الفصل الثاني: الانتصار وإعادة الولادة
-------
مزقته وخزة حادة في صدره.
احتبس نفسه.
تشوشت المشاهد من حوله، وخبا الصخب الهادر للحشود إلى صوت بعيد خافت. تاهت نظراته، وبدت أضواء الملعب شديدة السطوع، والمطر بارداً جداً على بشرته.
ارتجفت ركبتاه. خارت قواه.
كان أحدهم يصرخ باسمه. أمسك مساعده ماركوس راينهاردت ذراعه، يهزه بعنف.
"إيثان! ما الأمر؟! إيثان - الطبيب! أحضروا الطبيب!"
أراد إيثان أن يجيب. أن يقول شيئاً. أن يخبر ماركوس بالتهدئة، بأنه مجرد إرهاق، وأنه سيكون بخير.
لكنه لم يستطع الكلام.
أصبحت الوخزة في صدره مؤلمة بشدة عندما انقبض. شعر وكأن قبضة من حديد تسحق قلبه.
بدأت الهتافات من المدرجات - صوت اسمه الذي يُردد للمرة الأولى في مسيرته - تتلاشى.
انهار جسده للأمام، مرتطماً بالعشب البارد والرطب. استمر المطر في السقوط، مبللاً بدلته، مثلجاً بشرته.
حاول إيثان التحرك، محاولاً مقاومة الظلام الخانق الذي يسحبه للأسفل.
لكن كان الأمر عديم الجدوى.
سمع الصرخات المذعورة للطاقم الطبي وهم يندفعون للملعب، وشعر بالأيدي تضغط على صدره، محاولة إعادة تشغيل قلبه المتعثر.
آخر ما رآه قبل أن يغرق في الظلام -
لوحة النتيجة وهي تومض بالنتيجة النهائية.
كايزرسلاوترن 2 - شفارتسبورغ لايبزيغ 0.
الانتصار.
وبعدها -
لا شيء.
.
.
.
.
شهقة حادة.
التقاط متعثر للنفس.
انتفض إيثان مستيقظاً، جسده يرتجف، رئتاه تحترقان كما لو كان يغرق. خمشت يداه صدره، متوقعاً الشعور بألم - متوقعاً الشعور بأي شيء.
لكن لم يكن هناك شيء.
لا مطر. لا عشب بارد. لا أضواء ملعب.
فقط وهج خافت لمصباح مكتب قديم، يلقي ظلالاً مرتعشة على جدران مكتب صغير فوضوي.
دق قلبه بارتباك. كانت أنفاسه متقطعة، وأصابعه لا تزال ترتجف وهي تضغط على صدره.
هو... على قيد الحياة؟
لا.
شيء ما على غير ما يرام.
جسده - بدا مختلفاً.
هدأت أنفاسه بينما نظر إلى يديه.
لم تكونا يديه.
كانتا أنحف. الأصابع أطول، وأكثر نحولاً، والبشرة قليلة الخشونة. بدا هيكله الرياضي المفتول سابقاً أضعف، كما لو كان محبوساً في جسد لم يتدرب منذ سنوات.
قفز نبض إيثان.
في محاولة يائسة لاستيعاب ما يحدث، تسارعت أفكاره.
هذا ليس جسده.
وهذه ليست ألمانيا.
رائحة الهواء كانت من جلد قديم، وغبار، وقهوة رخيصة. كانت الجدران مغطاة بخزائن ملفات، وأوراق مكدسة، وصور فرق قديمة.
حركة مفاجئة لفتت انتباهه. على المكتب الخشبي أمامه جريدة مجعدة قليلاً ومصفرة.
جعل العنوان البارز معدته تنخفض.
"إيثان كارتر ميت - انهيار مأساوي بعد انتصار تاريخي!"
توقف جسده تماماً.
ماذا؟
أمسكت يداه المرتعشتان الجريدة، وتفحصت النص بهلع.
"المدير الفني في البوندسليغا إيثان كارتر، البالغ من العمر 41 عاماً، انهار على أرض الملعب بعد تأمين أول انتصار له مع فريق كايزرسلاوترن. يرثي عالم كرة القدم لوفاته."
شعر بالغثيان.
كان يقرأ عن موته الخاص.
ضغطت أصابعه على الورقة بقوة حتى كادت تتمزق. كان يجب أن يكون مزحة. حلماً. هلوسة.
لكنه لم يكن كذلك.
كان حقيقياً.
أصبحت أنفاسه متقطعة بينما خفض الجريدة، وثبتت عيناه على شيء آخر على المكتب.
لوحة صغيرة.
جيك ويلسون - المدير الفني، برادفورد سيتي (دوري الدرجة الخامسة، إنجلترا)
تجمد جسده بالكامل.
جيك ويلسون؟
من هو جيك ويلسون؟
قبل أن يتمكن من البدء في الاستيعاب، دوى رنين خافت في الغرفة.
ظهرت شاشة زرقاء مضيئة أمام عينيه.
[دِنْغ! تم تفعيل نظام التدريب.]
احتبس نفس إيثان.
تصلب جسده بينما ثبتت عيناه على الشاشة الطافية. كان النص واضحاً، حاداً، ويستحيل تجاهله.
[مرحباً، جيك ويلسون. مهمتك هي الصعود من القاع وأن تصبح أعظم مدير في تاريخ كرة القدم.]
[تحليل الفريق الحالي: برادفورد سيتي (دوري الدرجة الخامسة، إنجلترا)]
[تم إلغاق البصائر التكتيكية.]
شعر إيثان - أو بالأحرى جيك ويلسون - بقشعريرة تسري على ظهره.
ابتلع ريقه بصعوبة.
كانت عقله تصرخ طالبة إجابات، لكن في أعماقه استقر إدراك مرعب واحد.
لقد مات.
والآن -
أصبح شخصاً آخر.