رواية تقف عند الخط الفاصل بين ما نظنه حقيقيًا، وما يتلاشى كلما اقتربنا منه…

في عالمٍ لا يرحم من يفكر، ولا يغفر لمن يسأل، حيث تتهاوى المدن على رؤوس من بناها، وتختلط الحقيقة بالوهم، يظهر رجل لا يحمل اسمًا، بل يحمل سؤالًا.

هل أنت حي… أم مجرد ذكرى تنزف في عقلٍ آخر؟

هل ما تراه الآن… حقيقة؟ أم سراب داخل سراب؟

"جايكوب" لم يكن يومًا بطلاً.

في الحقيقة، لم يكن يعرف حتى من هو.

استيقظ ذات ليلٍ غائمٍ، في مدينة لا تحمل معالم مألوفة، وسماء لا تُشبه أي سماء، بين جدرانٍ تنزف ماضيًا، وصمتٍ يُدوّي بأصواتٍ لا تُسمع.

الظلال من حوله لا تلقي ظلالًا، والمرايا لا تعكسه.

أحذيته متسخة، لكن لا أثر لأقدامه خلفه.

وكل من يقابله، إمّا يعرف عنه أكثر مما يعرف هو، أو يختفي قبل أن يكتمل اسمه.

لكن السؤال الأول الذي واجهه لم يكن "أين أنا؟"، بل:

"لماذا لا أتذكّر موتي؟"

هذه ليست قصة بطل ينقذ العالم.

بل قصة رجل فقد العالم داخله، ويحاول أن يعيد تشكيله من شظايا ذاكرة مشروخة، وسط حرب لا يفهم أسبابها، وجماعات تتصارع على "المفتاح"... وهو المفتاح.

"ظلال الخلود" ليست مجرد اسم.

إنها شبكة من الأسرار، والأساطير، والمعادلات الزمنية، محفورة داخل كهوف الوعي الجمعي.

وفي عمق هذه الشبكة، كيانٌ نائمٌ، يراقب.

كارلوس.

العدو الذي كان معلمًا.

الظل الذي يمشي قبلك، ويموت بعدك.

يهمس له: "من تظن أنك؟"

لكن الإجابة لا تأتي من جايكوب… بل من رجل آخر في مرآة محطمة.

الرواية تدور في دوامة من الزمان، حيث لا يوجد مستقبل أو ماضٍ…

بل "لحظة واحدة مستمرة" يتم إعادة برمجتها من طرف آلات بشرية وذكريات مسروقة.

في كل فصل، أنت لا تعرف إن كنت تقرأ قصة، أم تُكتَب داخلها.

في كل مشهد، لا تعلم إن كان جايكوب يرى… أو يُرى به.

يواجه باسم —الناجي الوحيد من معبد السُقوط— كائناتٍ لا تنتمي لعصرنا، ولا لعصرٍ قادم.

يتحرك بين الخرائط النفسية، يشق طريقه في المتاهات الهندسية التي تغير شكلها كلما فكر فيها.

هناك خمسة رموز.

خمس شفرات.

خمسة أشخاص… كلٌّ منهم يحمل جزءًا من الذاكرة الحقيقية.

لكن لا أحد يعرف من منهم الكذبة.

العالم في "ظلال الخلود" ليس عالمًا خارجيًا فحسب.

بل هو امتدادٌ لتشظي النفس البشرية.

كل قتالٍ، هو انعكاس لصراع داخلي.

كل طلقة، كل شقّ في الجدار، كل قطرة دم… ما هي إلا استبصار.

الفصول تتحرك مثل متاهة صوتية،

أحيانًا تشبه الحلم،

أحيانًا تبدو ككوابيس طفل فقد والدته في حريق،

وأحيانًا… تشبه اللحظة التي تدرك فيها أنك لست وحدك في رأسك.

ماذا تفعل إن وجدت نفسك تكتب رسائل لنفسك… من المستقبل؟

ماذا إن كنت مطاردًا من منظمة، أنت من أسسها… ثم محوتها من ذاكرتك؟

وماذا إن قيل لك إنك كنت ميتًا، وتمت إعادتك لأنك الوحيد القادر على تدمير "الحافظ"؟

"الحافظ" ليس رجلاً.

هو فكرة.

وعي صناعي نُسج من بقايا الحروب القديمة، وعقول القتلة النبلاء، وزمنٍ تم دفنه عمدًا.

يريد شيئًا من جايكوب.

لكن حتى جايكوب لا يعرف ما هو.

العنف هنا ليس مجانيًا.

بل فلسفي.

كل مشهد قتال هو سؤال وجودي:

هل تقتل لأنك مضطر؟

أم لأنك تحب الشعور بالقوة في عالمٍ يسحق الضعفاء؟

أعداء جايكوب لا يقولون "سوف ندمرك"،

بل يقولون: "سوف نظهر لك من تكون حقًا".

وكأن القتل وسيلة للوصول إلى الحقيقة.

"ظلال الخلود" ليست رواية تُقرأ لمرة واحدة.

بل تُستكشف.

كل فصل يحمل تشفيرًا لغويًا، تلميحًا، استعارًة فلسفية.

كل شخصية تحمل رسالة مبطنة.

كل مدينة تمر بها، هي مرآة لجزء من ذاتك.

وبين كل هذا… هناك "السراب".

ما هو السراب؟

الذي نراه ونتبعه ظنًّا بأنه الخلاص؟

هل هو الآخرون؟ هل هو نحن؟

أم هو الراوي نفسه؟

فلسفة الرواية قائمة على "إرادة المعنى".

جايكوب يبحث عن نفسه، لكن في الحقيقة يبحث عن "سببٍ للوجود".

كل شيء في داخله يقول له إن العالم خاطئ.

وكل من حوله يقولون له إن عليه تقبّل النظام.

لكن ماذا لو كان النظام نفسه مبنيًا على كذبة؟

هل يجب كسر النظام؟

أم كسر الذات؟

أم الاثنين معًا؟

"ظلال الخلود" رحلة…

لكن ليست إلى الخارج، بل إلى الداخل.

إلى أعمق منطقة في النفس،

حيث تختبئ الطفولة، والحب، والخوف، والرغبة في المعنى.

إلى متاهةٍ تسير فيها وحدك،

وأنت لا تعرف…

هل تبحث عن الحقيقة؟

أم تهرب منها؟

هي ليست مجرد رواية أكشن.

بل مناظرة بين المنطق والجنون.

بين الماضي المكسور، والمستقبل المجهول.

بين وعي الإنسان… وخوارزمية الكون.

وفي وسط هذه العاصفة…

يقف "جايكوب"،

بشعره الأبيض، وندوبٍ لا يراها أحد،

ويهمس:

"أنا لم أُخلق لأكون حيًا فقط…

بل لأكسر حدود الخلود."

هل أنت مستعد لدخول عالم ظلال الخلود؟

أم أنك مثل الجميع…

تحب المشاهدة من بعيد، وتخاف أن تفتح البوابة في عقلك؟

لكن احذر…

فمن يدخل هذا العالم،

لا يخرج منه كما دخل.

ما بين الوعي… والسراب… يولد المعنى.

ولكن بثمن.

2025/07/30 · 8 مشاهدة · 731 كلمة
Rayen.tlm
نادي الروايات - 2025