5 - الطالب المجتهد يرى بعض الحركة أخيرًا/2

مرت ساعات طويلة قبل أن أعثر أخيرًا على بعض الكتيبات التي تحتوي على تقنيات واعدة، وتبدو متوافقة مع تقنية "لكمة الناب المخترق" التي كنت أتدرب عليها بالفعل.

"ما الذي يشغلك، أيها الشاب؟" قاطع صوت العجوز أفكاري.

كان يبتسم، وفي يده كوب من الشاي.

هل هذا هو الشاي الذي أعطيته له؟ لا يزال يتصاعد منه بعض البخار، رغم أنه يجب أن يكون قد برد الآن... أم أنه يملك تقنية ما لإعادة تسخينه؟

مهما يكن، فهذا ليس وقت التشتيت.

"أحاول أن أقرر ما التقنيات التي يجب أن أختارها. هل لديك اقتراحات؟" سألته. "وأيضًا، هل تعرف مكانًا أجد فيه تقنيات للاستطلاع أو التخفي؟"

انحنى العجوز قليلًا وهو يهمهم: "حتى تقنيات الدرجة الفانية المتعلقة بالاستطلاع أو التخفي نادرة. نادرة بما يكفي لأنك لن تراها أبدًا في الطابق الأول من المكتبة."

"ومع ذلك... أي اقتراحات؟"

هز كتفيه وقال: "سيكون ذلك مثل إمساك يدك طوال الطريق. اتخذ قراراتك بنفسك، حتى لو كانت خاطئة. هذه هي الطريقة التي يتعلم بها المرء. ونصيحتي الوحيدة لك هي ألا تختار تقنية فقط لأن اسمها يبدو رائعًا."

ثم أخذ رشفة من الشاي، ونظر إليّ بعينين حادتين فيهما حكمة نادرًا ما أظهرها، وقال: "في بعض الأحيان، يكون عدو القرار الجيد هو التوقع بوجود قرار مثالي. لا يوجد خيار مثالي في الحياة."

"بما أنني أتقن بالفعل لكمة الناب المخترق، كنت أفكر في شيء يكملها. لا يمكنني استخدام تقنيات العنصر لأنني لا أمتلك تشي بعد، وغالبًا ما تتعارض فيما بينها. لذا كنت أفكر في تقنية مثل 'خطوة الثور الهائج'، وهي تقنية تركل الأرض للاندفاع بسرعة فائقة."

وسط عدد لا يحصى من الخيارات، لم تكن هناك تقنية تبدو متوافقة مع "لكمة الناب المخترق" مثل "خطوة الثور الهائج".

قد يكون ليو فنغ ساذجًا بعض الشيء في بعض نواحي الحياة، وهذا طبيعي لسنه، لكنه كان مجتهدًا، وقد صقل تقنية لكمة الناب المخترق إلى درجة الإتقان تقريبًا. الوصول إلى نفس المستوى في تقنية جديدة سيتطلب سنوات من التفاني، لذا بدا تعزيز التقنية الحالية أكثر واقعية من البدء من الصفر.

ربما قد يستحق الأمر الحصول على تقنية من الدرجة الأرضية في المستقبل، لكن في الوقت الحالي، كان هذا هو أفضل ما يمكنني الوصول إليه. علاوة على ذلك، تقنية "خطوة الثور الهائج" خالية من نقاط الضعف العنصرية التي تؤثر على تقنيات مثل النار ضد الماء أو الخشب ضد النار.

"خيار حكيم"، قال العجوز وهو يقلب صفحات الكتيب. "الضعف الوحيد فيها هو أنها تتحرك بخط مستقيم فقط. وهذا يعد ضعفًا كبيرًا إذا أردت الهروب أو المراوغة."

"لدي فكرة لتجاوز هذه المشكلة." قلت بثقة.

كنت بحاجة إلى قدرة هجومية ساحقة لتعويض نقص خبرتي في القتال أو صيد الوحوش. هذا هو أفضل طريق للبقاء، خصوصًا إن قرنته بتقنية دفاعية جيدة. سيكون هذا كافيًا... إلا إذا واجهت فرقًا شاسعًا في المهارة أو القوة.

"يبدو أنك جمعت أكثر من مجرد تقنيات حركة هنا." لاحظ العجوز وهو ينظر إلى باقي الكتب.

"نعم، كنت أبحث أيضًا عن تقنيات للاستطلاع أو التخفي." اعترفت، آملًا أن يرشدني.

"حسنًا، تعليم تقنيات التخفي يشبه تدريب القتلة. الطائفة لا تريد لتلاميذها أن يقتلوا بعضهم البعض. وتقنيات الاستطلاع نادرة من الأساس، وأغلبها يحتاج إلى تشي لتفعيلها." شرح لي.

هذا عقد الأمور قليلًا... لكنني لم أستطع إلا أن أبتسم.

تنوع تركيبات التقنيات بدا وكأنه عالم واسع من الإمكانيات، مما أضاف الكثير من الإثارة للتجربة.

"على الأقل، التقنيات التي اخترتها بسيطة بما فيه الكفاية، وستساعدك على التعلم عندما يحين وقت تقنيات أعلى درجة." تمتم العجوز وكأنه يحدث نفسه.

نظرت إليه مستفسرًا: "كيف ذلك؟"

"تقنية الحركة التي اخترتها تعتمد على الركل، وتقنية القتال تعتمد على اللكم. حتى عندما تنتقل إلى تقنيات من الدرجة الأرضية، فستحتاج لتشي وطريقة معينة لاستخدامها، لكن الأساسيات تبقى نفسها. معظم تقنيات الحركة تعتمد على الأرجل، ومعظم تقنيات اللكم تعتمد على الأذرع. لذا لن تضطر إلى تعلم كل شيء من الصفر." قال بابتسامة.

آه، هذا منطقي.

"يعني أنا فعليًا أمشي طريقًا لا أعرف عنه شيئًا." قلت بتنهد، لكن بابتسامة.

كان الأمر أشبه باختيار تخصص جامعي. كيف تتوقع من شخص بالكاد بدأ حياته أن يقرر ما سيفعله لبقية عمره؟

"هكذا هي الحياة، يا فتى." قالها العجوز وعاد إلى أعماله.

ضحكت بهدوء.

هذا فعلاً أصبح أشبه بالحياة الجامعية.

وإن أردت تغيير الطريق لاحقًا، سيكون الأمر مثل تغيير التخصص. "بعض الأشياء لا تتغير أبدًا."

أخذت كتيب تقنية "خطوة الثور الهائج" وغادرت المكتبة. كان لون السماء قد تحول إلى الأحمر، والشمس بدت وكأنها على وشك المغيب.

لكن التدريب في ليالي الشتاء الباردة لم يؤذ أحدًا قط... حسنًا، ربما أذى الناس العاديين، لكن ليس المزارعين.

الغابة المحيطة بالطائفة ما زالت أفضل مكان خاص للتدريب. وبمجرد وصولي، وضعت الكتاب الذي سبق أن قرأته جانبًا، وبدأت بتطبيق التقنية.

انخفضت بجسدي قليلًا، أغلقت عيني، وركزت كل انتباهي على الفخذين.

الكتاب احتوى على كثير من الكلام عديم الفائدة عن أهمية تركيز القوة في الفخذين. لذا، ركزت فقط عليهما، وبمجرد أن فتحت عيني، كانت عضلات فخذي قد تضاعف حجمها تقريبًا.

"ما هذا بحق الجحيم؟!" أطلقت صرخة بينما أطلقت قدمي من على الأرض، مندفعًا كالسهم.

كل شيء من حولي تلاشى في ضباب من السرعة، والهواء ضرب عيني بقسوة.

رفعت ذراعي لأغطي وجهي، وما لبث أن دوى صوت تحطّم شجرة وصاحبه ألم مفاجئ في ساعدي.

توقفت بصعوبة، منزلقًا على الأرض، ونظرت خلفي لأرى الأثر الذي خلفته.

شجرة محطمة، وحفرتان في الأرض عند نقطة الانطلاق، تتشقق الأرض من حولهما.

"اللعنة! هذا مذهل!"

رغم أن تقنية "خطوة الثور الهادر" لم تكن زاهية أو مبهرة مقارنة ببقية تقنيات الحركة، إلا أنها عملية وتتماشى جيدًا مع ما أملكه من تقنيات هجومية.

"يقولون هذه مش مبهرة؟" تمتمت بابتسامة متسعة.

شعرت وكأنني شخصية من أنمي، أركل الأرض فتتصدع تحت قدمي... حسنًا، لم تتصدع فعليًا بل تحركت التربة فقط، لكنها بدت وكأنها كذلك!

استغرق الأمر بعض الوقت حتى تلاشى الحماس، وما إن خمد حتى حلّت محله الخدر في ساقي، والألم في ساعدي، وتيبس خلف ركبتي.

سقطت على الأرض، وأخذت أدلك فخذي المنهكين وكأنني خرجت للتو من جلسة تعذيب في صالة ألعاب رياضية.

لكن ورغم الألم، كان ذلك كله مثيرًا بشكل لا يوصف. هذه كانت المرة الأولى التي أستخدم فيها التقنية، ومع كل استخدام لاحق، سيتأقلم جسدي أكثر وتصبح حركتي أقوى وأسرع.

نظرت إلى الشجرة المحطّمة، وقلت: "كأنني لكمتها كما فعلت أول مرة..."

مهلًا… ماذا لو؟

وقفت مجددًا، ونفضت الغبار عن ملابسي. تلك الأشجار المحطمة ذكّرتني بأول لكمة خارقة وجهتها في هذا العالم، والارتعاشة التي أحسست بها حينها لا تزال عالقة في قلبي.

وقفت وسط الأشجار، واستدرت مبتعدًا عن الجذع المحطم، ثم انحنيت وسحبت قبضتي للخلف. اندفعت للأمام كالرصاصة، والريح ضغطت على جفني كأنها تيار منخرط من خرطوم ماء. أغمضت عيني، وقدرت المسافة إلى الشجرة، ثم فعلت تقنية "قبضة الناب القاطع".

اصطدمت قبضتي بالشجرة قبل أن تمتد بالكامل، مما أثبت لي أن تقدير المسافة بعينين مغمضتين ليس فكرة سديدة. ومع ذلك، انفجرت موجة هواء أعقبها صوت تحطم متتالٍ لأشجار متعددة. وعندما فتحت عيني، رأيت أمامي مسارًا من الدمار.

"يا إلهي! هذا رائع!" صرخت.

" هكذا إذًا يشعر من يجمع بين تقنيات متوافقة" ، ضحكت، محاولًا كتم الضحكة المجنونة التي تسللت إلى حلقي. لن يكون جيدًا أن يراني أحد وأنا أضحك مثل الأحمق في وسط الغابة.

وطبعًا، لم أستخدم التقنية بكامل قوتها بعد. تخيلوا إن فعلت!

" لا بد أن أجرب هذا مجددًا!"

لكن ما إن انحنيت مجددًا، حتى ارتطمت وجهي بالأرض، وتذوقت طعم العشب. "هاه؟"

لقد بدأت الحماسة تخبو، ليحل مكانها إرهاق عضلي مؤلم وارتعاشات في الفخذين كادت أن تدفعني للبكاء. جسدي دخل في حالة صدمة من شدة الضغط.

وبالرغم من ذلك، لم أكن أفكر سوى في شيء واحد: لا يمكنني تكرار هذا المزيج من التقنيات اليوم.

هل علي العودة إلى عنابر النوم الليلة؟ لا أحد يهتم بوجودي على أي حال، وحتى لو أردت، لا أظن قدماي قادرتان على حملي.

تحت السماء التي بدأ يغيب عنها آخر شعاع شمس، استلقيت فوق العشب محاولًا أن أنام. النسيم البارد يداعب جسدي، والعشب الناعم تحت ظهري بدا أكثر راحة من أي سرير عصري.

كم هو جميل النوم الذي يأتي حين تكون مرهقًا حد الانهيار.

...

كأنني غفوت لثانية واحدة فقط، وإذا بأشعة الشمس تداعب وجهي وتوقظني من نومي. "تبًا، حتى الحلم ما قدرت أشوفه"، تمتمت بصوت مبحوح.

وقفت وتمططت، ولاحظت أن التشنجات المؤلمة تحولت إلى آلام خفيفة فقط.

كما أنني أصبحت تفوح مني رائحة العشب وبحاجة إلى تغيير ملابسي. لحسن الحظ، توفر الطائفة مكانًا لتبديل زي المتدربين الخارجيين بسهولة.

هل أعود للعنابر وأنا بهذه الحال؟ كان من المفترض أن أستحم، لكن في هذا العالم، الاستحمام عملية مزعجة تتطلب نقل حوض ماء ثقيل إلى غرف الاستحمام. ربما من الأفضل استخدام أحد البرك المنتشرة هنا وهناك.

والحقيقة؟ كنت أبحث عن عذر للعودة للتدريب بأسرع ما يمكن. ما حصل بالأمس كان حماسيًا للغاية، لكن إن أردت التقدم، علي أولًا أن أعتاد على مقاومة ضغط الرياح في عيني… واحدة تلو الأخرى.

تأكدت من أن كل أغراضي معي، خصوصًا كتاب "خطوة الثور الهادر"، ثم انطلقت بحثًا عن بركة ماء.

قفزت قفزة واحدة، فهبطت فوق غصن شجرة، ثم قفزة أخرى استقررت بها فوق شجرة عالية، دون أن أفقد توازني للحظة، ميزة لا يمتلكها سوى المزارعين.

أجل، يجب أن أجرب هذه الأشياء كثيرًا. لكن كثرة التقنيات وجمالها سرقت وقتي بالكامل.

من قال إن المرء يحتاج إلى راحة حين يكون مستمتعًا؟

في الأفق، لمحت بركًا عدّة تتلألأ تحت ضوء الصباح. لم يطل الوقت حتى وجدت واحدة نقية تمامًا.

اقتربت منها وتوقفت، ثم ناديت، "هل يوجد أحد هناك؟"

تفقدت المكان جيدًا، وتأكدت من عدم وجود حسناء من نوعية “فتاة اليشم ” مختبئة هناك. فمن المعروف أن ظهور إحداهن يؤدي غالبًا إلى مواجهة تنتهي بنجاة البطل من موت محقق بمعجزة ما… وأنا لا أملك ذالك الحظ .

لا يمكنني أن أقتل بسبب حماقة من هذا النوع بعد أن وصلت إلى هذا العالم حديثًا.

خلعت ملابسي، واقتحمت البركة عاريًا كما ولدت... أو بالأحرى كما ولد ليو فنغ. وبعد أن تأكدت من أنني وحدي، انغمست في الماء الصافي. لسعني البرد، وارتعش جسدي تحت تأثير هواء الصباح، لكن سرعان ما اعتدت على ذلك.

استندت إلى حافة البركة، والبرد المنبعث من الصخور أحاط بظهري وكأنه تدليك مريح.

القيام بما تحب كل يوم... هل هذا ما يقصده أولئك الذين يقولون: "حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب؟"

يا لها من نعمة... لو أن هذه الأيام تدوم للأبد.

_________________________

شكرًا لقراءتك روايتي، وأتمنى أن تنال إعجابك. أكتب بشكل مرتجل إلى حد ما، لذا أرجو أن تنبهني إذا لاحظت أي خطأ إملائي أو تناقض.

AMON

2025/04/05 · 213 مشاهدة · 1612 كلمة
AMON
نادي الروايات - 2025