انطلقت هالتان قويتان في منتصف السماء و التقتا بقوة ، و لكنهما لم يهاجما بعضهما بعد

مد بيليال يده و غطى بحر من الدماء السماء، مما حولها للون الأحمر بدت عيناه القرمزيتان أكثر كثافة. تقدم فجأةً بقدمه بينما استمر هذا التصادم للحظة

انفجار!

ارتجفت السماء بأكملها وهو يخطو هذه الخطوة للأمام. تموج بحر الدماء الهائل بجنون

تحول فجأةً إلى موجة دموية هائلة امتدت مئات الآلاف من الأقدام، متجها نحو تشانغ يونغ بعنف

كان جسد تشانغ يونغ صغيرًا مثل النملة في مواجهة موجة الدم الضخمة التي أمامه

تشانغ يونغ حدق ببرود في الموجة، لم تكن هناك إيماءة مبالغ فيها، فقط رفع يده بهدوء نحو الموجة الدموية الهائلة

ذكرى الجليد الأبدي - الطبقة التاسعة: تجميد الأبدية

انتشر الصقيع من حوله بسرعة تفوق الخيال، الموجة الدموية التي كانت على بعد أمتار منه توقفت فجأة، متحولة إلى منحوتة جليدية ضخمة من الكريستال القرمزي

حتى رذاذ الدم في الهواء تجمد، مشكلاً مليارات القطع الماسية الصغيرة التي علقت في الفضاء مثل نجوم مجهولة

بيليال، وجد نفسه محاصرًا. لم يتم تجميد جسده فحسب، بل حتى تدفق طاقته الشيطانية وتفكيره تباطأ إلى ما يقرب من التوقف

لم يكن بإمكانه حتى الرمش بعينيه القرمزيتين

لكن قوته - حتى لو كان حاليا فقط في وعاء بشري - كانت هائلة، بدأت التشققات بالظهور على سطح المنحوتة الجليدية الضخمة

"م...ه...ز...ئ..." كلمات بيليال المشوهة بسبب بطء الزمن تخرج بصعوبة

تشانغ يونغ، الذي كان يتنفس بشكل ثقيل الآن، عرف أن هذا لن يدم طويلا

لقد استنفد تقريبًا كل طاقته الروحية لتجميد بيليال لبضع ثوان في حالة الزمن المتوقف هذه

مع صوت تشقق مدوٍّ، انفجرت المنحوتة الجليدية الضخمة. انطلقت شظايا الجليد والكريستال القرمزي في كل اتجاه مثل قنابل شديدة الانفجار، ممزقة الفضاء حولها

انطلق بيليال من داخل الانفجار، جسده المشوّه الآن مغطى بطبقة رقيقة من الجليد المتشقق الذي تساقط بسرعة، عيناه القرمزيتان تشعان بغضب لم يره تشانغ يونغ من قبل

"جرأة... من... حشرة... مثلَك!" هدر بيليال، كل كلمة كانت تهز السماء نفسها. الذيل الشائك خلفه انقض مثل أفعوانية غاضبة

لم يكن لدى تشانغ يونغ وقت للرد. رفع سيفه العظمي الذي بدأ يظهر عليه تشققات، وواجه الهجوم.

طاخ!

اصطدم الذيل بالسيف، لكن القوة هذه مرة كانت ساحقة. سمع تشانغ يونغ صوت عظام ذراعه وهي تتكسر تحت الضغط. أُرسل بعيدًا مثل كرة، محطما الأرض في خط مستقيم

نهض تشانغ يونغ بصعوبة، الدم يملأ فمه. نظر إلى ذراعه اليمنى الملتوية بشكل غير طبيعي. حتى مع جسده المعزز، كانت الضربة قوية جدًا

"ترى؟" قال بيليال، يطفو في الهواء ببطء تجاهه. "هذا هو الفرق بيننا. أنت مجرد بشري...ضعيف ، جاهل ، و عديم القيمة"

رفع بيليال يده، وتجمعت كرة من الطاقة السوداء المطلقة فوق راحة يده

كانت هذه الطاقة مختلفة... أكثر قتامة، أكثر برودة من أي شيء واجهه تشانغ يونغ من قبل ، حتى الضوء حولها بدا وكأنه ينحني ويموت

"حان وقت نهايتك."

في الوقت نفسه، طرأ تغيير على السماء، ظهر ضوءٌ سبعة الألوان فوق ساحة المعركة ، وامتلأت السحب البيضاء بدل السوداء

سرعان ما بدأ الثلج يتساقط من السماء. تساقط الثلج الذهبي، وبدت السحب والضباب وكأنها بشرية. كانت كزهور تناثرت في أرجاء العالم

حدق بيليال بالسماء و ضاقت عيناه بزاوية حادة"ضوء مراسم الإختيار؟ هذا العالم سيختار ابنه من جديد؟ هذا عديم الفائدة ، لا يوجد كائنات حية قريبة قوية كفاية لكي.."فجأة اتسعت عيناه

بدأ الثلج الذهبي يتساقط و يتمايل كبتلات أزهار و لكن كان لها اتجاه محدد ، كانت متجهة نحو تشانغ يونغ

'إرادة هذا العالم ، تعرف بأن بيليال خطر و كحل أخير اختارت أقوى بشري متواجد في الوقت الحالي لتمنحه ما يكفي من القوة للفوز'فكر تشانغ يونغ ببرود

إرادة هذا العالم لم تكن تنوي التدخل بشكل شخصي ، بل كانت تفضل اختيار شخص خارجي كتشانغ يونغ ليقوم بالقتال

لولا الظروف ، لم تكن لتفعل هذا

ابتسم تشانغ يونغ سرا 'لا بأس ، إرادة العالم كانت خطة احتياطية غير مرجوة ، و لكن الحظ الى جانبي...لذلك سأستثمر الحظ!'

بدأت البتلات الذهبية بالطيران بسرعة نحو تشانغ يونغ بالدخول الى جسده ، و ارتفع جسده في الهواء بينما أشرق عليه ضوء ذهبي من السماء منفردا

دارت الطاقة الروحية لجسده بسرعة و بدأ جسده ينغمس تماما في الضوء

شعر بأن الدانتيان بدأ يمتلئ عن آخره و فجأة

اختراق!

بدأ تشانغ يونغ سلسلة من الإختراقات المتتابعة بدون أي توقف

ارتفعت طاقة ذهبية حول جسده كخيط حريري و سرعان ما ظهر تنين ذهبي في منتصف السماء وقف خلف تشانغ يونغ

فتح تشانغ يونغ عينيه ببطء ، و كان قد وصل إليها ، عالم الٱمبراطور

لقد كان شعورا جديدا مختلفا عن كل شيء آخر ، مما تسبب في ارتفاع النية القتالية لتشانغ يونغ

أنمي أجنحة الفخر و أحلق للسماء

أمتطي السحب و أمسك النجوم

أسخر من النمل و أراقب الطيور

امسك الشمس بيميني و القمر بيساري

ألمس نهر القدر و أعيد كتابة مصيري

أصبح النجم الحقيقي الوحيد للسماء

أذبح ما بين العالم و أتمرد على المصير

أطأ على العواصف وأفجر الرعود

أقتحم الآفاق دون خوف أو تردد

أخلق مسارات جديدة أقف وحيدًا على القمة

أجتاز الحواجز وأكسر القيود و أصدح في الأركان

أبصر الحقائق التي تعجز العيون عن رؤيتها

أحيا خالدًا وأحلق وأكتب تاريخًا جديدًا

في هذا اليوم ، لقد حقق قمة العالم البشري

رفع يده و ارتفع التنين الذهبي نحو السماء و بدأ بالدوارن حول نفسه في دائرة

مسار الحظ - صدفة السلحفاة الذهبية

بدأ التنين الذهبي بالدوران حول نفسه بسرعة هائلة، مُشكِّلاً دوامةً ذهبيةً عملاقة في السماء. الضوء الذهبي المنبعث منه كان ساطعاً لدرجة أنه طغى على اللون القرمزي لبحر دماء بيليال، مُعيداً اللون الأزرق إلى السماء.

بيليال، الذي كان لا يزال يطفو في الهواء، زُمجر غاضباً. "حظ؟! أنت تعتقد أن حظاً تافهاً يمكنه هزيمتي؟!" صرخ، صوته يهز الأرض تحت أقدامهم

رفع بيليال ذراعيه، وبحر الدماء تحول إلى آلاف الشياطين المصنوعة من الدم، كل منها يزمجر ويصرخ باتجاه تشانغ يونغ. "اقتُلوه!" أمر بيليال، وأطلَق جيشه الوحشي

لكن تشانغ يونغ لم يتحرك. فقط ابتسم بهدوء، وعيناه تحدقان في بيليال بتحد

أطلق التنين ضوءا ذهبيا و تم استبداله في منتصف الضوء بصدفة سلحفاة فارغة على ظهرها ، و فوقها ظهرت مجموعة من النرود الكريستالية البرتقالية

و حفرت كلمة في منتصف كل نرد ، الموت ، الحياة ، الضوء ، الظلام ، الخشب ، الأرض ، المعدن ، النار ، الماء ، الجليد ، الرياح ، البرق ، التحول ، الوهم ، السم ، الروح الخ

و على كل وجه من وجوه النرود ، كان هناك أرقام من واحد الى ستة

كانت هذه تقنية الحظ المطلق

النرود تمثل القوانين التي فهمها المستخدم ، و الأرقام كانت تمثل مستوى الضرر الذي سيحدث

بهذه التقنية ، كان هناك ثلاث مستويات للضرر ، منخفض و متوسط و عالي

و كانت النتيجة مرهونة بحظ المستخدم و عدوه

الأرقام 1,3,5 ستؤثر على المستخدم

بينما كانت 2,4,6 تؤثر على العدو

تشانغ يونغ لم يستخدمها حتى الآن و كان ذلك لأسباب ، الأول هو أن التأثيرات عشوائية ، و لكم تم صنع هذه التقنية بحيث...تزداد فرص الحصول على القانون الأعلى فهما لدى المستخدم

و في حالة تشانغ يونغ ، كان ذلك قانون الموت

بالإضافة ، لو حط النرد على عدد فردي ، سيكون تشانغ يونغ هو الميت بلا شك!

ما جعل تشانغ يونغ يستخدم هذه التقنية الآن كان بسبب أنه تلقى حظ الشخصية الرئيسية ، مما جعل حظه لا يقارن بأي كائن في هذا العالم!

بدأت النرود الكريستالية البرتقالية في الدوران بسرعة مجنونة فوق ظهر السلحفاة الذهبية، مطلقة ومضات من الضوء الساطع التي تناثرت في السماء.

بيليال، الذي كان يشعر بغرابة الطاقة المنبعثة من هذه التقنية، لم ينتظر. "همف!" زمجر، واندفع نحو تشانغ يونغ بمخالبه الشيطانية الممتدة، محاولاً مقاطعة الطقوس قبل اكتمالها.

لكن كان الأوان قد فات.

توقفت النرود فجأة عن الدوران، واستقرت واحدة في منتصف ، الكلمة التي كتبت عليها كانت....النار ، الرقم 4

كان ذلك ضررا متوسط المستوى من فئة قانون النار

في اللحظة التي استقرت فيها النرد ، انفجرت السماء بلهب لم يرَ له مثيل من قبل. لم يكن نارًا عادية، بل كانت نارًا ذهبية صافية

انطلقت موجة من اللهب الذهبي من النردة، متجهة مباشرة نحو بيليال، كانت الحرارة شديدة لدرجة أن بحر الدماء حوله بدأ يتبخر على الفور، مطلقًا بخارًا قرمزيًا كثيفًا.

هذا...!" صرخ بيليال، عيناه القرمزيتان تتسعان في صدمة. رفع ذراعيه في محاولة يائسة لصد الهجوم، مشكلًا درعًا من الظلام المطلق.

لكن النار الذهبية لم تتباطأ. اخترقت الدرع الظلامي كما لو كان غير موجود، ولفّت بيليال في قبضتها المشتعلة.

آآآه!

صرخة بيليال من الألم اهتزت عبر السماء ، جسده المشوّه بدأ يتحلل تحت تأثير النار الذهبية، الذيل الشائك والأجنحة الجلدية تذوب كما الشمع في فرن متقد.

تشانغ يونغ وقف يشاهد، عيناه الزرقاوان تعكسان وهج النار الذهبية. كان يتنفس بصعوبة، جسده منهك من استخدام تقنية الحظ المطلقة

رفع تشانغ يونغ يده و ارتفع سيف الذات خلفه ، و جعله يهبط بسرعة نحو بيليال

قذف بيليال عبر الهواء نحو الأرض و مد يده أمامه و ارتطم بقوة ، و سقطت نظرته نحو ماين بشكل يائس

لقد ابتسم

مد يده في اتجاه ماين و بدأ كلمات غريبة تخرج من فمه

اتسعت عينا تشانغ يونغ و بسرعة أطلق انفجار الشمس السماوية و فجر وجود بيليال عن وجه الخليقة

لم يكن هناك وقت للاحتفال بالنصر. قبل أن يتبدد آخر ذرة من وجود بيليال، كان تشانغ يونغ قد اندفع بالفعل نحو ماين بسرعة تفوق البرق.

"ماين!" ناداها، صوته يحمل لهجة طوارئ لم تسمعها منه من قبل.

لكن كان الأوان قد فات.

وجدها واقفةً في مكانها، لكن جسدها كان مغطى بشبكة كثيفة من الشقوق والشرخات الدقيقة، أشبه بخزفية على وشك التحطم

"تشانغ... يونغ..." همست بصوت متقطع، عيناها الورديتان تبدوان كبيرتين ومرهقتين في وجهها الشاحب. حاولت الابتسام، لكن حتى تلك الحركة البسيطة جعلت الشقوق على وجنتيها تتسع قليلاً. "أنا...آسفة..."

"لا تتحدثي!" أمرها تشانغ يونغ، وهو يهبط أمامها. يداه، التي كانت للتو تقذف بقوة كافية لتدمير كيان شيطاني، كانت ترتعش الآن بخفة وهو يرفعها بحذر شديد. "سأعالجك لذا..."

وضع كفه برفق على كتفها ، أغمض عينيه، وبدأ في تركيز كل ما تبقى له من طاقة

"شجرة الحياة الألفية...فن الخشب المقدس...تناغم الشمس و القمر" همس وهو يستدعي كل ما يقدر عليه للمساعدة ، استخدم فن الخشب المقدس رفع حيويته و استخدم شجرة الحياة الألفية لنقلها ، و دعمها بتناغم الشمس و القمر لنقل طاقته إليها و تقليص وقت التشقق و شراء وقت إضافي لها

ضوء ذهبي دافئ خرج من كفيه، يمتزج مع اللون الوردي الخافت المنبعث من جسدها. الشقوق بدأت تلمع بلون ذهبي، وكأن ذهباً سائلاً كان يملأها.

لكنها لم تلتئم

'مالذي أفعله؟...ألم أرغب بروحها؟ فلما...فلما أنا الآن....'

بدون إرادة من تشانغ يونغ ، شعر بتناقض كبير مع ذاته ، أراد روحها ، و لكنه لم يردها أن تموت

لقد كان هو من أراد الإبتعاد ،و لكن في النهاية انتهى به الأمر الى الإقتراب

تشانغ يونغ رفع عينيه نحو السماء، حيث بدأت السحب الذهبية للاختيار تتفرق، إرادة العالم كانت تتراجع، مهمتها قد انتهت.

صر تشانغ يونغ على أسنانه، حتى لو للحظة ، لا يريد أن يرى شخصا آخر قريبا منه يموت ثانية أمامه

"تشانغ يونغ....أين أنت؟"همست ماين بصوت بالكاد يُسمع، عيناها الورديتان تبدوان ضائعتين بينما بدأت حواسها تتلاشى واحدة تلو الأخرى

أولاً كان البصر. بدا أن بؤبؤ عينها بدأ يذوب و يختفي و يندمج مع البياض ،كل شيء في رؤيتها اختفى في ظلام داكن

"ماين!" رد تشانغ يونغ، صوته مشوباً بلمحة ذعر نادرة. ضغط على يديه بقوة أكبر، محاولاً ضخ المزيد من الطاقة إلى جسدها المتشقق. "أنا هنا. لا تغلقي عينيك."

لكنها لم تكن لتسمعه. الصوت كان التالي. همسات تشانغ يونغ، حفيف الطاقة، حتى صوت أنفاسه الخاص—كلها بدأت تتباعد كما لو كانت تحت الماء، ثم انقطعت فجأة.

عالمها أصبح صامتاً تماماً، باستثناء الطنين المزعج الذي يملأ رأسها

جسدها ارتعش بعنف بين ذراعيه. الشقوق التي حاول سدها بدأت تتسع مرة أخرى، ولكن هذه المرة لم يكن هناك ألم. الإحساس باللمس كان يغادرها

لم تعد تشعر بدفء يديه حولها، أو برودة الأرض تحتها، أو حتى تمزقات الطاقة التي كانت تمزقها من الداخل.

"لا... هذا لا يمكن..." همس تشانغ يونغ، عيناه تتسعان وهو يشاهد جسدها يبدأ بالتفكك حقاً

رائحة الغبار المتطاير بدأت تتحول إلى رائحة تراب مبلل، ثم إلى رائحة العدم نفسه. حاسة الشم—ذهبت.

لم يتبق سوى الصوت ، آخر ما تذوقته كان طعم الدم في فمها، معدنيّاً ودافئاً. ثم حتى ذلك تلاشى، تاركاً فراغاً مرّاً على لسانها ، و عندما حاولت اخراج ادنى صوت ، لم يخرج

شكراً... لأنك كنت هنا في النهاية...

لم تكن كلمات، ولا حتى فكرة—بل كانت شعوراً نقياً، نبضة أخيرة من الوعي قبل الموت

ثم... انتهى الأمر.

جسدها بالكامل تحول إلى غبار لامع من الذهب ، يتألق تحت سماء ما بعد المعركة قبل أن يبدأ في التلاشي.

تشانغ يونغ، الذي كان يحاول يائساً الإمساك بها، لم يجد بين ذراعيه سوى ذرات متطايرة من الضوء تنساب بين أصابعه.

سقط تشانغ يونغ على ركبتيه، يتنفس بصعوبة ، و هو يحدق في فراغ ذراعيه ، جسده الجديد الذي تشكل بعد عودته من هيلهايم كان مشققًا ونازفًا، وأجنحة الفراشة خلفه كانت ممزقة ومحترقة

استخدام كل تلك التقنيات القوية، وخاصة تقنية الحظ المطلقة، استنفد كل طاقته الروحية تقريبا ، مع إضافة ما حدث أخيرا كان حملا زائدا

[تم امتصاص الروح المدعوة "ماين" بنجاح، عدد الأرواح الممتصة (14/16)]

[لقد اكتملت مهمة هذا العالم ، و سيتلقى المضيف المكافأة فور عودته الى عالمه]

رفع تشانغ يونغ رأسه بهدوء ، في عينيه ، كان هناك تألق غريب ، لم يكن حزينا ، كان هناك فقط ابتسامة مريرة على وجهه قبل أن يضحك

لقد ضحك بشكل ساخر و مرير ، بشكل أدق ، لقد كان يضحك على نفسه

"أه...أجل ، لقد فهمت ، أنا لست حزينا ، أنا فقط...خائب الأمل في نفسي"

ضحكته جافتة وجوفاء، تتصادم مع صمت العالم المحطم من حوله. لم تكن هناك دموع، فقط ذلك الصوت الجاف الذي ينبعث من حنجرته، يحمل ثقل كل الخيارات التي قادته إلى هذه اللحظة

في حياته السابقة ، لم يستطع إنقاذ أحد ، في حياته الحالية ، حتى مع اكتسابه للقليل من القوة ، لم يستطع إنقاذ من يحبهم

و الآن ، و في هذه اللحظة ، أجل ، كان لديه القوة لإنقاذهم ، و لكنه اختار في النهاية تركهم يموتون

الذي جعله يفقد كل طموح في ذاته ، أراد حماية من أراد عندما لم يمتلك القدرة ، و عندما امتلكها لم يعد يريد حمايتهم

'أجل ، أنا حثالة'

قام ببطء، جسده المتألم يئن تحت وطأة الإصابات والاستنزاف

أجنحة الفراشة الممزقة خلفه تذبل وتتلاشى، عائدة إلى طبيعتها غير المرئية. نظر إلى يديه، حيث كان يحمل رمادًا ذهبيًا دافئًا للتو.

"هذا هو الثمن، أليس كذلك؟" همس، صوته خشنًا. "ثمن العودة من الجحيم... ثمن القوة... ثمن أن أكون أنا."

ما نفع أن تكون قويا ، إن لم تستخدم قوتك لما تريد

لكن في النهاية ، لم يستطع تشانغ يونغ ان يكون حزينا حقا ، ففي النهاية ، أرواحهم ملكه ، و هم لم يكونوا أمواتا حقا

كونه عاطفيا في لحظاتهم الأخيرة كان فقط جانبه الانساني ، او بالأحرى ، ما تبقى من انسانيته

فجأة شعر باضطراب في الزمكان ، رفع تشانغ يونغ رأسه ببطء

الغيوم الذهبية المتبقية من "مراسم الاختيار" بدأت تتبدد بسرعة، ليس لتحل محلها السماء الزرقاء، بل لتحل محلها ظلمةٌ أعمق من أي ليل ، ظلمةٌ تبتلع الضوء نفسه.

لم يكن مجرد غروب للشمس. كانت السماء بأكملها تُطوى كما لو كانت قطعة قماش سوداء، تُسحب من أطراف الكون لتكشف عن فراغٍ مطلقٍ خلفها

النجوم خفتت ومحت، القمر تلاشى، حتى وهج المعركة المتبقي على الأرض بدأ يخبو كما لو كان يُسحب نحو الأعلى

ثم، في منتصف هذا الظلام، بدأ شيءٌ بالتشكل.

بقعة حمراء داكنة، كقطرة دم في محبرة سوداء، ظهرت في مركز السماء

اتسعت ببطء، متحولة إلى حلقة قرمزية متوهجة تنبض بنبضاتٍ بطيئةٍ وثقيلة، كقلب عملاق.

لم تكن شمسًا و لم تكن نجماً.

كانت عينًا

عين قرمزية هائلة، يبلغ حجمها أضعاف حجم الشمس السابقة، تحدق إلى الأسفل نحو العالم

قزحيتها كانت دوامة من اللون القرمزي والذهبي المتداخل، تتلوى كأفعى سامة، وبؤبؤها كان فجوة سوداء مطلقة، أعمق من أي فراغ، تبتلع النظر وتجذب الروح

الضوء الذي أطلقته لم يكن ضوءًا بالمعنى المعروف. كان وهجًا قرمزيًا كالدم المتوهج، يغسل العالم بصبغة غريبة ومريعة

لم تكن هناك حرارة. فقط برودة قارسة تنتشر في الهواء، برودة تخترق العظام وتجمد الروح

صمتٌ ثقيل خيم على العالم، مكسورًا فقط بصوت نبضاتٍ ضخمةٍ تتردد في الفضاء، كدقات قلب عملاق يخفق من داخل تلك العين

ثم انشقت السماء ، ليس مجازيا ، بل انشقت السماء حرفيا و ظهر الكون الواسع و بدا أن الأكسجين و الهواء اختفى من العالم

ظهر مخلوقان غريبان في السماء

الأول وحش عملاق ذو جسد مظلم متشابك يشبه درعًا عضويًا، مليء ببروزات حادة وأطراف ملتوية، عيناه وأجزاؤه تتوهج بلون بنفسجي مزرق

الثاني وحش شبيه بدماغ ضخم أحمر يتدلى منه شرايين وأطراف لحمية، في مركزه عين وحشية كبيرة محاطة بسواد كثيف، يسبح حوله عدد من العيون الطائرة

[جاري بدأ الإستعدادات للعودة ، ستعود في غضون 30 ثانية]

"إذا لدي فقط هذا الوقت لقتل هاذين الوغدين"ابتسم تشانغ يونغ كما رفع سيفه العظمي

اندفع نحو السماء، و هو يطير بقوته المتبقية ، الوحشان السماويان لم يتحركا. لم يكن عليهما أن يتحركا. مجرد وجودهما كان كافيًا لتمزيق نسيج الواقع حولهما.

الوحش ذو الدرع العضوي أدار 'وجهه' المُكوّن من بروزات متشابكة نحو تشانغ يونغ. توهجه البنفسجي المزرق ازداد سطوعًا، مُطلقًا موجة من الطاقة التي شوّهت الفضاء نفسه في طريقها نحوه

مسار الفراغ - طي الأرض!

اختفت تشانغ يونغ من مكانه، ليظهر لبرهة فوق الوحش ، رفع يده و نزل سيف الذات العملاق عليه

الوحش الدماغي لم يتحرك، لكن العيون الطائرة حوله دارت بسرعة، مطلقةً أشعةً من هجمات عقلية حارقة التي قطعت السماء نحو تشانغ يونغ.

سيف الذات العملاق اخترق الهواء، لكنه اصطدم بحقل قوة غير مرئي حول الوحش المدرع

طاقة بنفسجية مزرقّة انفجرت، دافعةً تشانغ يونغ للخلف بعنف. في نفس اللحظة، تفادى الأشعة الذهنية الحارقة من العيون الطائرة بفارق شعرة.

[25 ثانية]

لم يكن لديه وقت للتفكير. الوحش المدرع بدأ بالتحول، بروزاته الحادة تتمدّد وتتقلص، مشكلةً أطرافًا تشبه الرماح العملاقة من الظلام

انقضّت هذه الأطراف نحو تشانغ يونغ من جميع الاتجاهات، محاصرةً كل مسار هروب محتمل

مسار النجوم - انهيار النجوم

استدعى تشانغ يونغ آخر ما تبقى له من قوة. ظهرت أجسام مضيئة في السماء فوق الوحشين

لكنها هذه المرة كانت باهتة ومتقطعة، إرادته المنهكة لم تعد قادرة على الحفاظ على التقنية بكامل قوتها.

النجوم المصغرة سقطت، لكن الوحش الدماغي رفع 'عينه' المركزية

موجة من الطاقة الذهنية الغريبة انبثقت، محولةً النجوم الساقطة إلى غبار متوهج قبل أن تلمس هدفها.

[20 ثانية]

"تسك!" لعن تشانغ يونغ. الهجوم الاستباقي فشل. الأطراف الرمحية للوحش المدرع كانت على بعد أمتار منه

النواة الأولى - مجال المصفوفات

مصفوفة تيار الرياح السماوية العنيفة!

دوامة من شفرات الرياح الحادة تشكلت حوله، مقطعةً الأطراف الرمحية القريبة إلى أجزاء. لكن المزيد منها استمر في القدوم، بشكل لا نهائي

[15 ثانية]

استدار تشانغ يونغ فجأةً نحو الوحش الدماغي. كان يعلم أن الوحش المدرع كان خط الدفاع الأول. الدماغ كان العقل المدبر

رفع تشانغ يونغ يده عاليا نحو السماء ، و استعد لحركته القاتلة الأخيرة

النواة الثانية - جسد الجليد

ذكرى الجليد الأبدي - الطبقة التاسعة: تجميد الأبدية

انفجر الجليد المطلق من جسد تشانغ يونغ، فراغٌ متجمدٌ يبتلع كل شيء حوله.

الموجة الصادمة من البرد القارس انتشرت في كل الاتجاهات

الوحش المدرع المُشابك تصلّب فجأة، توهجه البنفسجي المزرق تجمد في منتصف النبض، تحول إلى منحوتة جليدية ضخمة من الكريستال البنفسجي.

الأطراف الرمحية التي كانت منقضة نحو تشانغ يونغ توقفت في منتصف الهواء، مغطاة بطبقة سميكة من الجليد الذي يلمع بضوء شاحب.

الوحش الدماغي ارتعش بعنف، العيون الطائرة حوله تجمدت واحدة تلو الأخرى وسقطت كحجارة متجمدة، محطمةً على الأرض البعيدة

العين المركزية الكبيرة حاولت المقاومة، مُطلقةً هجمات يائسة ، لكن الموجة المتجمدة اجتاحتها دون هوادة. تحولت إلى كرة جليدية قرمزية هائلة، معلقة في السماء كنجم ميت

[10 ثوانٍ]

الصمت المطبق ساد المكان مرة أخرى، لكن هذه المرة كان صمت الموت المتجمد. السماء بأكملها، والوحشان العملاقان، كل شيء تجمد في لحظة واحدة.

ثم، بدأت العين القرمزية الهائلة في السماء بالتلاشي.

تقلصت ببطء، كثقب أسود ينغلق على نفسه. الظلام الداكن الذي كان يحيط بها انسحب معها، مكشفاً عن سماءٍ صافيةٍ غريبةٍ ليست سماء عالمه. من داخل العين المتلاشية، نزل رجل

كان مظهره عادياً بشكلٍ مخيف. طول متوسط، ملامح باهتة يصعب تذكرها، يرتدي بدلةً سوداء بسيطة لا تطوى حتى بشكل متقن. لكن عينيه... عيناه كانتا تشبهان العين التي كانت في السماء، لكن بحجم بشري.

قرمزيتان، بلا بؤبؤ، تنظران إلى تشانغ يونغ بفضولٍ باردٍ وخالي من أي عاطفة

"إه." قال الرجل، صوته مسطحاً وخالياً من أي نبرة"شذوذ في العالم أتلف عملية الحصاد"

[7 ثوانٍ]

لم ينتظر تشانغ يونغ. كل غريزة في جسده صرخت بأن هذا الكائن، كان الخطر الحقيقي.

اندفع نحوه، سيفه العظمي المتشقق يلمع بآخر ما تبقى من طاقة

الرجل لم يتحرك. لم يرفع يديه حتى للدفاع. نظر فقط إلى تشانغ يونغ بتلك العينين الخاليتين.

اصطدم سيف تشانغ يونغ بحقل طاقة غير مرئي على بعد بوصات من وجه الرجل، لم يكن هناك صوت انفجار، لا شرر، لا مقاومة. السيف العظمي تبدد في الهواء الى ذرات غبار

[5 ثوانٍ]

صدمة قصيرة اجتاحت تشانغ يونغ قبل أن تستبدلها إرادة حديدية

كان يعلم

كان يعلم منذ اللحظة التي رأى فيها هذا الكيان أن الفجوة بينهما كانت كالفجوة بين الأرض والسماء.

لكنه لم يستسلم أبداً.

[4 ثوانٍ]

"مُضِيعٌ للوَقْتِ." قال الرجل، ورفع إصبعه السبابة ببطء. لم تكن هناك طاقة مرئية، لا وميض، لا حركة هواء. لكن تشانغ يونغ شعر ببساطة بأن نصف جسده قد اختفى

ساقه اليمنى وذراعه اليسرى تبخرتا ببساطة، كما لو لم تكونا موجودتين من الأساس. الدم لم ينسكب، لأن الجرح نفسه كان نظيفاً و صامتا بشكلٍ غير طبيعي.

حتى جسده لم يعرف أنه قد قطع

[3 ثوانٍ]

سقط تشانغ يونغ على الأرض، يتنفس بصعوبة. نظره كان يغبش، وعيه يبدأ بالانزياح. رأى الرجل يقترب منه بخطواتٍ بطيئةٍ وقياسية

[2 ثانية]

ابتسم تشانغ يونغ ابتسامةً هزيلةً ملطخةً بالدماء.

"مضيعة للوقت...أتقصد نفسك؟" همس بصوتٍ مكسور.

ثم، بأخر قوة في جسده المشطوب، قام بما يعرفه أفضل من أي شيء آخر.

قرر تفجير نفسه

[1 ثانية]

[جاري العودة]

رفع إصبعه الأوسط في وجه الرجل "أراك في الجحيم أيها الداعر!"

جسده المتبقي انفجر بضوءٍ أبيضٍ أعمى، ليس ضوءاً مقدساً أو شيطانياً، بل مجرد ضوء. الضوء النقي لوجود من مستوى الإمبراطور قد قرر تفجير قاعدة صقله بالكامل

كابوووووم!

انفجر المكان و زلزلت الأراضي و ظهر شق عميق في العالم يمتد لملايير الكيلومترات

وسط ذلك الشق ، وقف الرجل بدون أي اهتمام ، و ارتفعت زاوية فمه قليلا و هو ينظر الى الضرر الذي حظي به منذ قليل

انفجر إصبعه الخنصر فقط ، كان هذا كل الضرر الذي حصل عليه

"جيد جدا ، ليس حتى بحاكم ليقارعني و مع ذلك استطاع جرحي ، جيد ، سأرسل لك هدية"رفع الرجل يده و رسم كلمات في الهواء قبل أن تخترق الكلمات الفراغ و تطير

"سأتأكد من مكافئتك ، أمامك حينها عشر دقائق ، إن نجوت فهذا يعني أني سأقتلك شخصيا ،و هذا أعظم شرف لك"

2025/09/19 · 22 مشاهدة · 3584 كلمة
نادي الروايات - 2025