الفصل 43 : لقاء صديق
بينما هم واقفون، شعروا بطاقة هائلة جعلت أجسادهم ترتعش. ظهر أمامهم بوابة سحرية كبيرة سوداء، ومن خلالها خرج شخص ذو شعر أسود طويل وعيون سوداء، يرتدي رداء ملكي أسود، وقال: "لوكااااس! أخيرًا! أين كنت طوال السنة؟ بحثت عنك في كل مكان ولم أرك في العالم الرئيسي!"
ركض لوكاس نحو الشخص وهو في قمة الفرح وقال: "سيمان! أخيرًا تقابلنا مرة أخرى!"
"سيمان!" صرخ لوكاس، صوته مليء بالعاطفة الجياشة. "أخيرًا، نلتقي مجددًا!"
ظل تعبير سيمان هادئًا، تقريبًا غير مكترث، لكن كان هناك بريق من الاعتراف في عينيه. "حسنًا، من الجيد أن أراك"، قال بصوت هادئ ولكنه مشوب بشيء لم يستطع لوكاس تحديده. "لكن أولاً..." تجولت نظرة سيمان على لوكاس، وتوقفت بتعبير من الحيرة والشك. "كيف جئت إلى كوكب تيراتا؟ ولماذا لا زلت في الرتبة سي؟ وأندريه، لقد تطور قليلاً فقط."
تراجع فرح لوكاس قليلاً، وحل محله شعور متزايد من الحيرة.
كوكب تيراتا؟ الرتبة سي؟
"ماذا تقصد؟" سأل لوكاس، حاجباه مرفوعان في تساؤل. بدأ الشعور المربك يتراكم عليه. لم يكن يتوقع أسئلة كهذه. كان يتوقع مجرد لقاء بسيط، لكن الآن... بدا أن كل شيء قد تغير.
عقد سيمان حاجبيه بعمق. "مر عام كامل، وأنت ما زلت كما كنت."
"عام؟" ردد لوكاس، وصوته يحمل صدمة واضحة. شعر بقلبه يسقط في معدته. نظر حوله إلى البيئة الغريبة القرية، الوحوش، الرابط الذي كوّنه مع وحشه وداهمه الإحساس مثل موجة مفاجئة وعنيفة. لم يكن لديه أي فكرة عن مدة غيابه، والآن كان سيمان يقول له إنه مر عام كامل؟
أفكاره تدافع بعضها البعض، محاولًا تجميع ما حدث. لقد مات، هذا كان أكيدًا. لكن كيف؟ كيف هو هنا الآن، واقفًا أمام سيمان وكأن لا وقت قد مر؟
تجمدت ملامح سيمان، وأخذت خيبة الأمل تظهر في كل تعبير على وجهه. "لقد خيبت ظني"، قال، وصوته كان قاسيًا كالسكين. "لكن كيف بحق الجحيم جئت إلى هذا الكوكب؟"
تسارعت أفكار لوكاس وهو يحاول فهم كل شيء. لقد مت
لا، لم أمُت فقط، لقد قُتلت.
أخذ نفسًا عميقًا، مجبرًا نفسه على التركيز. كان عليه أن يشرح. ليخبر سيمان الحقيقة.
"اهدأ، اهدأ"، قال لوكاس، مرفقًا يده للأمام. "أنا أيضًا لا أفهم. بعد أن غادرت... دخلت زنزانة من الفئة أ وواجهت ملكة العناكب. قتلت أندريه ودارلين وأنا." توقف، وصوته كان يرتعش من أثر ذكرى وفاتهم. "مُتُّ."
تسعت عينا سيمان في صدمة، وتفكك هدوءه المعتاد للمرة الأولى. "ماذا؟ ملكة العناكب، الرتبة اس؟" هز رأسه في. "وماذا قلت؟ا"
أخذ لوكاس نفسًا عميقًا آخر. كان ثقل الحقيقة يثقل صدره، لكنه قالها على أي حال. "مُتُّ."
حدق سيمان فيه، وتعبيره لا يُقرأ. ثم، بصوت يكاد يكون همسًا، سأل، "ماذا تعني؟ أنت واقف أمامي الآن!"
أومأ لوكاس ببطء، ولم يستطع إخفاء الألم في صوته. "هذه هي الحقيقة. هذا حقًا ما حدث."
عقد سيمان حاجبيه بعمق، وكان واضحًا ارتباكه. "لا أفهم أيًا من هذا"، تمتم، وهو يخطو ذهابًا وإيابًا في إحباط. "كيف جئت إلى هنا؟"
"لا أعرف"، اعترف لوكاس. شعر ذهنه بالغموض، وكانت أطراف أفكاره تتلاشى. "بعد أن مت، وجدت نفسي على هذا الكوكب المليء بالوحوش. كما حصلت على هذه الأجنحة السوداء"، أضاف، مشيرًا إلى ظهره. رفرفت الأجنحة قليلاً، وكانت الريشات الداكنة تلتقط الضوء وكأنها حية بالطاقة.
توقف سيمان في منتصف خطواته، وعيناه تضيقان. "ماذا؟ ماذا تعني؟ وماذا كنت تفعل طوال هذا العام؟" نظر إلى لوكاس، ولا يزال مرسومًا على وجهه. "لم يمض سوى بضعة أيام بالنسبة لي! ماذا تعني؟"
شعر لوكاس بالأرض تحت قدميه تتغير، وكان ذهنه يكافح لمواكبة ضخامة ما قاله سيمان. "عام؟ بضعة أيام فقط بالنسبة لك؟" ترددت الكلمات في ذهنه، لكن واقع الوضع كان أكبر من أن يتم استيعابه دفعة واحدة.
توقف سيمان، ووضع يده على ذقنه، وبدأت عيونه تعتم بتشكك. "يبدو أن هناك خطبًا ما"، تمتم، أكثر إلى نفسه منه إلى لوكاس. "لا أفهم أيًا من هذا." كان صوته يتلاشى، كأنه يكافح مع حقيقة لا يمكنه رؤيتها بعد.
ساد صمت طويل بينهما، ثقيل بالأسئلة غير المنطوقة وثقل المجهول. ثم، تنهد سيمان ورفع رأسه. "حسنًا، حسنًا. دعنا نغادر هذا العالم أولاً."
زادت حيرة لوكاس مع تحرك سيمان، حيث أخرج مكعبًا ذهبيًا صغيرًا منحوتًا بدقة. أمسك به لحظة، يتفحصه بتعبير جاد، قبل أن يرميه على الأرض.
انفجرت دائرة سحرية ضخمة ومتداخلة من المكعب، مضيئة بضوء ساطع. الرموز المنقوشة في الدائرة تلمع، دوامة من القوة السحرية التي كانت تنبض.
نظر سيمان إلى لوكاس، وكانت نظره ثابتًا. "هيا، أأمر أندريه ودارلين بالوقوف في الدائرة. دعنا نذهب إلى العالم الرئيسي."
لوكاس، الذي كان لا يزال غارقًا في صدمة ما حدث، أومأ ببطء. كانت أفكاره تتسابق، محاولًا فهم كل شيء، لكن الآن لم يكن أمامه خيار سوى اتباع قيادة سيمان.
العالم الرئيسي؟
"حسنًا، بالطبع"، قال لوكاس، وصوته بعيد كما نادى على أندريه ودارلين. "أنتم، قوموا بالوقوف في الدائرة. سنغادر هذا المكان."
أندريه ودارلين،تبادلا النظرات قبل أن يتجهوا نحو لوكاس. وقفا في الدائرة، ودخل لوكاس فيها أيضًا، حيث شعر بقوة السحر تهمس على جلده.
تثاقلت الأجواء من حولهم، وبدأت الطاقة المتدافعة داخل الدائرة تتكثف، تسحبهم بقوة شبه مغناطيسية. مع ازدياد الضوء، شعر لوكاس بشدّة مألوفة في روحه، شعور كأنه يُمزق من واقع ويُرمى إلى آخر.