"لكن الذي ظهر على المنصة لم يكن السير آلون أبداً، بل كان شخصًا مختلفًا تمامًا..
بابتسامته التي لم تتغير أبداً، مرتديًا رداءًا ملكيًا، وقف الأمير الأول، إيغون فاليريون بالواجهة..
"سيداتي سادتي، مرحبًا بكم بالقمة العسكرية الأولى بتاريخ هذه الإمبراطورية العريق، مجلس الحرب الأول والأخير ضد أعدائنا الأزليين.. الالتراس"
مشي إيغون ببطء وثبات فوق المنصة بينما جذب أنظار العالم بأكمله إليه.
"يا سكان الإمبراطورية، ويا قلبها النابض، دعوني أفتتح هذه القمة بكم، فأنتم هم الأساس، وبكم لازلت هذه الحضارة قائمة، لذلك يرجى من سادة القادة الانتظار
قليلا"
تحدث إيغون ببراعة، بينما أعطى الأولوية للشعب، بدلا من القوات العليا والنخبة..
كانت حركة ذكية، فبشكل غير مباشر، إيغون جعل العالم أجمع يراه وهو يعطي قيمة أكبر للسكان والجنود العاديين من النخبة والقادة..
"سادتي، أريد أن أسألكم سؤالًا بسيطًا أتمنى أن تجيبوني عنه بصدق.. أريدكم أن تخبروني، أين هو العدو؟"
سؤاله كان مسموعًا بكل أركان الإمبراطورية، وقد كانت الإجابة واضحة لدرجة أن الصمت قد عم القاعة بأكملها عندما لم يجب أحد على سؤال الأمير.
لكن هذا لم يعمق سوى من ابتسامة هذا الأخير، بينما بدأت الشاشة من خلف ظهره تعرض اللقطات التي اختارها بعناية بحركة من يده..
بتلك اللحظة، أظهرت الشاشات أعمال الشغب والتدمير التي تسبب بها سكان الإمبراطورية بعدما سيطر عليهم الغضب..
اللقطات قد كانت كثيرة جدا، وأظهرت وجوه جميع من ارتكب تلك الأعمال بدقة لا متناهية جعلت العالم أجمع يحتار كيف حصل الأمير على مثل تلك التسجيلات..
"أعزائي سكان الإمبراطورية، أنتم غاضبون أليس كذلك؟ ومن يلومكم، فبسبب أخطاء غيركم أصبحتم مضطرين لاختيار ويلات الحرب والموت، بينما نجت معظم الأسماء الكبرى، مات أحباءكم وعوائلكم هناك بالحرب.. لقد فقدنا الكثير حقًا، الكثير لدرجة أن قلبي يؤلمني عندما أتذكر حصيلة الموتى من المعركة الأخيرة.."
"أولئك الموتى لم يكونوا مجرد جنود، بل أبطال ماتوا في سبيل وطنهم.. كلماتي هذه قد تكون جوفاء لكم، لكن من كل قلبي، أنا اعتذر لكم جميعًا، نيابة عني وعن كل العائلة الحاكمة التي تسببت بمصير كهذا."
أمام العالم أجمع، انحنى إيغون فاليرييون بعمق، بمشهد لا تراه كل يوم لشخص يقف بالقمة لن ينحني لعامة الشعب.
موقفه ذاك لم يهدئ من غضب الشعب، لكنه نجح بطريقة أو بأخرى من جعلهم يسقطون بإيقاعه. وهذا ما عول عليه الأمير من أجل توجيه الضربة القاضية التي كان يجهز إياها منذ البداية..
رافعًا رأسه ببطء، نظف إيغون حلقه قبل أن يصرخ مرة أخرى بصوت أعلى.
"يا جنود الإمبراطورية، دعوني أسألكم مرة أخرى، أين هو العدو؟!"
آخذًا خطوة أخرى، واصل إيغون العرض.
"هل هم قادة الإمبراطورية الذين قادوا أحباءكم إلى الحرب؟ هل هم الأشخاص نفسهم الذين يوشكون على جعلكم تقاتلون مرة أخرى جاعلين إياكم ترمون
بأرواحكم الغالية بعيدًا؟!"
على ذلك السؤال، إيغون أجاب بنفسه.
"لا، هذه ليست الإجابة!"
بحركة من يده، تغيرت اللقطات على الشاشة تمامًا لتعرض شيئًا مختلفًا هذه المرة..
شيء مظلم.. جعل بعض الأشخاص يقفزون من مكانهم بمجرد رؤيتهم له..
"ما أنا على وشك أن أريكم إياه.. هو المصير الذي ينتظرنا أجمعين، إذا لم نقف ونقاتل ضد عدونا الوحيد.. اعتذروني على قذارة ما أنتم على وشك رؤيته.. لكن هذا ضروري من أجل جعلكم ترون الحقيقة المظلمة لما يقع هناك بالجانب الآخر من هذا العالم".
في تلك اللحظة، تم عرض الحقيقة.
الحقيقة التي جعلت فينيكس ينهض من مكانه، بينما
توهجت أعينه بشدة بغضب عارم لا يرحم، وهو ينظر إلى الأمير أسفله..
و كيف لا يفعل بعد الذي رأته عيناه..
بالشاشة العملاقة، تم عرض لقطات جعلت العالم بأجمعه يصمت طويلًا.. محدقين بغضب واشمئزاز واضح بتلك المشاهد..
بنفس الوقت، تضخمت ابتسامة إيغون شيئًا فشيئًا خفية..
المشهد الأول عرض معاناة فتاة معينة.. مرشحة القديسة إيميليا أتراكس..
الفيديو أظهر لكل الإمبراطورية كيف تم اغتصاب تلك الفتاة المسكينة، بينما تكالب عليها الالتراس، اغتصبوها و أبرحوها ضربًا، ثم مزقوا جثتها و أكلوها حية..
كانت المشاهدة مرعبة وواقعية جدًا لدرجة أن الكثيرين اشاحوا بنظرهم..
الفيديو تغير مرة أخرى، وأظهر كيف مات باقي طلاب النخبة الواحد تلو الآخر..
جان دوفر و كايل ووكر الذين أكلوا أحياءً.
إكزيفيير أدمز الذي مات بسبب عضة أحد البشر المتحولين..
كانت المشاهد دقيقة جداً، وصورت وحشية الالتراس بامتياز، مما جعل الغضب يعتري سكان الإمبراطورية وهم يرون ذلك العرض المأساوي..
مستغلًا لحظة الغضب العارم تلك، صرخ إيغون صوت عالي بينما احمرت اعينه من شدة الغضب هو الآخر، مظهرًا وجهًا ساخطًا لم يره أحد يظهره من قبل..
"يا سكان الإمبراطورية، أين هو العدو؟!!!
"دعوني أجيبكم! إنها هنا!"
"العدو، هو الذي قتل أحباءكم واحتجزهم إلى أن ماتوا جوعًا! العدو هو من أغار على منازلكم، قاتلا أزواجكم وزوجاتكم، واغتصب نساءكم وأطفالكم!، العدو هو الذي ارتكب كل هذه المجازر بمن هم من لحمكم و دمكم!"
هذا العدو الخسيس الذي باع نفسه للشياطين على وشك أن يشن الحرب على الإمبراطورية التي بناها البشر، وعاش بها البشر، ومات من أجلها البشر!"
صرخ إيغون بشدة، بينما وصلت مشاعره للعالم أجمع.
بدا غاضبًا، ساخطًا، حزينا..
بثواني معدودة، جعل إيغون كل سكان الإمبراطورية يتفاعلون معه..
"يا اخواني، وأخواتي! هل ستجلسون رافضين الحرب إلى ينتهي بكم المطاف بحال مشابه لكل تلك الأرواح المسكينة التي غادرتنا بالفعل؟ هل ستسمحون
للمغتصب بأخذ الأرض الذين مات من أجلها الرجال؟ بالطبع لا!!"
رافعًا قبضته، صاح إيغون، وبنفس الوقت صرخ كل سكان الإمبراطورية.
"نحن سنقاتل!!!"
"من اجل الأرض التي مات من اجلها اجدادنا، وآباؤنا، أبناءنا!"
"نحن سنقاتل!!!"
"لكي نمنح للجيل القادم الفرصة للعيش، لكي لا يعيشوا نفس المعاناة التي مررنا بها."
أخيرًا .. سكت إيغون.
لكن بالمقابل، الإمبراطورية بأكملها قد انفجرت هذه
المرة .. مرددين كلماته ونار حارقة تشتعل داخل صدورهم ..
"نحن سنقاتل!!"
إيغون بهدوء ابتعد من المشهد، تاركًا تلك اللقطات المظلمة تتكرر أمام العالم أجمع ..
انسحب بهدوء، مخفيا تلك الابتسامة الشيطانية التي ارتسمت على وجهه ..
داخل قاعة الحرم الملكي ..
بالكاد تمكن إيريس من إمساك فينيكس الذي كان على وشك القفز نحو إيغون ..
شعر لورد عائلة صنلايت بغضب عارم يعتريه .
كيف لا وهو يرى تلك المشاهد المظلمة التي مات فيها طلابه ..
لكن المشكلة لم تكن بالمشاهد نفسها، بل بكيفية حصول إيغون عليها ..
للحصول على لقطات كتلك وتسجيلها، وجب أن يكون المعني حاضرًا بالمكان الذي حدثت به كل تلك الأمور..
بمعنى آخر، إيغون قد كان حاضرًا..
باغتصاب اميليا..
بموت اكزيفير..
بمجازة الطلاب..
كان حاضرًا، وما الذي فعله؟
لا شيء..
لم يفعل شيئًا، بل اكتفى بتوثيق لحظات موتهم الأخيرة.. محزنًا إياها لهذا اليوم بالذات، وكأنه كان يعلم بأن هذا ما سيحدث..
إيغون فاليرييون..
لقد قدم الالتراس للعالم اجمع مصورا إياهم على هيأة وحوش شيطانية تستحق الموت..
لكن يا ترى، بينه وبين الالتراس..
من هو الوحش الحقيقي؟
الأمير المارق جعل الإمبراطورية أجمع موالية له، متوجا نفسه كقائد المجلس الأعلى للحرب القادمة.
فقط الرب وحده من يعلم ما خبأه المستقبل لهم تحت قيادة البشري الذي تجاوزت تصرفاته الشيطانية الشياطين أنفسهم.."