الفصل 2253: الانعكاس
حتى لو كان أنفيل قد اهتز من هول الأحداث المفاجئة، إلا أنه لم يسمح لنفسه بالبقاء في تلك الحالة أكثر من بضع ثوانٍ.
ففي النهاية، لقد أتى إلى ساحة المعركة هذه ليقاتل سيّداً . ولم يكن يهمه كثيراً إن كان عليه أن يقاتل كي سونغ أم سيد الظلال …
لكن كان هناك الكثير مما يتوجب على ساني التكيف معه.
ارتجف سهل العظام المتشقق حين دفعه بقدمه. كانت قوته المكتسبة حديثاً شاسعة جداً، طاغية جداً — فبسبب استخفافه بسرعته، فشل في ضبط سيفه بالشكل الصحيح وفاته قطع رأس أنفيل بضربة واحدة قاسية ونظيفة، فاصطدم به بدلاً من ذلك.
تسبب اصطدامهما بصدمة مزّقت العالم، وقُذف أنفيل عشرات الأمتار إلى الخلف. كان الاصطدام مرعباً بحق.
نظر ساني إلى درعه متوقعاً أن يرى شقوقاً تشوّه سطح اليشم الأسود الأملس. لكن، لدهشته، كان العباءة سليمة تماماً.
لقد كان درع أنفيل الحصين هو من انبعج بدلاً من ذلك.
ابتسم ساني ابتسامة شرسة.
"لا بد أنك تعبت كثيراً في صقل هذا الدرع الأسمى…"
وبعد جزء من الثانية، كان قد انقض على أنفيل، مسدداً ضربة بسيفه الأوداتشي الأسود. كانت سرعته هائلة لدرجة بدا معها وكأنه يختفي ويظهر من مكان لآخر بدلاً من أن يتحرك فوق العظام المتآكلة.
ومع ذلك، تمكن أنفيل من صد الضربة، وإن كان مترنحاً إلى الخلف.
ابتسم ساني.
"…أما درعي، فقد اشتريته من نائم مقابل قبضة من شظايا الأرواح."
لكن خلف ابتسامته كان يتحسب في حذر. فـ رتبة الأفعى تعتمد على رتبته هو، لكن مستواها يعتمد على براعته في رقصة الظل . ولهذا فهي ما زالت عملاقة متسامية ، رغم أنه أصبح بالفعل أسمى… بينما سيف أنفيل المقدِّس لا يُستهان به.
ولو لم يكن حذراً، قد يتحطم ظله.
لذلك سمح لثلاثة من ظلاله أن تنساب على ذراعيه وتغلف الأفعى، معززة قوتها ومتانتها.
هَه…
حينها فقط أخذ ساني يفكر في حالته الحالية.
لقد دُمِّر جسده الأصلي، ولم يبقَ سوى تجسداته السبعة. وكان هذا انقلاباً غريباً — ففي السابق، كان بشراً يحتاج إلى إنفاق جوهر كي يتحول إلى ظل، أما الآن فقد صار كونه ظلاً هو حالته الطبيعية. وبدلاً من ذلك، صار عليه إنفاق جوهر كي يتخذ هيئة بشرية.
وكان الاستهلاك ضئيلاً مقارنة بالسرعة المذهلة التي يجدد بها جوهره… لكنه ظل أمراً مثيراً للانتباه.
في كل الأحوال، أحد ظلاله كان يعمل كبوابة لجيش الصمت، وثلاثة عززوا الأفعى، وثلاثة شكّلوا جسده حالياً.
وهذا يعني أنه ما يزال أقوى بثلاث مرات من أنفيل — بل وأكثر من ذلك، إذ إن شظية عالم الظل كانت تمنحه قوة إضافية.
ملك السيوف لم تكن أمامه أي فرصة… وكأن الأدوار قد انعكست.
شعر أنفيل بالفجوة، لكنه ظل غير مبالٍ بها، ممسكاً مقبض سيفه المقدس بكلتا يديه، وحدّق في ساني بجديّة.
"أنت تتكلم كثيراً."
ابتسم ساني وهو يرفع أوداتشيه الأسود.
"ذلك لأن لدي الكثير لأقوله…"
واصطدما مرة أخرى، يتحركان بسرعة مذهلة. هذه المرة، كان أنفيل هو من هاجم بسيفه، مشحوناً بإرادة حادة كالشفرة — تماماً كما فعل من قبل ليقطع شجاعة ساني وعزيمته وأمله.
لكن هذه المرة، اصطدمت إرادته الباردة بإرادة ساني.
ورغم أن ساني كان جديداً على استخدام إرادته في المعارك، إلا أنه تمكن من صد ضربة أنفيل القاسية دون أن يُمسّ بأذى.
اتسعت ابتسامته.
"والآن… دعني أخرج بعض ما في صدري…"
ثم اختفت الابتسامة من وجهه وحلّت محلها ملامح باردة مرعبة، وانفجر في دوامة من الظلام. دويُّ الفولاذ علا فوق سهل العظام المتشقق، والعظام العتيقة نفسها أنَّت، وانهارت منها كتل ضخمة إلى الدخان الأسود الذي يغطي الأجواف المحترقة في الأسفل.
أطلق ساني وابل ضربات على أنفيل، كابحاً إياه ومرغماً إياه على التراجع. "من أين أبدأ؟"
هوى بسيفه، ثم استغل ارتداد الضربة ليقترب أكثر، واصطدم بملك السيوف بكتفه. فأطلق أنفيل تأوهاً مؤلماً.
"أولاً… أنت وغد عفن. والأسوأ من ذلك، أنك أحمق تماماً. هل كنت تظن حقاً أن خنق قلبك وتحويل نفسك إلى طاغية بلا مشاعر سينقذك من لعنة عيبك؟ وأنك لن تخسر شيئاً إذا لم تكترث لأي شيء؟"
أمسك أنفيل بنصل الأوداتشي الأسود في اشتباك، لكن ساني خفض يديه وتفوق عليه بسهولة، دافعاً سيفه للأعلى. تراجع أنفيل في اللحظة الأخيرة، لكن جرحاً طويلاً شقّ وجنته، متورماً بالدم.
"…ذلك هو السبب كله وراء خسارتك لكل شيء، أيها الأحمق البائس! لو لم تكن أباً مثيراً للشفقة، لما نما أولادك ليحتقروك. ولو لم تكن حاكماً فاشلاً، لما أعرض عنك رعاياك. كل هذه الفوضى… هي من صنعك! رجل أحمق واحد كاد أن يُدمّر العالم! أيها الوغد، هل تفخر بنفسك؟!"
لم يرد أنفيل، منشغلاً بالنجاة من وابل الضربات القاتلة. ربما لم يكن في وضع يسمح له بالحوار… أو ربما ببساطة لم يكترث.
عينيه الرماديتين ظلتا هادئتين ومركزتين.
زمجر ساني، دافعاً بأوداتشيه إلى الأمام ليحطم إحدى الرون الحمراء المتوهجة على سطح درع أنفيل.
"ثانياً… بحق الجحيم من أين أبدأ؟ كبح نمو البشرية لمنع المزيد من البوابات؟ قمع وتصفية أمهر محاربينا حتى لا يصبحوا قديسين؟ التخلي عن مليارات الناس ليموتوا لأن محاولة إنقاذهم بدت أقل احتمالاً للنجاح؟ وإشعال حرب دامية ضد بني البشر بدلاً من توجيه سيوفك الثمينة ضد مخلوقات الكابوس؟! يا نذل… هل هذه كانت استراتيجيتك العظمى؟ أهذا أفضل ما لديك؟!"
زأر وأخذ خطوة إلى الأمام بدلاً من التراجع عن شفرة أنفيل الساقطة. التقطها على أوداتشيه، ثم سحب السيفين للأسفل ووجه مرفقه إلى وجه أنفيل، شاعراً برضا عظيم حين انكسر شيء ما تحت ضربته الهائلة.
بينما كان أنفيل يترنح للخلف مجدداً، والدم يتدفق من أنفه، نظر إليه ساني بعينين سوداويين مرعبتين تتقدان بجنون قاتل.
"وأخيراً…"
وجّه أوداتشيه نحو قلب أنفيل.
"أيها الوغد، أي هراء كنت تتفوه به عن صقل نيفيس لتصبح سيفاً لا تشوبه شائبة؟! إلى أي حد بلغ جنونك يا قطعة القمامة؟! هيا، قلها مرة أخرى… أتحداك! قلها لمرة أخيرة قبل أن أقتلع لسانك وأقطّعه وأعيد إطعامك به. أنا أستمع!"
اندفع الأوداتشي الأسود مجدداً، مطيحاً بأنفيل إلى ركبتيه.
والملك مدمى، مترنح، رفع بصره نحو ساني…
…وابتسم.
.................................
.................
........
في النهاية اتمنى تكونوا استمتعتوا بالفصل
واتمنى لو في خطا في الترجمة توضحولي في التعليقات واتمنى تشجعوني وتدعموني عشان اكمل القصه
⚡ANORAK