في مكانٍ مظلم داخل أحد أعماق المتاهة – الطابق الخمسون.
"ريو! فل تأتي إلى هنا!" نادت يوي، وقد بدا على صوتها بعض الحماسة.
تحرّك ريو بهدوء، متجهًا نحوها.
"حسنًا... أنا آتي."
لكن، قبل أن يخطو خطوته التالية، تجمّد في مكانه فجأة.
"ريو؟" صوت يوي أصبح قلقًا. "ما الأمر؟ فل تأتِ بسرعة!"
لكن ريو لم يُجب. شيء ما كان خطأ.
يوي عبست قليلًا، ثم نظرت إلى زالاروسا:
"... زالاروسا؟ من ذلك الفتى؟ ولماذا كنت أناديه؟"
حدّقت زالاروسا في وجهها بعدم تصديق.
"ماذا تقصدين؟! إنه ريو... الفتى الذي جلبتِه معنا!"
أما ريو، فكان يقف هناك... شاردًا. كأن جسده موجود، لكن روحه تائهة.
"من أنا؟ وأين أنا؟" تمتم بصوت خافت. لا اسم، لا ماضٍ، لا شيء. كأن ذاكرته قد سُرقت.
ظهر صوت النظام داخله، حادًا قاطعًا:
"إشعار! لقد نسي المستخدم نفسه! يجب مغادرة هذا الطابق فورًا قبل أن يتفاقم الوضع!"
رفع ريو نظره نحو الفراغ، وبدت عليه ملامح الذهول.
"من أنت؟! وأي طابق تتحدث عنه؟ ما الذي يجري؟"
بدأ التوتر يرتسم على ملامحه، القلق يتصاعد في صدره.
"تذكّر نفسك!!" صاح النظام من جديد.
اقتربت زالاروسا منه بسرعة:
"ريو! إنه أنا، زالاروسا! يوي قد نسيتك فجأة، ماذا يحدث؟!"
لكن ريو تراجع خطوة، عينيه تبحثان في وجهها عن أي تلميح للمعرفة.
"ريو؟... من ذلك؟ هل تتحدثين عني؟"
قالت زالاروسا بدهشة:
"انتظر لحظة، ما الذي تتحدث عنه؟ هل تمزح أنت ويوي؟ ما خطبكما؟ كلٌ منكما نسي الآخر؟!"
جلس ريو على الأرض، واضعًا يده على رأسه كمن يحاول أن يُمسك بأفكاره المتسربة.
"... يوي... يوي... لا، لا أعرف من تكون... ولا أعرفكِ أنتِ أيضاً!"
شدّت زالاروسا قبضتها، وبدأت تفكر بقلق:
"ما الذي يجري؟ يوي و ريو قد نسيا بعضهما بالفعل... لكن أنا؟ أنا ما زلت أتذكرهما... لا بد أنه هو. إنه يعبث معنا مجددًا! إنها لعبته!"
رفعت نظرها نحو السقف، والغضب يتفجر في صدرها.
أما يوي، فكانت تغوص في تفكيرها هي الأخرى.
"هممم؟... ذلك الفتى؟ وتلك الفتاة... المدعوة زالاروسا؟ لا، لا أعرف أحدًا منهما! لا أحد منهم مألوف. لكن... اسم زالاروسا، فقط، يبدو مألوفًا؟"
قطعت زالاروسا صمتها بصوت جادّ:
"يوي! ريو! تعاليا إلى هنا، الآن!"
اقترب الاثنان منها.
يوي سألت، ببرود: "ماذا هناك؟"
قالت زالاروسا، بنبرة صلبة:
"توقفا عن هذا المزاح!"
نظر إليها ريو باستياء.
"أي مزاح تقصدين؟ من أنتِ أساسًا لأمزح معك؟ أنا لا أعرفك حتى!"
ظهر إشعار جديد في عقل ريو، هذه المرة أكثر إلحاحًا:
"تحذير! يجب على المستخدم مغادرة الطابق فورًا!!!"
ضرب ريو رأسه بيده، محاولًا كتم الصوت الذي يتردد في داخله.
"... فل تصمت قليلًا!"
نظرت إليه زالاروسا بقلق:
"ما خطبك، ريو؟ ما الذي يحدث؟"
قال وهو يتنفس بصعوبة:
"لا شيء... فقط... صوت في رأسي... يصرخ بي أن أخرج من هذا الطابق... كأنه يريد أن يُخرجني ولو بالقوة!"
أخذت يوي خطوة للوراء، تفكر:
"حقًا... أريد الخروج من هذا المكان فقط... لماذا أنا وسط طفل مجنون... وفتاة لا أعرفها؟"
قالت زالاروسا بحزم:
"حسنًا، فلنخرج من هنا! هيا، تعالا معي!"
سحبت يوي و ريو نحو الحفرة التي صنعتها يوي سابقاً المؤدية للطابق التالي... لكن، فجأة، أُغلقت الحفره أمامهم!
صرخت زالاروسا:
"... هل تمزح معي؟! طوال الوقت كانت مفتوحة والآن أُغلقت؟ ذلك الرجل الحقير!... أعدك، سأقطّعك إلى ملايين الأجزاء! فقط انتظرني!"
ركضت بسرعة نحو الدرج المؤدي للأسفل، لكن الباب هناك... كان يوشك على الإغلاق أيضًا.
"هيا! هيا بسرعة! أرجوك، لا تُغلق الآن!"
ركضت بأقصى ما تملك من سرعة، تسحب ريو ويوي معها، والقلق يمزق قلبها.
اقتربت من الدرج، على بعد خطوات من النجاة.
"توجد فرصة! لم يفت الأوان بعد!"
لكن...
فرحتها لم تكتمل.
ظهر الوحش الأخير للطابق، يقف أمام الدرج، شاهقًا، ضخمًا، يزأر بصوت صاخب، رافعًا سيفه الهائل نحوها.
صرخت زالاروسا، وعينيها تتوهجان بالغضب:
"تبًا... أيها الحقير! فل تبتعد عن طريقي!!!"
ركضت نحوه بكل ما تملك من قوة، أخرجت سيفها، قفزت في الهواء، وصرخت:
"ألف سنة من الدم!!!... فل تذق الموت أيها الحقير، وابتعد عن طريقي!!!"
---
يتبع...