كان الصباح قد غطّى فناء قصر هاتاكي الواسع، تسرّبت أشعة الشمس الذهبية عبر الأغصان العالية للأشجار المحيطة، لتغسل الأرض بندى هادئ يُبشّر بيوم جديد من العمل والتحدّي.
وقف سامرو على عتبة القصر، يراقب الفناء الذي يفوق حجمه مساحة القصر نفسه، والذي يمتدّ على أطراف الضفة الشرقية لكونوها، كأنما هو ساحة أعدّها القدر خصيصًا لهذا الجيل.
**
رفع صوته بهدوء جاد:
“كوريناي، تمرينك سيكون اليوم على أساس النينجا الطبي…
التحكم الدقيق بالشاكرا.
ابدئي بتسلّق تلك الشجرة مستخدمة قدميك فقط.
بلا استخدام ليديك.”
أومأت كوريناي بانضباط، واتجهت إلى الشجرة العملاقة في طرف الفناء، بينما راقبها سامرو بنظرات دقيقة.
**
فجأة، لمح من زاوية عينه ظلًا ينقضّ على كاكاشي.
كان جاي، بعينين مشتعلتين من التحدّي، يصيح:
“منافسي الأبدي! بارزني الآن!”
لكن قبل أن يصطدم جسده بكاكاشي، جاء صوت سامرو، حادًا كأنه أمر عسكري:
“جاي… اذهب وتدرّب مع كوريناي.
قوتك لا تنفع إن لم تعرف كيف تستخدمها.”
توقف جاي في منتصف اندفاعه، وحك رأسه قليلًا، ثم ابتسم وركض باتجاه كوريناي.
**
تابع سامرو جولته في الفناء.
على الطرف الآخر، كان أوبيتو يحمل سيف التدريب بين يديه، يكرّر حركات الكينجتسو التي علّمه إياها سامرو.
كان يتصبّب عرقًا، يقاتل وهمًا متخيّلًا أمامه، لكن خطواته صارت أكثر اتزانًا.
**
وفي منتصف الساحة، كان كاكاشي واقفًا، يرفع يده اليمنى في وضع تركيز شديد.
صوت تشاكرا البرق يتكثّف، لكنه ما يلبث أن يتفكك.
كانت عيناه مصمّمتين، لكن جسده كان يرتجف من الإجهاد.
تمتم سامرو وهو يراقبه:
“ما زال صغيرًا… لكنه يقترب.”
**
أدار رأسه بهدوء نحو آخر من تبقّى.
كانت رين تجلس على مصطبة خشبية، تراقب الجميع بصمت.
اقترب منها، ووضع يده على كتفها برفق.
قال بصوت خافت:
“رين… انتظري هنا.”
رفعت رأسها بدهشة:
“ماذا؟”
أجاب، وقد ابتسم بتلك الطريقة الغامضة التي لا تفصح عن شيء:
“لقد عرفت نوع تدريبك…
وسأبدأه في اللحظة المناسبة.”
ثم استدار، وأكمل جولته في ساحة الجيل الذي يصنعه بيديه.
جيلٌ… سيحمل إرث كونوها، وربما العالم.
⸻
كان سامرو يقف أمام مدخل مستشفى كونوها، يحدّق في اللافتة للحظات، ثم زفر بقوة وقال لنفسه:
“حسنًا… لتكن مغامرة أخرى.”
دخل بخطوات واثقة، لكن ما إن عبر الباب حتى اتجه مباشرة إلى مكتب تسونادي، وطرق الباب قبل أن يدفعه ويدخل.
“تسونادي-ني سان، لدي عرض مغرٍ لكِ—”
وقبل أن يُكمل كلماته، شعر بذراعين فولاذيتين تطبقان على عنقه من الخلف.
“أووخ… ما هذا…؟!”
كانت تسونادي قد التفتت من مقعدها وقفزت عليه، تضعه تحت ذراعها وتخنقه بقوة لا رحمة فيها.
“أيها الوغد…! الآن فقط قررت أن تعترف أن لديـك أخت كبرى؟!”
كان يحاول التنفس، وهو يصرخ وسط كتم أنفاسه:
“النجدة… النجدة… أطباء… ممرضون… شينوبي… أحد؟!”
لكن لا أحد جاء، فقط صوت ضحكة شيزوني البعيدة.
رفع يديه بتوسّل، وهو يقول بصعوبة:
“تسونادي-ني سان ساما… لدي عرض… صفقة العمر…”
هدأت قبضتها قليلًا، ورفعت حاجبها:
“تابع.”
قال سامرو، وهو يلتقط أنفاسه كالغريق:
“فندق خمس نجوم… مع ساكي من أجود الأنواع… وطعام فاخر يوميًا… لشهر كامل… وبحيرة ينبوع خاص… مجاني… فقط لكِ.”
تراجعت قليلًا، ورفعت ذقنها بتفكير.
“ممم… لا يكفي.”
ثم فجأة، عادت قوتها لذروتها وصرخت:
“لا يكفي يا عديم الذوق!”
صرخ سامرو وهو يلوّح بذراعيه:
“سأقامر معكِ كل يوم! إن ربحتِ… تضاعف المكافأة! وإن خسرتِ… لا تخسرين شيئًا!”
صمت.
ثم أطلقت تسونادي تنهيدة طويلة، ورفعت يديها أخيرًا.
“اتفاق.”
سقط سامرو على الأرض، واضعًا يديه على صدره وهو يلهث:
“أوه… الحياة جميلة حين تتنفس…”
وقبل أن تستدير، سألها بهدوء:
“هل لديك مرضى اليوم؟”
أجابت وهي تمطّ أصابعها:
“لا… أخذت اليوم إجازة. لمَ تسأل؟”
نهض سامرو، مسح على ردائه، ثم اقترب منها بهدوء:
“رائع… إذاً—”
ووضع يده على كتفها برفق.
“ماذا تفعل؟!”
ابتسم، ثم قال:
“نحتاج أن نذهب فورًا، أختي الكبرى.”
وقبل أن تجيب، فَعّل الهراشين…
وفي لحظة، اختفيا من الغرفة، وسط دهشة الممرضين
⸻
في لحظة، وبلمحة برق، شعرت بجسدي يُسحب عبر الفراغ، وكأنّ الهواء ذاته تمزّق من حولي.
وقبل أن أستوعب ما حدث، وجدتُ نفسي واقفة وسط ساحة حجرية واسعة… أو ما تبقّى منها.
فوضى.
ألسنة نار تتطاير عبر الحقل، ودخان يتصاعد من جهة الأشجار المحترقة. كان أحدهم – فتى بشعر أسود كثيف – ينفث كرة نارية ضخمة من فمه، تصطدم بشاب أشقر يرواغها برشاقة وهو يسحب سيفه للرد.
لكن النيران لم تنحرف فقط نحو كاكاشي.
بل رأيتها تتجه نحونا.
قبل أن أتمكن من رد الفعل، امتدت يد قوية، جذبتني، ووجدت نفسي مرة أخرى في ومضة الهراشين، ننتقل إلى سقف أحد الأروقة.
نظرت إلى جانبي، فوجدت سامرو، يقف هادئًا… يبتسم.
صرخت:
“ما الذي يحصل هنا بحق الجحيم؟!”
لم يجبني.
بل رفع إصبعه، مشيرًا إلى الطرف الآخر من الساحة.
هناك، صبي يرتدي الأخضر الداكن، ذو حواجب كثيفة بشكل جنوني، كان يركض حول الأشجار وهو يصرخ بكل ما أوتي من صوت:
“لن أستسلم يا منافسي الأبدي! كل مرة أفشل فيها… أجري مئة لفة إضافية!!!”
تابع الركض بينما كاكاشي تجاهله تمامًا، كأنه لم يسمع شيئًا.
ارتفعت حاجباي، وشهقت بدهشة:
“ما هذا البيت المجنون؟!”
ضحك سامرو ضحكة قصيرة، وقال:
“مرحبًا بكِ في عالمي، أختي الكبرى.”
نظرت إليه بحدة:
“أحضرتني من المستشفى إلى هذا الجنون؟! أكنت تظن أنني أريد الساكي لهذه الدرجة؟!”
أدار وجهه نحو الجانب الآخر، حيث وقفت فتاة بشعر بني ناعم ووجه هادئ، تراقب بهدوء وتدوّن ملاحظات.
قال بهدوء:
“تلك الفتاة… اسمها رين. تلميذتي، لكنني أفكر أن أمنحها لمن هي أجدر.”
نظرت إليه بريبة:
“أتقصدني؟”
أومأ:
**“هي موهوبة في الطب، ذكية، وتعمل بجد. لكنها تحتاج إلى من يرشدها… وليس فقط في الطب. بل في أن تصبح نينجا طبي حقيقي. ليس لدي الخبرة الكافية لتوجيهها في هذا الطريق.”
تأملت رين للحظة، ثم عدت أنظر إليه:
“تعني أنني سأُصبح مدرّبة؟”
ابتسم:
“أو أمًّا ثانية، على طريقتك.”
زفرت، ووضعت يدي على خاصرتي:
**“إن لم تجعلني أُربي أحدهم، تُشغلني بمجانين… وإن لم تُشغلني، تنقلني عبر الهراشين إلى معسكر صيفي مجنون.”
قال بهدوء:
“كنت أعلم أن الساكي سيجعلك تسامحينني.”
نظرت إلى المعسكر، ثم إليه:
“سامحتك؟ بعد أن ينتهي هذا… سأجعلك تركض مئة لفة مع صاحب الحاجبين ذاك.”
ضحك سامرو.
وانتهى المشهد على وقع صوت جاي وهو يصرخ من مكان بعيد:
“أقسم أنني سأتفوّق عليك، يا كاكاشي!!!”
⸻