مر أسبوع منذ بدأت في التدرب على تقنية "خطوة الثور الهائج" داخل زنزانتي. وخلال ذلك الوقت، لم يتغير شيء يذكر سوى استمراري في اتباع جدول تدريبي صارم.

أصبح محيط السجن مملاً أكثر فأكثر. فقد زال شعور الحداثة والاكتشاف، وبدأت أحن إلى أبسط الملذات التي كنت أعتبرها من المسلّمات ، كنت أحتسي الشاي مع الرجل العجوز، أو أتمشى في الغابة أستنشق هواءها النقي قبل أن أسقط بعض الأشجار من فرط الحماسة.

لكسر رتابة الأيام، أجريت بعض الاختبارات وقارنت نتائجي الحالية بتلك التي حصلت عليها في التقييم السابق. وأثناء تدوين النتائج، لفت انتباهي رقم واحد جعلني أُقطب حاجبي في حيرة.

"لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا..."

الاسم: ليو فنغ

العمر: 16

الموهبة: C (53 فرع )

الزراعة: صقل الجسد دو 8 نجوم

القوة: 7.9 → 7.7

السرعة: 7.9 → 7.5

التحمل: 8.2 → 7.9

الطاقة الروحية (تشي): 0

التقنيات:

لكمة الناب المخترق (رتبة فانية )

خطوة الثور الهائج (رتبة فانية )

جسد صدفة السلحفاة (رتبة فانية )

لم يكن الأمر منطقيًا. فكل تجارب ليو فنغ السابقة في اختراق الحواجز الطفيفة كانت تناقض هذه النتيجة.

كان ليو فنغ يعتمد سابقًا على الحبوب التي تعزز الجسد بالقوة ليتجاوز تلك الحواجز ، وهي طريقة تعد طبيعية في دوائر الزراعة. كانت التجربة كأن جسده يتمزق، إذ تحفز الحبوب نمو العضلات، وتنقي نخاع العظام، وتطرد الشوائب.

فكيف إذًا، استطعت اختراق عنق الزجاجة بهذه السهولة الظاهرة؟ هل طريقتي كانت خاطئة؟ أم أنني ارتكبت خطأً في الحسابات؟

"أوه؟ وصلت بالفعل إلى صقل الجسد دو 8 نجوم؟ مبروك."

قالت العجوز، لتفاجئني كما تفعل دائمًا، إذ لم أشعر حتى بقدومها.

في الحقيقة، بدأت أشعر بالضيق من وجودها وحديثها المتكرر. فمع أنها الوحيدة التي أتمكن من التحدث إليها، إلا أن صحبتها لم تكن بالمرغوبة دائمًا.

ومع ذلك، فهي من كبار الشيوخ في الطائفة، وتمتلك كمًّا هائلًا من المعرفة بشأن الزراعة. وكان لدي الكثير من الأسئلة، أولها: كيف عرفت أنني اخترقت هذا الحاجز؟ على عكسي، الذي يقيم تقدمه من خلال القوة الجسدية واللكم، يبدو أنها تستطيع أن تعرف مستوى الشخص من نظرة واحدة.

"في الواقع، كان هذا الاختراق مفاجئًا لي كما هو لك. لم أشعر به حتى."

قلت ذلك بعبوس مصطنع يوحي بالقلق. فأن تكون استثناءً في عالم الزراعة قد يعني تبعات غير متوقعة، وأنا لا أريد أن أكون غريبًا وسط عالم أجهله.

"ما الذي تظنين أنه السبب؟"

"غالبًا مزيج من التجارب الحياتية الحقيقية التي مررت بها، إلى جانب تمرينك المستمر في كل دقيقة يقظة."

أجابت بهدوء وكأنها كانت قد استنتجت الأمر مسبقًا.

"وأيضًا، لم تستخدم الحبوب، صحيح؟"

كما هو متوقع من شيخ كبير ، بصيرتها الزراعية حادة وعميقة. وعلى ما يبدو، فإن ما حدث لم يكن حالة استثنائية.

"صحيح أن الإكسيريات والحبوب قد تزيد من قوة عنق الزجاجة، خاصة تلك الرخيصة، لكنها في المقابل تسرع التقدم وتوفر الكثير من الوقت."

قالت ذلك بنبرة حازمة بدت مألوفة، وكأنها على وشك الإدلاء بمعلومة ثمينة.

"إيجاد التوازن بين استخدام الحبوب والتدريب مهم جدًا. ويجب أيضًا أن تمنح جسدك وقتًا للتعافي من الشوائب المتراكمة جراء استخدامها. العمل الشاق لستة عشر ساعة في اليوم، وتناول الحبوب في الوقت ذاته، قد يؤدي إلى أضرار جسيمة، وقد يدمر الدانتيان. عرفت شخصًا في شبابي تمزق دانتيانه من شدة الجشع والإفراط في استهلاك الحبوب بينما كان مرهقًا. مع ذلك، تلك المخاوف غالبًا ما تكون في المراحل الأعلى."

تأملت كلماتها وحفرتها في ذهني. خلاصة القول: الحبوب قد تكون وسيلة سريعة، لكنها ليست بلا ثمن.

أما أنا، فلا أرى فائدة في استعجال الطريق في هذه المرحلة من شبابي. أُريد أن أستمتع بالرحلة، وأذوق طعم الزراعة بكل تفاصيلها دون اللجوء إلى طرق مختصرة.

ما زال أمامي متسع من الوقت، ولا أنوي تضييع فرصة قد لا تتكرر.

فالزراعة، حتى في أبسط مراحلها، تحمل سحرًا خاصًا بالنسبة لي. القفز على هذه اللحظات يشبه مشاهدة فيلم ممتع وتخطي نهايته!

لا، لا أنوي تلويث جسدي بتلك الحبوب. من الذي يختبرها أصلًا؟ هل خضعت لتجارب سريرية على البشر؟ وماذا عن آثارها على المدى الطويل؟ أشك في أن أحدًا يهتم بذلك؛ الأغلب يبحث عن دفعة تشي فورية وينسى ما بعدها.

ربما عندما أكبر ويصعب عليّ التقدم، أو عندما أتخلف كثيرًا عن أقراني، قد أفكر في استخدام الإكسيريات. أما الآن، فأنا مرتاح تمامًا، وليس لدي الكثير من أحجار الروح على أية حال، لذا خياراتي محدودة.

وفي الوقت الراهن، لا شيء يضاهي لذة التدريب طوال اليوم، والشعور بالقوة وهي تتدفق عبر جسدي كما لو أنني أعيش حلمًا.

...

بعد المقابلة، توقعت يومًا آخر من التدريب. لكن، وبعد ساعات قليلة من الزيارة الإلزامية للعجوز التي شاركتني كعادتها تفاصيل لا طائل منها عن حفيدتها اللطيفة، حضر أحد التلاميذ الداخليين مرتديًا رداءً أزرق أنيقًا، حاملاً معه آخر رمادي.

"هذا من أجلك. اعتبارًا من اليوم، أنت حر. بعد تحقيق شامل، قرر الشيوخ أنك بريء ولا علاقة لك بالأحداث التي وقعت خارجًا."

"ما زلت لا أعلم ما الذي حدث بالضبط..."

قلت ذلك وأنا أرفع حاجبي.

"هل يمكنني على الأقل معرفة سبب احتجازي؟"

أومأ التلميذ الداخلي، ثم أغلق الباب خلفه، وعلى الأرجح فعل تشكيلة كتم الصوت الموجودة في الزنزانة. فبالرغم من سماعي لأبواب تفتح من وقت لآخر، لم يصلني صوت قط من أي زنزانة مجاورة. كانت التشكيلة هي التفسير الوحيد، إلا إذا كنت السجين الوحيد، وكانوا يتظاهرون عكس ذلك لأسباب مجهولة.

"لا أحد يعلم على وجه الدقة ما الذي حدث. على ما يبدو، ظهر كنز ما، وأدى ظهوره إلى مقتل عدد من الشيوخ الخارجيين، وإصابة شيخ داخلي."

أجاب بصوت خافت، قبل أن يتابع باعتذار:

"المعذرة، لكن حتى نحن لا يسمح لنا بمعرفة كل التفاصيل."

على الأقل، كان محترمًا، ولم أستطع إلا أن أقدر اللطف الذي قوبلت به من معظم التلاميذ الداخليين حتى الآن. كان الأمر منطقيًا؛ فالأسياد الشباب المتعجرفين على الأرجح لن يكلفوا بمثل هذه المهام الروتينية.

عندما خرجنا من الزنزانة، لاحظت غياب الشيخ الذي كان يحرس المكتب عادة. كان الضوء البعيد المنبعث من مدخل الكهف يلوح في الأفق، ورأيت قاربًا ينتظر عند الحافة، مركب يشبه ذاك الذي جلبني إلى هنا.

الوقوف على ذلك القارب الخشبي العادي ظاهريًا كان أمرًا غريبًا؛ فبالرغم من مظهره، لم يتمايل قط، بل بدا صلبًا كالصخر.

ههه، القوارب السحرية مدهشة حقًا ،اتسأل كيف تعمل؟.

إيجاد مكان مريح للجلوس كان بلا جدوى؛ فهذا القارب لم يكن مختلفًا عن أي قارب خشبي صغير آخر من هذه الناحية.

"هل تعلم أين يمكنني الحصول على واحد من هذه؟" سألته.

كان جالسًا أمامي، فالتقت أعيننا. "نعم، لكن استخدامه غير عملي سوى للتنقل، نظرًا لبطء سرعته. كما أنني لست متأكدًا مما إذا كان يسمح لتلاميذ الخارجين بامتلاك أدوات تمكنهم من التحليق فوق جدران الطائفة."

"التحليق فوق الجدران؟ أليس هناك تشكيلة حاجزة تمنع الدخول والخروج؟" سألته.

"ربما. لم أجرب الأمر بنفسي." قالها وهو يرفع كتفيه بلا اهتمام. "أين ترغب أن أنزلك؟"

"فقط في مكان ما قريب من الغابة. سأجد طريقي بنفسي."

لن يكون الرجوع صعبًا، فبرج المكتبة سيظل بمثابة منارة. لكن الآن، راقت لي فكرة الاستلقاء تحت ظل شجرة بعد جلسة تدريب قاسية. كانت تلك من ملذات الحياة البسيطة التي يتعلم المرء تقديرها، وخصوصًا بعد أيام السجن التي افتقرت إليها.

نظر إلي التلميذ الداخلي بنظرة مستغربة، لكن على ضوء ما حدث مؤخرًا، بدا متساهلًا مع طلبي ولم يجادل. لا شك أنه كان، هو الآخر، يتوق للعودة إلى تدريبه، وأنا أعرف ذلك الشعور جيدًا.

وما إن لامست قدماي العشب، حتى شعرت بخفة كأنني ورقة تحملها الريح. احتضنني الهواء النقي، وارتميت على ظهري متقلبًا في الحشائش، ثم استلقيت ساكنًا والسلحفاة الصغيرة مسترخية على صدري.

وبعد فترة قصيرة من التأمل، كانت الخطوات التالية واضحة. بدلت ملابسي وارتديت زي الطائفة الذي سلمني إياه التلميذ، ثم توجهت إلى قاعة الطعام، أخذت كوبين من الشاي، وسرت باتجاه برج المكتبة الشاهق في البعيد.

...

استقبلتني المكتبة بأجوائها المألوفة، مليئة بالتلاميذ المنشغلين بأنشطة متنوعة. حياني أمين المكتبة بإيماءة بسيطة وابتسامة خفيفة، لكن لم يبد عليه الكثير من الحماس.

جلت بنظري أبحث عن العجوز المزعج دون جدوى. وتمامًا عندما هممت بسؤال أمين المكتبة، دفعني شيء من الجانب، وإذا بالعجوز واقف أمامي.

"ما الذي أخرك حتى لاحظتني، أيها الوقح؟ هل تتجاهلني عم عمد؟" تمتم بغضب كعادته.

لكن هذا هو طبع العجوز دائمًا، صريح فظ. ابتسمت له بلطف وقدمت له كوب الشاي. "تفضل، أيها العجوز."

زفر وهو يأخذ الكوب على مضض. "حسنًا، من الجيد رؤيتك من جديد، أيها الفتى."

"وأنا سعيد بعودتي." قلتها بابتسامة صادقة.

يبدو أن كل شيء قد عاد إلى طبيعته... أو هل عاد فعلاً؟

شعور غير مريح كان يعصف بمعدتي. حكايات الكنوز المسروقة من المزاد، والانفجار الغامض، ونبع التشي - ظلت عالقةً في ذهني، مولدة شعورًا بالقلق. ربما كان مجرد وسواس، لكن ثمة شيء ما لا يبدو على ما يرام.

كنت قد تخيلت في رأسي سيناريوهات أبطال الروايات الكليشيهية، لكن احتمالية أن يكون ذلك واقعيًا بدت ضئيلة. فكرة شخص مختار من السماء يتقدم بسرعة مذهلة بدت كحكايات خيالية أكثر من كونها حقيقة. رغم أن وضعي الحالي يجعل تقبل تلك الاحتمالات أكثر سهولة.

شخصيًا، لم أكن قلقًا من سرعة تقدم الآخرين. فقد أدركت منذ زمن أن مقارنة نفسك بالآخرين لا طائل منها. لكل شخص وتيرته الخاصة، والمقارنة لا تجلب سوى الإحباط.

حتى إن وجد أولئك المختارون من السماء، طالما أنهم بعيدون عن طريقي، فسأستمر في تدريبي على تقنيات الرتبة العادية كما كنت دائمًا. التذمر أو الغضب لن يفيداني بشيء، بل سيشتتان انتباهي عن هدفي. العالم غير عادل، وقد تقبلت هذه الحقيقة قبل قدومي إلى هنا. بعض الناس وُلدوا أغنياء ولن يضطروا للعمل يومًا في حياتهم، في حين أن غيرهم سيكسر ظهره ليحيا.

"ما الذي يجعلك تبدو بهذا الجديّة؟" سألني عامل التنظيف العجوز.

"بصفتي مجرمًا مطلوب قضى عقوبة في سجن خطير ، لدي الكثير للتفكير فيه هذه الأيام." قلت مازحًا.

"ههه"، هز رأسه. "مجرم مطلوب، سجن خطير؟ أتظن أنني لا أعرف شيئًا عن تلك الزنزانات؟مقارنة بالسجون الحقيقة إنها فنادق فخمة ،بل افضل من معظم بيوت البشر، ولا تحتاج للقلق من البرد او الحر أو الضجيج بسبب النقوش الوقائية المنقوشة على الجدران."

في الحقيقة، كانت الزنزانات باردة نوعًا ما لو كنت شخصًا عاديًا، لكنني قررت ألا أذكر ذلك. "أنت فقط تغار لأنني أصبحت الآن مجرمًا خطيرًا، وأنت لا."

"استمر في الهراء، وسأسكب الشاي في وجهك." قالها وهو يضيّق عينيه. وبدا كأنه قد يفعلها فعلاً، لكنه بعد لحظة هدأ، وتنهد قائلاً: "فقط اعتن بنفسك، أيها الولد. العالم في الخارج مكان مجنون."

ورغم مزاحنا، ظلت أفكاري تعود إلى تلك الحوادث الغريبة التي أحاطت بنبع التشي وغيره. لكن الآن، لم يكن لدي دليل على أي شيء. لذا، قررت أن أبقى متيقظًا. فكل من قرأ رواية زراعة يعلم أن المختارين من السماء قد يحصدون الحظ، لكن الكوارث تتبعهم أيضًا أينما ذهبوا.

"سأخبرك ،لقد قاتلت ثمانية أشخاص في السجن. كلهم في مرتبة أعلى مني، وهزمتهم جميعًا لأثبت هيمنتي." قلت متفاخرًا.

"حاول أن تختلق كذبة أكثر إقناعًا." رد العجوز. "أنت تعلم إني اعلم انك تعلم أنك لست من هذا النوع. أنت أقرب لدور الشخصية الثانوية."

اللعنة، يعرفني جيدًا.

"وكما قلت لك من قبل، أنا أعرف تمامًا مدى راحة تلك السجون." أضاف بابتسامة ماكرة.

------------------

-

-

--

-

-

-

-

-

--

-

-

-

-

-

-

-

-

-

-

-

-

2025/04/15 · 28 مشاهدة · 1718 كلمة
AMON
نادي الروايات - 2025