لعق الفتى اصابعه بعد ان انتهى من وجبته في رضى ليمدها راغبا في مصافحة ثيودور
-صحيح ! صحيح ! لقد انتقلت مع جدي هنا قبل يومين ..اسمي ميلو لوديت ، تشرفت بمعرفتك "
شعر ثيودور بالاشمئزاز قليلا لكنه تصرف بأدب ودفع بيده نحوه
- " كلاود آيس دي بريتيا" سعيد بلقاءك أيضا"
انتزع يده بسرعة الى ظهره ليمسحها بالعشب خلفه
- نبيل !؟ هذه مفاجأة هل انت إبن البارونيت "كاول" ؟
رفع ثيودور حاجبه ساخرا
- انت تمزح صحيح ، يبلغ عمر البارونيت تسعة عشر فقط هذا العام ، كم العمر الذي تعتقد أنه تزوج فيه لينجبني ؟ بالإضافة إلى أن لقبي هو بريتيا وليس زينوث "
حك الأخير رأسه في حرج موضحا
- اعذرني !لم آتي من هذه المملكة لذلك لا اعرف شيئا "
- هل انت من مملكة اخرى ؟
هز " ميلو" رأسه رافضا
- لقد كنت أعيش في مستعمرة "بلوسم" التابعة لجمهورية سيرفينيا "
نفى بسرعة بيديه عندما شاهد تلون وجه ثيودوه ورفعه لخنجره
-انتظر لحظة ! " بلوسم" هي مستعمرة كانت تحت الحكم المشترك وقد انضمت حديثا الى "سيرفينيا" ، لم تطالها أيادي المجرمين بعد .
انها مكان جميل وهادئ رغم انه توجد بها بعض المشاكل احيانا "
انخفض صوته في جملته الاخيرة وهو يرى ثيودور ينزل خنجره قائلا بمرح
- كنت امزح فقط ، من الواضح أنك لست تهديدا على الأقل ليس مع معدة كهذه."
ربت "ميلو" على معدته في فخر مدعيا انه من الصحيح كونها الحل لجميع مشاكله .
- حسنا ماذا نفعل الآن ؟اين نتجه ؟"
سأل "ميلو" الذي وقف فجأة ودهونه تتأرجح
تبعتها نظرة ثيودور وهو يقسم في قلبه انها تذكره بحلوى البودينغ التي تصنعها كلارا .
سأل بصدمة وقد اكتشف بعدها ان ميلو وقف على قدميه واختفت جروحه كالسحر دون ترك ندبة .
- كيف ؟ هل انت متحكم اثير من النوع العلاجي !؟ "
نفى الفتى مجيبا
- لا لم أبلغ العاشرة بعد لذلك لن أمر بحفل الايقاظ حتى بعد اسبوعين من الآن "
نظر لقدميه موضحا
- قال جدي إنها هدية ولدت بها ، جروحي ستُعالج تلقائيا بعد التهامي كمية معتبرة من الطعام. بسبب محاولتي السيطرة على هذه القدرة أكلت كثيرا حتى انفجر وزني ، لكن من الجيد اني نجحت في المقابل"
ربت على بطنه فخورا بها مجددا وكأنها أثمن ما يملك .
- توجد قدرة غريبة كهذه بالفعل في هذا العالم !"
ارتجف فم ثيودور راغبا في كبح ضحكه.
كانت الاجساد الخاصة مثل " ميلو" نادرة في التاريخ وقد وُلدت بقدرات فطرية مختلفة ، أثار هذا حسد الكثيرين ولكن لم يُعرف للآن لما ولد هؤلاء الأشخاص بشكل مختلف !
سميت هذه الحالة فيما بعد "ببنية العالم ".
اغلب النظريات التي قدمها العلماء تشير مجددا نحو النظام البيئي الفريد للعالم المقسم بين قوتين ، لذا فكما ولد بعض الأطفال بشكل مؤسف مع أمراض مستعصية ، كان البعض الآخر ينعم بقدرات رائعة جعلتهم الأبرز بين الاشخاص في عصرهم .
- لكن خاصتك مختلف حقا ! "
انفجر ثيودور ضاحكا في حين نظر له " ميلو" بغباء ليتكلم محاولا كبت نفسه.
- عليك ..عليك عدم اخبار الغرباء باشياء كهذه المرة القادمة "
- همف ، همف ، انتظر لترى جدي انه بمثابة معلم لي وهو قوي جدا، انا لا اخاف التحدث بهذه الحقيقة بصوت عالٍ لكل إمبراطورية لونا لو اردت "
ضيق ثيودور عينيه في استهزاء
- نعم انا واثق كذلك في كلماتك ! دعنى نخبر جميع البلدة حين نعود"
- لا ،لا انس الامر لن اقول ذلك مجددا ، جدي ليس له وقت لي انس الامر . "
ارتجف السمين في مكانه وانكمش في خوف .
من تجربته التي استمرت يومان بالعيش هنا ، فقد علم أن القرويين الثرثارين سيوصلون كلماته بالتأكيد لٱذن جده ومن يدري اي عقاب سيحصل عليه !
عاد ثيودور لجديته قائلا
- دعنا نتحرك بعد ذلك ، لنجمع افكارنا حول الطرق التي اتينا منها لعلنا نجد مخرجا "
تردد السمين قليلا قبل ان يقول
- انتظر لحظة ، هناك ممر تحت الأرض قريب من هنا وجدته عندما كنت ضائعا "
حك يده مضيقا عيناه بمكر وطمع
- لابد من وجود كنز هناك ، لقد عدت هنا فقط لأجمع بعض الخشب لاشعال النار عند دخولي لأن المكان مظلم ، ولم اتوقع ان تضيع حقيبتي وأقع في هذا الفخ "
-ممر ؟ شعر ثيودور بالفضول كذلك لكلماته وتساءل عما اذا كان هذا ما يبحث عنه !
اقترب ميلو نحوه ينظر حوله بحذر ثم همس في اذنه
- هناك شائعة قديمة حول مملكة " زينوث" ، يقال أنها كانت جزيرة تنتمي لعش دراكوك سابقا ! "
- عش دراكوك! وسع ثيودور عيناه في صدمة
ما كان عش دراكوك ! كانت أصغر إمبراطورية بين الدول العشر ! لكنها واحدة من الأقوى بينهم والأكثر غموضا !
لطالما اقترن اسم دراكوك عبر تاريخ هذا العالم مع الحروب والنزاعات بالاضافة للقوة المهولة، لكن قبل زمن بعيد انسحب العش من مسرح الصراع وانطوى على نفسه وصار مكانا محضورا دخوله إلا على بني جنسهم من التنانين .
-من أين سمعت هذا ؟ انت حتى لست من "زينوث"
-همف ، صحيح أن " بلوسم " ليست سوى مستعمرة صغيرة، لكن لا تنسى أنها أصبحت من أراضي "سيرفينيا" ملكة التجارة ، وهذا يشمل المعلومات أيضا . إنها مكان حيث يمكنك شراء كل شيء مادمت تملك المال.
- هل أنت ثري ؟ " رفع ثيودور حاجبه في تعجب
-بالتأكيد لا ! أنا ٱعاني فقط لٱجبر العجوز على شراء بعض الوجبات الخفيفة لي. الوصف المناسب لحالتي سيكون أي شيء بعيدا عن الثراء !
- اذن من أين لك المعلومات ؟"
- همف سمعت عنها من هنا وهناك .."
قلب عيناه في ثيودور الذي يحدق به متابعا.
- حسنا أخبرني جدي بهذا عند وصولنا ، لا تنظر إلي لا اعرف من أين سمع بهذا ايضا !"
-اذن ما علاقة هذا بالممر الذي عثرت عليه ؟ سأل ثيودور بعد أن شعر ان محادثتهم تسير بعيدا .
- لقد وجدت نقشا للغة التنين قربه، لا شك أنها مقبرة تخص التنانين، نحن اثرياء الآن !!"
-مقبرة ؟ دهش في الكلمة التي استخدمها لوصفها وتساءل في نفسه لماذا لم يعثر القرويين على هذا المكان بما انه قريب من مكان صيدهم .
- أو فعلوا ؟ " شرد في تفكير وهو يتذكر الخريطة التي أعطاها اياه "بلوصن" وأنها قادته هنا مباشرة .
- هل والد بلوصن يعلم عن هذا المكان ؟ لماذا يخفيه عن البقية إذا كان كذلك ؟ ولما قد يعطيني "بلوصن" هذه الخريطة، هل حقا لم يكن يعلم أنها تقود لآثار التنين وظن أنها تخص الطريق في سلسلة الجبال ؟
دارت في ذهنه تساؤلات كثيرة قطعها صوت "ميلو" الصاخب وهو يهزه .
- بماذا تفكر علينا الإسراع هناك ، لولا أني خفت أن أنسى موقع هذا المكان عند عودتي لما شاركته معك لذا لا تضيع فرصة ثرائنا "
-قوة التنانين انتظريني ! " ركض ميلو بين الشجيرات حريصا على تجنب الفخاخ العديدة هنا وهناك خوفا من الوقوع بها مجددا ،الأمر الذي أدهش ثيودور
- كيف له ان يتحرك بسرعة مع هذا الوزن ؟"
تبعه ليتجاوزا منطقة الأشجار مرورا بجرف كبير وصولا نحو منطقة صخرية .
-احذر أن توقع احداها ! هذه الصخور متصلة وقد يتسبب تحريكها بعشوائية في انهيار الأكبر منها نحونا .
كانت شكل هذا المكان اشبه بغابة صغيرة من الصخور ويمكنه بغموض مشاهدة عودة الامتداد الأخضر للغابة المورقة من بعيد.
- اقترب انها هنا "
دلف بصعوبة بين صخرتين متصتين بشكل ٱفقي وتساءل ثيودور للحظة عما اذا كان سيعلق هناك .
- حتى أنك أخبرتني أن لا المسها ! ماذا حدث معك لتدخل هذا المكان بالمقام الاول ؟"
وصلت يد " ميلو" بصعوبة لفمه يمسح لعابه
- لقد رأيت وحشا صغيرا نادرا يدخل هنا ، كان جدي يعده لي في المناسبات الخاصة فقط وكان طعمه لذيذا جدا "
شخر ثيودور باستسلام فيما سمعه
-قد تموت يوما بسبب بطنك هل اخبرك جدك بهذا ايضا ؟
اومأ الفتى بجدية ووجه محمر يدفع بجسده
- نعم لقد فعل! "
عبر أخيرا الطرف الآخر ليمر ثيودور وراءه.
كان المكان هنا أشبه بدخول صخرة مجوفة كبيرة من الداخل ولم يكن أي شيئ مميز عدى النقش الفريد على جداره .
-إنها لغة التنانين بالتأكيد !"
اقترب نحوه مسحورا يدقق النقوش بكف يديه .
أضاءت قلادته التي كانت مشرقة في وقت ما ولم ينتبه لها ليظلم المكان حوله .
- ماذا حدث ؟ نظر حوله بفزع يبحث عن ميلو الذي اختفى .
دلف لٱذنيه فجأة صوت قوي لصبي قد سمعه من قبل ليتغير المشهد حوله
-ذكريني مجددا ماذا نفعل هنا ؟ "
- نبحث عن قصر التنين "..أجابه صوت فتاة هادئ لكنه متحمس بعض الشيء
- نعم أعلم" ..اقسم بعدها صارخا !
- الجميع يقول أن آرتي مصابة بجنون العظمة وتتصرف بتهور ، لكننا فقط من يعلم أنكما وجهان لعملة واحدة في حين تتظاهرين بالبرود .."آريا" !!
اتسعت عينا ثيودور في صدمة وهو يشاهد الشخصين هامسا
-هل هذه ذكرى من القلادة ؟ صمت يشاهدهم بتركيز وقد ارتفعت مشاعره لحلقه.
- لا اسمح لك بعدم استخدات التشريفات..لوغان"
- انت من اخبرتني بإلغائها أولا !"
- هذا مختلف نحن في مهمة رسمية "
استهزأ الصبي غير مصدق
- رسمية ! بأمر من ؟ انت ؟ لو علمت إمبراطورية " لونا" أن شخصيات رفيعة دخلت أراضيها دون أخذ اذن لتم اعدامنا هاهنا ! "
- انت تبالغ لوغان "..صمتت قليلا لتتابع بشيء من الحماس
- عش دراكوك هو مكان غامض جدا هذه فرصة لنفض غبار الماضي دون إثارتهم !!
- نعم حقا! "شخر متابعا :
- يوجد ليونيل وكايل لانقاذنا من قطع رؤوسنا ب"لونا" ، لكن مع استهدافك عش التنين الآن فنحن...."
أشار إلى حلقه في قطع
-ميتون هذه المرة حقا ! "
ادارت عينيها تتجاهله وهي تسير نحو الجدار تتفحص النقش عليه
- حسب المعلومات التي جمعتها كان السلف الأول ، البارونيت زينوث مجرد شخص من العامة .
قبل ألف وخمسمائة عام اتجه هو وفريقه نحو جزيرة على أمانيسيا للسيطرة عليها، وبسبب حادث وقعوا في شرخ مكاني انتهى بهم على هذه الجزيرة !
رمشت بعينيها الفضيتين متابعة سردها
- في أقواله المسجلة بمحكمة التفتيش بعد عودته ،قال أن فريقه كلّه تم تصفيته وماتوا بطريقة غريبة . عداه ، كانت جثث الجميع ملقاة في أماكن مختلفة من هذه الجزيرة .
- هل سرقت سجلا من محكة التفتيش كذلك ؟! شهق لوغان وكاد أن يغمى عليه من الخوف .
تجاهلته متابعة وقد استدارت تنظر بمكان ما خلفه
- قال أنه عندما استيقظ وجد نفسه على سطح البحيرة فوق جثة تنين وقد صبغ دمه المياه بلون ذهبي خالص .
لم يفهم كيفية وصوله هناك ولم يستطع شرح أمر صعود رتبته فجأة للمحكمة ، كل ما استطاع فعله هو تسليمهم الجثة و الغرض الوحيد الذي كان بيده عندما أفاق "
مدت يدها ليظهر شيء من فراغ يطفو فوقها .
كان عبارة عن عدة مكعبات أو معينات غريبة متداخلة فيما بينها في شكل غريب غير مفهوم .
تقدمت بخطواتها تتجاوز لوغان الذي غادرت القوة قدماه وهو يتمتم في غيبوبة
- انت تجرئين فعلا على سرقة شيء من محكمة التفتيش ! ..."
توقفت على بعد أمتار منه . دفعت الاثير حولها ليُشكل عاصفة صغيرة وهو يدور حول المجسم ليبتلعه بنهم .
دارت المكعبات والاجزاء به بسرعة لتتحد اخيرا مكونة بلورة داخلها شعار بلغة التنانين !
فجأة، تحركت الأرض تحت أقدامهم مشكلة نفقا طويلا نحو الأسفل"
نزلت "آرِيا " السلالم الحجرية تاركة صوتها الفضولي الذي أيقظ لوغان من شروده .
- لنذهب ، دعنى نرى حقيقة هذه الجزيرة والسر المختبئ وراء مملكة " زينوث"
- كيف علمت حتى ان هناك ممرا ؟ .. آآه فقط انس الامر"
صر على اسنانه ليقف ثابتا على قدميه يتبعها من الخلف !