قبض ليونيل على الغطاء الذي يغطيه، محاولًا إخفاء توتره. لم يكن هذا الرجل خادمًا، ولم يكن أحد أفراد العائلة الإمبراطورية... ومع ذلك، كان يتصرف وكأنه يعرفه جيدًا.

تراجع ليونيل قليلًا في سريره، لكنه حافظ على تعابيره غير المبالية. "أنت تتحدث وكأننا أصدقاء قدامى، لكنني متأكد أنني لم أقابلك في حياتي من قبل."

ضحك الشاب بهدوء، وكأن كلام ليونيل مسلٍ للغاية. "لم نقابل بعضنا البعض من قبل، هذا صحيح ربما. لكن هذا لا يعني أنك لا تعرفني، ليونيل."

شعر ليونيل بقشعريرة تسري في جسده. لماذا يبدو هذا الرجل واثقًا جدًا؟

لكن قبل أن يتمكن من الرد، ظهر إشعار جديد أمامه.

- [تحذير النظام] -

خطأ في التحميل... جاري استعادة البيانات المفقودة... فشل التحميل.

تحذير: هناك تداخل في ذكريات المستخدم مع مصدر غير معروف.

عقد ليونيل حاجبيه. ماذا يعني هذا؟ ذكريات؟ هل يحاول النظام القول إن هذا الشخص مرتبط بليونيل الأصلي؟

فتح الشاب يديه بتكاسل، وكأنه يمنحه فرصة ليهدأ. "لا داعي للذعر. لن أفعل شيئًا لك، ليس الآن على الأقل."

نظر ليونيل إليه بريبة. "ليس الآن؟"

"هذا يعتمد عليك."

ثم، دون أي تحذير، اختفى الرجل في الظلام كما ظهر، وكأن وجوده لم يكن سوى وهم.

جلس ليونيل متجمدًا للحظات، يحاول معالجة ما حدث للتو. من هذا الرجل؟ ولماذا لم يتمكن النظام من التعرف عليه؟

لكن الشيء الوحيد الذي كان يعرفه بيقين هو أنه شعر بالخطر لأول مرة منذ أن تجسد في هذا العالم.

...................

زفر ليونيل بحدة، مدّ يده بعنف نحو شاشة النظام التي لا تزال معلقة أمامه، وضغط عليها بعشوائية، محاولًا إغلاقها. لكنها لم تختفِ.

"تداخل في ذكريات المستخدم؟ مصدر غير معروف؟! هل تمزح معي؟!" ضرب الغطاء بقبضته. "إذا كنت تظن أنني سأبدأ في البحث خلف هذا الأمر، فأنت واهم أيها النظام اللعين!"

كان من المفترض أن يتجاهل كل شيء. لم يكن يريد أن يكون جزءًا من هذه القصة، ولا أن يتورط في أحداث غامضة ومريبة. لقد قرر منذ البداية أنه لن يلعب دور البطل، ولا حتى الشرير. كل ما يريده هو العيش بسلام... فلماذا يستمر النظام في جره إلى هذه المهام والمشاكل؟

ارتفع ضغطه أكثر وهو يقرأ التحذير مرة أخرى. شتم بصوت عالٍ، ثم ضرب الوسادة وكأنها المذنب في كل هذا.

"أنت أيها المؤلف اللعين! هل كنت تملك ضغينة ضدي في حياتي السابقة أم ماذا؟! لماذا تصر على توريطي في هذه المهزلة؟! ألم يكن بإمكانك منح هذا الدور لشخص آخر؟!"

ظهر إشعار جديد على الفور.

- [إشعار النظام] -

تم تسجيل غضب المستخدم...

جارٍ إرسال التقرير إلى المدير المسؤول...

تجمد ليونيل. "ماذا؟!"

ضغط على الشاشة في محاولة يائسة لإلغاء الإرسال، لكنه فشل. كانت الكتابة قد اختفت بالفعل. شعر بقشعريرة تسري في جسده. ماذا يعني "المدير المسؤول"؟ ومن يكون هذا المدير بالضبط؟!

غطى وجهه بيديه، ثم زفر مجددًا. لا، لا... لن يهتم بهذا.

"سأتجاهل كل شيء. لا أهتم. لا يهمني من يكون هذا الرجل، ولا هذا التقرير السخيف، ولا حتى النظام بأكمله. ليفعلوا ما يريدون!"

استدار على السرير بعنف، وسحب الغطاء فوق رأسه كأنه يحاول حجب كل شيء.

"سأعيش كما أريد، ولن أتدخل. نهاية القصة."

.............................

استيقظ ليونيل وهو يشعر وكأن رأسه سينفجر. حرارة جسده كانت مرتفعة، وكان من المستحيل عليه حتى رفع يده دون أن يشعر بثقل غير طبيعي. فتح عينيه نصف فتحة فقط، فرأى ظلًا طويلًا يقف عند الباب، ثم تبعه آخر أقصر بقليل.

"أوه... الإمبراطور؟ والطبيب اللعين؟"

لكن حتى شتمه لم يخرج من فمه، فقط فكر به داخل عقله المنهك.

"سموك، حرارته مرتفعة جدًا." جاء صوت إدغار، منخفضًا كعادته، لكنه محمل بقلق مهني بحت.

"عالج الأمر." كان رد الإمبراطور باردًا كالمعتاد.

ليونيل لم يهتم. تجاهل الاثنين وأغمض عينيه مجددًا. لم يكن لديه القدرة حتى على السخرية أو إلقاء تعليق لاذع.

"سمو الامير ليونيل، سأفحصك الآن." شعر بيد إدغار تلمس جبينه، لكنه لم يمتلك الطاقة لإبعادها.

"هل هذه عقوبة جديدة من النظام اللعين؟ أو ربما انتقام من المؤلف السخيف؟"

تردد صوت الإمبراطور في الغرفة، جافًا كالعادة. "لماذا أصيب بالحمى فجأة؟"

"قد يكون بسبب الإرهاق الشديد، أو ربما آثار جانبية للعلاج. جسده ضعيف بالفعل، وأي تغيير في نظامه قد يسبب اضطرابًا مؤقتًا."

ليونيل، الذي لم يكن يريد سماع هذا الحديث، دفن وجهه في الوسادة وتجاهل وجودهما تمامًا.

لكن فجأة، شعر بيد تمسك بذراعه وتبدأ في فحص نبضه. حاول التملص قليلًا، لكن حتى المقاومة كانت مرهقة.

"توقفوا عن العبث بي... دعوني أنام فقط..." كان هذا كل ما استطاع التفكير به قبل أن يغرق في النوم مجددًا.

...........................

وقف إدغار بجانب السرير، ينظر إلى الإمبراطور بعدم ارتياح بينما يرفع الحقنة قليلاً. "سموك، سيكون من الأفضل إعطاؤه هذه الحقنة لخفض حرارته بسرعة."

نظر الإمبراطور إلى ليونيل، الذي بدا ككومة من البطانيات المتشابكة، تململ قليلًا وكأنه يشعر بالخطر، ثم بدأ يحرك يديه ببطء، متشبثًا بملابس الإمبراطور بقوة غريزية.

تنهد الإمبراطور، وعيناه تضيّقتا قليلاً. "إنه يكره الحقن."

رفع إدغار حاجبه. "لكنها الطريقة الأسرع-"

"لا." قاطع الإمبراطور بصرامة، ثم جلس على حافة السرير بينما لا يزال ليونيل متشبثًا بردائه.

أعاد إدغار الحقنة إلى حقيبته، ثم أخرج زجاجة دواء صغيرة. "إذاً، علينا جعله يشرب هذا، لكنه غارق في النوم."

نظر الإمبراطور إلى الدواء، ثم إلى ليونيل، ثم إلى إدغار. ثم عاد لينظر إلى الدواء مرة أخرى.

وقف إدغار بجانب السرير، يحمل زجاجة الدواء بيده بينما ينظر إلى الإمبراطور. "جلالتك، سيكون من الأفضل أن يشربه فورًا حتى لا تسوء حالته."

نظر الإمبراطور إلى ليونيل، الذي كان غارقًا في النوم، ملامحه متعبة، وحرارته لا تزال مرتفعة.

عندما حاول إدغار إيقاظه، تململ ليونيل قليلًا، عبس بوجهه، ثم تشبث بملابس الإمبراطور كما لو كان يشعر بالخطر.

رفع الإمبراطور حاجبه، ثم قال ببرود: "إنه حتى في مرضه عنيد."

تنهد إدغار وأخرج سرنجة طبية، ملأها بالدواء السائل ثم قال: "بهذه الطريقة يمكننا إعطاؤه الدواء دون الحاجة لإيقاظه."

الإمبراطور أخذ السرنجة من إدغار دون كلمة، جلس على حافة السرير، أمسك بذقن ليونيل بلطف، ثم حرك إبهامه لفتح شفتيه قليلًا.

ثم، بمهارة ودقة، أدخل طرف السرنجة في فمه وضغط ببطء، مما جعل السائل يتدفق تدريجيًا إلى حلق ليونيل.

تململ ليونيل قليلًا، بدا وكأنه يحاول الاعتراض حتى وهو نائم، لكنه اضطر لابتلاع الدواء مع استمرار تدفقه في فمه.

بعد لحظات، انتهى الإمبراطور من تفريغ الجرعة بالكامل، أبعد السرنجة، ثم وضع يده على جبين ليونيل، متأكدًا من أنه شرب الدواء.

"لقد انتهى الأمر." قال الإمبراطور ببرود وهو ينظر إلى إدغار.

إدغار، الذي كان يراقب المشهد بصمت، دفع نظارته للأعلى وقال: "جلالتك، لم أتخيل يومًا أنني سأراك تفعل هذا."

الإمبراطور لم يرد، بل غطى ليونيل جيدًا ثم وقف ليغادر، متجاهلًا نظرة إدغار المتفاجئة تمامًا.

...............................

غطّ ليونيل في نوم مضطرب، وكأن الحمى كانت تحاول التهامه بالكامل، جاعلة جسده يغرق في بحر من الأحلام المتشابكة والكوابيس الغريبة.

الكابوس الأول: سقوط لا نهائي

وجد نفسه يسقط من مكان شاهق، الرياح تعصف من حوله، وجسده يتهاوى بلا تحكم. حاول الصراخ، لكن صوته لم يخرج. في الأسفل، لم يكن هناك أرض، بل بحر أسود لا نهاية له. وقبل أن يصطدم به، استيقظ للحظة قصيرة، قبل أن يغرق في حلم آخر.

الكابوس الثاني: المعركة الدامية

وقف في ساحة معركة يكسوها الدمار. أصوات السيوف المتصادمة تملأ الهواء، ورائحة الدم كانت خانقة. أمامه، ليونيل البالغ، جسده مغطى بالجروح، يقاتل أشخاصًا مجهولين يرتدون ملابس عليها شعار قمر أحمر محفور بدماء سوداء. صوته كان يصرخ، لكن الكلمات لم تكن واضحة. ثم اخترق سيف جسده، وقبل أن يتمكن ليونيل من إدراك ما يحدث، تحول المشهد مرة أخرى.

الكابوس الثالث: المرأة ذات الشعر الأبيض

هذه المرة، لم يكن هناك دمار، ولا معركة. كان يقف في قاعة واسعة مضاءة بشموع خافتة. أمامه، ليونيل الأصلي، طفل صغير في العاشرة من عمره، يحمل نظرة حزينة في عينيه. بجانبه، كانت هناك امرأة ذات شعر أبيض نقي، ملامحها ضبابية وكأن شيئًا ما يمنعه من رؤيتها بوضوح.

كانت تتحدث مع ليونيل الأصلي، لكن صوتها كان مكتومًا، كأنه قادم من بُعد آخر. حاول ليونيل الاقتراب، لكن قدميه لم تتحركا، وكأن قوة غير مرئية تقيده في مكانه.

ثم، للحظة قصيرة، استدار ليونيل الأصلي لينظر مباشرة إليه. كانت عيناه تملؤهما المشاعر المعقدة... الحزن؟ الغضب؟ الاستسلام؟ لم يستطع تحديد ذلك.

لكن قبل أن يتمكن من قول شيء، بدأت المرأة بالابتعاد، واختفى المشهد كله في ظلام دامس.

وفي تلك اللحظة، استيقظ ليونيل فجأة، أنفاسه متسارعة، جسده لا يزال ساخنًا بسبب الحمى، وعيناه متسعتان من الصدمة.

"...من كانت تلك المرأة؟ ولماذا... لماذا شعرت بأنها مألوفة؟"

....................

استسلم ليونيل مجددًا للنوم، لكن هذه المرة لم تكن كوابيس معذبة أو ذكريات مشوشة. كان الحلم مختلفًا... غريبًا... وكأنه دخل إلى عالم خارج المنطق.

فتح عينيه ليجد نفسه واقفًا في أرض شاسعة لا حدود لها. لا سماء، لا شمس، فقط فضاء أبيض ضبابي يمتد بلا نهاية. بدا وكأنه عالق في عالم بين الحقيقة والخيال.

ومع ذلك، لم يكن وحده.

أشخاص بملامح ضبابية يقفون في كل مكان حوله، شعرهم أبيض كالثلج، وأعينهم غير واضحة، وكأن شيئًا ما يمنعه من تمييزهم بوضوح. لم يكن يعرف من هم، لكن شعورًا غريبًا أخبره أنهم يراقبونه منذ وقت طويل.

عندما بدأ بالتحرك، تراجعوا خطوة للوراء، قبل أن يتحدث أحدهم بصوت هادئ لكنه قوي:

"ليس بعد... لم يحن الوقت."

شعر ليونيل بقشعريرة باردة تسري في جسده، لكنه لم يفهم ما يقصدونه. أي وقت؟ وماذا سيحدث عندما يحين؟

قبل أن يتمكن من طرح أي سؤال، وقع نظره على شيء في المسافة.

طفل صغير... يجري بعيدًا عنه.

كان شعره الأبيض يرفرف مع كل خطوة، وجسده النحيل يبتعد شيئًا فشيئًا. قلب ليونيل انقبض فورًا-لقد رأى هذا الطفل من قبل.

"ليونيل الأصلي؟!"

من دون تفكير، بدأ ليونيل بالجري خلفه، قدماه تتحركان بصعوبة كما لو كانا ثقيلتين، لكنه لم يتوقف.

"انتظر!"

لكن الطفل لم يتوقف. لم يلتفت حتى. ظل يجري بعيدًا، وكأن هناك شيئًا كان ينتظره في نهاية هذا المكان المجهول.

كلما اقترب ليونيل، كلما بدأ كل شيء يتحلل من حوله... الأرض البيضاء أصبحت رمادًا، والضباب بدأ يتلاشى، وأصوات غريبة همست من العدم.

ثم... اختفى كل شيء.

ووجد نفسه يسقط مجددًا، في ظلام عميق لا نهاية له.

....................

كان السقوط بلا نهاية، ظلام يبتلعه من كل الجهات، لكن فجأة... توقف.

لم يسقط على أرض صلبة، لكنه لم يكن يطفو أيضًا. كان يقف في فراغ أسود، ممتد بلا حدود.

وأمام عينيه، وقف طفل صغير.

ليونيل الأصلي.

الشعر الأبيض، الجسد الهزيل، والعينان الزرقاوان الباهتتان التي لم تحمل أي تعبير. كان ينظر إليه بصمت، وكأنه يراقبه منذ مدة طويلة.

شعر ليونيل بأنفاسه تتسارع.

"أنت...!"

فتح فمه ليكمل، لكنه تردد. ما الذي سيقوله؟ كيف سيتحدث مع شخص كان يجب أن يكون هو؟ شخص مات، لكنه بطريقة ما... لا يزال هنا؟

ليونيل الأصلي لم يتكلم، لكنه رفع رأسه قليلاً وحدق به مباشرة. ثم... ابتسم.

لكن تلك الابتسامة لم تكن دافئة، لم تكن حتى حزينة.

كانت... فارغة.

"لماذا تهرب مني؟" سأل ليونيل أخيرًا، محاولًا إخفاء ارتجاف صوته.

لم يرد الطفل. فقط استدار وبدأ بالمشي ببطء، كأنه يريد أن يتبعه.

شعر ليونيل بتردد، لكنه تحرك خلفه. كان عليه أن يعرف... عليه أن يفهم لماذا لا يزال هذا الطفل هنا، ولماذا يراه في أحلامه وكوابيسه.

كل خطوة خطاها ليونيل، كان الظلام من حوله يتغير. لم يعد مجرد فراغ... بل بدأ يرى ظلالًا وصورًا تظهر في الهواء.

ذكريات.

- طفل صغير يجلس وحيدًا في غرفة باردة، يحضن ركبتيه.

- شاب مراهق يحدق في المرآة بانكسار، يمرر أصابعه على جرح في وجهه.

- جسد مغطى بالكدمات، وأعين تنظر إليه باشمئزاز.

- أصوات تهمس من كل مكان: "عديم الفائدة... وصمة عار... ليس واحدًا منا..."

شعر ليونيل بقبضة باردة تطوق قلبه. هذه لم تكن مجرد مشاهد... كانت حياة ليونيل الأصلي.

"إذن، هذا ما كنت تشعر به..." تمتم بصوت خافت.

توقف الطفل أخيرًا، ثم التفت إليه مجددًا. عيناه التقتا بعيني ليونيل، وهذه المرة... رأى فيها شيئًا مختلفًا.

حزن؟ غضب؟ استسلام؟

أو ربما... مزيج من كل شيء؟

فتح الطفل شفتيه أخيرًا، وخرج صوته ناعمًا لكنه ثقيلٌ بالمعاني.

"لماذا أنت هنا؟"

.........................

"انتظر!"

ركض ليونيل بكل قوته خلف الطفل، لكن كلما حاول الاقتراب، كلما بدا أن المسافة بينهما تزداد.

ثم... توقف الطفل فجأة عند حافة منحدر أسود.

وقبل أن يتمكن ليونيل من الإمساك به، قفز.

"تبًا!"

توقف ليونيل عند الحافة، نظر للأسفل... ولكن الطفل كان قد اختفى. لا أثر له. لا ظل، لا صوت، لا شيء.

وفجأة، بدأ الأرض تهتز.

شعر ليونيل بالهواء يصبح أثقل، بحرارة خانقة تجتاح المكان. رفع رأسه ببطء... فقط ليرى المشهد أمامه يتغير بالكامل.

لم يعد هناك ظلام.

بل كان عرينًا ضخمًا للتنانين.

جبال سوداء شاهقة، هواء مشبع برائحة الرماد والنار، وسقف كهف مرتفع جدًا بحيث لا يمكن رؤية نهايته. وعلى الصخور المتناثرة في كل مكان... كانت هناك تنانين.

حمراء، زرقاء، ذهبية، سوداء... بأحجام مختلفة، لكنها كلها تمتلك شيئًا مشتركًا: أعين متوهجة تحدق به مباشرة.

ابتلع ليونيل ريقه.

"ماذا... بحق ؟"

قبل أن يتمكن من التحرك، دوى صوت عميق هز الأرض من تحته.

"من أنت؟"

شعر ليونيل بجسده يتجمد. لم يكن بحاجة للبحث عن مصدر الصوت، لأنه كان قد ظهر أمامه.

تنين أسود عملاق.

حجمه كان أكبر من أي شيء رآه من قبل، وعيناه كانتا تشتعلان وكأنهما بوابتان للجحيم نفسه.

اقترب أكثر، وصوته الغاضب هدر كالرعد:

"من أنت، ولماذا تحمل دماءه؟"

دماءه؟ من يقصد؟

وفجأة، شعر بحرارة شديدة تخترق جلده، كأن جسده يحترق من الداخل. ضغط على صدره، بينما تدفقت الذكريات القديمة مجددًا...

ثم سمع همسًا مألوفًا بجوار أذنه.

"لم يحن الوقت بعد."

قبل أن يتمكن من فهم أي شيء، شعر بقوة غير مرئية تسحبه للخلف...

ثم سقط في الظلام مجددًا.

...............

شهق ليونيل وهو يفتح عينيه فجأة. كان قلبه ينبض بسرعة جنونية، والعرق البارد يغطي جبينه. لم يكن بحاجة إلى لحظات لاستيعاب وضعه-لأن الألم الذي اجتاح جسده جعله يدرك الحقيقة فورًا.

كان في سريره، لكن كل خلية في جسده كانت تصرخ احتجاجًا. صدره يؤلمه، وكأنه قد اشتعل بالنار، ورأسه كان ينبض بألم أشبه بطعنات متتالية.

"اللعنة..."

رفع يده المرتجفة إلى جبينه، وأغمض عينيه للحظة، محاولًا تهدئة أنفاسه المتسارعة. لكن الصور التي رآها في الحلم لم تفارقه.

ذلك العرين... تلك التنانين...

وذلك التنين الأسود...

تذكر بوضوح كلماته الأخيرة.

"لماذا تحمل دماءه؟"

دماء من؟ هل كان يتحدث عن ليونيل الأصلي؟ أم عن شخص آخر؟

شعر بألم خافت في قلبه، وكأن هناك شيئًا ناقصًا، شيئًا لم يستطع تذكره بعد.

"لم يحن الوقت بعد..."

تذكر ذلك الهمس في نهاية الحلم. لقد سمعه مرتين الآن. مرة في الحلم السابق، ومرة عندما واجه ذلك التنين العملاق.

"ما الذي يعنيه هذا؟"

قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، سمع صوت حركة بالقرب منه. التفت ببطء... فقط ليرى الإمبراطور يجلس بجانبه، يحدق به بنظرة باردة كعادته.

لكن هذه المرة، كان هناك شيء آخر في عينيه... قلق خافت؟

"لقد كنت تهذي أثناء نومك." قال الإمبراطور بصوت هادئ، لكنه يحمل نبرة تحذير خفية. "ماذا كنت تحلم؟"

ضغط ليونيل شفتيه.

هل يخبره؟ أم يتجاهل السؤال؟

ثم قرر أن يفعل ما يجيده... إثارة المشاكل.

"هل كنت قلقًا عليّ يا أبي؟" سأل بابتسامة مستفزة، متجاهلًا السؤال تمامًا.

حدق الإمبراطور به للحظة، ثم تنهد، وأغلق عينيه للحظة وكأنه يحاول التحلي بالصبر.

"إذن، ما زالت لديك الطاقة للسخرية."

"بالطبع، يجب أن أحافظ على لياقتي، أليس كذلك؟"

لكن ما إن حاول الجلوس، حتى شعر بالدوار يضرب رأسه. كاد يسقط للخلف، لكن يد الإمبراطور أمسكت بكتفه بثبات، وأعادته إلى وضعه.

"لا تتحرك كثيرًا."

عبس ليونيل، لكنه لم يكن في حالة تسمح له بالمقاومة الآن. كان جسده لا يزال متعبًا من ذلك الحلم اللعين.

نظر إلى الإمبراطور، ثم قال ببطء:

"هل... يوجد مكان يسمى عرين التنانين؟"

رفع الإمبراطور حاجبه، وكأن السؤال لم يكن متوقعًا أبدًا.

"لماذا تسأل؟"

نظر ليونيل إلى عيني الإمبراطور، محاولًا قراءة تعابيره.

لكنه لم يكن مستعدًا للوميض الخافت من الصدمة الذي مر عبر وجهه للحظة.

.....................

رمش ليونيل للحظة، ثم قرر بسرعة أن يخرج نفسه من هذا المأزق بأكثر كذبة سخيفة يمكنه اختراعها.

"ممم... لقد قرأت عن شيء مشابه في أحد الكتب القديمة، وأردت فقط معرفة ما إذا كان موجودًا حقًا."

قالها بنبرة بريئة وهو يشيح بنظره بعيدًا، محاولًا أن يبدو غير مبالٍ.

الإمبراطور لم يبدُ مقتنعًا تمامًا. حدّق به للحظات طويلة، قبل أن يتنهد ببطء.

"أنت تهذي."

ثم، قبل أن يتمكن ليونيل من قول أي شيء آخر، وضع الإمبراطور يده الكبيرة على جبينه.

"حرارتك ما زالت مرتفعة."

شعر ليونيل بلمسة يده الباردة، ولم يستطع منع جسده من الارتعاش الخفيف بسبب الفرق الكبير في الحرارة.

"تبًا، أبعد يدك، إنها باردة!" تمتم بعبوس وهو يحاول إبعاد رأسه، لكن الإمبراطور لم يتحرك.

"اصمت."

حدق ليونيل به بغضب، لكنه كان متعبًا جدًا لدرجة أنه لم يستطع حتى سحب نفسه بعيدًا.

"أعتقد أن الحمى تجعلك تهلوس بكلمات لا معنى لها." قال الإمبراطور وهو يسحب يده أخيرًا. "ارتَحِ، ولا تثر ضجة إضافية."

كان على وشك النهوض عندما تمتم ليونيل بصوت منخفض:

"أنا لا أهذي..."

توقف الإمبراطور للحظة، ثم استدار لينظر إليه. لكن ليونيل كان قد أغمض عينيه بالفعل، وكأنه يريد الهروب من هذا النقاش.

لم يقل الإمبراطور شيئًا. فقط نظر إليه للحظات، ثم غادر الغرفة بصمت.

لكن ليونيل، حتى في حالته المتعبة، كان بإمكانه الشعور بشيء واحد...

ذلك السؤال الذي طرحه لم يكن بلا معنى بالنسبة للإمبراطور.

2025/04/20 · 256 مشاهدة · 2620 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025