمى لأوليمبوس بالبقاء.
وبصراحة... لو كانت "سهول القاعة" مليئة بالموارد، لاندلعت الحرب بالفعل. فميزان القوى سينهار في لحظة.
ومن الأسهل إشعال حرب من إيقافها.
الحرب الشاملة التي تشمل وجود حاكم هي شيء يتجنبه سوتا الآن. فهو قادر على مواجهة خبراء أعلى منه بمساعدة أوراقه الرابحة، لكن ذلك ليس إلا حلاً مؤقتًا.
قلب سوتا يده ونظر إلى النظام. كان يحمل بطاقة [بركة الإمبراطور] كأحد أوراقه الرابحة. لن يستخدمها إلا في الحالات القصوى عندما تستنفد جميع مهاراته ومعداته.
كما أنه يمتلك [بطاقة الدم]، التي يمكنه تفعيلها إذا واجه خصمًا من مستوى مختلف كليًا. ولو لم يتمكن من هزيمة إمبراطور اللا حاكم باستخدام النمط الأركي، لكان اضطر لاستخدامها. فقوته كـ"دم" كانت كافية لتدمير "يينكسا" بالكامل.
لكن لم يكن الوقت مناسبًا لاستخدامها، لأنها ستكون أكثر فائدة أمام هجوم مباشر من حاكم أو سيد الوحوش. لذا كان استخدامها ضد وعاء لحاكم غير مكتمل القوة مضيعة لها. ولحسن الحظ، انتهت المعركة دون الحاجة إليها.
ثم... حصل على لقب جديد:
[قاهر السيد]
وهو لقب مُنح له بعد أن منع يقظة سيد "سهول القاعة" — إمبراطور اللا حاكم. هذا اللقب يمنحه زيادة بنسبة 20% في الإحصائيات أثناء القتال داخل أراضي أعدائه. وكان مفيدًا له، لأنه اعتاد نقل المعركة إلى أرض خصومه.
سواء كان "زعيم عشيرة الساحرات روان"، أو "وريث سيد الزحف"، أو حتى "سلف إمبراطورية آستيلي العظمى"، فإن سوتا قاتل معظم أعدائه في أراضيهم، لذا كان هذا اللقب معينًا حقيقيًا له.
ألقى نظرة على ألقابه:
[حاكم المدينة]، [سيد العالم الفرعي]، [منظف المتاهة]، [البرج الفلكي الثالث عشر]، و[قاهر السيد]
خمسة ألقاب حصل عليها منذ قدومه إلى هذا العالم.
ــ سووش!! ــ
استفاق سوتا من أفكاره، فقد وصلوا إلى حافة الغابة الترابية. كانت الأشجار الممتدة أمامه بلا نهاية كلها جزء من تلك الأرض، والتي تُعد غابةً ضخمة تمتد على ما يقارب سبعين ألف كيلومتر.
سهول القاعة ليست إلا رقعة صغيرة ضمن قارة الحكام، ومع ذلك فإن منطقة واحدة ضمنها بهذا الحجم الهائل؟!
ظن سوتا أن وادي المناجم بالكامل يمكن أن يُحتوى داخل هذه الغابة.
كان هذا متوقعًا من أكبر قارات الإمبيريوم.
ورغم ضخامة المساحة، لم يشعر سوتا بأي تهديد ينبعث منها، لكنه لم يُسقط حذره. فالحذر واجب دائمًا.
هبط سوتا والشيخ هانمي والبقية من السماء.
"ظننت أنهم أغلقوا حدودهم؟" قال سوتا وهو يتفحّص المكان.
"هكذا تقول التقارير... لكن يبدو أن الوضع مختلف الآن..." أجاب هانمي.
"لا أشعر بأي كائنات حية في محيطنا." تمتم سوتا، مستغربًا اختفاء الدم من مدى قدراته.
بدا هذا المكان مهجورًا تمامًا. لا نمل، لا حشرات، ولا حتى هواء طبيعي... وهذا ما جعله أكثر غرابة.
ألقى سوتا نظرة سريعة وقال: "اتبعوني، سنتقدم حتى نجد أحدًا يمكننا التحدث معه."
بدأت المجموعة في التقدّم وسط صمتٍ ثقيل وهم يراقبون محيطهم. المنطقة كانت ضبابية بالكاد يصل إليها ضوء الشمس. الأشجار كثيرة ومرتفعة، يصل ارتفاع معظمها إلى عشرين أو ثلاثين مترًا، وتحتفظ برطوبة غريبة في المكان.
بعد السير عدة كيلومترات، شعر سوتا أخيرًا بوجود حياة.
قرية صغيرة تضم حوالي مئتي شخص. مستوى قوتهم منخفض، وأقواهم لا يتجاوز الرتبة B. ولولا كثافة المانا المتزايدة، لما استطاع هذا الشخص الوصول لتلك الرتبة.
"ما الذي يحدث بحق الجحيم؟ هل تخلّت القيادات العليا للقبيلة الموحّدة عن الغابة الترابية؟"
تمتم سوتا وهو يراقب القرية من بعيد، ثم رفع يده مشيرًا إليها.
أومأت الساحرات وانطلقن نحو القرية، وهن يُخفين وجودهن. كانت قوتهن تفوق السكان بكثير، ولن يواجهن صعوبة في التسلل ما لم يكن هناك مستشعر بينهم.
مرّت بضع دقائق، ثم عادت الساحرات بتقرير:
القرية طبيعية ولا شيء غير معتاد فيها. سمعن القرويين يتحدثون عن الحرب، وخوفهم من أن يتم القضاء عليهم إن اجتاح العدو المنطقة.
"حرب...؟" فرك سوتا ذقنه مفكرًا.
"ربما يتحدثون عن الحرب ضد قوات وادي المناجم." قال هانمي.
"محتمل، خاصة بعد الهزيمة. سحبوا كل قواتهم إلى معسكرهم الرئيسي، وتركوا القرى الأخرى دون حماية." أومأ سوتا.
فقدت القبيلة الموحّدة عددًا من خبراء رتبة القيد في تلك الحرب. كانت خسارة فادحة، وانخفضت قوتهم العسكرية بشكل ملحوظ.
"حسنًا، سنبحث عن قرية أخرى... يُفضّل أن تكون أقوى." قال سوتا.
غادرت المجموعة دون أن يشعر أحد بهم. لم يعرف القرويون أن مجموعة قادرة على تدمير قريتهم بالكامل قد مرّت من هناك.
وبعد بضع دقائق من التقدّم، توقفت المجموعة.
شعروا بوجود مجموعة أشخاص يركضون بسرعة هائلة.
ــ سووش!!
"ارجعي فورًا وإلا قتلناك من دون ألم!!" قال رجل ضخم طوله ثمانية أقدام وأربع أذرع، ضاحكًا. خلفه ثلاثة من جنسه، يطاردون فتاةً تحمل قرنين صغيرين كقرني الماعز على رأسها.
"لا! لن أسمح بأن يتم أَسري على يد أمثالكم!!" صرخت الفتاة وهي تحاول زيادة سرعتها قدر الإمكان.
راقب سوتا والبقية المشهد من بعيد.
"يبدو أن هناك ما يحدث في الغابة الترابية..." تمتم لنفسه، ثم رفع يده وقال: "أنقذوا الفتاة... ولا تقتلوا أولئك الذين يطاردونها. نحتاج إلى استجواب الجميع."
ــ سووش! سووش! ــ
اختفت الساحرات من أماكنهن، وظهرن أمام الفتاة والرجال الأربعة.
"من أنتم؟!!" صرخ زعيم الرجال الأربعة بغضب.
لم تجب الساحرات، بل اندفعن بهجومٍ سريع نحو الرجال ذوي الأذرع الأربعة.
ــ بانغ! بانغ! بانغ!
الفارق في القوة كان ساحقًا، فسقط الرجال بسرعة مذهلة.
رأت الفتاة ذلك المشهد، وسقطت على مؤخرتها مذهولة. لم تفهم لماذا أنقذها هؤلاء الناس. لا... بل هم لم يهاجموها أصلاً لأنهم علموا أنها لن تقاوم، بخلاف أولئك الأربعة.
"م-من أنتم...؟" سألتها بصوتٍ مرتجف.
"لا تقلقي، لن نؤذيك ما دمتِ تتعاونين معنا. لذا، هل يمكنك أن تخبرينا عمّا يحدث هنا؟"
ارتجفت الفتاة حين سمعت الصوت. التفتت للخلف، فرأت رجلاً جالسًا على غصن شجرة. وما إن وقعت عيناها عليه حتى اتسعت عيناها بفزع، وصاحت غرائزها بداخلها: اهربي!!
لكن سوتا ابتسم بهدوء، وقد لاحظ الرعب العميق الذي ارتسم في عينيها.
____________________________
ترجمة=الفارس الملعون