اللحظة التي اشتعل فيها الختم مجددًا…

لم تكن مختلفة.

لم يكن هناك انفجار.

ولا صراخ.

ولا تحول خارق.

فقط…

تغيّر الصمت.

**

السلسلة على معصمي الأيسر…

بدأت تدور.

كل حلقة فيها…

تنفّست معي.

كل نبضة…

أطلقت شرارة.

**

وأغمضت عيني.

لا لأنني أخاف.

بل لأن الغريزة لا ترى بالعين.

**

تحرّك راكسان.

كعادته.

هادئ. صلب.

لكن…

في هذه المرة، لم يصلني.

**

التففت.

ركبتي انخفضت.

ذراعي ارتفعت.

ثم…

مرّت ضربته فوق كتفي.

**

نجوت.

**

ثانية.

ثانيتان.

خمسة.

**

تحرّك من جديد.

كان أسرع.

لم أره.

لكن…

شعرت به.

خطوة على الجانب.

زفير طفيف.

وأنا… انعطفت.

**

ثم… استجبت.

ضربت.

لم يكن هجومًا من فنّ.

بل من فطرة.

راحت يدي تقطع الهواء،

بكامل وزن جسدي.

**

ارتدّت ذراعي.

لكني لم أُقتل.

**

عشر ثوانٍ.

**

ركّزت.

لا، بل سَمعت.

الرياح تتحرّك.

البرق في قدميه.

خطوته… غير متزنة.

نصف فتح ثغرة.

اغتنمتها.

**

هاجمت.

ارتطم ساعدي بصدره.

قاسية. بدائية.

لكنه ارتد خطوة إلى الوراء.

**

خمس عشرة ثانية.

**

تحرك كذئب حقيقي هذه المرة.

سريع.

شرس.

لكن… كل عضلة في جسدي لم تنتظرني.

**

تفادي.

تفادي.

انزلاق.

قفزة.

**

الختم كان يتوهج.

شاكرا غريبة بدأت تصعد في رقبتي.

لكنني لم أستخدمها.

الغريزة تكفيني.

**

أربعون ثانية.

**

تنفست.

بهدوء.

لم أفكر.

لم أفتح عيني.

**

هذا ليس قتالًا.

هذا صيد.

والفريسة؟

أنا لم أعدها.

**

خمسون ثانية.

**

راكسان رفع رأسه.

أول مرة يتحرك وجهه.

أول مرة تتوتر عضلة في عنقه.

**

بدأ يشعر بي.

**

الستون…

الثانية الأخيرة.

**

لم يُقتل أحد.

لم ينتصر أحد.

لكن حين فتحت عينيّ،

كنت ما زلت حيًّا.

واقفًا.

يتصبب العرق من جبيني.

وأمامي…

راكسان.

واقف.

ينظر.

وصوته أخيرًا خرج:

“ دقيقة. ”

**

ثم أضاف، بصوتٍ أخفض من كل ما سبق:

“ لقد بدأتَ تصدر الرائحة. ”

لم أعد أذكر كم مرّ من الوقت.

كل ما أعرفه… أني كنت أتنفّس بالغريزة.

أعيشها

أقاتل بها.

أستيقظ… لأموت.

وأموت… لأتعلم.

**

لكني الآن…

واقف.

عيني مفتوحة.

أنفاسي تحت أمري.

وجسدي… لا يرتعش.

**

أمام راكسان.

لا قتالي بعد الآن.

صمت طويل.

ثم صوته جاء، كأنّه يُكافئني بالكلمات:

“انتهى.”

**

لم أفهم أولًا.

أيّ شيء انتهى؟

هذا الجحيم؟

هذا الحُلم؟

**

سألته، بعد صمت:

“كم… مرّ من الوقت؟”

لم يُطِل الرد.

لكن صوته بدا وكأنّه يحمل ثقل قرون:

“ حوالي سنتين ونصف. ”

**

سكتُّ.

سكتُّ طويلًا.

لم أهتز.

لم أصرخ.

لكن شيئًا بداخلي…

انكمش.

**

سنتان ونصف؟

يارا…

رينجي…

أيومي…

شيسوي…

ميناتو… كوشينا…

**

هل أنا حي هناك؟

هل ظنّوا أني متُّ؟

هل نسيتُ كيف يبدو وجههم؟

**

شعرت بيداي ترتجف.

لا من التعب.

بل من الحقيقة.

**

أنا… تغيّرت.

لكني لا أعلم إن كنت ما زلت أنا.

**

راكســان تقدّم خطوة.

وضع يده على كتفي.

لم تكن دافئة.

لكنها لم تكن قاسية.

قال:

“لقد ولدت.”

ثم أضاف، بنبرة منخفضة:

“المفترس الذي يعيش فيك… لم يَعُد نائمًا.”

**

رفعت رأسي نحوه، وقلت بصوت غريب عليّ:

“هل أنا مستعد؟”

رد دون تردد:

“لا.”

“لكنك الآن… قادر أن تبدأ. ”

سكتّ طويلًا.

لم أعد أميّز إن كان الصمت نابعًا مني…

أم من كل ما حولي.

**

لكن راكسان لم يتركني أذوب في السؤال.

قال بصوته العميق:

“في هذه الغرفة… الوقت لا يتبع عالمك.”

“الثلاث سنوات هنا…

هي سنة واحدة فقط هناك.”

**

رفعت عيني نحوه.

كنت أبحث عن صدقٍ في ملامحه…

لكنني لم أشك بكلامه لحظة.

شعرت بها.

الجسد لم يشيخ.

الذاكرة لم تتآكل.

لكن… القلب؟

شيء فيه لم يعد يعود.

**

تمتمت بصوت خافت:

“سنة فقط…”

**

أغمضت عيني للحظة.

لاحت في ذهني صور لم أعد متأكدًا إن كانت ذكرى أم حلم:

يارا…

ورينجي في حضنها.

أيومي تمسك بإصبعها الصغير.

شيسوي وهو يضحك.

صوت كوشينا… وهي تصرخ.

ضحكة ميناتو التي تشبه الصباح.

**

فتحت عينيّ.

أدركت…

“لم أمت.

ولم أتأخر بعد.”

لكنني…

لست الشخص الذي دخل هذه الغرفة.

**

قال راكسان وهو يتراجع للخلف:

“لقد نجوت من الغريزة.”

“لكن لتقاتل منجلًا…

ستحتاج أن تصبحها.”

**

ثم اختفى.

وتركني…

وحيدًا في السكون.

لكنني كنت مستعدًا.

لأن الذئب بداخلي…

لم يعد ينبح.

بل ينتظر اللحظة التي ينقضّ فيها.

كان راكسان يستدير ليغادر.

لكنه توقف فجأة.

عيناه…

نظرتا إلى معصمي.

السلسلة…

ما زالت تتوهج، بوميض خافت.

**

قال، بصوت منخفض… كأنه لم يكن موجّهًا لي فقط:

“ذلك الوشم… ليس طبيعيًا.”

استدرت نحوه.

أجبته بهدوء، كمن لا يرى غرابة في الأمر:

“هو ليس طبيعيًا.”

“إنه اختراعي.”

**

ساد الصمت.

لكنني رأيت عينه ترتجف لجزء من الثانية.

كأن صخرة قد سقطت في مياه عقله.

**

“اختراعك…؟”

“أنت صنعته؟”

**

أومأت.

“ختم مبني على خلايا أوتسوتسوكي قَتلتُه.”

“حوّلت شاكراه إلى ختم.

يمنحني قوّة متدرّجة…

كلما وصلت إلى حافة الموت، ينمو.”

**

اقترب راكسان خطوة.

نظر إلى السلسلة السوداء.

ثم إلى وميضها الأحمر.

**

تمتم:

“هذا… غير ممكن.”

“لا أحد يصنع ختمًا من شاكرا أوتسوتسوكي…

ويظل حيًا.”

**

نظرت إليه، بعين خافتة.

“ربما لأني لم أكن حيًا حين صنعتُه.”

**

لم يرد.

لكنني رأيت على وجهه علامة نادرة …

الاحترام.

ثم قال، بنبرة أخف:

“يجب أن يراه نيمو.”

**

أجبت:

“سيراه.

لكن إن رآه…

سيفهم ما أخطط له.”

**

قال راكسان، بصوتٍ لم أسمعه منه من قبل:

“إن لم تكن مستعدًا…

سيسلبه منك.”

**

ابتسمت.

لا كبطل.

بل كذئب عرف كم أنيابه ما زالت تنمو:

“لهذا أحتاج أن أكون أقوى…

قبل أن يعرف ما أملكه بالفعل.”

قال راكسان، وهو يدير ظهره لي:

“انتظر هنا.

مدربك الجديد سيصل بعد قليل.”

**

بقيت واقفًا.

كل شيء من حولي ساكن.

مرّت لحظات…

ثم ساعة.

**

وفجأة…

انفتح باب لا وجود له في هذا البُعد.

ودخل.

**

صوت خطواته كان فوضى بحد ذاته.

كل خطوة تحمل ثقل ضحكة مكتومة.

ثم صوته…

“ماذا لدينا؟

لدينا أضحية لجاشين!”

**

رفعت رأسي.

رأيته.

**

شعره مبعثر كأن الريح ولدته.

عينه…

رينغان، لكن حمراء!

وليست حمراء عادية…

بل مائلة إلى الدماء، تتنفس غضبًا.

جسده مغطى بالوشوم،

رموز ملتوية…

كأنها لعنات، لا رسومات.

**

سألته بصوتي المتحفّظ:

“من أنت؟”

ابتسم ابتسامة زاحفة،

كمن ينتظر السؤال منذ ألف عام:

“ أنا… جاشين. ”

“ ابن النسيان.

وعاشق الألم.

وسيد التعذيب.

وأخطر خادم أنجبه نيمو. ”

**

نظرت إليه.

وفكرت بصمت:

“هذا

مجنون

.

**

صفّق.

صفقة واحدة.

**

ومن حوله…

ظهرت خمس نسخ منه.

كل واحدة تضحك… بصوت مختلف.

**

قال، كمن يشرح لطفل:

“هنالك مستويات:

خادم ضعيف، متوسط، قوي.

ثم منجل ضعيف، متوسط، قوي.”

“هؤلاء؟”

“خمس نسخ… أقل حتى من خادم ضعيف.”

“وأنت؟”

“ستقاتلهم… وحدك.”

**

لم يمنحني لحظة لتفكر.

قفزت أول نسخة.

**

لكن…

غريزتي تحركت.

رواغت.

ركبتي انثنت وحدها.

كتفي تحرّك بلا أمر.

وانفجرت حولي الشاكرا.

**

ضحك جاشين.

ضحك بصوتٍ جعل الهواء يهتز.

“كيف؟!

كيف أتقنتها؟!

أنت مجنون أكثر مني!!”

ثم صرخ وهو يدور حولي بجنون:

“ لن يكون مملاً تعذيبك!

… أقصد تدريبك، طبعًا.

ربما كليهما.”

**

وقفت وسط ساحة مكونة من خمس كوابيس،

وأبٌ يرقص على أنقاض المنطق.

لكنني لم أهرب.

لأن الذئب بداخلي…

بدأ يشهق.

**

النسخ لا تنتظر.

ولا تمنحك لحظة.

في كل ثانية،

واحدة تهاجم.

واحدة تتراجع.

واحدة تنتظر.

واثنتان تضحكان كالمسعورين.

**

لكنني… لم أتحرك بعد.

**

أغمضت عيني.

وسمعتها.

نفس طويل…

ثم…

ومضة.

**

رأيت.

ثانية من الآن.

نسخة تقفز من اليمين،

وأخرى من الأعلى.

**

فتحت عيني.

و…

اختفـيت.

**

[هيراشين]

الكوناي كانت مغروسة خلف أحدهم.

ظهرت…

والبرق الأرجواني سبقني.

**

ضربة خاطفة.

جسد انهار.

لكنهم لم يتوقفوا.

**

[الثانية التالية]

نسخة تهجم من اليسار،

وراءها اثنتان تتقدمان.

**

مددت يدي.

نقطة صغيرة من الدم.

“ وقف الزمن. ”

**

كل شيء تجمّد.

حتى نفسي.

**

خطوت.

خطوتان.

ثلاثة.

ثم أطلقت البرق الأرجواني من راحتي…

نحو قلب النسخة الثالثة.

**

[الزمن يعود]

صرخة.

وانفجار شاكرا.

**

لكن واحدة أخرى ضربتني في ضلوعي.

طرت.

ارتطمت بالجدار.

**

دم في فمي.

**

لكن لم أكن وحدي.

**

أنا… والغريزة.

والغريزة لا تنسى.

**

صرخت.

ركضت.

البرق انطلق من قدميّ.

[هيراشين – موقع آخر]

اخترقت الفراغ.

سيف وهمي من شاكرا.

اخترق رقبة واحدة.

ثم شهيق…

[رؤية خاطفة]

الهجوم قادم من الخلف.

**

[وقف الزمن – ثانية واحدة فقط]

استدرت.

ضربت.

تفاديت.

اختفيت.

[هيراشين – مرة أخيرة]

**

لكن جسدي بدأ يرتعش.

أنفاسي تنكسر.

عيناي لا ترى جيدًا.

شاكرتي… كأنها نار تحترقني من الداخل.

**

مرت ساعة.

وأنا أقاتل،

وأتنفس،

وأترواغ،

وأتحرك كما لم أتحرك في حياتي.

**

وبقيت واحدة فقط.

**

الأخيرة…

**

ابتسمت.

مددت يدي…

لكنها سبقتني.

**

ضربتني في قلبي.

**

شعرت بالبرودة تصعد في جسدي.

ركبتاي انهارتا.

**

نظرت نحو الأعلى…

ورأيت جاشين يصفق بجنون:

“ ساااامرووو!!

أبدعت!!

متت…

لكن كذئب!! ”

**

سقطت على ركبتي.

نظرت إلى معصمي.

السلسلة كانت محترقة.

لكنها… لم تختفِ.

**

قلت قبل أن أموت:

“أحتاج… فقط… دقيقة أخرى.”

**

ثم…

الظلام.

**

استيقظتُ.

وكنت أبتسم.

**

أول مرة منذ ولوجي هذا البعد…

أبتسم.

لا لأنني ارتحت.

بل لأني… تذكّرت من أنا.

**

جاشين كان يجلس القرفصاء على صخرة مقلوبة،

ينقر على جمجمته كأنها آلة موسيقية.

حين رآني أفتح عيني…

صفق.

ثم قفز.

ثم هتف وهو يرقص على قدم واحدة:

“عُدتَ!

الموت ما عاد يُزعجك، صح؟

أليس رائعًا؟”

**

جلست.

مرفقي ينزف.

ضربي لم تلتئم.

لكنني… كنت أتنفس بثبات.

وقلت، بصوت لم أتعوّد عليه من نفسي:

“ ارفع المستوى. ”

**

توقّف جاشين.

نظر إليّ بعينين كأن فيهما ألف مقبرة.

“هاه؟”

ابتسمتُ وأنا أقف ببطء.

“ ارفع المستوى، جاشين.

أريد خادمًا حقيقيًا.

واحدٌ برينغان. ”

**

ضحك.

ضحكته أطول من المعتاد.

ثم صفّق.

وسمعت الشُقوق تتفتح في الأرض.

من الظلال… خرج جسد.

طويل.

جلده رمادي.

وعيناه…

رينغان، بلون رمادٍ يحترق من الداخل.

**

قال جاشين، وهو يمد يده نحو السماء:

“تفضل… سامرو العظيم!”

“خادم أوتسوتسوكي كامل…

واحد. ”

“وإن متَّ هذه المرة…

فسأضحك أكثر، صدّقني!”

**

لكنني لم أضحك.

فقط رفعت يدي.

والسلسلة بدأت تتحرّك.

**

السلسلة ليست وشمًا بعد الآن.

إنها جزء من دمي.

**

مددت يدي.

وتقدّمت.

بلا هيراشين.

بلا وقت.

بلا رؤية مسبقة.

هذه المرة…

سأهجم أولًا.

2025/05/16 · 26 مشاهدة · 1551 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025