سأله أبوه: "وما رأيك أنت؟" .
فگر بران قليلا، ثم قال: "هل من الممكن أن يكون رجل ما شُجاعًا. وهو خائف؟" .
أجاب أبوه : "ليس من الممكن أن يكون الرَّجل شُجاعًا إِلَّا وهو خائف, هل تفهم لم فعلتُ ما فعلتُ؟" .
قال بران: "لأنه كان هَمجيّا إنهم يختطفون النساء ويبيعونهنَّ لـ " الآخرين".
ابتسم أبوه قائلًا: " لا بُدَّ أن العجوز نان كانت تحكي لك قصصها مرَّةً أخرى. الحقيقة أن هذا الرجل كان ناقضا للعهد، متهربا من حرس الليل، وليس هناك رجل أخطر ممن هُم مِثله"
"الأن المتهرب يعلم أنه سيدفع حياته ثَمنا إذا قُبِضَ عليه، لذا لا يتورع عن ارتكاب أي جُرم كان. لكنك لم تفهمني، السُّؤال لم يكن عن سبب موته، بل لم كان على أن أفعلها بنفسي".
لم يكن بران يملك إجابةً للسُّؤال، فقال بتردد:" "الملك لديه جلاد"
قال أبوه: "هذا صحيح تماما مثل ملوك آل تارجارين من قبله، لكن طريقتنا هي الطريقة الأقدم إن دماء البشر الأوائل ما زالت تجري في عروق آل ستارك، ونحن نُؤمن بأن من يُصدر الحكم ينبغي عليه أن يضرب بالسيف".
_" إذا كنت ستأخذ حياة رجل ما، فأنت مدين له بأن تنظر في عينيه وتسمع كلماته الأخيرة. وإذا كنت لا تطيق أن تفعل هذا، فمن المحتمل أن ذلك الرّجل لا يستحق الموت..... سيأتي يوم يا بران تكون فيه حامل راية روب، تتولى قلعتك الخاصة من أجل أخيك والملك، وسيقع واجب تنفيذ العدالة على عاتقك. عندما يأتي هذا اليوم، عليك ألا تجد متعة في الأمر، لكن عليك ألا تعدل عنه كذلك. الحاكم الذي يختبئ وراء. الجلادين المأجورين سرعان ما ينسى معنى الموت".
كان هذا عندما ظهر چون مرَّةً أخرى على قمة المرتفع أمامهما يُلوح بيديه ويُنادي: «" أبي، بران، تعاليا بسرعة لتريا ما وجده روب!"، ثم اختفى من جديد.
تقدم چوري ليتحرَّك إلى جوارهما سائلا:" أهناك مشكلة يا سيدي؟".
قال السيد والده:" بلا شك. هَلُمَّ ، لنرا ما عثر عليه ولداي هذه المرة"،
و هرول بجواده وتبعه بران وچوري والبقية.
وجدوا روب على ضفة النهر شمال الجسر، وچون إلى جواره على حصانه، كانت ثلوج أواخر الصيف قد سقطت ثقيلة مع دورة القمر هذه، و غاص روب حتى رُكبتيه في البياض وقد رفع قلنسوته لتسطع الشَّمس على شعره.
كان يحتضن شيئًا ،بذراعه ويتكلّم مع أخيه بصوت خافت مفعم بالإثارة.
تحرّك الرَّاكبون بحذر عبر تيَّار المياه، يتلمسون طريقهم. للعثور على موطئ قدم ثابت على الأرض غير المستوية. وصل جوري كاسل وثيون جرايجوي أولا إلى الصَّبيَّين، وكان الثاني يضحك ويُلقي الدعابات وهو يتقدَّم. ثم إن بران سمعه يشهق ويصيح: "يا للآلهة!" وهو يكافح للسيطرة على حصانه ويمد يده إلى مقبض سيفه.
كان چوري قد استل سيفه بالفعل ويصيح وحصانه يتراجع رافعًا قائمتيه الأماميتين من تحته: "روب، ابتعد عنه!" .
رفع روب عينيه عن الشيء الذي يحتويه وقال عابسًا: «لا تقلق، لن تؤذيك. إنها ميتة يا چوري
كان بران يشتعل فضولا ولهفة الآن، وكان يرغب في الدنو بحصانه أكثر، لولا أن أباه جعلهم يترجّلون عند الجسر ويقتربون على قدامهم فوثب بران من على حصانه القزم واندفع إلى حيث أخويه. حينئذ كان چون و چوري وثيون جرايچوي قد ترجّلوا بالفعل، وقال الأخير: "ما هذا بحَقَّ الجحائم السبع ؟" .
قال روب: "إنها ذئبة" .
صاحَ جرايچوي: "بل مسخ! انظر إلى حجمها!" .
دَقَّ قلب بران بعنف في صدره وهو يخوض في التيار المائي ليقف إلى جوار أخيه.
كان الجسم الداكن الضَّخم نِصف مدفون في الثلج الملطخ بالدماء،
وقد تكون جليد خفيف على فروه الرَّمادي الخَشِين، وعلقت به رائحة التعفن كعطر امرأة.
لمح بران عينين ميتتين يزحف فيهما الدود، وفما واسعاً مليئا بالأسنان المصفرَّة، لكن الحجم هو ما جعله يشهق.
كان الشيء أكبر من حصانه القزم يبلغ ضعف حجم أكبر كلب صيد في وجار كلاب أبيه .
قال چون بهدوء :" ليس مسخًا، بل ذئب رهيب. هؤلاء أكبر من النوع الآخر حجما وبكثير" .
قال ثيون جرايچوي:" لم يحدث أن شوهد ذئب رهيب جنوب "الجدار" منذ مئتي عام".
أجابَ چون: "أجل... وها نحن ذا نرا واحدًا الآن" .
أشاح بران بعينيه بصعوبة عن الوحش، وكان هذا عندما لاحظ الشيء الذي يحتويه روب، فأطلق صيحة سرور واقترب. كان الجرو عبارة عن كرة صغيرة من الفرو الأسود والرمادي وعيناه ما زالتا مغمضتين دون أن يرى شيئًا كان يُمَرِّغ أنفه في صدر روب الذي يحتضنه، يبحث عن اللبن بين طيات ثيابه الجلدية، ويُصدر صوت أنين حزين. قال له روب: "تعال يُمكنك أن تلمسه".
بتوتُّر مَدَّ بران يده وملس على الجرو مرَّةً، ثم ابتعد بينما قال چون:"خد هادا" ووضعَ أخوه غير الشَّقيق جروا آخر بين ذراعيه مضيفا:
"هناك خمسة منها". جلسَ بران في الثّلج وضَمَّ الذَّئب الوليد إلى وجهه، وشعر بملمس فروه دافعًا ناعمًا على وجنته .
غمغم هالن قيم الخيول: "الذَّئاب الرَّهيبة طليقة بعد كل هذه السنين، هذا لا يروق لي على الإطلاق".
قال چوري: "إنها علامة" .
قطب السيد والده جبينه قائلا:" ما هو إلا حيوان ميت يا چوري" على أنه بدا منزعجًا، وتهشَّم الثّلج تحت حذائه الثقيل وهو يدور حول الجنَّة
متسائلًا: "هل نعرف ما قتلها؟".
- ثمة شيء ما في الحلق»، قال روب شاعرًا بالفخر لأنه وجد الإجابة قبل أن يُلقي أبوه السؤال حتى"هناك، تحت الفك مباشرة".
جثا أبوه على رُكبته وتحسّس أسفل رأس الدَّابَّة الميتة، ثم انتزع شيئًا ورفعه ليراه الجميع كان قرن وعل محطّما يبلغ طوله قدمًا كاملًا، أسلاته المُدبَّية متكسرة والدَّم يُغرِقه عن آخره.
ران صمت مفاجئ على المجموعة، ورمق الرجال القرن بتوتر ولم يجرؤ أحدهم على الكلام حتى بران أحس بخوفهم، وإن لم يفهم السبب.
ألقى أبوه القرن جانبا ونظف يديه في الثّلج، ثم تكلم أخيرا ليكسر صوته تعويذة الصَّمت: "إنني مندهش لأنها عاشت بما يكفي لأن تضع صغارها" .
قال چوري "لعلَّها لم تفعل لقد سمعت قصصًا... ربما كانت ميتةً بالفعل عندما خرج الصغار منها" .
علق رجل آخر: "مولودون في قلب الموت. هذا العلامة أسوأ حتى " .
قال هالن" لا فارق سرعان ما سيلحقون بها".
أطلق بران صيحة ذُعْر بلا كلمات بينما قال ثيون جرايجوي وهو يستل سيفه" يستحسن أن يحدث هذا بسرعة إذن. بران، أعطني إياه".
تلوّى الشيء الصغير بين يديه كأنه سمع ما قيل وفهمه، وصاح بران
بحدة:" لا ! إنه لي!".
قال روب: "ضع سيفك في غمده يا جرايجوي". للحظة بدت لهجته آمرة تماما كلهجة أبيهم، كلهجة الحاكم الذي سيصيره يوما ما.
_"سنحتفظ بهذه الجراء".
قال روين ابن هالن:" لا يُمكنكم أن تفعلوا هذا يا فتى" .
وأضاف هالن:" في قتلها رحمة لها".
نظر بران إلى السيد والده ناشدًا النَّجدة منه، لكنه لم يتلق منه غير تقطيبة وحاجبين معقودين." هالن يقول الحَقَّ يا بني. ميتة سريعة خير لها من الاحتضار جوعا وبردا".
- "لا!" ، صرح والدموع تحتشد في عينيه، فأشاحَ بوجهه بعيد، لم یکن يريد أن يراه أبوه يبكي.
قال روب بعناد: "كلبة السير رودريك وضعت مرَّةً أخرى الأسبوع الماضي، الولدُ قليل هذه المرَّة جروان صغيران فقط، سيكون في ضَرعها لبن كافٍ ل.... ".
-" سوف تُمَزِّقهم إربا إذا حاولوا الرضاعة منها".
قال چون فجأة: "لورد ستارك" . كان من الغريب سماعه يُخاطب أباه بهذه اللهجة الرَّسميّة، لكن بران رمقه بأمل يائس وهو يقول:" هناك خمسة جراء، ثلاثة ذكور وأنثيان".
_" وماذا في هذا يا چون؟".
_" إن لديك خمسة أبناء شرعيين، ثلاثة أولاد وبنتان الذئب الرهيب هو رمز عائلتك، من المقدَّر أن يحظى أبناؤك بتلك الجراء يا سيدي".
رأی بران التعبير على وجه أبيه يتبدل، ورأى الآخرين يتبادلون النظرات.
في هذه اللحظة أحبَّ چون من كل قلبه، فحتى في عُمر السابعة أدرك بران ما فعله أخوه، كان العدد صحيحًا فقط لأن چون استثنى نفسه.
لقد أحصى الفتاتين وحتى ريكون الصَّغير ، لكن ليس النغل الذي يحمل لقب سنو ، اللقب الذي تُملي الأعراف إطلاقه على كل أبناء الشمال ممن لم يسمح حظهم بأن يولدوا حاملين اسم عائلة ما.
أبوهم أيضًا أدرك ما فعله ،چون، وبهدوء سأله: "ألا تريد واحدا لنفسك؟" .
_"الذِّئب الرَّهيب يُزَيِّن راية آل ستارك، وأنا لستُ منهم يا أبي".
رمق أبوهم چون بإمعان واندفع روب ليكسر الصمت قائلًا:" سأرعاه بنفسي يا أبي سأبلل منشفة بالحليب الدافئ وأجعله يمتصه منها".
هتف بران:" وأنا أيضًا!".
فكر اللورد إدارد مليًّا وهو يرمق أولاده، قبل أن يقول:" القول أسهل من الفعل، لن أسمح لكم بتبديد وقت الخدم في هذا، إذا كنتم تريدون هذه الجراء، فعليكم إطعامها بأنفسكم، مفهوم؟".
هر بران رأسه إيجابًا ، بلهفة، وتلوّى الجرو بين يديه ولعق وجهه بلسان دافئ، بينما واصل أبوهم: "يجب أن تُدَرِّبونها بأنفسكم كذلك، لأن قيم وجار الكلاب لن يدنو خطوةً من هذه الوحوش، أؤكد لكم هذا".
_" ولتكن الآلهة في عونكم، إذا أهملتموها أو عاملتموها بقسوة أو أسأتم تدريبها.. هذه ليست كلابا تتسوّل منكم مكافأة وتبتعد بمجرد أن يَركُلها أحد بطرف حذائه الذئب الرهيب يستطيع انتزاع ذراع رجل من كتفه كما يقتل الكلب جرذا. متأكّدون من أنكم تريدون هذا؟".
قال بران:" نعم يا أبي".
وأيده روب:" نعم".
-" قد تموت الجراء على أي حال رغم كل ما تفعلونه".
قال روب" لن تموت نحن لن نتركها تموت".
-" احتفظوا بها إذن... ،چوري ،دزموند اجمعا بقيَّة الجراء، حانَ وقت العودة إلى وينترفل.
لم يسمح بران لنفسه بأن يتنفّس عبير الانتصار حتى امتطوا خيولهم وبدأوا يتحركون، عندئذ كان جروه قد دَسَّ نفسه بالفعل بين طيات ثيابه
يتدفأ به وقد صارَ آمنا طوال الرّحلة الطَّويلة إلى الديار، كان بران يتساءل عن الاسم الذي سيطلقه عليه.
ثم توقف چون بغتةً في منتصف الجسر.
سأله أبوهم: "چون، ماذا هناك؟" .
- "ألا تسمعه؟" .
كان بران يسمع الرِّياح بين الأشجار ووقع حوافر الخيول الثقيل على ألواح خشب الصلب المتينة وأنين الجرو الجائع، لكن أخاه كان يُصغي لشيء آخر.
ثم قال :چون: "هناك" ، واستدار بحصانه واندفع عائدًا على الجسر.
شاهدوه وهو يترجّل حيث ارتمت الذئبة الرهيبة ميتة بین الثلوج، وشاهدوه يركع، ثم بعد لحظة كان عائدا إليهم وعلى وجهه ابتسامة. "لا بد أنه زحف بعيدا عن الآخرين" .
قال أبوه وهو يرمق الجرو السادس: "أو أن شخص ما أبعده عنهم" .
كان فروه أبيضَي بينما فرو إخوته رمادي وعيناه حمراوين كدم الرجل الأشعث الذي أعدم هذا الصَّباح. خطر لبران أن من الغريب فعلا أن هذا الجرو وحده فتح عينيه بالفعل بينما لا يزال إخوته عميانا.
قال ثيون جرايجوي باستمتاع ساخر كعادته: "أمهق! هذا بالذات سيموت قبل الباقين".
رمی چون سنو تابع أبيه الشخصي بنظرة باردة طويلة، وقال "لا أظن یا جرايچوي، فهذا ملكي أنا"
...................................