الفصل 827 – الوجهة (4)

أكثر الجُمل رسوخًا في الذاكرة بين أوصاف كيرجيوس رودغرايم، الأزرق الأبيض للمفارقة، هي هذه:

"البداية نقطةٌ واحدة، لذا فإن الأصغر هو الأعظم."

وهناك أيضًا:

"أقوى كائن صغير في العالم."

هل ترى ما يتكرر؟

أجل.

إنه "الصِغَر".

ذلك كان الألف والياء في كيرجيوس، جوهره وعصب كيانه.

كائنٌ متجاوز، جاء من أرض السلام، حيث لا يسكن إلا أُناس ضِعاف الأجساد صغار القامة. غير أنّه تجاوز عقدة "الصِغَر" التي لازمته، وبلغ من التجلّي والحكمة مبلغًا عظيمًا.

هكذا كان كيرجيوس الذي عرفته.

فكيف لي أن أصف الرجل الذي يتراءى أمام عيني الآن؟

"خوفٌ بمستوى الكارثة … الأزرق الأبيض للمفارقة؟"

قالت آنا كروفت:

"تشيون إينهو، أأنت جُنّت حقًا؟"

لكن مهما قالت، لم يكن في نيّتي أن أرجع عمّا نطقت به.

فلا تعبير أدق من كلمة "خوف".

فإن كان الأصغر هو الأعظم، فكيف نؤول كيرجيوس وقد غدا أكبر قليلًا… لا، بل أكبر كثيرًا؟

هل نعدّه إذن أقلَّ عظمةً مما كان؟

ومع ذلك، فإن معلّمنا، الذي ظلّ عظيمًا حتى وإن نقص من صِغره، كان يمشي بخطواته الوقورة المهيبة نحوي بخفّةٍ عجيبة.

— لقد رأيتُ في حياتي الطويلة كلَّ ما هو غريب وعجيب.

وبينما ظلّ كيم دوكجا يهذي بكلامٍ يوجهه إلى المعلم الحقيقي ، وقفتُ أخيرًا وجهًا لوجه أمام كيرجيوس وقد وصل. وكان الموقف يبعث في قلبي شيئًا من التوتر.

فلديّ تاريخٌ مع هذا الرجل؛ إذ تظاهرتُ يومًا بأنني تلميذه، وادعيتُ اسم "بايك تشونغمون" وأنا أواجه زعيم تنّين طائفة المتسولين في محطة سيول.

فربما، كما فعل تشوك جونغيونغ، يكون كيرجيوس قد سمع باسمي.

وكان الموقف دقيقًا، أيةُ هفوةٍ بلساني قد توردني موارد الهلاك، ولكن لساني وحده كان عدّتي.

"الأزرق الأبيض للمفارقة، كيرجيوس رودغرايم. أليس كذلك؟"

فأجابني وهو يرمقني ببرود:

"من أنت؟"

— "نعم، أنا…"

ترددتُ: هل أُصرّح بأنني كيم دوكجا؟

لكنه أعاد السؤال فجأة:

"من أين تعلمتَ تلك الفنون القتالة؟"

أدركت حينها أنّ طاقة [ بايك تشونغ غانغي] لا تزال متقدة في جسدي. وكان الوقت قد فات على إبطالها. فلم يبقَ لي سوى اللجوء إلى استراتيجية كيم دوكجا.

"أعتذر عن تأخّري في تقديم التحية. تلميذ من خارج عشيرة بايك تشونغ مون يُحيي شيخ العشيرة."

تطلع إليّ كيرجيوس بنظرةٍ خاوية وقال:

"لكن عشيرة بايك تشونغ مون قد أُبيدت منذ زمن."

— "أعلم ذلك. لقد تلقيتُ التعاليم من آخر ناجٍ من عشيرتكم."

ولم يكن ذلك كذبًا خالصًا، فقد تلقيتُ فعلًا [طاقة بايك تشونغ غانغي] من شخص أتقنها سرًّا.

"سمعتُ الكثير عن المعلّم. لطالما رغبتُ في لقياك يومًا، ويسعدني أن أتشرف بهذا اللقاء."

لكن ردّ فعل كيرجيوس كان غريبًا. التفتُّ فرأيتُ الذين جاؤوا معه يتهامسون:

— "قائد الفرقة الأولى لا يزال محبوبًا."

— "أهو كيرجيوس مرة أخرى؟"

— "ألم أقل لكم؟ كثيرون يتمنّون أن يكونوا تلاميذ ذلك الرجل."

فانتابني الذهول. أيمكن أن يكون هنالك آخرون ادّعوا التلمذة على يده؟

— آه.

حين سمعتُ صوت كيم دوكجا داخلي، سرت قشعريرة في جسدي.

كيف غفلتُ عن ذلك؟

— "يبدو أن أحدهم سبقك هنا أيضًا."

نعم، القرّاء الذين استحوذوا على أجساد في هذا العالم، بعضهم ربما صار قريبًا من كيرجيوس ذاته.

قال لي بحدّة:

"أأنت أيضًا تدعى كيم دوكجا؟"

ابتسمتُ بمرارة. لحسن حظي، كان عندي ما أُثبت به فرادتي.

"كنتُ الأول الذي يتعلم [ بايك تشونغ غانغي]."

وهذا أمر بدهي، فأنا وفتاة الأدب 64، تشا ييرين، كنا الوحيدين اللذين تعلمنا هذه التقنية.

— "لقد نجوتَ بفضل ييرين."

ما إن مرّ اسمها في خاطري حتى شعرتُ بلهفة غامضة. ترى كيف حالها الآن؟ ماذا جرى لملك القتلة؟ أو لجي إيونيو، أو دانسو اجاشي، أو كيونغ شين…

غير أنّ صوتًا آخر قطع عليّ أفكاري:

"كِرجيوس. كفى."

كان القادم رجلًا عاري الصدر، يتقدم نحونا بخطى ثابتة. لم يكن سوى سيّاف جوريو العظيم، تشوك جونغيونغ، الذي كان يقاتل "آكل الأحلام" حتى اندلاع المعركة الكبرى.

قال بصرامة:

"ذلك الشاحب الصغير تلميذي. لا تلقِ عليه نظرة استهانة."

فسأله كيرجيوس متعجبًا:

"تلميذك؟"

فأجاب وهو يضرب صدره بيده:

"نعم، تلميذي. ومن ردّ فعلك أظن أنك أدركتَ موهبته."

"..."

ثم أضاف متحديًا:

"لكن فات الأوان. لقد أصبح سيّافي أنا."

وتقابلت نظرات الرجلين في صمتٍ متوتر. ولمّا كنتُ أترقب ما سيجري، دوّى هديرٌ من بعيد:

كوكوووووم!!

عشرة متجاوزين قد تطوّقوا حول "آكل الأحلام"، يهاجمونه مجتمعين.

كان كل واحدٍ منهم في قوته يضاهي "سيّد الرمح". وعندما جمعوا قواهم في تقنية مشتركة، تزعزع حتى ذلك الحاكم الخارجي المهول وتقهقر.

مشهدٌ يكاد يستعصي على التصديق.

لكن مع ذلك، ألم يكن "آكل الأحلام" قويًا فوق ما يحتملون؟

حينها انطلق صوتٌ عجوز يوبّخ:

"تسك تسك، هكذا لا يُقطع العدو."

"..."

"أيها المجند الجديد من الفرقة الثانية! أسرع في الطعن وإلا ستعلق في صدع الزمن مئة عام أخرى!"

"..."

"لا، ليس هكذا!"

التفتُّ لأجد رجلاً مسنًّا ضئيل القامة يقف بجانبي، يشرح لهم وكأن الأمر لا يستحق عناء النظر. ما كان بالنسبة إليّ فنًا قتاليًا سماويًا، بدا له مجرد حركة عادية.

ثم التفت إليّ وقال:

"هاه؟ من تكون أنت؟"

"أوه أنا"

"مجرد مبتدئ؟."

شعرت بأن ضحك الرجل العجوز العبثي مألوف لدي.

ماذا عليّ أن أقول؟ كان يبدو كمن تجاوز منذ زمن طويل 'سيناريوهات' هذا العالم.

نظر إليّ مليًّا ثم قال بتعجب مكتوم:

"نادراً ما يأتي المبتدئون إلى هنا وحدهم. أنت فتى استثنائي. ما اسمك؟"

— "كيم دوكجا."

فابتسم ابتسامة غامضة وقال:

"اسمٌ غريب… لكنني أحب الغرباء ذوي الأسماء الغريبة."

وكان في محيّاه بريق حنينٍ مباغت.

وفي تلك اللحظة، كان "آكل الأحلام" يتقهقر من بعيد، فيما يقف كيرجيوس وتشوك جونغيونغ في قلب الساحة، فيخفق قلبي بلا سبب. لعلّ في هذا العالم حكايات لم يُكتب لي بعد أن أعرفها.

أولئك الذين يحققون بأجسادهم البشرية ما تعجز عنه الكواكب العلوية.

قال العجوز وهو يبتسم لي:

"كيم دوكجا، أهلًا بك في تحالف المتجاوزين."

تحالف المتجاوزين.

"انتظر لحظة!..."

لكنني لم أجد وقتًا لأعترض، إذ جرى القبض عليّ وسُقتُ قسرًا إلى داخل المجمع الصناعي. وما كنتُ أحسبه "البيت الكبير" لكيم دوكجا، تبيّن أنه مقرّهم الرئيس.

[ خوفٌ في مستوى الكارثة، أُدخل إلى "جناح الخوف". ]

سُحبتُ إلى الجناح، وبدأوا يغذّون جسدي بدمٍ من الحكايات.

التفتُّ إلى آنا كروفت التي ترقد على سريرٍ بجواري وسألتها:

"هل أنتِ بخير؟"

"أنا بخير. ماذا عنك؟"

"أترين أنّ هذا حالٌ يُسمّى بخير؟"

"لا أدري ما يجري بالضبط."

حتى بصيرتها في رؤية المستقبل بدت عاجزة هنا، كأن الأحداث تخرج عن نطاق التنبؤ.

ولعلّ ذلك طبيعي، فما نحن إلا قريبون جدًا من كيم دوكجا الثاني.

نعم… هذا هو "البيت الكبير" الذي حدّثتني عنه، يا كيم دوكجا.

سألتها:

"ما غايتهم من أسرنا، في رأيك؟"

"إن لم يكونوا قد خالطهم الظن بأننا من صنف المخاوف…"

وإذا بهاتفي يهتزّ فجأة. نظرتُ إلى الشاشة، فظهر أنّ الدليل قد تحدّث.

***بعض أجزاء هذا المستند تم تعديلها بواسطة SVRP.

SVRP. PW ???

خوفٌ من كارثة طبيعية — تحالف المتجاوزين

اتحاد يضم المتجاوزين الذين يسكنون "المنطقة النهائية". وهو كيان أنشأه جبابرة كلٌّ منهم يعادل في خطره "كوكبةً سماوية".

◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️

◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️◼️

ومن بينهم نفرٌ قليل يُدعَون "القادة"، ويُقال إن مستوى خطورتهم يماثل عقوبة العبقري.

• القائد الأعلى: ◼️◼️◼️◼️ ◼️◼️

• قائد الفرقة الصفرية: ◼️◼️◼️◼️ ◼️◼️

• قائد الفرقة الأولى: الأزرق الأبيض للمفارقة، كيرجيوس رودغرايم.

• قائد الفرقة الثانية: كاسر السماء نامغونغ مين-يونغ.

• قائد الفرقة الثالثة: سيّاف كوريو، تشوك جونغيونغ.

وفي كل الجولات التي ظهر فيها هذا الاتحاد، شوهدوا يقاتلون "الكائن العتيق العظيم" ثم يُبادون عن بكرة أبيهم.***

حبستُ أنفاسي وأنا أطالع هذه الكلمات.

وكان في الأمر ما يُثير دهشتي لسببين:

أولًا: أنّ هناك أناسًا أعرفهم، ما زالوا أحياء في جحيم "المنطقة النهائية".

وثانيًا: أنّ مصيرهم جميعًا الفناء في مواجهة "الكائن العتيق العظيم".

ذلك الكائن… ترد في خاطري أسماء بعض الحكام الخارجيين، غير أنّي لم أستطع أن أجزم من يكون عدوّهم الذي يقضي عليهم في النهاية.

[ خوفٌ في مستوىالكارثة، تفعيل "جناح الخوف". ]

أثقلت جفوني رغبةٌ في النوم.

[ ستُشفى جميع جراحك. ]

أصوات صرخاتٍ دوّت في رأسي مرارًا، لم أدرِ هل هي صرخاتي أنا، أم صرخات آنا، أم صرخات آخرين.

وحين فتحتُ عينيّ من جديد، كان الصبح قد أطلّ.

فإذا برجل ضخم يبتسم في وجهي قائلًا:

"أأفقتَ يا تلميذ؟"

إنه تشوك جونغيونغ، يبتسم ابتسامة عريضة، عارضة أسنانه.

أخذني في جولة داخل مقرّ التحالف، يشرح لي الأجنحة: غرف النوم، الحمامات، قاعات التدريب. وقد بدا صوته على غير عادته ودودًا.

"ومن اليوم، أنت أصغر أعضاء الفرقة الثالثة."

"يا معلّم"

" لماذا تفعل هذا "

" لم أقل قط إنني راغب في الانضمام إلى تحالف المتجاوزين."

لم أفهم. فما عانيته في الأمس لم يزد على حجزٍ إجباري في الجناح. فكيف أصبحتُ عضوًا من التحالف بمجرّد أن خرجتُ من السرير؟

ارتعشت شفتاه قليلًا من الاستغراب، ثم قال:

"يا تلميذ، ألم تأتِ إلى هنا لأنك تطمح أن تصير متجاوزًا؟"

"بلى، هذا صحيح."

فالمجاوزة كانت وحدها السبيل لأن أزداد قوة.

لكن لم يكن هدفي أن أصير متجاوزًا ثم أموت. فالكائنات العتيقة قد تهاجمهم في أي لحظة، وإن بقيتُ بينهم فمصيري الهلاك معهم.

قال مشجعًا:

"إن بذلت جهدك هنا، ستغدو متجاوزًا. كما صار هذا الجسد."

"ألستَ كوكبة أصلًا، يا معلم؟"

ضحك باستهانة:

— "لشخصٍ بقدري، هذه التصنيفات لا وزن لها."

فآثرتُ أن أنظر إلى الوضع من زاوية إيجابية:

مهما يكن، فلا بدّ لي أن أجد "كيم دوكجا الثاني" هنا، وهذا المكان أأمن موضع في "المنطقة النهائية".

وماذا عن هجوم الكائن العتيق؟ حسنًا، أيمكنني الفرار قبل أن يقع؟

وفوق كل شيء…

"ها نحن ذا."

هنا أستطيع استخدام صدع الزمن الذي سمعت عنه فقط .

"إنه "صدع الزمن" الشهير."

فضاءٌ أوسع من ملعب، تتناثر فيه أبواب صغيرة مصطفّة، يتدلّى أمام كل باب شاشة صغيرة تعرض مشاهد متسارعة، كأنها كاميرات تلتقط ما يجري داخل الصدوع.

رأيتُ على بعضها تجسّداتٍ تتوغل في ظلامٍ مطبق، وعلى أخرى تجسّداتٍ تهوي من جسرٍ بلا نهاية. بل أبصرتُ كواكبَ سماوية أسيرةً في "تارتاروس"، سجن العالم السفلي.

كلّ كائن عالقٌ في زمنٍ أو مكانٍ مختلف.

وبجانب كل شاشة رقم:

2-3 جولات. 4-11 جولات. 5-33 جولات. 6-77 جولات…

سألتُ بدهشة:

"ما هذه الأرقام؟"

أجاب تشوك جونغيونغ وهو يحكّ وجنته:

— "ااه هذه ... أظنها ترتيب الصدوع حسب لحظة نشأتها… لكنني لستُ واثقًا تمامًا."

تأملتُ المشاهد، وسكتُّ.

كان ظنه صائبًا من وجه، ومجانبًا للصواب من وجه آخر.

وأنا وحدي كنتُ أدرك كنه تلك الأرقام.

نعم… تلك الصدوع الزمنية لم تكن سوى—

جولات تراجع يو جونغهيوك جميعها.

_____________________________

Mero

2025/09/24 · 33 مشاهدة · 1575 كلمة
Mero
نادي الروايات - 2025